يد خفية توجه باكستان.. كيف ساعدت أميركا في الإطاحة بعمران خان؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

"التغيير السري للنظام"، هو إحدى الأدوات الرئيسة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهو  إجراء سري للإطاحة بحكومة دولة أخرى.

وفي السياق، يتحدث إعلام ألماني على ما يعتقد أنه إشارات تدل على أن الولايات المتحدة هي من ساعدت في "إسقاط" رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.

وقال موقع "تيليوبوليس" الألماني إن "هناك أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن الإجراءات الأميركية أدت إلى الإطاحة بعمران خان في أبريل/ نيسان 2022، ثم أعقب ذلك اعتقاله بتهم الفساد والتجسس والحكم عليه أخيرا بالسجن لمدة 10 سنوات".

وشدد على أن "الهدف السياسي هو منع الباكستاني الأكثر شعبية من العودة إلى السلطة في انتخابات الثامن من فبراير/ شباط 2024".

إنكار للنهاية

وأوضح الموقع أن "جوهر العمليات السرية بطبيعة الحال هو أنها سرية، مما يعني أن حكومة الولايات المتحدة يمكنها إنكارها إلى النهاية". 

وتابع: "حتى عندما تظهر الأدلة إلى النور من خلال المبلغين عن المخالفات أو التسريبات، وهو ما يحدث في كثير من الأحيان، فإن واشنطن ترفض صحة الأدلة".

وبشكل عام، أشار الموقع الألماني إلى أن "وسائل الإعلام الرئيسة تتجاهل القصة لأنها تتعارض مع الرواية الرسمية".

ومن ناحية أخرى، رأى الموقع أن "المحررين لا يريدون أن يكون لهم أي علاقة بـ(نظريات المؤامرة)، ولذلك فإنهم يمنحون حكومة بلادهم حرية واسعة لتنفيذ مؤامرات حقيقية تهدف إلى تغيير النظام".

وفي السياق، قال الموقع إن "التغييرات السرية للأنظمة من قبل الولايات المتحدة هي ممارسة شائعة بشكل مثير للصدمة".

ووفقا له، تشير دراسة أجراها الأستاذ في جامعة بوسطن، ليندسي أورورك، إلى 64 عملية سرية لتغيير النظام نفذتها الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة، أي ما بين عامي 1947 و1989. 

وفي الواقع، أكد الموقع أن "الرقم أعلى من ذلك بكثير"، لكن الأستاذ الجامعي اختار النظر إلى المحاولات المتكررة داخل الدولة على أنها حلقة "واحدة ممتدة".

ومنذ ذلك الحين، قامت الولايات المتحدة بشكل متكرر بتغييرات في النظام، بحسب الموقع.

فعلى سبيل المثال، "كلف الرئيس الأميركي باراك أوباما وكالة المخابرات المركزية بالإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد"، وفقا لزعم موقع "تيليوبوليس".

وأوضح أن "هذه العملية السرية ظلت سرية حتى عدة سنوات بعد العملية، كما أنها لم تحظ بعدُ بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام الرئيسة".

معنا أو ضدنا

وكونها حالة أخرى تشير الأدلة بقوة إلى تغيير النظام فيها بقيادة الولايات المتحدة، قال الموقع الألماني إن "كل ما سبق يقودنا إلى باكستان".

وبحسبه، "أرادت الولايات المتحدة هذه المرة الإطاحة بحكومة عمران خان، السياسي الكاريزمي والموهوب الذي يتمتع بشعبية كبيرة في باكستان، والمعروف بمهاراته العالية في لعبة الكريكيت وعلاقته الجيدة مع الشعب".

وأردف: "كالعادة، جعلته شعبيته واستقلاله ومواهبه الهائلة هدفا رئيسا للولايات المتحدة، التي تستاء من الزعماء الشعبيين عندما يختلفون مع سياستها".

وفي رأي الموقع، كانت "خطيئة" خان هي أنه "تعاون أكثر من اللازم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، بينما كان يسعى إلى إقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة".

فكما قال "تيليوبوليس"، إن "الشعار الرئيس الذي تتبناه السياسة الخارجية الأميركية والمبدأ الذي تحكمه وكالة الاستخبارات المركزية هو أن زعيم أي دولة أخرى (إما معنا أو ضدنا)". 

وتابع: "ووفقا لهذا المبدأ، ولكونها لا تقبل الحياد، فإن أولئك الذين يحاولون الحياد بين القوى الكبرى يخاطرون بخسارة مواقعهم أو حتى حياتهم بتحريض من الولايات المتحدة".

وعلى مر العصور والحكومات، شدد "تيليبوليس" على أن "الزعماء الذين سعوا إلى الحياد، مثل باتريس لومومبا (زائير/الكونغو الديمقراطية) ونورودوم سيهانوك (كمبوديا) وفيكتور يانوكوفيتش (أوكرانيا) وغيرهم كثيرين أُطيح بهم بيد خفية من حكومة الولايات المتحدة".

وتابع: "ومثل العديد من رؤساء الدول والحكومات في البلدان النامية، لم يرغب خان في قطع العلاقات مع الولايات المتحدة أو روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا". 

جدير بالذكر أن خان كان متواجدا في موسكو للقاء بوتين في اليوم الذي أطلقت فيه روسيا "العملية العسكرية الخاصة" ضد أوكرانيا، في 24 فبراير 2022.

