لقاءات مبعوث واشنطن.. ما تأثيرها على المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل؟

8 months ago

12

طباعة

مشاركة

فتحت زيارة المبعوث الأميركي الخاص، آموس هوكستين، إلى لبنان ولقاؤه بكبار المسؤولين فيه، باب التساؤل واسعا بخصوص مدى انعكاسها على الأوضاع الملتهبة عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، والحيلولة دون اندلاع حرب واسعة بين الجانبين.

وبعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الثاني 2023، دخل "حزب الله" اللبناني المدعوم من إيران على خط المناوشات المتبادلة مع قوات الاحتلال، لكنهما يؤكدان في أكثر من مناسبة رغبتهما بعدم توسيع الهجمات والذهاب نحو "حرب شاملة".

تهديدات ضمنية

خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت في 4 مارس/آذار 2024، أطلق المبعوث الأميركي هوكستين، تصريحات بخصوص المواجهات بين "حزب الله" وإسرائيل، حملت رسائل تهديد ضمنية إلى لبنان من عواقب الحرب إذا وقعت مع إسرائيل.

وبعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الحليف الرئيس لحزب الله، قال هوكستين للصحفيين إن "التوصل إلى هدنة في غزة لن يؤدي بالضرورة إلى نهاية حتمية للأعمال القتالية عبر الحدود الجنوبية للبنان"، محذرا من "مخاطر تصعيد الصراع".

وتأتي زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى بيروت في إطار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وضع نهاية لتبادل إطلاق النار المستمر منذ أربعة أشهر بين حزب الله وإسرائيل بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة.

وأوضح هوكستين للصحفيين أن "تصعيد العنف ليس في مصلحة أحد، ولا يوجد شيء اسمه حرب محدودة"، مشيرا إلى أن "المناوشات زادت على الحدود في الأسابيع الماضية، ووقف إطلاق النار بصورة مؤقتة ليس كافيا، ولا يمكن احتواء أي حرب محدودة".

وتحدث عن أن "الهدنة في غزة لن تؤدي بالضرورة إلى إحلال الهدوء في جنوب لبنان"، معبرا عن أمله في التوصل إلى حل دبلوماسي للصراع عبر الحدود.

من جهته، قال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني، إلياس بو صعب، لوكالة "رويترز" البريطانية في 4 مارس، إن "توقيت زيارة هوكستين يشير إلى وجود تقدم في الجهود المبذولة للتوصل إلى هدنة في غزة".

وفي 13 فبراير، قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إن القصف الذي تنفذه جماعته عبر الحدود على إسرائيل "لن يتوقف إلا عندما يتوقف العدوان على قطاع غزة".

وأضاف نصر الله في خطاب تلفزيوني إن "الجهود الدبلوماسية التي بذلت حتى الآن لوقف الأعمال العدائية على الحدود لا تفيد سوى إسرائيل على ما يبدو".

وأشار إلى أن الكثير من الوفود الأجنبية سافرت إلى بيروت حاملة اقتراحات لإنهاء الأعمال العدائية في جنوب لبنان، لكنه أردف قائلا: "لها هدف واحد هو أمن إسرائيل وحمايتها".

تسوية غائبة

وعن جدوى حراك المبعوث الأميركي لإيجاد تهدئة، قال الكاتب اللبناني، علي الأمين، إن "أخطر ما قاله هوكستين في زيارته إلى بيروت هو ما لم يقله، بمعنى أنه لم يستعجل إجراء التسوية، أو يحمل من الإسرائيليين مشروعا لتسوية أو أفكارا يمكن أن تشكّل أرضية لإنجازها".

وأوضح الأمين خلال مقطع فيديو نشره في 5 مارس على موقع "جنوبية" اللبناني الذي يرأس تحريره، أن "هوكستين جاء إلى بيروت ليؤكد ضرورة ضبط الأمور وعدم الانجرار إلى المواجهة، مكررا ما قاله في أوقات سابقة".

وتابع: "أما الضغط من أجل وقف إطلاق النار، فليس هناك أي مطلب أميركي لإيقافه سواء باتجاه لبنان أو إسرائيل، علما أن الأخيرة تضع شروطا شبه تعجيزية بالنسبة لحزب الله على مستوى الحدود الجنوبية".

وأوضح الأمين قائلا: "بمعنى أن إسرائيل تريد تغييرا جذريا على هذه الحدود بما تعده تغييرا يوفر الأمن لمستوطنات الشمال".

ولفت إلى أن "هوكستين قال أيضا بشكل واضح أن الحكومة الإسرائيلية مستعدة للذهاب إلى مواجهة مديدة مع لبنان وحزب الله، وأيضا يمكن أن تذهب إلى حرب تعتقد أنها تغير وقائع ميدانية على الأرض، وتحقق لها ما تبتغيه، وإن كان هذا الأمر محط أسئلة وشكوك".

وأكد الأمين أن "واقع الحال يقول إن لبنان مستمر في هذه المواجهة وإن مداها طويل وليس من حلول قريبة، خاصة في ظل ترنح الهدنة بغزة وفي ظل الغطاء غير المسبوق للإجرام الإسرائيلي الذي يُرتكب في القطاع. كل ذلك يدفع إلى مزيد من التشاؤم حيال ما ستؤول إليه الأوضاع اللبنانية".

وزاد، قائلا: "واقع الحال يشير إلى مآسٍ كبرى يعيشها لبنان ليس على المستوى الاقتصادي والمعيشي والاجتماعي والسياسي وحسب، بل على مستوى دور الدولة في كل ما يجري، والتي تبدو أنها غائبة".

