ولد الغزواني في طريق مفروش بالورود للفوز بعهدة رئاسية ثانية.. كيف؟
بعد تحديد 22 يونيو/حزيران 2024 موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية في موريتانيا، اتفقت أغلب التحليلات على أن نتائجها محسومة للرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، إلا إذا حدثت "مفاجأة آخر لحظة".
واستعرضت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بموريتانيا في 27 ديسمبر/كانون الأول 2023، في منشور على صفحتها بموقع "فيسبوك"، خطتها الخاصة المتعلقة برئاسيات 2024، مؤكدة رصد 246 مليون أوقية قديمة (6.22 ملايين دولار) للاستحقاقات برمتها.
انتخابات محسومة
ويبدو أن الرئيس الحالي ولد الشيخ الغزواني يسير في طريق مفتوح لولاية رئاسية ثانية من 5 سنوات، خصوصا بعد دعم أحزاب الموالاة لترشحه للانتخابات القادمة، وعدم إعلان أي شخصية سياسية وازنة ترشحها بعد.
وقبل تحديد موعد الاستحقاقات، استبقت أحزاب الموالاة في موريتانيا لجنة الانتخابات، واتفقت في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، خلال اجتماع عقدته بمقر حزب "الإنصاف" الحاكم في العاصمة نواكشوط، على ترشيح ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية.
ويطلق لقب "أحزاب الموالاة" على 9 أحزاب موالية للرئيس الحالي وهي الفضيلة، الرفاه، الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، الاتحاد والتغيير، الجمهوري للديمقراطية والتجديد، البناء والتقدم، الوسط والعمل من أجل التقدم، الكتل الموريتانية، والوحدة والتنمية.
وجاء في بيان مشترك لها، أنه "بعد تدارس الوضعية السياسية للبلد، تم الاتفاق على تفعيل العمل المشترك، والتأكيد على التمسك بنهج الرئيس ولد الشيخ الغزواني".
وأشار البيان إلى "تثمين ما تم إنجازه والسعي للتمكين لاستمرار برنامجه من خلال ترشيحه لمأمورية ثانية"، معلنا اتفاق الأغلبية على "العمل من أجل التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية المقبلة".
وكان ولد الغزواني، الذي انتخب رئيسا للبلاد صيف 2019، قد أوضح في مقابلة له مع مؤسسات إعلامية محلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن موضوع ترشحه لولاية رئاسية ثانية "بيد الشعب، وأغلبيته السياسية بشكل خاص".
ويحظى ولد الشيخ الغزواني بدعم داخلي وخارجي نظرا للتحولات المهمة التي تشهدها أغلب دول الساحل والصحراء، والتي تعد موريتانيا استثناء فيها من حيث الاستقرار السياسي والاجتماعي.
ووصل ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة بعد حصوله على 52.01 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي نظمت في 22 يونيو 2019.
وإضافة إلى ترشح الرئيس الحالي، سبق وأعلنت سيدة الأعمال والخبيرة في شؤون القارة الإفريقية، بليندا فال، نيتها الترشح لخوض الاستحقاقات الرئاسية القادمة.
وإلى جانب بليندا، رجح مراقبون أن يجدد الناشط الحقوقي والبرلماني المعارض بيرام الداه اعبيد خوض التجربة، بعد أن حل في رئاسيات 2019 ثانيا بعد ولد الشيخ الغزواني.
ملامح بارزة
المحلل السياسي الموريتاني، سيدي محمد ولد بلعمش، أكد أن الرئيس ولد الشيخ الغزواني عازم على الترشح لولاية ثانية في ظل سماح القانون بالترشح لولايتين رئاسيتين.
وأوضح بلعمش، لـ"الاستقلال"، أن "أحزاب المولاة دأبت في تقليد سياسي بموريتانيا على توجيه طلب للرئيس للترشح".
ورأى أنه "رغم أن ولد الشيخ الغزواني لم يعلن رسميا بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أن كل المؤشرات تدل على أنه يُحضر لذلك".
ولفت إلى أن "مراقبين يقولون إن جولاته في الداخل وخطاباته خلال الأسابيع والأشهر الماضية كانت نوعا من التحضير للاستحقاقات الرئاسية وحملة انتخابية قبل أوانها".
