تسليح الفضاء.. ساحة معركة جديدة تخوضها واشنطن مع بكين وموسكو
روسيا نفت نيتها نشر أسلحة نووية على الأقمار الصناعية
انتقد موقع صيني استمرار الولايات المتحدة الأميركية بملاحقة الصين وروسيا في الأروقة الدولية، ضمن سياسة “شيطنة وتشويه”، كان آخرها المجال الفضائي.
وتطرق موقع "الصين نت" إلى النزاع الدبلوماسي في أروقة الأمم المتحدة بين كل من واشنطن وطوكيو من جهة، وموسكو وبكين من جهة أخرى.
وكانت البداية عندما طُرح مشروع قرار لـ "ضبط الأسلحة في الفضاء الخارجي" من قبل أميركا واليابان للتصويت في مجلس الأمن.
وفي نهاية أبريل/نيسان 2024، جاءت نتيجة التصويت بـ "رفض مشروع قرار لمنع نشر الأسلحة النووية والأسلحة الشاملة للقتل الجماعي في الفضاء الخارجي بواسطة روسيا".
في المقابل، "لم يتم التصويت على تعديل مشروع القرار الذي قدمته الصين وروسيا لمنع تسليح الفضاء الشامل".
واستنتج الموقع الصيني أن "هذا يظهر صعوبة التقدم في ضبط الأسلحة في الفضاء الخارجي في الوقت الحالي".
ويرى أن "مشروع القرار الأخير يحمل طابعا سياسيا قويا، حيث كانت واشنطن غير مهتمة بشكل كبير بمنع التسلح في الفضاء الخارجي".
إذ صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يطلب إنشاء مجموعة خبراء حكومية لمناقشة منع التنافس العسكري في الفضاء الخارجي، و"بالرغم من ذلك، رفضت واشنطن في مارس/ آذار 2019 الاتفاقية التي توصلت إليها الأطراف لأسباب سياسية حصرية".
تربص أميركي
وجاء المشروع الجديد بعد مطالبة رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي مايك تيرنر في 14 فبراير/شباط 2024، البيت الأبيض بفك تشفير المعلومات المتعلقة بـ "تهديدات أمنية وطنية خطيرة"، مما يشير إلى إمكانية نشر روسيا لأسلحة نووية في الفضاء.
ويرصد الموقع بعد ذلك نشر وسائل الإعلام الغربية الأخبار ذات الصلة بـ "احتمالية نشر الأسلحة النووية على الأقمار الصناعية الروسية".
ولكن وبحسب قوله، كانت وسائل الإعلام غامضة بشأن المعلومات الرئيسة مثل نوع الأسلحة النووية ووقت النشر.
على الجهة الأخرى، نفى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "وجود نية لدى روسيا لنشر الأسلحة النووية على الأقمار الصناعية".
وعلى الرغم من ذلك، تمسكت واشنطن بمواصلة هذه الحرب، وجرى تقديم مشروع القرار المشترك مع اليابان في مجلس الأمن.
ويرى الموقع أن النية الحقيقية لواشنطن وطوكيو من هذا المشروع لا تتعلق بتعزيز ضبط الأسلحة في الفضاء الخارجي، "بل هو استمرار لسياسة تشويه وشيطنة روسيا، في محاولة للفوز في الصراع معها".
وعن تفاصيل المشروع، يوضح أنه يتضمن "دعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عدم تطوير أي أسلحة نووية أو شاملة للقتل الجماعي مصممة خصيصا لوضعها في مدار الأرض".
كما يعلن المشروع أن "جميع الدول الأعضاء في اتفاقية الفضاء الخارجي لعام 1967 ملزمة بعدم وضع أي جسم يحمل أسلحة نووية أو شاملة".
وقلل الموقع الصيني من أهمية المشروع، مبينا أن "بنوده كانت محددة بالفعل في المادة الرابعة من اتفاقية الفضاء الخارجي لعام 1967".
وبالتالي، "فإن مشروع قرار أميركا واليابان للسيطرة على الأسلحة في الفضاء الخارجي مجرد تكرار لما سبق، وليس له أهمية فعلية".
