ظريف يشرف على اختيار وزرائها.. ماذا عن حكومة إيران المرتقبة؟
"صحف إيرانية تحدثت عن أسماء غالبيتها تنتمي إلى حكومة الرئيس السابق حسن روحاني"
بدأ الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، في 28 يوليو/تموز 2024، مهامه رسميا بعد تنصيبه من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي في مراسم أقيمت بالعاصمة طهران.
وأقيمت مراسم تنصيب بزشكيان في حسينية الإمام الخميني بالعاصمة، وشارك فيها بجانب خامنئي والرئيس بزشكيان، الرئيس المؤقت محمد مخبر، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، ورئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجئي، وكبار المسؤولين.
وبعد أن قدم وزير الداخلية أحمد وحيدي التقرير الخاص بالانتخابات الرئاسية للفترة الرابعة عشرة، وافق خامنئي على رئاسة بيزشكيان وسلمه شهادة انتخابه.
وأثارت خطوة إسناد الرئيس الجديد مهمة الإشراف على اختيار وزراء حكومته إلى وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف، العديد من التساؤلات بخصوص شكل “الكابينة” الحكومية المرتقبة، وطبيعة التيارات الفكرية و"المكوناتية" التي تضمها.
وبنسبة تجاوزت 53 بالمئة من أصوات الإيرانيين، فاز الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ سعيد جليلي في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 5 يوليو/تموز 2024، وذلك بعد أسبوع من جولة أولى شهدت تنافس ستة مرشحين، لم يحقق أحدهم الأغلبية.
معايير ظريف
وبمرسوم رئاسي صدر في 12 يوليو، عيّن الرئيس بزشكيان، محمد جواد ظريف، رئيسا لمجلس قيادة المرحلة الانتقالية، والذي تتركز مهمته في اختيار وزراء الكابينة الحكومية الجديدة، خلفا للحكومة الحالية التي شكلها رئيس البلاد الراحل، إبراهيم رئيسي عام 2021.
وطلب ظريف من وسائل الإعلام والمرشحين وأصدقائهم ومعجبيهم التوقف عن تغذية الشائعات واقتراح أسماء لا أساس لها، لأن ذلك "لن يؤدي إلا إلى تقويض ثقة الجمهور في العملية"، مؤكدا أنه شخصيا لن يكون جزءا من الحكومة، حسبما ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية.
وخلال مقابلة مع قناة "خبر" الإيرانية في 17 يوليو، أوضح ظريف، أن الرئيس المنتخب كان مرشح التيار الإصلاحي، وأن الأحزاب المنضوية تحت عباءة جبهة الإصلاحات قدمت الدعم له في مختلف المحافظات، ولذلك يتم تخصيص حصة لمرشحي هذه الجبهة وممثليها، الذين شكّلوا همزة وصل مع شرائح المجتمع، في الحكومة المقبلة.
وعن كيفية اختيار الوزراء، أوضح ظريف أن المجلس الذي يقوده بأمر من الرئيس المنتخب، قد شكّل 5 فرق عمل، أولها سياسي وأمني ودفاعي ويترأسه ظريف نفسه، ويشتمل على لجان لوزارات الخارجية والداخلية والدفاع والاستخبارات والعدل ومنظمة الطاقة الذرية.
والفريق الثاني، الذي يرأسه وزير الاقتصاد الأسبق، علي طيب نيا، يشرف على 4 لجان لاقتراح أسماء لتولي وزارتي الاقتصاد والمالية، والصناعة والمناجم والتجارة، إلى جانب المصرف المركزي ومنظمة التخطيط والميزانية، وفق ظريف.
أما الفريق الثالث الذي يتولاه وزير الثقافة السابق رضا صالحي أميري، فيشرف على لجان لغربلة الأسماء المقترحة لتولي المناصب الثقافية، منها وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة والإرشاد الإسلامي، والتراث الثقافي والسياحة، والشباب والرياضة، والمساعد العلمي لرئيس الجمهورية.
والمجموعة الرابعة التي يرأسها رئيس حملة بزشكيان الانتخابية، علي عبد العلي زاده، فتحتوي على لجان لاختيار مرشحين لتولي وزارات النفط، والطاقة، والجهاد الزراعي، والطرق والإسكان، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ويرأس المجموعة الخامسة، علي ربيعي، السياسي الإصلاحي وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق في حكومة حسن روحاني، الذي يضم لجانا تخصصية لاختيار مرشحين لوزارتي الرفاه والصحة، ومساعد شؤون المرأة للرئاسة، إلى جانب منظمات الشهيد والبيئة والتوظيف الحكومي.
وتابع ظريف: “مجلس قيادة المرحلة الانتقالية تواصل مع أقطاب وزعماء الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى، بما فيها التيار المحافظ، والمرشحان المنافسان سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف، وكبار الشخصيات المحافظة الأخرى بمن فيهم غلام علي حداد عادل مستشار المرشد في الشؤون الثقافية”.
