نجحوا في شل إسرائيل سابقا.. ما سبب عجز المتظاهرين أمام نتنياهو؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

بعد 9 أشهر من الحرب، وعلى الرغم من أن 120 إسرائيليا مازالوا مأسورين في غزة، فشلت حركة الاحتجاج في الضغط على حكومة بنيامين نتنياهو، للتوصل إلى اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية حماس أو دفع أي من وزرائه للاستقالة.

وانضم مئات الآلاف إلى عائلات الأسرى في احتجاجات تطالب بالتوصل إلى اتفاق لإعادتهم، لكن المظاهرات التي تطالب بالتوصل إلى اتفاق واستقالة الحكومة تجد صعوبة في الحشد.

ووفق تقرير لموقع "المونيتور" الأميركي، فإن هذا "كان واضحا في 7 يوليو/تموز 2024".

ففي ذكرى مرور 9 أشهر على بدء الحرب، أعلن زعماء الاحتجاج المناهضون للحكومة عن "يوم الاضطرابات"، في شكل احتجاجات تطالب باستقالة نتنياهو وإجراء انتخابات جديدة.

وأغلق آلاف المحتجين الطرق وتظاهروا أمام منازل الوزراء، لكن الحشد كان بعيدا عن الإضراب العام الذي كان يمكن أن يشل إسرائيل، وهو ما كان المنظمون يأملون فيه ووعدوا به.

ومنح العديد من شركات التكنولوجيا الفائقة موظفيها إجازة للمشاركة في الاحتجاجات، وكان من المفترض أن تؤدي الحملة الشرسة -التي تتهم نتنياهو بالفشل في إعادة المحتجزين- إلى تحفيز الجماهير.

وكانت عبارة "نتنياهو يقضي على الرهائن" من بين اللافتات التي رفعت خلال المظاهرات.

ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك، مليون إسرائيلي إلى فرض حصار على الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في القدس المحتلة، لكن هذا لم يحدث.

وأوضح "المونيتور" أن الحركة الاحتجاجية الحالية المناهضة للحكومة لم تبدأ في 7 أكتوبر. 

"بل هي، إلى حد كبير، استمرار للحركة المعارضة للإصلاح القضائي، والتي ظهرت بعد وقت قصير من تشكيل نتنياهو حكومته في ديسمبر/كانون الأول 2022".

إذ خرج الإسرائيليون بأعداد غير مسبوقة -تقدر بمئات الآلاف- للمشاركة في مظاهرات طوال معظم عام 2023؛ للاحتجاج على جهود الحكومة للحد من استقلال القضاء.

تهديد وجودي

وبعد هجوم حماس، توقفت الاحتجاجات المناهضة للحكومة بشكل مفاجئ، حيث "سيطر شعور سائد بالتهديد الوجودي والصدمة الجماعية على الإسرائيليين"، بحسب الموقع.

وجندت الحكومة ما يقرب من 300 ألف رجل وامرأة في قوات الاحتياط، وتطوع الملايين للمساعدة في المجهود الحربي، ونزح عشرات الآلاف من الإسرائيليين على طول الحدود الجنوبية والشمالية.

وبعد زوال الصدمة الأولى، استأنف بعض المنظمات الاحتجاجية المناهضة للحكومة أنشطتها، واتهمت هذه المرة نتنياهو بالمسؤولية الكاملة عن أسوأ كارثة تحل بإسرائيل منذ تأسيسها.

وردا على الجهود السياسية لإلقاء اللوم على كبار ضباط الأمن، بدلا من القيادة السياسية، صاغ المتظاهرون شعار "أنت الرأس، أنت المسؤول".

"لكن رد فعل الشارع لم يكن على مستوى توقعاتهم، وبقي معظم الإسرائيليين في منازلهم".

وقال المونيتور: "إذا حكمنا من خلال أعداد المتظاهرين، فإن حركة الاحتجاج فشلت في اختبار قوتها الأخير".

