بزيارة مخابراتية إلى رام الله.. لماذا تحاول واشنطن إنقاذ سلطة عباس؟
أكدت مدونة عبرية أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قلقة للغاية من إضعاف موقع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وأنها لن تسمح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" بتولي زمام الأمور.
مقال للمحلل السياسي يوني بن مناحيم، أشار إلى أن لقاء رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الأخير جاء لنقاش سبل تقوية السلطة بتعزيز الاقتصاد الفلسطيني.
انهيار السلطة
المقال المنشور في مدونة "عرب إكسبرت" العبرية أشار إلى أن بيريز زار رام الله 11 أغسطس/ آب 2021، بدعوة من عباس الذي يعرفه منذ سنوات عديدة وبينهما صداقة قديمة.
المسؤول الأميركي وصل رام الله بطائرة مروحية، والتقى عباس في مكتبه، بحضور رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ووزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ.
وقال الكاتب: "يشكل فرج والشيخ المحور القوي في السلطة، والأقرب إلى عباس والمسؤول عن التنسيق بين السلطة وإسرائيل وأميركا".
فرضت السلطة بظلالها على الاجتماع ولم تنشر أي إعلان في نهايته أو صورة له، ربما بسبب حساسية القضايا التي نوقشت في الاجتماع، وفق المدونة.
مسؤولون كبار في السلطة الفلسطينية قالوا: إن الاجتماع تناول استقرار الوضع الأمني في السلطة الفلسطينية بعد تعزيز موقف حماس في الشارع الفلسطيني بعد حرب "سيف القدس" الأخيرة في أبريل/ نيسان 2021.
كذلك تناول الاجتماع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، والغضب الشعبي في الشارع بعد مقتل الناشط نزار بنات على أيدي أجهزة السلطة الفلسطينية.
المقال العبري أشار إلى أن إدارة بايدن تخشى حدوث انفجار أمني في الضفة الغربية وسط المصاعب الاقتصادية الشديدة، ونشاط حماس للإطاحة برئيس السلطة الفلسطينية".
وأضاف: "وتخشى إدارة بايدن، مثل إسرائيل، من انهيار السلطة، لكن وفقا لمصادر أمنية في إسرائيل، فإنها تسيطر على الوضع، وتمكنت من احتواء الغضب الشعبي بعد مقتل نزار بنات.
مسؤولون إسرائيليون كبار يقولون: إنه "لا يوجد خطر مباشر من انهيار السلطة الفلسطينية، وأنها كانت في أوضاع أكثر صعوبة في 2020، وأن عباس يتمتع بصحة جيدة".
وأضافوا أنه "على الرغم من حديث حماس ومنافسيها في حركة فتح عن أنه على فراش الموت، فإن إدارة بايدن تريد تحسين وضع الرئيس لتحييد النفوذ المتزايد لحركة حماس.
"تخشى المخابرات الإسرائيلية ووكالة المخابرات المركزية من أن حماس تخطط لتصعيد آخر عقب محادثات القاهرة بشأن إعادة إعمار قطاع غزة وتبادل الأسرى مع إسرائيل"، وفق زعم المقال.
إشعال المنطقة
المدونة العبرية تدعي أن "يحيى السنوار يبحث عن أعذار لأسباب دينية لإشعال المنطقة، خاصة في ذكرى حرق المسجد الأقصى التي تحل 21 أغسطس/ آب 2021".
ودعت حماس إلى "يوم غضب" على غرار "مسيرات العودة" على حدود قطاع غزة مع إسرائيل.
وتوصلت إدارة بايدن إلى أن أفضل طريقة لتعزيز موقف السلطة الفلسطينية هي تقوية موقعها الاقتصادي على الأرض، مما يقلل حدة الغضب عليها.
المحلل الأمني يوني بن مناحيم، أشار في مقاله إلى أن زيارة رئيس وكالة المخابرات المركزية إلى الضفة الغربية هي ثاني زيارة يقوم بها مسؤول كبير من حكومة بايدن إلى الأراضي الفلسطينية.
