تحديات صعبة تركها رئيسي.. ما أبرز الملفات التي تواجه رئيس إيران المقبل؟

يوسف العلي | 5 months ago

12

طباعة

مشاركة

على وقع انتخابات إيران الرئاسية، واختيار بديل عن رئيسها إبراهيم رئيسي الذي قضى بحادث تحطم طائرته في 19 مايو/ أيار 2024، برزت تساؤلات عن الملفات التي تنتظر خليفته، في ظل أزمات عدة تعيشها البلاد منذ انسحاب أميركا من الاتفاق النووي عام 2018.

ففي 28 يونيو 2024، شهدت إيران انتخابات رئاسية لم يتمكن فيها أحد من المرشحين الستة من الفوز بأكثر من 50 بالمئة من أصوات الناخبين، وبالتالي ذهبت إلى جولة ثانية في 5 يوليو، يتنافس فيها مرشحان، هما الإصلاحي مسعود بزشكيان، والمحافظ سعيد جليلي. 

وبحسب الإعلان الرسمي، فقد تصدر المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان، السباق الرئاسي بحصوله على 10 ملايين و415 ألفا و991 صوتا، يليه المرشح المحافظ، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي، الذي حصد 9 ملايين و473 ألفا و298 صوتا.

ملفات عالقة

ومن سلسلة التحديات التي تواجه الرئيس الإيراني الجديد، هي السخط الشعبي والانقسامات في الداخل، والاقتصاد المتعثر والمنطقة المضطربة التي دفعت إيران إلى شفا الحرب مرتين خلال عام 2024، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" خلال تقرير لها في 28 يونيو.

وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن مرشحي الرئاسة كانوا صريحين بشكل مفاجئ في انتقاد الوضع الراهن، وأن الاقتصاد، الذي يعاني من العقوبات الأميركية والفساد وسوء الإدارة، احتل الأولوية القصوى لدى الناخبين والمرشحين.

وتشهد إيران تدهورا اقتصاديا غير مسبوق منذ عودة العقوبات الأميركية في عام 2018 بعد انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق النووي المبرم في 2015، إذ تجاوز معدل التضخم في البلاد حتى أواخر مارس 2024، نسبة 52 بالمئة، وبذلك يكون قد سجّل أعلى معدلاته منذ 80 عاما.

وأفاد التقرير بأنه “لا يمكن إصلاح الاقتصاد دون معالجة السياسة الخارجية، بما في ذلك المواجهة مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي والمخاوف بشأن التدخل العسكري الإيراني في المنطقة من خلال شبكتها من الجماعات المسلحة بالوكالة”.

دول الجوار

وعلى الصعيد ذاته، فإن واحدة من التحديات التي تواجه الرئيس الإيراني الجديد هي العلاقة مع دول الجوار، لا سيما العربية منها، رغم التطبيع الذي شهدته العلاقات السعودية الإيرانية في عهد إبراهيم رئيسي، وعودة التمثيل الدبلوماسي في كلا البلدين منذ منتصف عام 2023.

وقال موسوي خلخالي رئيس تحرير موقع "إيران دبلوماسي" إن "العلاقة بين إيران والدول العربية حاليا تشبه حالة وقف إطلاق النار مع وجود خلافات، لكن بعد الحضور العربي خاصة السعودي في تشييع الرئيس إبراهيم رئيسي، فيظهر أن هذه العلاقة في طريقها للتحسن".

وأضاف خلخالي خلال حديث مع قناة "الجزيرة" القطرية في 28 يونيو 2024، أن "هناك تطورات إيجابية بشأن العلاقة مع مصر، واحتمال تطوير إيران لعلاقاتها مع دول عربية ليس لها علاقة بها حتى الآن".

واستبعدت وكالة "رويترز" في 29 يونيو، أن "يُحدث الرئيس المقبل فارقا كبيرا في سياسة إيران بشأن البرنامج النووي أو دعم الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، إذ إن خامنئي (مرشد الأعلى للبلاد) هو من يمسك بخيوط الشؤون العليا للدولة ويتخذ القرارات الخاصة بها".

الملف النووي

وبخصوص ملف الاتفاق النووي الإيراني والمفاوضات التي شهدت تعثرا في عهد رئيسي، وآخرها كان قبل نحو عامين، فقد تباينت وجهات نظر الكتاب والمحللين الإيرانيين حيال استمرار التفاوض من عدمه.

وقال الكاتب الإيراني قاسم غفوري إن فترة الأحادية والتدوين الأميركي في النظام الدولي قد انتهت، إذ حلّت هياكل مثل "بريكس" وشانغهاي وغيرها، وبات يمكن رؤية انهيار الهيمنة الأميركية في التطوّرات في أوكرانيا وسيطرة روسيا على أجزاء واسعة من هذا البلد، فضلا عن هزيمة إسرائيل خلال تسعة أشهر أمام مقاومة أهل غزة.

وأضاف غفوري خلال مقال له في صحيفة "سياست روز" الأصولية في 27 يونيو، أنه "بالنظر إلى هذه التغيرات العالمية، فإن الطريق الأخير أمام إيران للعب دور عالمي هو المشاركة في النظام العالمي الجديد، بعيدا عن الصداقة والتودد للولايات المتحدة، لأن الاقتراب من الغرب واستجداءه لن يلغي العقوبات والضغوط الاقتصادية، بل سيؤدي إلى مزيد من العزلة وفقدان مكوّنات تحييد العقوبات في النظام العالمي الجديد".