ومنذ البداية، دعا خان إلى "ضرورة حل الصراع في أوكرانيا على طاولة المفاوضات وليس في ساحة المعركة".

وفي المقابل، "ضغطت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الزعماء الأجانب، بما في ذلك خان، لمعارضة بوتين ودعم العقوبات الغربية ضد روسيا، وهو ما قاومه رئيس الوزراء الباكستاني"، كما ذكر "تيليبوليس".

وفي 6 مارس/ آذار 2022، رجح الموقع أن "مصير خان قد حُسم في هذا التاريخ، عندما نظم تجمعا حاشدا في شمال باكستان، حيث انتقد الغرب في ذلك الحدث، ولا سيما 22 من سفراء الاتحاد الأوروبي الذين ضغطوا عليه لإدانة روسيا في التصويت في الأمم المتحدة".

"محايد عدواني"

وعلاوة على ذلك، انتقد خان بشدة حرب الناتو على الإرهاب في أفغانستان المجاورة، دون رؤية معاناة باكستان أو احترامها أو تقديرها.

وبحسب الموقع، خاطب خان الحشد المبتهج متسائلا: "لقد كتب لنا سفراء الاتحاد الأوروبي رسالة يطلبون منا فيها إدانة روسيا والتصويت ضدها، ما رأيك فينا؟ هل نحن عبيدك لنفعل كل ما تقوله لنا؟".

وأضاف: "نحن أصدقاء لروسيا، ونحن أصدقاء أيضا لأميركا، نحن أصدقاء للصين ولأوروبا، فنحن لسنا في أي معسكر".

وأكد أن "باكستان ستظل محايدة وستتعاون مع أولئك الذين يسعون إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا".

من وجهة نظر الولايات المتحدة، كما أوضح "تيليبوليس" الألماني، فإن كلمة "محايد" هي مصطلح "عدواني". 

وبعد يوم واحد فقط من التجمع الحاشد لخان، التقى مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون جنوب ووسط آسيا، دونالد لو، مع السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة، أسد مجيد خان، في واشنطن. 

وبحسب الموقع، بعد الاجتماع، أرسل السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة برقية سرية إلى إسلام آباد، والتي شاركها بعد ذلك مسؤول عسكري باكستاني مع موقع "ذا إنترسبت" الأميركي.

وذكرت البرقية كيف وبخ مساعد الوزير رئيس الوزراء خان لموقفه "المحايد".

ونقل الموقع عن "لو" قوله إن "الناس هنا وفي أوروبا يشعرون بقلق بالغ بشأن السبب الذي يجعل باكستان تتخذ مثل هذا الموقف المحايد العدواني بشأن أوكرانيا، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان مثل هذا الموقف ملائما".

ومن وجهة نظر الموقع، فإن "واشنطن لن تغفر لباكستان إلا في حال التصويت بحجب الثقة عن رئيس الوزراء، حيث ستعد الزيارة إلى روسيا عندئذ قرارا من رئيس الوزراء آنذاك".

وعكس ذلك، يعتقد أنه "سيكون من الصعب استمرار العلاقات بين البلدين".

حكومة متواطئة

وبالفعل، في العاشر من أبريل/ نيسان 2022، ومع تهديد الولايات المتحدة بشكل صارخ للمؤسسة العسكرية الباكستانية القوية وممارسة الجيش لسيطرته على البرلمان، أقال البرلمان خان في تصويت بحجب الثقة، وفقا للموقع الألماني.

واستطرد: "في غضون أسابيع، وجهت الحكومة الجديدة بوقاحة اتهامات ملفقة بالفساد ضد خان من أجل اعتقاله ومنع عودته إلى السلطة".

وتابع: "عندما أعلن خان عن وجود برقية دبلوماسية تكشف الدور الأميركي في الإطاحة به، اتهمته الحكومة الجديدة بالتجسس".

وكما ذكر الموقع الألماني، حُكم على خان بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة التجسس، مع التزام حكومة الولايات المتحدة الصمت بشأن "الفضيحة".

جدير بالذكر أنه عندما سُئلت وزارة الخارجية الأميركية عن إدانة خان، أجابت بأن "هذا أمر يخص المحاكم الباكستانية".

وذهب "تيليبوليس" إلى أن "مثل هذا الحدث يشكل مثالا حيا لكيفية عمل تغيير النظام بقيادة الولايات المتحدة".

وفي الثامن من فبراير 2024، ستجري باكستان الانتخابات العامة "بينما لا يزال السياسي الديمقراطي الأكثر شعبية في البلاد في السجن، كما يواجه حزبه السياسي هجمات لا هوادة فيها واغتيالات سياسية وحظر وسائل الإعلام وغير ذلك من القمع الشديد"، وفق "تيليوبوليس".

وهنا أكد الموقع الألماني أن "الحكومة الأميركية متواطئة إلى حد كبير في كل هذا".

ولخص المشهد بأن "الغلبة كانت لحكومة الولايات المتحدة في الوقت الحاضر، والتي زعزعت استقرار أسس دولة مسلحة نوويا يبلغ عدد سكانها 240 مليون نسمة". 

وشدد الموقع على إن "إطلاق سراح خان ومشاركته في الانتخابات المقبلة هو وحده القادر على استعادة الاستقرار".