انتشار سلاح وفساد حكام.. صحيفة إيطالية تتوقع حربا أهلية بجنوب السودان

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم مرور عقد كامل على انفصال جنوب السودان عن الوطن الأم، في يوليو/ تموز 2011، فإن ذلك البلد الإفريقي الذي حلم يوما بالرخاء والسلام، أصبح على شفا حرب أهلية جديدة، مع تغول المليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية وفساد الحكام.

صحيفة "نيغريسيا" الإيطالية رصدت وقوع هجوم مسلح على الطريق الذي يربط عاصمة جنوب السودان "جوبا" قرب حدود أوغندا، وأكدت أنه يسلط الضوء على عجز الحكومة الانتقالية في فرض الأمن في بلد يفتقر إلى السلام.

وقالت الصحيفة الإيطالية إن الهجوم أسفر عن مقتل راهبتين وثلاثة أشخاص، وإصابة عدد آخر كانوا على متن حافلة في كمين نصبه مسلحون مجهولون على الطريق الرابط بين جوبا ومدينة نيمولي الحدودية.

قتل وحرق

ولفتت إلى "انتشار الجماعات المسلحة على طول الطريق الحدودي، (جوبا-نيمولي)، مؤكدة أنه بات مسرحا لهجمات وحوادث خطيرة متكررة أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.

وجزمت بأن ذلك تسبب "في عواقب وخيمة على سكان ولاية وسط الاستوائية، خصوصا لسكان عاصمة جنوب السودان، جوبا". 

وذكرت أن هذا الطريق "يعتبر شريان البلاد وعبره تمر معظم السلع، وأهمها المواد الغذائية، التي تزود أسواق العاصمة الأهم في البلاد، خاصة وأن الإنتاج الغذائي الأساسي نادر وغير كاف لاحتياجات السكان".

أفادت "نيغريسيا" بأن "الكمائن التي تنصب لقوافل الشاحنات القادمة من العاصمة الأوغندية كمبالا، والمحملة بالحاويات القادمة من ميناء مومباسا الكيني، متكررة وعنيفة دفعت سائقي الشاحنات للإضراب في أبريل/ نيسان 2021. 

طالب المحتجون حينها بتوفير الأمن، وتركيز حراسة مسلحة بعد مقتل 12 من زملائهم الأوغنديين والكينيين، وتعرض البضائع للسرقة وحرق الشاحنات في عدة هجمات متتابعة.

"لكن عبور طريق (جوبا - نيمولي) لا يزال محفوفا بالمخاطر، ومن خلاله تمر قوافل الشاحنات التجارية أكثر المناطق غير المستقرة في جنوب السودان"، وفق الصحيفة.

وأضافت: "بداية الحرب الأهلية، جرى استخدام الطريق للتنقلات العسكرية، ومر عبره عساكر ووحدات من الجيش الأوغندي، قدموا لدعم حكومة الرئيس الجنوب سوداني سلفا كير ديسمبر/ كانون الأول "2013.

"مجموعات مسلحة ذات توجهات وأغراض مختلفة انتظمت في المنطقة وقامت بتمويل نفسها بفضل ما تغنمه من كمائن القوافل التجارية التي تمر عبر الشاحنات".

"واتخذت من المنطقة ملاذا آمنا، خاصة وأنها تقع على مسافة شاسعة وقليلة السكان، بالإضافة إلى كونها خصبة للغاية وتغطيها أيضا أشجار كثيفة"، بحسب رصد الصحيفة الإيطالية.

تمرد قوي

وأردفت أن "التوتر تصاعد بشكل تدريجي بسبب النزاعات بين قوات الجيش الحكومي -من عرق الدينكا- والجماعات المحلية".

"وذلك بعد أن جلبت القوات الحكومية قطعانها المكونة من عشرات الآلاف من الماشية إلى المراعي التي يمتلكها مزارعوا الباري، المجموعة العرقية الأصلية". 

الصحيفة أضافت أن "الحكومة أمرت في الآونة الأخيرة فقط الدينكا بالعودة إلى مناطقهم الأصلية بقطعان ماشيتهم، ولكن بعدما نما بالفعل تمرد قوي في المنطقة".

حاليا، بالإضافة إلى المجموعات الإجرامية، تنشط بالمنطقة أيضا وحدات مسلحة من "جبهة الإنقاذ الوطني" المعارضة التابعة لعرق الباري، بقيادة الجنرال توماس سيريلو سواكا، نائب القائد السابق للجيش الحكومي. 

وبحسب الصحيفة، "تعد هذه الجبهة أهم جماعة معارضة مسلحة في البلاد لم توقع على أي اتفاقيات للسلام".

وأوضحت أن "بعض العناصر من أهم حركة معارضة في جنوب السودان وهي (الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة)، توجد أيضا في المنطقة".

يقودها نائب الرئيس الحالي رياك مشار الذي وقع على اتفاقيات السلام مع جوبا، ويشارك في حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية. 

"وغالبا ما تشتبك المجموعات التابعة للحركة والمنتشرة بولاية الوسط الاستوائية مع مليشيات (جبهة الإنقاذ الوطني)، ما يصعب مهمة تحقيق الأمن في المنطقة"، بحسب رأي الصحيفة.

ونوهت إلى أن "الوضع ازداد سوءا مع انقسام (الحركة الشعبية) وإعلان رئيس الأركان سيمون جاتويش دوال، والقائد جونسون أولوني، خلع رياك مشار عن قيادة الحركة 4 أغسطس/ آب 2021.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن :الفصيلين اشتبكا مرارا، ما أجبر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، والتي أشرفت على مفاوضات السلام، لعقد اجتماع طارئ لحل الشقاق ووقف القتال.

إلا أن النداءات لم تلق تجاوبا، كما حدث في مناسبات أخرى تعلقت بمشاكل شائكة أخرى ظهرت في البلاد، وفق قول الصحيفة. 

ويعتقد الكثيرون أن انقسام "الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة" جاء نتيجة عدم إيمان البعض بالسلام المتفاوض عليه وعزمهم إسقاطه.

الصحيفة حذرت قائلة: إن "المخاوف من العودة إلى الحرب الأهلية بجنوب السودان قوية، وهو ما تخوفت منه منظمات دولية، وسياسيون ونشطاء في جنوب السودان، وبلدان المنطقة".

السلاح والفساد

الصحيفة الإيطالية لفتت إلى أن جنوب السودان "رغم توقيع اتفاقيات السلام، تعيش مستويات عالية من عدم الاستقرار والتوتر المتصاعد بقوة".

ونبهت إلى أن "الحكومة لم تعد تمارس سيطرتها على كامل المناطق، بل تنافسها في ذلك مجموعات مسلحة مختلفة متناحرة، تضم عصابات إجرامية نجحت في الإفلات من العقاب".

وخلصت إلى القول: إن "انتشار السلاح والأزمة الاقتصادية العميقة وسوء الحكم وفساد الحكام،  مظاهر فاقمت من تردي الوضع".

وجزمت بأنه "بدون سلام فعال، سيظل جنوب السودان للأسف بلدا خطيرا، وواحدا من أخطر البلدان في العالم".