ومن وجهة نظره، "مع تزايد الخطر من تسليح الفضاء الخارجي وتحوله إلى ميدان للقتال، فإن التكرار المستمر لهذه المواد القديمة لا يكفي".
تنافس قديم
ويسرد الموقع تاريخا موجزا لهذه القضية، إذ يرى "أن البشر بمجرد دخولهم للفضاء الخارجي، بدأت عملية عسكرة الفضاء".
وكان بداية ذلك في "عصر الفضاء الأول" أثناء الحرب الباردة (1947-1991) بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وفق الموقع.
إذ كانت المنشآت الفضائية مرتبطة بشكل أساسي بالاستطلاع والإنذار المبكر والقيادة والسيطرة على الأسلحة النووية.
وجرى دمج تلك المنشآت على المستوى الإستراتيجي، سواء كان ذلك في استخدام الأقمار الصناعية للاستطلاع خلال أزمة الصواريخ الكوبية، أو في مبادرة "حرب النجوم" التي دعت إلى نظام دفاع إستراتيجي.
واستكمل الموقع: "وفي عصر الفضاء الثاني بعد نهاية الحرب الباردة، أظهرت المنشآت الفضائية قوتها في دعم العمليات العسكرية التقليدية، لذا سميت حرب الخليج الأولى بـ (حرب الفضاء الأولى)".
وتابع: "حاليا، يدخل البشر عصرهم الثالث في هذا المجال، حيث لم تعد المنشآت الفضائية تقدم دعما فقط، بل أصبحت فرعا عسكريا مستقلا، وقد زاد احتمال أن يصبح الفضاء ساحة معركة بشكل كبير".
وأوضح: "شرع العديد من البلدان في تشكيل قوات الفضاء في التنظيمات العسكرية؛ وفي مجال الأسلحة الفضائية".
ويوصي الموقع الصيني المجتمع الدولي "أن يقدم بسرعة خطة شاملة ونظامية للسيطرة على الأسلحة في الفضاء".
إذ يؤكد على أن "السعي للتوصل إلى توافق دولي على معاهدة منع تسليح الفضاء الخارجي هو الأمر الضروري في الوقت الحالي".
محاولة آسيوية
ثم ينتقل الموقع بعد ذلك لسرد الجهود الصينية الروسية المشتركة للحد من تسليح الفضاء الخارجي.
وبدأت تلك الجهود عام 2002، وفق زعم الموقع حين "بدأت الصين وروسيا في الدفع لوضع معاهدة لمنع تسليح الفضاء".
"وفي عام 2008، قدم الجانبان مشروع معاهدة منع وضع الأسلحة في الفضاء الخارجي واستخدامها أو التهديد باستخدام القوة ضد الأجسام في هذا الفضاء (PPWT) إلى مؤتمر مفاوضات نزع السلاح النووي".
وتابع الموقع: "هدف هذا المشروع إلى ضمان السلام والأمن وعالج النقص الهيكلي في اتفاقية الفضاء الخارجي لعام 1967، وله أهمية كبيرة في منع تسليح الفضاء وتجنب تحوله إلى ميدان للصراع".
ويشيد الموقع الصيني بالمشروع المقدم من الصين وروسيا في هذه المرة، حيث يعكس روح مشروع PPWT.
ويؤكد أن "الفضاء هو مجال عام عالمي، وليس منطقة نفوذ خاصة لبعض الدول؛ فيجب أن يكون ميدانا للتعاون والفوز المشترك، وليس ساحة لمنافسة الدول".
ويختتم تقريره بالدعوة إلى "التعاون من أجل وضع أسس لاستخدام الفضاء بشكل آمن لجميع الدول".
وأردف: "يقف مجتمعنا الدولي على مفترق طرق فيما يتعلق بحكم الفضاء، ويجب على الدول الاستفادة من هذه الفرصة لبدء المفاوضات ذات الصلة بأسرع ما يمكن، واعتماد الوسائل القانونية الملزمة لضمان استخدام الفضاء للسلام والتنمية بشكل سلمي ومستدام".