في يوليو/ تموز 2021، زار المسؤول عن حقيبة السلطة الفلسطينية في وزارة الخارجية الأميركية هادي عمرو، السلطة وقدم لرؤسائه سلسلة من التوصيات حول كيفية تقوية السلطة الفلسطينية ماليا.
ووفقا لمصادر في حركة فتح، ناقش بيرنز وعباس عددا من القضايا الاقتصادية والأمنية، واشتكى أبومازن من قرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بتوسيع البناء في المستوطنات.
في إشارة إلى موافقة إسرائيل على بناء 1000 وحدة سكنية فلسطينية في الضفة الغربية، واقتطاعها 50 مليون شيكل من الضرائب التي تجمعها للسلطة شهريا.
وهو المبلغ الذي تدفعه السلطة الفلسطينية كرواتب لأسر الشهداء والأسرى والجرحى وعائلاتهم.
عباس، طلب من بيرنز أن تؤجل إسرائيل اقتطاع هذه الأموال حتى تتغلب السلطة الفلسطينية على أزمتها الاقتصادية، كما طلب أيضا دعم إدارة بايدن لتغيير اتفاقية باريس.
كما ناقش الطرفان استئناف المساعدات المدنية للسلطة الفلسطينية، والتي أوقفها الرئيس السابق دونالد ترامب.
وسلم الفلسطيني حسين الشيخ إلى إدارة بايدن قبل أكثر من شهر قائمة بحوالي 30 خطوة يتعين على إسرائيل اتخاذها لتعزيز موقف السلطة الفلسطينية.
وهنا لفت المحلل بن مناحيم إلى أنه في 13 أغسطس/ آب 2021، ذكرت صحيفة "الأخبار اللبنانية" نقلا عن مصادر في حركة فتح أن بيرنز وعباس ناقشا إمكانية استئناف العملية السياسية بين إسرائيل والسلطة.
واقترح اللقاء أن يلتقي عباس وبينيت، وبحسب التقرير، وافق عباس على هذا الاجتماع بشرط أن يعقد برعاية أميركية.
مصادر سياسية في إسرائيل قالت: إن هذه القضية ليست مطروحة على جدول الأعمال الآن، وأن إسرائيل تبذل جهدا بناء حول طلب حكومة بايدن للمساعدة في تحسين الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية.
ووفق رؤية كاتب المقال، "تحاول إسرائيل إظهار أنها جادة بشأن نواياها وذلك قبل الاجتماع السنوي في البيت الأبيض بين بايدن وبينيت سبتمبر/ أيلول 2021.
السلطة في خطر
المحلل بن مناحيم، نوه إلى أن بيرنز ناقش أيضا مع عباس سبل تعزيز وتقوية أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية وتقوية الصلة بين وكالة المخابرات المركزية وقوات الأمن الفلسطينية الضرورية لإبقاء عباس في السلطة.
وأضاف أن "إدارة بايدن ترى أن رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، شخصية إيجابية تسير على خطى عباس، ولذا يجب تقويته.
"يحتاج فرج إلى تعزيزه وتقويته داخل حركة فتح نفسها وداخل أجهزة السلطة الفلسطينية، بمواجهة الشخصية القوية جبريل الرجوب الذي لا تقبل به إسرائيل وأميركا كخليفة محتمل لعباس"، وفق المقال.
وخلص المحلل بن مناحيم في مدونته إلى القول: إن "استمرار حكم عباس مصلحة إسرائيلية وأميركية وعربية، والخوف من وصول حماس إلى السلطة كبير".
وأضاف: "وبالتالي فإن لزيارة بيرنز لرام الله أهمية كبيرة، والكثير من الأمور مرهونة بما سيحدث في قطاع غزة".
وتساءل: "هل تتجه حماس للتهدئة أم للتصعيد؟"، معتقدا أن "كل هذا يؤثر أيضا على الوضع الأمني في الضفة الغربية.