رغم الإبادة بغزة.. سجل التعاون الاقتصادي للإمارات مع إسرائيل خلال 2024
"لا تزال التجارة مرتفعة للغاية، لكن مع استخدام علامات تجارية بيضاء"
غير آبهة باستمرار حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، تواصل الإمارات ترسيخ علاقتها الاقتصادية مع الكيان الإسرائيلي الذي طبعت رسميا علاقتها معه في 2020.
وقال موقع "المونيتور" الأميركي إنه من المتوقع أن تصل التجارة بين إسرائيل والإمارات إلى 3.3 مليارات دولار في عام 2024.
وأضاف أنه على الرغم من ردود الفعل العربية المتزايدة ضد العلاقات مع إسرائيل، استمر تعزيز التجارة الثنائية بين أبو ظبي وتل أبيب في قطاعات التكنولوجيا والسياحة والزراعة.
تجارة دموية
وفي تصريح للموقع، قال مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى إن التجارة الثنائية بين إسرائيل والإمارات قد تصل إلى 3.3 مليارات دولار في عام 2024، على الرغم من حرب الإبادة المستمرة في غزة.
وأضاف أن حجم التجارة قد يصل إلى أعلى مستوى له، حيث سيزيد بنسبة 12 بالمئة هذا العام "إذا استمرت العلاقات التجارية على نفس المسار".
وتبلغ نسبة الواردات الإسرائيلية من حجم التجارة الحالي 75 بالمئة، في حين تتألف النسبة المتبقية من الصادرات.
وتستثني هذه النسبة التكنولوجيا والأمن السيبراني، ولو أُدرجت، فإنها ستشكل 48 بالمئة من الصادرات الإسرائيلية إلى الإمارات و52 بالمئة من الواردات الإسرائيلية من الإمارات، وفقا للمصدر الإسرائيلي.
وبلغ حجم التجارة بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات 1.922 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2024، وفقا لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.
ومن ذلك، بلغت قيمة صادرات السلع 1.473 مليار دولار، في حين بلغت قيمة تجارة الماس 448.8 مليون دولار، وهو قطاع تصدير رئيس لإسرائيل التي تستضيف بورصة للألماس.
وفي عام 2023، بلغ إجمالي حجم التجارة الثنائية 2.946 مليار دولار، بينما في عام 2022 بلغ 2.582 مليار دولار.
ووقعت دولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات اتفاقية تجارة حرة، في مارس/آذار 2023، أُزيلت بموجبها التعريفات الجمركية على حوالي 96 بالمئة من السلع المتداولة بينهما.
وأوضح "المونيتور" أنه لم يتسن الحصول على تعليق من وزارة الخارجية الإماراتية، لكن مسؤولا إماراتيا -تحدث دون الإفصاح عن هويته- قال إن أحجام التجارة لعام 2024 ظلت كما هي في عام 2023.
بدوره، قال كريستيان أولريخسن، الباحث في قضايا الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسات العامة بجامعة رايس/هيوستن-تكساس، إن "الأرقام الأخيرة أظهرت أن التجارة صمدت في مواجهة 7 أكتوبر وكل ما تلاها".
وتابع: "لقد أوضح المسؤولون الإماراتيون أنهم مستعدون لمواصلة العمل مع نظرائهم الإسرائيليين بعيدا عن (رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بنيامين) نتنياهو، وأتوقع أن يستمر هذا".
غضب عربي
ويأتي النمو المتوقع في حجم التجارة بين "إسرائيل" والإمارات هذا العام وسط تزايد الإحباط العام في العالم العربي بشأن العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل.
وتواجه كل من الجهات الحكومية والقطاع الخاص تدقيقا متزايدا بسبب تواصلها مع إسرائيل.
وقد زادت حملات مقاطعة المنتجات والخدمات المرتبطة بإسرائيل بشكل ملحوظ على مدى السنة الماضية عقب إطلاق إسرائيل عدوانها على غزة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني وإصابة 90 ألف آخرين.
ومن جانبه، قال تيد كاراسيك، كبير المستشارين في مركز تحليلات الخليج "Gulf State Analytics" ومقره واشنطن: "تواصل إسرائيل والإمارات علاقاتهما التجارية على الرغم من المشاكل الإقليمية الحادة".
وأضاف أن التبادل التجاري عبر السياحة انخفض منذ 7 أكتوبر، لكنه في الوقت نفسه تنوع، ليشمل صناعات أخرى مثل الأنظمة الإلكترونية المتقدمة.
وبحسب الموقع، فإن الرحلة إلى "تل أبيب" تستغرق 3.5 ساعات بالطائرة من مطارات الإمارات، حيث تجري شركات "طيران الإمارات" و"الاتحاد" و"فلاي دبي" رحلات منتظمة من وإلى أكبر مدينة في إسرائيل.
ومع ذلك، فإن تدفق السياح الإسرائيليين يتضاءل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث يخشى العديد منهم على سلامتهم أثناء السفر في المنطقة.
انخراط سري
وقال رافائيل ناجل، وهو رجل أعمال ألماني يهودي يعيش في الإمارات ويرأس "دائرة الأعمال الإبراهيمية" التي تروج للعلاقات بين الطرفين، إن "الأعمال التجارية مستمرة رغم الحرب، وإن كانت بشكل مختلف".
وأردف: "لا تزال التجارة مرتفعة للغاية، لكن مع استخدام علامات تجارية بيضاء".
والجدير بالذكر أن المنتجات ذات العلامة البيضاء تُنتج من قِبل شركة واحدة لكن يُعاد تسميتها لتبدو كما لو كانت من إنتاج شركة أخرى.
وأوضح "ناجل" أن "الشركات الإسرائيلية غالبا ما تلجأ إلى استخدام مكاتب بديلة في أوروبا لوضع علامات على منتجاتها، مما يمكّنها من دخول السوق الإماراتي دون أن تتعرض لمراقبة الجمهور".
وأشار إلى أن "المنتَج يمكن أن يُصنّف كمنتج ألماني أو هولندي أو إسباني أو نمساوي، فالشركات تتجنب وضع علامة "صنع في إسرائيل" لتفادي التدقيق".
وأكد على أن "العملاء اليهود الذين يتعامل معهم لديهم رغبة كبيرة في زيارة الإمارات والمساهمة في اقتصادها".
وتوفّر الإمارات فنادق كوشر وأسواقا لبيع منتجات كوشر (الطعام الحلال في الشريعة اليهودية)؛ استجابةً للمتطلبات الغذائية للجالية اليهودية المتزايدة في الدولة الخليجية.
وذكر ناجل أن الخطط لاقتناص هذا السوق مستمرة، وتشمل إمكانية بناء فندق كوشير في دبي بتكلفة 50 مليون دولار، يحتوي على 120 غرفة، إلى جانب مشاريع أخرى، خاصة في مجال التكنولوجيا الزراعية.
وتواصل "دائرة الأعمال الإبراهيمية" التجارية تنظيم فعالياتها في دبي، ولكن الآن مع مزيد من السرية منذ 7 أكتوبر.
وقال ناجل: "لم نعد نعلن عن أماكن اجتماعاتنا، ونحاول التركيز بشكل حصري تقريبا على الأعمال التجارية".
بدوره، صرح أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، أنه "بغض النظر عن المشاعر العامة، وحتى التقديرات السياسية، فإن الاقتصاد مجال قائم بذاته، لا يتأثر عادة بالأحداث السياسية أو الحرب أو مشاعر العامة".