وفيق صفا.. غموض يكتنف مصير "وزير داخلية" حزب الله بعدما استهدفته إسرائيل
وفيق صفا معاقب أميركيا بتهة تبييض الأموال وتسهيل مرور المخدرات
"الشبح، رجل الظل، مسؤول الأمن"، كل هذه الألقاب وأكثر تطلق على القيادي في حزب الله اللبناني، وفيق صفا، الذي أعلن الاحتلال الإسرائيلي في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، استهدافه بغارة جوية وسط بيروت، ما أدى إلى مقتل 18 شخصا وإصابة 92 آخرين.
لكن وكالة "رويترز" البريطانية نقلت عن مصادر أمنية لبنانية (لم تكشف هويتها)، أن وفيق صفا، نجا من محاولة الاغتيال، وذلك بعد ثلاث غارات هزت قلب العاصمة بيروت، الأولى في النويري، والثانية بمجمع خاتم الأنبياء، والثالثة في محيط بشارة الخوري.
وفي السياق ذاته، نفى النائب عن حزب الله اللبناني، أمين شري، وجود القيادي، وفيق صفا، في المناطق التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية في بيروت، مشيرا إلى أنهم لا يتخذون من المدنيين دروعا بشرية، حسبما نقل موقع "النشرة" اللبناني في 11 أكتوبر.
"وضعه حرج"
ومع تضارب الروايات عن مصير القيادي في حزب الله، كشفت وسائل إعلام سعودية، أن "وفيق صفا، في حالة حرجة، بعد تعرضه لإصابة بالغة جرّاء غارة جوية إسرائيلية استهدفت مكان وجوده بمبنى بحي سكني مكتظ في بيروت"، وفق رواية صحيفة "الشرق الأوسط" في 11 أكتوبر.
وفي اليوم نفسه، ذكرت قناة "العربية"، أن "وفيق صفا مصاب بعنقه إصابة خطرة، وأن فرص نجاته ضئيلة". لكن هذه الأنباء لم تؤكدها جهات رسمية لبنانية حتى يوم 13 أكتوبر.
وبخصوص الغارات الإسرائيلية التي استهدفت القيادي في حزب الله، كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية في 11 أكتوبر، أن بقايا القنابل التي عثر عليها في مكان استهداف وفيق صفا، في منطقتي النويري والبسطة ببيروت، كشفت بعض الخفايا الجديدة عن ذلك الاستهداف.
وأوضحت أن "بقايا القنابل التي عثر عليها من نوع Jdam، وتصنعها شركة بوينغ الأميركية عبر تحويل قنابل غبية كبيرة يصل وزنها إلى 2000 رطل (900 كغم)، إلى أخرى موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)".
ونقلت الصحيفة عن ريتشارد وير، أحد كبار الباحثين في مجال حقوق الإنسان قوله إن "نمط الترباس وموضعه وشكل البقايا يتوافق مع زعنفة الذيل التي تظهر في مجموعة أدوات التوجيه الأميركية الصنع Jdam الخاصة بالذخائر الملقاة جوا من سلسلة Mk80".
وأوضح ريتشارد وير أن "استخدام هذه الأسلحة في مناطق مكتظة بالسكان، يعرض المدنيين والمباني السكنية في المنطقة المستهدفة لخطر شديد".
وكانت ذخائر Jdams على وجه التحديد واحدة من أكثر القنابل الأميركية طلبا من قبل إسرائيل، وقد استعملت في لبنان وغزة على السواء، حسبما ذكر تقرير الصحيفة.
وأشارت إلى أنه جرى التحقق من هذه البقايا من قبل قسم الأزمات والصراع والأسلحة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" وفني قنابل عسكري أميركي سابق.
"مسؤول الأمن"
وفيق صفا المولود في بلدة زبدين بجنوب لبنان عام 1960، انضم إلى "حزب الله" منذ مراحل التأسيس الأولى عام 1984.
ومنذ ذلك الحين شغل منصب رئيس اللجنة الأمنية للحزب في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، والتي أطلق عليها لاحقا "وحدة الارتباط والتنسيق"
صفا يُعد من الشخصيات المحورية الغامضة التي أثارت الجدل بسبب دوره المهم على المستويين الأمني والسياسي.
فهو يدير العلاقات الخارجية والأمنية للحزب، وكان له دور كبير في العديد من المفاوضات، سواء على الصعيد الداخلي اللبناني أو الإقليمي.
ورغم قلة ظهوره الإعلامي، فقد برز اسمه في العديد من القضايا الأمنية والسياسية المهمة في لبنان.
بعد انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005، برزت أهمية صفا أكثر، إذ كان جزءا أساسيا من عملية" إعادة الترتيب الأمني" للحزب بعد هذا الحدث، مستغلا الفراغ لتوسيع نفوذه، ليس فقط في الجانب الأمني بل أيضا سياسيا.
وكان الادعاء العام في قضية مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل، رفيق الحريري قد قدم أدلة عام 2018 على دور لوفيق صفا في قضية اغتيال الأول.
