3 أسباب رئيسة تقود الكيان الإسرائيلي إلى الانهيار.. قناة عبرية تشرح

"لا يوجد سيناريو واقعي يمكن أن يسمح بتحمل هذا العبء الثقيل دون أن يؤدي إلى موجات هجرة متزايدة بسرعة"
في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وهزت بها الكيان الإسرائيلي، تتوقع قناة عبرية أن هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول القادم، "لن يأتي على الأرجح من ثغرة في السياج، بل من التصدعات العميقة في البنية الحاكمة والاجتماعية بإسرائيل".
في هذا السياق، يستعرض موقع "القناة الـ 12" الإسرائيلية ذو الميول الليبرالية ثلاثة عوامل انهيار رئيسة تقود الكيان الإسرائيلي إلى "مسار تصادمي داخلي".
كما يسلط الضوء على ردود الفعل تجاه هذه التهديدات من التيارات المختلفة، موصيا بضرورة إنشاء نظام حكم جديد وتغيير الدستور، لتجنب انهيار الكيان.
نظام حكم جديد
في البداية يشدد الموقع العبري على أن "تغيير نظام الحكم في إسرائيل أصبح ضرورة وجودية إذا كنا نريد دولة آمنة ومزدهرة"، محذرا من أن "نافذة الوقت تضيق شيئا فشيئا".
وقال: "إسرائيل تتميز بالاستعداد للكوارث التي وقعت بالفعل، وفي الأشهر المقبلة، سنواصل سماع عدد لا يُحصى من النقاشات حول لجنة التحقيق، والإخفاقات الاستخباراتية والعملياتية، ومن اتصل بمن وفي أي ساعة".
وتابع: "هذا بالطبع نقاش مهم لاستخلاص العبر الضرورية، لكنه ليس النقاش الذي سيضمن مستقبلنا".
وأضاف: "النقاش الأكثر أهمية حقا هو كيفية منع الكارثة القادمة، وهو يتطلب تفكيرا مختلفا يرقى فوق الخطاب العاطفي اليومي، ويركز على جذر المشكلة التي تهدد بانهيار الاقتصاد والمجتمع والأمن في إسرائيل".
ورأى أن "هذا التهديد لا يبدأ من إيران، بل هو محلي الصنع، وقد يبدو مملا بعض الشيء، ولهذا السبب لن تسمعوا عنه في الأخبار".
وذلك لأن "البنية الحاكمة والاجتماعية في إسرائيل هي التهديد الإستراتيجي الأكبر على بقاء الدولة على المدى الطويل"، وفق قوله.

ثلاثة عوامل
وبحسب الموقع، فإن التهديد "يتجلى في ثلاثة عوامل انهيار رئيسة تقود إلى مسار تصادمي".
أول هذه العوامل هو حدوث انهيار اجتماعي؛ إذ يرى الموقع أن "الاستقطاب بين الفئات المختلفة في إسرائيل لم يعد مجرد خلاف سياسي عادي، بل يعكس صداما جوهريا بين المعتقدات والقيم الأساسية لكل مجموعة".
وهو الأمر الذي "يؤدي إلى حرب قيم لا يرغب أي طرف في خسارتها، وقد رأينا علاماتها المؤلمة بشكل أكثر شدة في السنوات الأخيرة، وللأسف قد يكون هذا مجرد مقدمة لما هو قادم"، وفق الموقع.
أما العامل الثاني الذي حذر منه الموقع، فهو الانهيار الاقتصادي، حيث أشار إلى "مجموعات متزايدة في إسرائيل يعتمد أسلوب حياتها على تمويل مجموعات أخرى".
وأوضح مقصده قائلا: "الحديث هنا عن مبالغ تصل إلى عشرات، أو حتى مئات الآلاف من الشواكل سنويا لكل أسرة".
وحذر أنه "مع الاتجاهات الديموغرافية الحالية، من المتوقع أن يتضاعف هذا العبء خلال عقدين، ولا يوجد سيناريو واقعي يمكن أن يسمح للاقتصاد الإسرائيلي بتحمل هذا العبء الثقيل دون أن يؤدي إلى موجات هجرة متزايدة بسرعة".
وتابع: "إذ يكفي خروج نسبة صغيرة من الفئات ذات الدخل الأعلى لإحداث ضرر جسيم بالاقتصاد، وكلما تأخرنا في اتخاذ الإجراءات اللازمة، زادت صعوبة وقف هذا الانهيار المتسارع".
وتوقع الموقع أن يحدث "انهيار أمني -وهو العامل الثالث- يرتبط بشكل مباشر بالنقطتين السابقتين، إذ إن اقتصادا قويا يعد شرطا أساسيا لتمويل الاحتياجات الأمنية، في حين أن الحد الأدنى من التماسك الاجتماعي ضروري للصمود والأمن القومي".
ولفت الانتباه إلى أن "الاتجاهات الديموغرافية والاجتماعية الحالية تهدد بتقويض نموذج (جيش الشعب)".
وأردف: "الجيش الإسرائيلي يعاني حاليا من نقص يقدَّر بالآلاف في عدد المقاتلين، وهو وضع مرشح للتفاقم مع مرور السنوات، مما قد يؤدي إلى تدهور قدرته العملياتية".
وتكمن المعضلة ـوفق الموقع- في أن النظام السياسي في إسرائيل لا "يتعامل بجدية مع أي من هذه التهديدات".
ويعتقد أن "النظام المركزي المعمول به يُجبر السياسيين على إرضاء مجموعات الضغط للحفاظ على الأغلبية السياسية، بدلا من تحفيزهم لمعالجة المشكلات بعيدة المدى".
مضيفا: "أي حكومة تُنتخب ستجد نفسها مقيدة بنفس المعطيات، لكن على عكس الدول الأخرى، ليس لدى إسرائيل رفاهية التخلي عن كونها قوة اقتصادية وأمنية مستقرة".
مشددا على أن "الاستمرار في النهج الحالي القائم على (تسيير الأعمال كالمعتاد)، يهدد وجود إسرائيل ذاته خلال العقدين المقبلين".