وخلص الكاتب اللبناني إلى أنه "وإن كان رئيس البرلمان نبيه بري هو من استقبل هوكستين، لكن لسان حال قوى الممانعة في لبنان (شيعة مناوئون لأميركا وإسرائيل) تجاه المبعوث الأميركي الخاص، هو: فيك الخصام وأنت الخصم والحكم".

زيارة "هوكستين" المبعوث الأمريكي إلى لبنان لم تنفِ الحرب الإسرائيلية على لبنان. الشروط غير المُعلَنَة، ولكن المستَشَفَّة على حزب الله تجعل الحزب بلا قيمة.
حزب حسن في مأزق غير مسبوق:
إذا قَبِل الشروط انتهى، لأن مبرر وجوده ينتهي؛ وإذا لم يقبلها، ينتهي بفعل إسرائيلي.

— يحيى العريضي (@yahya_alaridi) March 4, 2024

من جهته، قال المحلل السياسي السوري المعارض، يحيى العريضي، إن "زيارة هوكستين إلى لبنان لم تنفِ الحرب الإسرائيلية على لبنان. الشروط غير المُعلَنَة، ولكن المستَشَفَّة على حزب الله تجعل الحزب بلا قيمة".

ولفت العريضي خلال تدوينة على منصة "إكس" في 5 مارس إلى أن "حزب حسن (نصر الله) في مأزق غير مسبوق: إذا قَبِل الشروط انتهى، لأن مبرر وجوده ينتهي؛ وإذا لم يقبلها، ينتهي بفعل إسرائيلي".

"حرب حتمية"

في المقابل، قال مدير برنامج السياسة العربية في "معهد واشنطن لشؤون الشرق الأوسط"، ديفيد شينكر، إن "صعوبات تواجه هوكستين، فهو دبلوماسي ووسيط قدير، لكن ثمة الكثير من الأجزاء غير الثابتة، ولا نعرف إلى أي حد ستكون هناك مفاوضات بينما القتال مستمر في غزة".

ورأى شينكر خلال مقابلة تلفزيونية في 5 مارس أنه "حتى إذا وافق الإسرائيليون على الانتقال إلى نقطة محددة على الحدود وقبول مطالب حزب الله، فإنه ليس من الواضح أن الأخير سيكون قادرا على عمل ما يطلبه الاسرائيليون منه وهو سحب قوات رضوان التابعة له 7 كيلومترات عن الحدود".

وتابع: "إذا كانت (قوات رضوان) لا تزال موجودة حتى مع وقف إطلاق النار، فإنني غير متأكد من أن إسرائيل ستوقف حملتها على الحزب في جنوب لبنان".

وقال شينكر إنه "لا يوجد أحد في لبنان من الشخصيات الذين التقاهم هوكستين لديه نفوذ على حزب الله، فالأخير لديه ناخبوه وداعموه، وأن الشيعة في الجنوب لا يريدون حربا أخرى، لذلك سينتبه لما يريده ناخبوه، وحتى إيران يمكن لها أن تقول له بأن يعيد قواته إلى الوراء".

وأردف: "الشخصيات الذين التقاهم هوكستين سيعودون ويتحدثون مع الوسطاء، لأن نبيه بري لديه اتصال مباشر مع هذا الحزب، وبعض السياسيين ليسوا صناع القرار في لبنان، وأن قرارات الحرب والسلام يقوم بها حزب الله".

وعن الدلالة والرسالة من تصريحات هوكستين أن هذا التصعيد ليس في مصلحة أحد، قال شنكر إنه "يبحث عن طريقة لتخفيف التصعيد، لأن حزب الله فقد نحو 250 من عناصره حتى الآن، وهناك الكثير من البنى التحتية التي ضربت في جنوب لبنان".

وبيّن: "من الواضح أن حزب الله يريد الحصول على شيء مقابل تحريك قواته عند الحدود إلى الوراء، لذلك هوكستين يعرض على الأخير سُلمًا للنزول من الشجرة، لكنه من غير المعروف إذا كان الحزب سيقبل بذلك. وهناك إحساس متنامٍ في إسرائيل أن حربا مع حزب الله ستكون حتمية".

ولفت الخبير الأميركي إلى أن "الولايات المتحدة ليس لديها تأثير مباشر على حزب الله، فهي لا تريد حربا مع الأخير، وأنها تسعى إلى أن تبقى خارج هذه الحرب، لذلك أعتقد أنها ستشجع الطرفين بشكل مستمر على الوصول إلى حل ولو كان مؤقتا".

وانتقل المبعوث الأميركي إلى تل أبيب في 5 مارس 2024، بعدما أتم زيارته في بيروت، والتقى هناك برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع في حكومته، يوآف غالانت، ومسؤولين آخرين.

وقال غالانت إن التوتر المستمر مع حزب الله على الحدود مع لبنان يقرب الأمور إلى التصعيد العسكري، حسب بيان صدر عن مكتبه عقب اجتماعه مع هوكستين.

وأضاف غالانت في حديثه للمبعوث الأميركي: "ملتزمون بالعملية الدبلوماسية، لكن عدوان حزب الله يقربنا من نقطة حرجة في اتخاذ قرار بشأن الأنشطة الحربية حيال لبنان".

وفي 5 يناير 2024، قال نتنياهو للمبعوث الأميركي هوكستين: "ملتزمون بإحداث تغيير جذري في الوضع الأمني على الحدود مع لبنان، وسط الهجمات اليومية من حزب الله".

وأضاف "يجب استعادة الأمن على الحدود الشمالية حتى يتمكن السكان الذين تم إجلاؤهم من المنطقة، والذين يقدر عددهم 100 ألف، من العودة إلى منازلهم والعيش في أمان"، حسبما نقلت "رويترز".

وشدد نتنياهو قائلا: "لن نتوقف حتى يتم تحقيق هذا الهدف، سواء دبلوماسيا، وهو ما تفضله إسرائيل، أو بطريقة أخرى"