زيارة الوداع.. صحيفة روسية ترصد دلالات الاجتماع الأخير بين ميركل وبوتين
في الوقت الذي تودع فيه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل منصبها نهاية 2021 كإحدى أطول الزعماء الأوروبيين بقاء في الحكم؛ اختتمت المرأة الحديدية تاريخها السياسي في قيادة أقوى دول القارة العجوز الممتد عبر 16 عاما، بزيارة الوداع الأخيرة إلى روسيا.
نشرت صحيفة "غازيتا.رو" الروسية، مقالا يرصد دلالات الاجتماع الأخير الذي جمع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي يأتي في ظل متغيرات دولية وإقليمية مثيرة.
ناقشت ميركل مع بوتين في قصر الرئاسة الروسي "الكرملين"، الوضع الحالي في أفغانستان وصعود حركة طالبان إلى حكم كابول وتأثير ذلك على العالم، إلى جانب الموقف السياسي في أوكرانيا، وملف خط الغاز "نورد ستريم 2".
هذه الزيارة تعد من آخر لقاءات ميركل مع زعماء العالم، إذ صرحت المستشارة أنها لن تترشح لهذا المنصب في الانتخابات البرلمانية في بلادها سبتمبر/ أيلول 2021.
الحالة الأفغانية
بوتين، في مؤتمره الصحفي مع ضيفته الألمانية أكد أن القضية الرئيسة للاجتماع كان الوضع الحالي في أفغانستان، لافتا إلى أنه "نظرا للتطور السريع وأهمية الأحداث، أعطينا هذا الموضوع الأولوية".
وأضاف: "ذلك لأن طالبان -محظورة في روسيا- تسيطر على أراضي البلاد بالكامل تقريبا، ولذلك يجب أن نمضي قدما انطلاقا من هذه الحقائق، ونمنع انهيار الدولة الأفغانية".
الرئيس الروسي، شدد أيضا على أهمية "منع تغلغل المسلحين من أفغانستان للدول المجاورة متخفين تحت ستار اللاجئين".
وقال: "نرى أن طالبان أعلنت انتهاء الأعمال المسلحة، وبدأت في استعادة الاستقرار والنظام، ووعدت بضمان سلامة المواطنين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية"، معربا عن أمله تنفيذ كل هذا.
بوتين، دعا أيضا، إلى "مراقبة هذه العملية عن كثب من قبل المجتمع الدولي بالتنسيق مع مجلس الأمن الدولي".
بدورها، طلبت ميركل من روسيا "التركيز على القضايا الإنسانية خلال مفاوضاتها مع طالبان".
كاتب المقال في الصحيفة الروسية سيرغي خفوستيك علق على الرؤية الألمانية للملف الأفغاني بقوله: "أولوية برلين مساعدة الأشخاص الذين تعاونوا مع ألمانيا لمدة 20 عاما في أفغانستان".
و"من الضروري توفير ملاذ آمن لهم وأخذ أكبر عدد ممكن من هؤلاء الأشخاص إلى ألمانيا"، وفق تقدير الكاتب.
وأوضح أنه "ولذلك طلبت من الجانب الروسي في المفاوضات مع طالبان أن يولي اهتمامه إلى قضايا المساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة لأفغانستان".
وضع أوكرانيا
الوضع السياسي في أوكرانيا، بما في ذلك قضايا عبور الغاز عبر هذا البلد، كانا بين أهم الملفات على طاولة بوتين وميركل في الكرملين.
وتوترت العلاقات بين ميركل وبوتين عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم التابعة لأوكرانيا، وهو ما تسبب في تنديد واسع النطاق وعقوبات من الغرب.
وفي أبريل/ نيسان 2021، تفاقمت الأزمة الأوكرانية والتي وجدت صداها بالتبعية بين روسيا من جهة وأوروبا وأميركا من جهة أخرى، فيما أصبحت أوكرانيا ساحة للحشد العسكري الروسي، ولحلف شمال الأطلسي "الناتو".
قالت ميركل: "هناك بعض الركود في الوقت الحالي، ولسوء الحظ، يموت الجنود الأوكرانيون على طول خط الترسيم السياسي، وكنت من مؤيدي وجود هذا الخط".وعلق الكاتب سيرجي خفوستيك قائلا: "في إطار ذلك، وافق بوتين على رأي المستشارة، قائلا: "أتفق مع المستشارة بشأن اتفاقيات مينسك وشكل منطقة نورماندي".
أوضح بوتين، أننا "لا نملك أداة أخرى لتحقيق السلام، وأعتقد أنه يجب التعامل مع هذا بعناية، برغم عدم تحقيق الأهداف النهائية لتسوية الخلاف".
الكاتب نقل أن "بوتين أبلغ ميركل أن أوكرانيا تستعد لانسحابها الفعلي من اتفاقيات مينسك"، مشيرا إلى أن "حكومة أوكرانيا قدمت مشروع قانون آخر، وجرى اعتماد هذا القانون".
بدورها، قالت ميركل: إنها "تؤيد تمديد الاتفاق مع أوكرانيا بشأن عبور الغاز الروسي بعد عام 2024".
ذكر الكاتب أن "روسيا ستفي بجميع التزاماتها بموجب عقد نقل الغاز"، لافتا لقول بوتين: إن "روسيا مستعدة لتنفيذ العبور عبر أوكرانيا بعد عام 2025، لكن حجم وشروط العقود ستعتمد على احتياجات الاتحاد الأوروبي".
"نورد ستريم 2"
في حديث ميركل عن قضية بناء خط أنابيب غاز "نورد ستريم 2"، أشارت إلى أن هذا ليس مشروعا روسيا لألمانيا فحسب، بل مهم لأوروبا بأكملها.
ميركل، أكدت أيضا أنها وبوتين تحدثا عن العلاقات الاقتصادية الثنائية، مؤكدة أنها "تتطور بالفعل، وفي هذا الصدد، تحدثنا عن (نورد ستريم 2)".
ميركل أكدت للصحفيين أن "هذا ليس مشروعا ثنائيا روسيا ألمانيا، ولكنه مشروع ذو طابع أوروبي، لأن شركات أخرى من دول أخرى تشارك".
كما ذكر الكاتب سيرجي خفوستيك أن الرئيس الروسي، بدوره، صرح أن "خط أنابيب الغاز يمكن اعتباره على وشك الانتهاء وتبقى حوالي 15 كيلومترا فقط عبر البحر".