ردود فعل خاطئة
وأوضح الموقع أن "إسرائيل تواجه عدة استجابات مشتركة لهذه التهديدات، إذ يعتقد معسكر (كل شيء سيكون الأمر على ما يرام) أن (كل شيء سيتحسن بمجرد تغيير رئيس الحكومة).
في حين يرى فريق آخر أن "الحل يكمن في ترك رئيس الحكومة الحالي يحكم دون عوائق".
وعقب الموقع بالقول: "وكلتا المجموعتين تتجاهل المشكلات الهيكلية العميقة التي ستواجه أي قيادة".
والمعسكر الثاني هو معسكر "التسوية"؛ الذي يؤمن أن "الاتفاق على ما هو ممكن، والتنازل قليلا عن غير الممكن، سيتيح للإسرائيليين العيش معا"، يقول الموقع.
وعقّب: "هذه نظرة رومانسية مليئة بالنوايا الحسنة، لكنها تتحطم مرارا وتكرارا على صخور الواقع، خاصة في ظل التغيرات الديموغرافية".
أما المعسكر الثالث، فهو معسكر "الحسم"؛ الذي يعتقد أن "استمرار وجود دولة إسرائيل يتطلب حسما قيميا واضحا"، يقول الموقع.
ويكمل: "على سبيل المثال، هناك أصوات بارزة تدعو إلى إلغاء أنظمة التعليم الحالية، وإنشاء نظام تعليمي حكومي واحد فقط تتولى الدولة تمويله".
واستطرد: "وآخرون يطالبون بفرض رؤية أحادية حول طبيعة المجال العام، وهناك أيضا من يدعون إلى إعادة توزيع الميزانيات بحيث تُمول مجموعات معينة على حساب أخرى".
ووفق الموقع، فإن "ما يجمع بين جميع هذه الطروحات، هو الاعتقاد بأن طرفا ما سيخضع في النهاية لإرادة الطرف الآخر، استنادا إلى شعور بتفوق أخلاقي".
وانتقد هذا الطرح، موضحا أن "فكرة محاولة فرض قيم موحدة على مجتمع منقسم يتغير ديموغرافيا بسرعة أثبتت عدم جدواها، إذ إنها تهدر وقتا ثمينا، وتعمق الشرخ الاجتماعي، وتدمر فرص استعادة التماسك الوطني".
أما المعسكر الرابع ـبحسب الموقع- فهم من "يتحدثون عن تفكيك دولة إسرائيل إلى كيانين أو عن الهجرة، وهذان الاتجاهان يؤديان إلى نهاية الحلم الصهيوني".

