التفاوض باليمين والتهديد باليسار.. مناورة ترامبية بلا جدوى أمام بأس المقاومة

أميركا تحولت من "سنفتح أبواب الجحيم على حماس" إلى "نريد فتح قنوات تواصل مع حماس"
جدل كبير أثاره إعلان أميركا إجراءها مباحثات مباشرة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وبعد ساعات خرج الرئيس دونالد ترامب مهددا الحركة بما أسماه “التحذير الأخير قبل فتح أبواب الجحيم" حال لم يتم تسليم كامل الأسرى.
متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت، في 5 مارس/آذار 2025، قالت: إن إدارة ترامب أجرت مباحثات مباشرة مع حماس، ومازالت مستمرة.
وأضافت أنه تم إبلاغ إسرائيل بالخطوة، وهو ما أكَّده مكتب رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو، في بيان، موضحا أنه تم إبلاغ الأميركيين برأي إسرائيل بشأن تلك المباحثات، في إشارة إلى غضبها من ذلك.
وفي أعقاب ذلك التقى ترامب بعدد من الأسرى الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم حماس، وخاطب حماس في منشور على منصة “تروث سوشال”، قائلا: "أطلقوا سراح جميع الرهائن الآن، وليس لاحقا، وأعيدوا فورا جميع الجثث، وإلا انتهى الأمر بالنسبة لكم".
وردا على تهديد الرئيس الأميركي، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة سلامة معروف، "شعبنا أو مقاومته في غزة لم يكن أبدا المشكلة، بل كان الاحتلال هو المشكلة دائما، وما يحدث اليوم في الضفة الغربية والقدس خير دليل".
وأضاف أن "مثل هذه المواقف هي التي تمنح مجرم الحرب بنيامين نتنياهو القوة والقدرة على الاستمرار في جرائمه طالما أنه يحظى بالدعم والتشجيع المطلق لارتكاب المزيد من الجرائم بحق 2.4 مليون إنسان".
ورأى ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، "فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #ترامب، #حماس، #نتنياهو، أن ترامب يلعب مع حماس لعبة العصا والجزرة لتحقيق أفضل ظروف لتنفيذ شروطه؛ إذ يهدد بجحيم ثم يتفاوض معها.
وعد ناشطون دخول أميركا في محادثات مباشرة مع حماس التي تصنفها "إرهابية" دليلا على قوة وبأس المقاومة وقدرتها على فرض شروطها.
العصا والجزرة
وتفاعلا مع التطورات، كتب السفير فوزي العشماوي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أنه من الواضح أن ترامب يستخدم العصا والجزرة.
وأضاف: إذ يتفاوض مبعوثه مع حماس ( آدم بوهلر ) في الغرف المغلقة في قطر، في حين يهدد هو حماس بالجحيم في العلن، بحيث يفسر أي إنجاز ناتج عن المفاوضات بأنه انتصار ناتج عن التهديد والقوة والعين الحمراء ليظل مخيفا لخصومه ومبهرا لمريديه.
ورأى أن الاتصال المباشر بين واشنطن وحماس تطور مهم يستحق المتابعة، مؤكدا أن ترامب في النهاية نموذج جيد للبراغماتية الأميركية.
ورصد الباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية منير أديب، تناقضات واشنطن، لافتا إلى أن ترامب يوجه إنذارا بفتح أبواب الجحيم في حال عدم الإفراج عن أسرى إسرائيل وفي نفس الوقت يدخل في تفاوض مع حركة حماس.
وتساءل: “ما الذي يمكن أن يحصل عليه ترامب في مفاوضات لم تحسمها القوة العسكرية؟ وما الذي يمكن أن تقدمه حماس لم يقدمه القادة العرب في قمتهم الطارئة؟”
من جانبه، قال الصحفي أحمد منصور: إن "في الوقت الذي أكد فيه البيت الأبيض إجراء محادثات مباشرة مع حماس، يتنصل ترامب من اتفاق غزة الذي تم بضمانات أميركية ويهدد حماس بفتح أبواب الجحيم".
ووصف السياسات الأميركية بأنها "ضبابية مثل جحيم ترامب الذي لا يتوقف عن تهديد الجميع به".
بدوره، أكد الناشط محمد النجار، أن "التفاوض باليمين، والتهديد باليسار سياسة قديمة"، واصفا تصريحات ترامب بأنها "هوجاء ومحاولة استرضاء لإسرائيل".
