"مخاطر باتت ملموسة".. هل تتطور التوترات بين الصومال وإثيوبيا إلى حرب؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

مخاوف إقليمية من تطور التوترات بين الصومال وإثيوبيا إلى حرب تزيد المشهد الدولي تعقيدا.

في آخر تطور، حذرت خارجية النظام المصري في 22 سبتمبر/ أيلول 2024 مواطنيها من السفر إلى إقليم أرض الصومال، بسبب وجود اضطرابات أمنية.

قبل ذلك، أعلنت نظيرتها الصومالية، في 20 سبتمبر، أن إثيوبيا أرسلت شحنات أسلحة إلى الإقليم المذكور في خطوة قالت إنها تشكل تهديدا للأمن الإقليمي.

وأدانت بشدة إرسال "شحنات الأسلحة غير المصرح بها من إثيوبيا إلى بونتلاند، والتي تنتهك سيادة البلاد وتهدد الأمن الإقليمي"، مطالبة بوقف فوري لتدفق مثل هذه الشحنات، وداعية الشركاء الدوليين إلى دعم جهود السلام في القرن الإفريقي.

 وقد تصاعدت التوترات بين الصومال والإقليم، خاصة منذ إعلان سلطات الأخير قبل أشهر أنها لم تعد تعترف بالحكومة الفيدرالية في مقديشو على خلفية توترات مستمرة بين الطرفين.

وبالمثل، زادت التوترات بين الصومال وإثيوبيا خلال الأشهر الماضية، فيما طالبت مقديشو بخروج القوات الإثيوبية الموجودة على أراضيها ضمن قوات الاتحاد الإفريقي لحفظ الأمن في البلاد.

زعزعة الاستقرار

وفي ظل هذه التوترات، أكدت مجلة إيطالية أن "مخاطر اندلاع حرب في القرن الإفريقي باتت ملموسة"، محذرة من أن ذلك "من شأنه أن يخلق المزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط".

وترى مجلة "فورميكي" أن الأزمة بين الصومال وإثيوبيا "تندرج في سياق جيوسياسي أوسع يتسم بالتنافس بين القوى الكبيرة، لكسب مزيد من النفوذ في منطقة القرن الإفريقي وباب المندب".

وفي حديثها للمجلة، قالت زينب ريبوا، مديرة برنامج مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمعهد "هادسون"، إن كلا من "روسيا والصين وإيران تحاول بنشاط توسيع نفوذها في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والقرن الإفريقي أي الجبهة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي".

وأضافت أن هذه الجهات "تحاول من خلال تدخلاتها المباشرة أو غير المباشرة مواجهة نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في هذه المجالات الإستراتيجية، وتطرح نموذجها لحوكمة النظام الدولي وتبحث عن مساحات لتنفيذ مصالحها".

وفي هذا الإطار، أدرجت التوترات بين الصومال وإثيوبيا، متهمة قوى مثل إيران وروسيا بـ"محاولة استغلالها لزيادة زعزعة استقرار المنطقة واستهداف النفوذ الغربي".

وقد تفاقمت العلاقات بين البلدين في الفترة الأخيرة بسبب الاتفاق الذي أبرمه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مع أرض الصومال والذي ينص على الاعتراف باستقلال الأخير عن الصومال مقابل الحصول على منفذ بحري وقاعدة عسكرية على البحر الأحمر.

وهي مسألة "وجودية" بالنسبة لأديس أبابا بعدما "خسرت البحر على إثر استقلال إريتريا وتبحث حاليا عن منفذ إستراتيجي تضمنه لبلد يتزايد عدد سكانه ويبلغ حاليا 125 مليون نسمة"، تشير المجلة.

وتذكر أن 95 بالمئة من التجارة الخارجية الإثيوبية تمر عبر ميناء جيبوتي، الذي تدفع إليه أديس أبابا رسوما قدرها 1.5 مليار دولار سنويا.

وتتابع بأن "الوصول المباشر إلى البحر عبر ميناء بربرة في أرض الصومال يعد أمرا بالغ الأهمية لآبي أحمد اقتصاديا وسياسيا".

حساسية الوضع

ويتمتع إقليم صوماليلاند بالحكم الذاتي ويقع في الشمال الغربي من الصومال التي انفصل عنها عام 1991 ويتصرف اليوم كجمهورية مستقلة.

إلا أن استقلاله غير معترف به دوليا رغم أنه يملك حكومة وبرلمانا وجيشا ونظاما اقتصاديا وبعض العلاقات التجارية.

ورفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي الاتفاقية المبرمة بين إثيوبيا وهذا الإقليم الانفصالي، وشددت على ضرورة احترام وحدة الأراضي الصومالية وسيادتها.

وأوضحت ريبوا أن الاعتراف باستقلال أرض الصومال، مقابل "الاحتياجات الجيوسياسية والجيواقتصادية الإثيوبية"، يعني بالنسبة لمقديشو "تجاوز الخطوط الحمراء لأن الصومال تعد انفصال الإقليم تهديدا لأمنها القومي ولا تعد انفصاله شرعيا".

وأواخر أغسطس/آب 2024، تعقّد الوضع أكثر، بحسب المجلة الإيطالية، بإرسال القاهرة طائرتين من طراز سي 130 محملتين بالأسلحة إلى الصومال، وهي أول مساعدات عسكرية إلى الدولة الواقعة في القرن الإفريقي منذ أكثر من أربعة عقود.

وفي الآونة الأخيرة، حدثت تحركات عسكرية أخرى في إطار اتفاقية التعاون بين القاهرة ومقديشو، تضيف المجلة.

وحول ما تخفيه هذه الخطوة، شرحت ريبوا أن "دعم مصر للصومال يأتي كنتيجة لاتفاقية أمنية مهمة"، مضيفة أن "التدخل المصري يفسره أيضا النزاع مع إثيوبيا بشأن بناء سد النهضة على نهر النيل".

وبحسب المجلة، أهمية القضايا المطروحة على الطاولة وما يترتب عليها من تعقيدات تفسر مدى حساسية الوضع.

 وترجح بأن فرضية اندلاع الصراع باتت ملموسة كما كانت دائما في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل "الحرب في إقليم تيغراي، والخلافات حول سد النهضة، إلى جانب الفوضى في السودان، وكذلك تزايد نشاط الجماعات المسلحة المحلية".

كما لاحظت أن احتمالات نشوب صراع مفتوح بين الصومال وإثيوبيا لاحت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، بسبب سلسلة من الإشارات والتصريحات التي أدت إلى تصعيد التوترات.

حشد القوات

وذكرت تهديد وزير الخارجية الصومالي، أحمد معلم فقي، بدعم بلاده للجبهات الانفصالية في إثيوبيا، إذا لم تنسحب أديس أبابا فورا من الاتفاقية التي أبرمتها مع أرض الصومال.

وسيطرت إثيوبيا على المطارات الرئيسة في منطقة جيدو الصومالية لمنع نشر القوات المصرية المتوقع أن تحل محل القوات الإثيوبية بموجب الاتفاقية الأمنية الجديدة بين الصومال ومصر.

وحشدت مقديشو أيضا قوات خاصة في منطقة جنوب غرب البلاد، مما يزيد من احتمالات اندلاع اشتباكات ضد القوات الإثيوبية أو الحكومات الإقليمية الموالية لإثيوبيا.

وبينما قد تستفيد الجهات الفاعلة الدولية من الفوضى وتستغلها لتعزيز مصالحها الخاصة، تظل الفرص الحقيقية القليلة للوساطة لدى تركيا، التي تتمتع بعلاقات مع كل من الصومال وإثيوبيا، تنوه المجلة الإيطالية.

وأوضحت ريبوا، أن "تركيا في وضع جيد من هذه الناحية، خصوصا وأنها تتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية ممتازة مع إثيوبيا وتربطها علاقات تاريخية وعسكرية بالصومال".

وأكدت أنه "يمكنها أن تلعب دور الوسيط البناء وتأخذ بزمام المبادرة، لكنها تستبعد التزامها بنشاط في هذا الدور، بالنظر إلى التكاليف والمخاطر التي ينطوي عليها الأمر".

وفي هذا الصدد، يُذكر تعليق محادثات الوساطة التي تقودها تركيا والمعروفة باسم "عملية أنقرة" وتأجيلها أخيرا إلى أجل غير مسمى.

وكان من المقرر إجراء الجولة الثالثة من المحادثات في 2 سبتمبر ثم تم تأجيلها إلى 17 سبتمبر دون تحديد موعد جديد خصوصا بعد التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية الصومالي بشأن دعم الجماعات المتمردة الإثيوبية.

وقالت المجلة إن "التوسط في الأزمة في القرن الإفريقي، سيكون بمثابة نجاح دبلوماسي لأنقرة سواء من ناحية كسب المزيد من الإجماع في إفريقيا أو ترسيخ مكانتها أكثر، في المنظور الأوسع، كفاعل دولي".