إذ كان على اتصال مكثف مع مسؤولين في "حزب الله" مباشرة عشية عملية الاغتيال في 2005، وقد رصدت هواتفه ومصطفى بدر الدين (المتهم الأول بالقضية) في المنطقة ذاتها.
وفي سبتمبر/أيلول 2021 تصدّر اسم صفا وسائل الإعلام، بعد تهديدات وجّهها إلى المحقق العدلي بقضية "انفجار مرفأ بيروت"، القاضي طارق البيطار، بـ"اقتلاعه"، وذلك بعد اتهامات مست جهات تابعة لحزب الله اللبناني ضالعة لها علاقة بالحادث.
يُعرف وفيق صفا، الذي يلقب بـ"الشبح" نظرا لندرة ظهوره الإعلامي، بأنه لا يزال يتمتع بنفوذ قوي في "حزب الله" وفي لبنان بشكل عام، فهو يرأس أجهزة الأمن التابعة للأخير، ويشار إليه أحيانا باسم "وزير الدفاع" أو "وزير الداخلية" في الحزب.
ويُعد من أهم المفاوضين في حزب الله اللبناني، إذ أدار عدة ملفات تفاوضية مع الأطراف المختلفة في لبنان وخارجه، وكانت أبرز نجاحاته هي عمليات تبادل الأسرى مع إسرائيل التي كان يديرها بشكل سري عام 2008.
وفي مارس/آذار 2024، قال حزب الله اللبناني إن "مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا زار دولة الإمارات في إطار المتابعة القائمة لمعالجة ملف المعتقلين اللبنانيين هناك، حيث التقى عددا من المسؤولين المعنيين بالملف، والأمل معقود أن يتم التوصل إلى الخاتمة المطلوبة".
معاقب أميركيا
وفي يوليو/ سبتمبر 2019، فرضت وزارة الخزانة الأميركية، عقوبات على عضوين في مجلس النواب اللبناني يمثلان حزب الله هما أمين شري ومحمد رعد، إضافة إلى المسؤول الأمني في الحزب وفيق صفا.
وبحسب بيان وزارة الخزانة الأميركية، فإن صفا يُعد أحد أبرز المقربين من الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، والذي عینه في عام 1987 رئیسا للجنة الأمن "وحدة الاتصال والتنسیق".
ويتمتع صفا بعلاقات قوية مع بعض ممولي حزب الله مثل رجل الأعمال اللبناني أدھم طباجة، الذي أدرجته الولايات المتحدة على لائحة العقوبات عام 2018، بعدما وضعته السعودية على قوائم الإرهاب في 2015.
وقد استغل صفا الموانئ والمنافذ الحدودية لتهريب السلع وتسهيل السفر لصالح حزب الله، ما عرض أمن وسلامة الشعب اللبناني للخطر.
فيما يقف وراء تسهيل الإجراءات وتوفير الخدمات لشركاء حزب الله خلال وجودهم في مطار بیروت أو المعابر الحدودية.
وعمل أيضا على استنزاف رسوم الاستيراد القيمة والإيرادات بعيدا عن الحكومة اللبنانية.
وقد استفاد حزب الله من صفا لتسھیله مرور المواد، بما في ذلك المخدرات والأسلحة بشكل غير مشروع عبر میناء بیروت، حسب بيان الخزانة الأميركية.
وأشار تقرير القناة أن صفا اتهم أيضا، باختلاس مبلغ يصل إلى 350 مليون دولار، بالإضافة إلى نشاطه في تجارة المخدرات وتبييض الأموال.
وفي عام 2010، اتهمه بعض أعضاء حزب الله بالضلوع في فساد مالي، وجرائم أخرى.
وكان صفا عضوا في حركة أمل الشيعية اللبنانية، لكن الأخيرة طردته من صفوفها منذ أوائل الثمانينيات، لأن ولاءه كان للزعيم الشيعي اللبناني حسين الموسوي.
ويُعد صفا عضوا في الخلية المتورطة في تسهيل تفجيرات ثكنة بيروت عام 1983، إلى جانب القيادي الآخر إبراهيم عقيل، قبل أن ينضم إلى حزب الله في عام 1984.
المصادر
- مصادر لـ«الشرق الأوسط»: وفيق صفا في حالة حرجة
- قنابل غبية عدلتها "بوينغ".. جديد استهداف وفيق صفا
- وفيق صفا
- الملقب بـ"الشبح".. من هو وفيق صفا الذي تزعم إسرائيل استهدافه ببيروت الشرقية؟
- وفيق صفا.. "رجل الظل" في حزب الله ينجو من قصف إسرائيلي على قلب بيروت
- رويترز: القيادي بحزب الله وفيق صفا نجا من محاولة الاغتيال
- نفوذ ومخدرات وأسلحة.. من هو "وزير داخلية" حزب الله؟
- أمين شري: لم يكن هناك اي شخصية قيادية بالمكانين المستهدفين ولا نأخذ السكان دروعاً بشرية
- "قنابل غبية مُعدّلة".. الغارديان تكشف عن تفاصيل جديدة حول استهداف وفيق صفا في بيروت
- بيان رسمي لحزب الله يُحدّد مَهمّة الحاج وفيق صفا في الإمارات