وأشار سهيل اليماني، إلى أن أميركا تتحول من "سنفتح أبواب الجحيم على حماس" إلى "نريد فتح قنوات تواصل مع حماس"، واصفا ذلك بأنه "تقلب بين العصا والجزرة".
وأكد أن "الثابت الوحيد أن المقاومة على حق، وشعبنا على حق، وقضيتنا على حق، وفي النهاية، سيدورون في فلكها حتى يُجبَروا على الاعتراف بها"، متسائلا: “من الذي فتح على الآخر أبواب الجحيم؟”
وفي تحليله قال طلال الكردي: إن التناقض هنا لا يحتاج إلى كثير من التحليل لفهمه: واشنطن، تمارس أسلوب العصا والجزرة، تعيد إحياء الملف الذي جمده نتنياهو، لكنها هذه المرة تبدو أكثر إلحاحا.
وأشار إلى أن التهديد العلني يقابله تفاوض خلف الكواليس، والرسالة واضحة: لم يعد بوسع إسرائيل وحدها إدارة هذا الملف، والوقت ينفد، متسائلا: “هل اقتربت الصفقة، أم أن الجحيم الذي يلوح به ترامب مجرد ورقة ضغط على الأطراف؟”
ثقة بالمقاومة
من جهته، توقع الناشط خالد صافي، أن تدور أميركا في النهاية في فلك حماس، متسائلا: “من الذي فتح على الآخر أبواب الجحيم؟”
وأوضح أدهم أبو سلمية، أن ترامب من خلال منشوره يحاول بلغة "البلطجة" التي يفهمها اليمين المتطرف، استرضاء الجانب الصهيوني بعد تسريب خبر لقاء الوفد الأميركي بقيادة حماس في الدوحة.
وأكد أن إسرائيل تُدرك أن هذا اللقاء تاريخي ومهم أيا كانت النتائج؛ لأنه يمثل اعترافا أميركيا بحماس، بعد أن كانت تقول إنها ستقضي عليها، ولذلك أراد ترامب أن يقول للصهاينة أنه لا تغيير في موقفه الإجرامي حتى بعد اللقاء.
وأضاف أن هذه الشعبوية والمشاغبة الصهيوأميركية تفهمها جيدا المقاومة وقيادتها، وتتعامل معها بهدوء واطمئنان وذكاء، وبدون انفعال، فالمقاومة مطمئنة أولا لإرادة الله وقوته، ثم لشعبنا ومجاهدينا الثابتين على جمرتي الدين والوطن.
واستهزأ عمام يونس الزيتونية، بتهديدات ترامب، قائلا: "صراحة مش عارف كيف أفتح معاه الموضوع بس كان غيره أشطر".
وكتب سامي جابر: "ترامب خلال 40 يوما من حكمه ذكر غزة وتوعد لهم بالجحيم والتهجير كثيرا هذا المشهد يبين للعالم ماذا فعلت المقاومة يوم 7 أكتوبر إنها ليلة استيقظ فيها المارد الفلسطيني وانكسر حاجز الخوف وتحطمت قوة الوهم الإسرائيلي وبداية أحياء القضية ونهاية عصر الذل وخطوة أولى في طريق الأحرار".
تجاهل القمة
بدوره، قال راشد: "ترامب يبصق على القمة العربية والمطبعين المنبطحين ويقرر الدخول في مفاوضات مباشرة مع حماس من دون وسطاء، وهذا بحد ذاته انتصار سياسي للمقاومة في غزة.
المغردة هنا، من جانبها قالت: إن التفاوض مباشرة مع المقاومة، هو الأفضل، وذلك يعني أن المقاومة في موقف قوي.
وذكر مراد علي بأن الحكام العرب كالوا المديح لترامب في خطاباتهم خلال القمة العربية.
واستنكر أن "الذي وصفه الرئيس السيسي بأنه صانع السلام، يخرج اليوم مهددا أهل غزة جميعا بالموت إن لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، ويؤكد بكل وقاحة أنه منح نتنياهو وإسرائيل كل ما يلزم لتدمير غزة، متسائلا: “هل سنسمع ردًّا من القادة العرب؟ أم أن صمتهم سيظل شاهدا على عجزهم وتواطئهم؟”
وعد محمد الاسكندراني، قرار ترامب الجلوس بشكل مباشر للتفاوض مع حماس ضربة قاسمة لنتنياهو ولحكام العرب معا، مؤكدا أن ترمب قرر أن يجلس مع من بيده القرار.