وكشف عن توجيه "مجلس قيادة المرحلة الانتقالية" دعوات لرئيس البرلمان الأسبق علي أكبر ناطق نوري، والرئيسين السابقين محمد خاتمي، وحسن روحاني لتقديم قائمة من الأسماء المقترحة للحقائب الوزارية.
وأوضح أن هذه المجموعات تعمل من أجل تقديم عدة خيارات لتولي كل وزارة، وستقترح بين 3 إلى 5 مرشحين لتولي الحقائب الوزارية، مستدركا أن الرئيس المنتخب هو الذي سيختار الوزراء في نهاية المطاف، لأن مجلس القيادة ذراع استشاري.
وشدد ظريف على أنه لا بد من التزام المرشحين للحقائب الوزارية بأربعة خطوط حمراء وهي، الالتزام بأسس الثورة الإسلامية. وبخطاب الرئيس المنتخب، والشجاعة والمصداقية، وأخيرا التحلي بالوطنية والابتعاد عن المواقف القومية والفئوية.
وتحدث ظريف عن مشاركة المجتمع المدني وشرائح الشعب في انتخاب الوزراء والمناصب السيادية، مشيرا إلى نشاط فريق عمل من ممثلي الأقليات العرقية والدينية، ضمن المجموعات التي أُنشئت من أجل غربلة الأسماء المرشحة لتولي المناصب الوزارية، لكنه لم يذكر ما إذا كان للَسنة نصيب فيها أم أنها ستكون مثل سابقاتها خالية من تمثيل هذا المكون.
ووفق مجلس قيادة المرحلة الانتقالية، فإنه من المقرر أن يتولى 60 بالمئة من الوزراء المهمة لأول مرة، وأن تكون أعمار 60 بالمئة من أعضاء المجلس الوزاري دون الـ50 عاما.
إصلاحية أم ثورية؟
ومع اقتراب موعد تأدية بزشكيان وحكومته اليمين الدستورية المقررة في 30 يوليو، كشف عدد من الصحف الإيرانية عن بعض الأسماء التي قالت إنها ستكون ضمن تشكيلة الحكومة الجديدة.
وقالت صحيفة "كيهان" الأصولية في 25 يوليو، إن الكشف عن أسماء شخصيات مثل إسحاق جهانغيري نائب روحاني، وعبد الناصر همتي رئيس البنك المركزي السابق، وعلي ربيعي المتحدث باسم الحكومة ليشغلوا مناصب في حكومة بزشكيان، دليل على أن البلاد ستعود إلى "العهد المحترق" الذي حكم فيه الرئيس روحاني.
من جهتها، توقفت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية في 25 يوليو، عند "فكرة أن يتم تشكيل حكومة وفاق وطني في عهد الرئيس الجديد بزشكيان تضم كل الأطراف، بما فيها التيار الأصولي الذي خسر الانتخابات بعد أن حشد لها كل إمكانياته وقدراته الإعلامية والدعائية".
ونبهت إلى "سلسلة طويلة من الصراعات بين الأصوليين والإصلاحيين، لا سيما من يحيطون بوزير الخارجية السابق ظريف، والرئيسين الأسبقين روحاني وخاتمي، وعدد آخر من الوزراء والمسؤولين ذوي المواقف الصريحة في معارضتها لنهج التيار المتشدد والمتضاد لفكر الإصلاحيين ورؤاهم".
وتساءلت الصحيفة: “كيف يمكن تحقيق هذا الوفاق في الوقت الذي لا يتوقف فيه الأصوليون عن ضرب بزشكيان وتشويه حكومته والمسؤولين الذين من المحتمل جدا أن يكونوا ضمن فريقه الوزاري؟”.
وأشارت إلى أن السبب الرئيس في فشل حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي هو أن اختياره للوزراء والمسؤولين كان على مبدأ الولاء والانتماء للتيار، بغض النظر عن مدى أهلية المسؤول المعين وخبرته في مجاله.
ودعت الصحيفة الإصلاحية، بزشكيان إلى أن يتجنب مثل هذا الخطأ، وأن يختار الأشخاص وفقا لمبدأ الجدارة والتخصص، لكن لا ينبغي أن يستعين بمن يعارضون جهرا وعلانية فكرة الإصلاحيين وسياساتهم على الصعيدين الداخلي والخارجي.
في المقابل، انتقدت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية إعلان بعض الشخصيات البارزة اعتذارها عن المشاركة في تشكيلة بيزشكيان الجديدة.
وقالت إن هذه الشخصيات التي كان لها دور في فوز الأخير "تضعف" الحكومة الجديدة من خلال إعلانها "الاستغناء" عن المناصب والوزارات.
وأشارت الصحيفة إلى شخصيات مثل: "محمد جواد ظريف، ومحمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات في حكومة روحاني"، لافتة إلى أن ظريف كان رمزا لخفض التصعيد مع العالم على مستوى علاقات إيران الخارجية، فيما يُعد آذري جهرمي رمزاً لمواجهة القيود على الإنترنت في الداخل.
وتساءلت خلال تقريرها في 12 يوليو، قائلة: "ما السبب الذي يدفع هؤلاء المسؤولين السابقين إلى التخلي عن الحكومة وإعلان اعتزالهم في المرحلة المقبلة؟ هل هي رغبة شخصية أم بسبب طبيعة الأجواء السائدة بعد الانتخابات؟".