وعن خطط إحياء الاتفاق النووي والانضمام لمجموعة العمل المالي "FATF" (مقرها فرنسا)، رأى عفوري أن "ذلك لن يصب في مصلحة إيران وسيكون مضيعة لوقت البلاد وهدرا لطاقاتها، إذ ستنتهي العقوبات تدريجيا بحلول عام 2028، لتعود البلاد عمليا دولة طبيعية من حيث الطاقة النووية".

وخلص الكاتب إلى أن "حل المشاكل الاقتصادية للبلاد يكمن في الاهتمام بالتفكير الصحيح لتحييد العقوبات من خلال الاعتماد على الموارد الداخلية، وتطوير العلاقات مع الجيران والمؤسسات الناشئة، بدلا من التركيز على إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة ومجموعة العمل المالي.

وخلال ولاية رئيسي، تقاربت إيران مع روسيا والصين وكسبت عضوية كاملة في منظمتي "شانغهاي" السياسية والأمنية والاقتصادية، و"بريكس" الاقتصادية، وأصبحت شريكا متقدما في الاتحاد الأوراسي الاقتصادي، وعزمها عقد اتفاق إستراتيجي مع روسيا بعدما وقعته مع الصين في 2023.

وفي المقابل، قال المحلل السياسي الإيراني مهدي مطهر نيا إن "مراكز صنع القرار والدوائر السياسية في الولايات المتحدة تهتم بالانتخابات الإيرانية ودراسة آثارها ونطاقها وشدتها، إذ إن تغيّر الرؤساء في إيران يخلق ذرائع في طهران تؤثر على العلاقات مع الولايات المتحدة".

وأضاف الكاتب خلال مقال له في صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية، "رأينا توجه الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير خارجيته نحو الولايات المتحدة والتوقيع على الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما شكل حركة في البنية الصلبة للنظام في إيران".

التجارة الخارجية

وعلى صعيد الملفات التي دعا خبراء إيرانيون الرئيس الجديد للاهتمام بها، أكد الخبير الاقتصادي أمين دلبري، أن "النمو الاقتصادي للبلدان مرتبط بالتجارة الخارجية، وكما أن الاستثمار هو محرك النمو الاقتصادي، فإن التجارة الخارجية تعد أيضا محرك التنمية والنمو الاقتصادي".

وأوضح دلبري خلال مقال له بصحيفة "اسكناس" الاقتصادية، في 27 يونيو، أن "النمو السريع للدول الصناعية خلال فترة النضج الاقتصادي كان بسبب توسع التجارة الخارجية مع الدول المحيطة".

وأردف: "بالتالي فإن أهمية التجارة الخارجية في النمو الاقتصادي برأيه واضحة لدرجة أنها لا تحتاج إلى إثبات مرّة أخرى، وفقا لنظرية سجلات الأدلة التاريخية والتجريبية".

وأشار إلى أن إيران "تمر اليوم بأصعب فترة من حيث العقوبات، إذ يجب أن ننتبه إلى الظروف التي تؤدي فيها العقوبات إلى فرض قيود على التجارة المحلية والخارجية، لأنها تضطر الحكومات إلى اتخاذ تدابير لتحييد العقوبات والتي تتطلب التنظيم من جانبها".

ولفت دلبري إلى أن "العقوبات في إيران تؤدي إلى تزايد تكاليف السلع المستوردة والمصدرة، وبهذا الترتيب تضاف إلى تكلفة الإنتاج المحلي وتكلفة البضائع المستوردة، مما يجعل المنتجات المحلية غير قادرة على منافسة الأجنبية على الإطلاق، بسبب السعر وصعوبة التصدير وارتفاع التكاليف".

وطالب الكاتب من "المرشحين الرئاسيين بالاهتمام بموضوع مجموعة العمل المالي، وإيجاد حل لهذه المعضلة استنادا إلى الدستور الإيراني ومراعاة مصالح البلاد، لأن الإنتاج والاعتماد على الداخل فقط لن يحل المشكلة، والتجارة الخارجية هي المحرك الأساسي للاقتصاد الدولي".

وفي 31 مايو/أيار 2024، أعلن نائب وزير الاقتصاد الإيراني، محمد رضواني فر، أن قيمة التجارة الخارجية لبلاده هذا العام (العام الإيراني بدأ في 20 مارس) بلغت 25 مليارا و280 مليون دولار.

وأضاف نائب وزير الاقتصاد في تصريح نقلته وكالة "إرنا" الرسمية أن "صادرات إيران غير النفطية شهدت زيادة بنسبة 3.8 بالمئة في الشهرين الأولين من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي".

وأوضح رضواني فر أن "صادرات البلاد غير النفطية في الشهرين الأولين من هذا العام بلغت 8 مليارات دولار بزيادة قدرها 3.8 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي".

وأردف: قيمة تجارة البلاد الخارجية (إجمالي الوارد والصادر) في الشهرين الأولين من هذا العام بلغت 25.28 مليار دولار، وأن الصادرات بما فيها النفط الخام وزيت الوقود، والخدمات الهندسية الفنية وتجارة الأمتعة بلغت 16 مليار دولار.. لكن لدينا عجزا في التجارة الخارجية بنحو مليار دولار".