بنية فيدرالية
ومن وجهة نظر الموقع العبري، فإن "أي حل واقعي يجب أن يأخذ في الحسبان الاحتياجات الحيوية للدولة، لكنه يجب أيضا أن يعترف بشرعية القيم والاحتياجات المختلفة لمكوناتها المجتمعية".
وقال: "يكمن الحل في كسر المفهوم الخاطئ المبني على قاعدة (كل شيء أو لا شيء)؛ أي الاعتقاد بأنه إما أن يعيش الجميع تحت نفس القواعد والقيم والهوية والرؤية، أو أنه لا يمكن أن تكون هناك دولة واحدة".
وأضاف: "على العكس تماما، لن يكون هناك وجود لدولة واحدة بعد بضعة عقود إلا إذا توقفنا عن محاولة فرض نموذج موحد في كل مفاصل الدولة".
وبحسبه، فإن أي حل "يجب أن يستوفي أربعة شروط أساسية: أولا، حماية القيم الأساسية لكل المجموعات لمنع استمرار الصراع المستمر بينها.
ثانيا، تحمل كل مجموعة مسؤولية تمويل خياراتها وأنماط حياتها مستقبلا، دون الاعتماد على الآخرين.
وثالثا، إنشاء حكومة مهنية وإستراتيجية قادرة على التركيز على المصلحة العامة للدولة على المدى الطويل بدلا من الانشغال بالبقاء السياسي قصير المدى.
وأخيرا، تحقيق استقرار سياسي يضمن بقاء قواعد اللعبة ثابتة على المدى الطويل، كما هو الحال في الدول المتقدمة".
وأشار إلى أنه "بعد دراسة معمقة لمجموعة واسعة من النماذج حول العالم، وتحليل مدى توافقها مع التركيبة الاجتماعية الفريدة لإسرائيل؛ طُور تصور للانتقال التدريجي إلى نموذج فيدرالي، أُطلق عليه اسم (نموذج ألوموت)".
ووفقا له، فإن "هذا النموذج يهدف إلى تمكين المجموعات الثلاث الرئيسة في المجتمع الإسرائيلي من العيش دون فرض قيمي أو اقتصادي، ودون الشعور بالتهديد من الآخر".
"فهو يلغي الحاجة إلى فرض رؤية مجموعة ما على الأخرى، أو تقديم تنازلات تمس القيم الأساسية لكل طرف"، كما أوضح الموقع.
وتابع: “وفقا لهذا النموذج، سيكون لكل مجموعة حكم ذاتي في إدارة شؤونها المدنية، مع تحملها المسؤولية الاقتصادية لخياراتها، دون فرض تمويلها على الآخرين”.
وأردف: "سيتمكن كل طرف من بناء مستقبله وإيجاد طريقه دون الشعور بأنه مهدد من قبل السلطة المركزية".
ورصد "قيام مجموعات مختلفة داخل إسرائيل، بإنشاء كيانات شبه مستقلة؛ حيث لا تُطبق بعض القوانين الوطنية غير المريحة لها".
ودعا إلى تبني "دستور فيدرالي يعمل على حماية القيم الأساسية للجميع بشكل منظم، مما يتيح فرصا للتعاون الصحي بين المجموعات المختلفة في إطار دولة سيادية واحدة".
وبحسبه، "سيحدد هذا الدستور أيضا المبادئ الأساسية وقواعد اللعبة التي تستند إليها الدولة، بهدف ضمان استقرار النظام لسنوات طويلة".
وتابع: "مثلا، يمكن أن يتضمن الدستور خدمة وطنية إلزامية للجميع، بغض النظر عن الجنس أو الدين أو القومية، بحيث تُنفذ هذه الخدمة في الجيش الإسرائيلي أو في مؤسسات حيوية أخرى".
واستطرد: "على سبيل المثال أيضا، سيكون لدى المجتمع الحريدي حافز للتصرف على غرار المجتمعات الحريدية في العديد من دول العالم، حيث تجمع هذه المجتمعات بين الحياة المجتمعية المستقلة القائمة على دراسة التوراة وبين تأمين مصادر دخل لأفرادها".
واسترسل: "وبالتوازي مع المسؤولية المالية التي ستقع على الجميع، فإن الفئات الأضعف ستتلقى إعانات لفترة انتقالية تتيح لها التكيف مع الواقع الجديد".

نقطة مرجعية
واعترف الموقع العبري أن "هذا الطرح ليس حلا بسيطا أو مثاليا؛ لأن المشاكل المعقدة لا تمتلك حلولا مثالية".
واستدرك: "لكن (نموذج الألوموت) يثبت أن هناك حلولا ممكنة تستوفي الشروط الأربعة، ويضع نقطة مرجعية يمكن من خلالها بدء نقاش جاد حول القضية الأكثر حيوية لمستقبل إسرائيل".
ودعا إلى "التوافق على نقطة انطلاق مشتركة تعترف بالخطر الوجودي الذي نواجهه، وبالحد الزمني المتاح لمعالجته، وأن نسعى لضمان هيكل حكم مستقر وفعال بقواعد واضحة لا يمكن تغييرها وفقا للأهواء السياسية المتقلبة".
ورأى أن "العام ونصف العام الماضيين أثبتا أن النظام القائم في إسرائيل ببساطة لا يعمل، وأن علينا تحدي المُسَلَّمات الأساسية التي اعتدنا عليها".
محذرا من أن "الخطر المقبل لن يأتي على الأرجح من اختراق حدودي، بل من التصدعات في بنية الحكم الإسرائيلية، والتي قد تكون قاتلة للدولة إذا لم نستيقظ مبكرا".
وشدد على أنه "لضمان الاحتفال بالذكرى المئوية لإسرائيل كدولة آمنة ومزدهرة، لا تكفي الإصلاحات السطحية، بل يجب علينا إعادة بناء أسس الحكم بما يتناسب مع تركيبة المجتمع وقيمه".
وختم الموقع بدعوة الجميع إلى "المشاركة والتفكير معا في الحلول المناسبة، ففرصة التغيير لم تُغلق بعد، ولكن لم يعد لدينا وقت لنضيعه".