من جانبها، ألمحت صحيفة "همدلي" الإصلاحية إلى أنه من المتوقع جداً أن يشغل عباس عراقجي منصب وزير الخارجية، وهو معروف بقربه من ظريف وعمله الطويل معه، معتقدة أنه صاحب خبرة طويلة في التفاوض مع الغرب، وهذا دليل على عزم الحكومة الجديدة إيجاد سبل للتفاهم والاتفاق مع الولايات المتحدة.
تحدي البرلمان
من المرجح أن يواجه الرئيس بزشكيان تحديا يتعلق بتمرير تشكيلته في مجلس الشورى (البرلمان)، وذلك لأن الأخير يهيمن عليه الأصوليون، وهذا الأمر يتطلب عناية كبيرة في اختيار الشخصيات الوزارية، خصوصا إذا استبعدت التيار الأصولي.
وفي 26 يونيو، كشف تقرير لوكالة "تابناك" الإيرانية القريبة من الحرس الثوري، عن التركيبة المحتملة لحكومة بزشكيان، مؤكدة أن هناك تحديا كبيرا سيواجه تشكيلة الأخير، يتمثل في الحصول على الثقة من البرلمان الذي يهمين عليه التيار الأصولي.
وجاء في التقرير، أنه "من المتوقع تشكيل حكومة بزشكيان المحتملة من منصب النائب الأول إلى الوزراء الرئيسين مثل الخارجية والداخلية والاستخبارات، وهم كلهم كانوا يعملون ضمن الحملة الانتخابية للأخير".
وتوقع أن تكون حكومة الإصلاحي بزشكيان المرتقبة مشابهة إلى حد كبير بحكومة روحاني، لافتا إلى أن "هذه التشكيلة قد حددت سلفا تقريبا".
وعمل ضمن حملة بزشكيان الانتخابية، عدد من كبار الوزراء والمسؤولين السابقين في حكومة روحاني، ومن بينهم محمد جواد ظريف، ووزير الاستخبارات محمود علوي، ووزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرمي.
وعن هوية الوزراء المرشحين، أفاد التقرير بأن "عبد الرضا رحماني فضلي وزيرا للداخلية، ومحمد جواد ظريف النائب الأول للرئيس، وعباس عراقجي وزيرا للخارجية، والمرشح الحالي مصطفى بور محمدي وزير الاستخبارات وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي".
ووفقا للتقرير، فإن "جواد آذري جهرمي سيتولى منصب وزير العلوم، وفاطمة راقي أو سمية توحيد لو مساعد الرئيس لشؤون المرأة والأسرة، والوزير الأسبق بحكومة روحاني، محمد شريعتمداري، نائب الرئيس للشؤون التنفيذية، ورضا صالحي أميري سيكون بمنصب وزير الثقافة والشباب".
وأضاف: "كما سيكون مسعود سلطاني، وزير الشباب، ومحمد باقر نوبخت وزير التجارة والصناعة ورئيس منظمة الموازنة والتخطيط، وإبراهيم شيخ رئيس المركز الرئاسي للبحوث الإستراتيجية، وعلي أصغر شفيعيان، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وسيكون منصب وزير الاقتصاد بين الوزير الأسبق بحكومة روحاني علي طيب نيا أو مسعود نيلي".
وكان عضو الهيئة الرئاسية لمجلس الشورى الإيراني، مجتبى يوسفي، أعلن في 10 يوليو خلال حديث لوكالة “تسنيم”، أن "مراسم تأدية الرئيس بزشكيان اليمين الدستورية ستقام في 30 يوليو في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)".
وأوضح: "ستقام هذه المراسم بحضور رئيس المحكمة العليا وأعضاء مجلس صيانة الدستور ورئيس السلطة القضائية وغيرهم من المسؤولين المدنيين والعسكريين في البرلمان وسيؤدي خلالها الرئيس المنتخب اليمين على أن يستخدم كل ما لديه من كفاءة في أداء المسؤوليات المنوطة به ومن ثم يوقع على القسم".
ولفت يوسفي إلى أنه "بعد مراسم أداء اليمين وبحسب النظام الداخلي للبرلمان أمام الرئيس أسبوعان لتقديم وزراء الحكومة إلى البرلمان وسيتم التقييم في اللجان المتخصصة والتصويت على منح الثقة للحكومة".
المصادر
- «ظریف» رئیس شورای راهبردی انتقال دولت چهاردهم شد
- إيران.. هكذا يساهم مهندس السياسة الخارجية المتوقع في تشكيل الحكومة المقبلة
- الرئيس الإيراني المنتخب يعين جواد ظريف رئيساً للجنة اختيار الوزراء
- تحد كبير يواجهها.. الكشف عن تركيبة حكومة بزشكيان إذا فاز برئاسة إيران
- طهران تعلن موعد مراسم تنصيب بزشكيان رئيسا لإيران
- صحف إيران: دعوة لتشكيل حكومة وفاق وطني والنظام "يضطر" لإعادة النظر في سياساته