وبخصوص المرشحين المحتملين لمنافسة الرئيس ولد الشيخ الغزواني، أوضح بلعمش، أنه "لحد اللحظة لم يُعلن عن مترشح قوي، غير أن كل المؤشرات تقول بأن المعارض بيرام الداه اعبيد سيترشح للرئاسيات المقبلة".
وسجل أن "هناك أيضا مرشحين آخرين من وزن ونوع آخر غير أنهم لا يمثلون تحديا كبيرا في ظل تغير ملامح تيار المعارضة".
وبخصوص إمكانية ترشح قادة المعارضة، أفاد بلعمش، أن "الزعيم التقليدي للمعارضة ورئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، يمر بوعكة صحية، في حين أن رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود (يساري معارض) يقترب أكثر من النظام الحالي".
أما حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" ذو التوجه الإسلامي، فيرى المحلل السياسي، أنه "رغم أن لديه قوة، نظرا للعدد المؤثر لنوابه في البرلمان (ثاني أكبر حزب ممثل بالبرلمان)، لكنه ربما ليس في عافية تامة".
وعد بلعمش، أن "ما يشكل تحديا لولد الشيخ الغزواني هو تحالف معارض شامل، وهو ما لم تظهر بعد أي ملامح بارزة له".
وقال "في تقديري أنه ما لم يستجد طارئ فإن نجاح ولد الشيخ الغزواني في الانتخابات أمر مؤكد، رغم أن الظروف الإقليمية ليست مريحة كما أن هناك تذمرا من الوضع الداخلي للبلاد".
وخلص بلعمش، إلى أن "ترشح رئيس البلاد ونجاحه هو المحتمل والوارد في الانتخابات الرئاسية المقبلة".
تهديد للولاية
من جهته، يرى المدير الناشر لصحيفة "النهار" المحلية، محمد المختار ولد محمد فال، أن "جميع المعطيات والمؤشرات توحي بأن الورود مفروشة أمام ولد الشيخ الغزواني من أجل الوصول لولاية رئاسية ثانية".
وأضاف ولد محمد فال، لـ"الاستقلال"، أنه "رغم توجه الرئيس الحالي للظفر بولاية ثانية، فإن ذلك لا يعكس بالضرورة رضا المواطنين عن سياساته".
وقال إنه "لو قورن الوضع برفض سياساته لكانت النتيجة مغايرة"، مستدركا: "لكننا في دولة من العالم الثالث وبإفريقيا بالتحديد، والانتخابات يبدو أنها تسير بطريقة غير شفافة خاصة وأن الانتخابات الماضية عكست عدم الشفافية".
وأثارت نتائج الانتخابات البلدية والجهوية والنيابية في 13 مايو/أيار 2023، جدلا واسعا جراء اتفاق أحزاب المعارضة والموالاة على وجود "خروقات كبيرة" فيها.
ورأى ولد محمد فال، أنه "في ظل انعدام الشفافية، فإن كل شيء ممكن، خاصة مع عدم بروز أي مرشح له وزن في المشهد السياسي للبلاد".
وشدد على أن "هناك أسماء هزيلة لا وزن لها في الحياة السياسية، وبالتالي فإن الطريق مفروشة له بالورود للفوز مجددا".
واستدرك: "إذا ترشح شخص له وزن في الحياة السياسية، وكان الشعب سيعبر عن إرادته الحرة، فإن ذلك يمكن أن يشكل تهديدا للولاية الرئاسية الثانية التي يطمح لها ولد الشيخ الغزواني".
وأردف "لكن آليات التزوير والسلطة وجاذبيتها وسطوتها وسيطرتها على القبائل وأصحاب النفوذ وتوجيهها للرأي العام في الحقيقة هي المتحكمة".
وبالتالي، انطلاقا من هذا المعيار، يضيف ولد محمد فال، فإن "ولد الشيخ الغزواني سينجح بسهولة، ولكن انطلاقا من واقع عدم الارتياح داخل الخريطة الشعبية وحتى داخل النخبة فإنه يمكن أن يواجه تحديات غير أنها لم تبرز بعد".
وخلص إلى أن "ولد الشيخ الغزواني سينجح بارتياح كبير جدا حيث لا أرى في الأفق حتى الآن منافسا جديا له، إلا إذا ظهر فجأة وكان هنالك تحت الرماد ما لا نشاهده حاليا".