مطالبات للعرب
فيما قال الكاتب رفيق عبدالسلام: إن الدول العربية لا يمكنها الهروب إلى الأمام أو الاحتماء خلف "إستراتيجية السلام الشامل والعادل".
وحذر الدول العربية قائلا: إما أن تدعم صمود الفلسطينيين بكل الصيغ السياسية والمالية والعسكرية واللوجستية للدفاع عن نفسها قبل الدفاع عن الفلسطينيين، وإلا فإنها ستضطر للقتال داخل حدودها وحتى في عواصمها، فهي مهددة جديا هذه المرة، وليس افتراضا، في كيانها وأصل وجودها إما بالتهجير أو الاجتياح العسكري المباشر، وهذا الأمر ينطبق الآن على مصر والأردن وسوريا ولبنان وحتى السعودية.
ورأى المستشار القانوني محمد عبدالرحمن بكر، أن تصريحات ترامب تثير الجدل وتعقد الموقف، داعيا الشعوب والسادة القادة والزعماء العرب، للاستفادة من دروس التاريخ والماضي القريب "أن المستعمر لا يعرف سوى لغة القوة".
وتساءل: “ماذا حدث للتتار من جيش وشعب مصر، وكيف انسحبت القوات الأميركية من فيتنام وأفغانستان ومن العراق؟”
مؤكدا أن "هؤلاء لا يحترمون إلا لغة القوة، هؤلاء لا يعيرون اهتماما لما صدر من قرارات القمة العربية وإجماع السادة الحضور على الخطة المصرية، قمة البلطجة والتجاهل".
بلطجة وتشبيح
فيما قال الصحفي عماد حمدي: "دي مش لغة رئيس أكبر دولة في العالم، دي لغة مجرمين، بلطجي.. بيهدد عشان يجبر المقاومة على قبول خطة ويتكوف اللي جاي بيها من البيت الأبيض".
وتوقع أن يكون ذلك مضمون ونمط المحادثات التي سيجريها مع حماس "مساومات وتهديد"، قائلا: إن "ترامب بدأ التصعيد بالشكل الوقح ده بعد ما اطمن لاختلاف العرب على الخطة المصرية، نجح في إفشال الخطة المصرية البديلة بأوامر مباشرة لممالك الخليج بمقاطعة القمة العربية".
وأشار الباحث سعيد زياد، إلى أن رئيس أقوى إمبراطورية في العالم يهدد بارتكاب مذبحة بحق الأبرياء في غزة بسبب 24 أسيرا إسرائيليا من الجنود المحاربين، متسائلا: "إذا لم تكن هذه جريمة حرب، فما هو تعريف جريمة الحرب".
وأكد أن هذه جريمة حرب تستدعي تحركا قانونيا ودبلوماسيا وشعبيا.
ووصف الباحث صريح صالح القاز، تصريحات ترامب بأنها "فجاجة وبلطجة".
وعرض المغرد تامر، رسالة الرئيس الأميركي، قائلا: "هذا ما نشره ترامب قبل قليل، مع العلم أن إسرائيل تحتجز جثث الفلسطينيين بأعداد تفوق ما تحتجزه حماس بكثير ومنذ عشرات السنين، وتمنع دفنهم أو تسليمهم لعائلاتهم، كما تحتجز آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين دمرت حياتهم وحياة عائلاتهم".
وأشار إلى أن ترامب "يعلم جيدا أنه لن يتم تسليم الأسرى دون وقف إطلاق النار والانسحاب من غزة، وكل ما عليه فعله هو إجبار إسرائيل على الالتزام بالاتفاق والانتقال إلى المرحلة الثانية بدلا من التهديدات الفارغة".
ولفت تامر إلى أن ترامب هدد أيضا أهل غزة بالإبادة، واصفا ذلك بأنه "قمة القذارة" .
وعلق الصحفي إسلام بدر، على تهديدات ترامب، متسائلا: "هل رأيتم الاستعلاء الشيطاني في خطاب الرجل! طيب هل سبق وأن مر عليكم تهديد بارتكاب إبادة جماعية بهذه الوقاحة".