وأفاد بأن "معظم الذين خرجوا إلى الشوارع قبل 7 أكتوبر ظلوا في منازلهم في 7 يوليو، وذلك على الرغم من استمرار استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن الجمهور سئم من نتنياهو".

وأضاف أن "قوة نتنياهو تضاءلت، حتى داخل المعسكر اليميني الذي انتخبه مرارا وتكرارا وتوّجه كأطول رئيس وزراء خدمة في إسرائيل".

وأعطاه المشاركون في استطلاعات الرأي نسبا منخفضة لأدائه خلال الحرب، وعدوه المسؤول عن تعزيز قوة حماس تحت أنظار إسرائيل.

وأوضح الموقع الأميركي أن "هذا هو على وجه التحديد المناخ الذي كان ينبغي أن يثير احتجاجات شعبية للإطاحة بنتنياهو من السلطة".

واستدرك بأن "الجهود المتكررة التي بذلها منظمو الاحتجاج لإطلاق مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة، مثل تلك التي اندلعت عام 2023، باءت بالفشل".

المظاهرات الأكبر

وقال: "لفهم المحاولة الفاشلة لحركة الاحتجاج المناهضة للحكومة، يجب علينا العودة إلى تشكيل حكومة نتنياهو في أواخر عام 2022".

فقد هدف الإصلاح (الانقلاب) القضائي -الذي سعت إليه الحكومة الجديدة المكونة من أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب الدينية المتطرفة- إلى تقويض سلطة السلطة القضائية.

وأشار الموقع إلى أن "هذا كان الدافع الذي جعل العديد من الناخبين من يسار الوسط يتركون منازلهم، مهما كانت الظروف الجوية، وينضمون إلى أكبر مظاهرات في تاريخ إسرائيل".

ثم تلقت الاحتجاجات دفعة إضافية في مارس/آذار 2023، عندما أقال نتنياهو وزير الجيش، يوآف غالانت، وهو عضو في حزب الليكود، لتحذيره العلني من أن الإصلاحات المثيرة للجدل تشجع أعداء إسرائيل وتعرض أمنها للخطر.

وأثارت هذه الخطوة غضبا هائلا، حفز ناخبين يمينيين على معارضة نتنياهو أيضا ليعدل عن خطوة إقالة غالانت.

وقال الموقع: "على الرغم من أن المنظمات الاحتجاجية مولت العديد من الأنشطة بميزانيات ضخمة، إلا أنها كانت مع ذلك حركة شعبية حقيقية".

كما ضمت الاحتجاجات مسؤولين كبارا متقاعدين، من بينهم القائدان العسكريان السابقان موشيه يعلون ودان حالوتس، ومديرا الشاباك (جهاز الأمن العام) السابقان نداف أرغمان ويوفال ديسكين، ومدير الموساد (جهاز الاستخبارات الخارجي) السابق تامير باردو.

ونوه الموقع إلى أن "كل هؤلاء الأشخاص عملوا مع نتنياهو، إذ أصيب الجميع بخيبة أمل شديدة تجاهه لدرجة أنهم أصبحوا من أكبر منتقديه".

وفي اليوم السابق لـ 7 أكتوبر، كان قادة الاحتجاج يستعدون لمظاهرة حاشدة في قلب تل أبيب، كما خططوا للعديد من الاحتجاجات الأخرى في جميع أنحاء إسرائيل.

وانطلقت دعوات للثورة الضريبية ورفض الحضور للخدمة العسكرية الاحتياطية.

وأعلن طيارو القوات الجوية الاحتياطية، الذين يشكلون العمود الفقري للقدرات القتالية الإسرائيلية، أنهم لن ينفذوا مهام جوية “في خدمة الديكتاتورية”.

وبحسب تقييم المونيتور، لم يحدث قط في تاريخ إسرائيل أن كان هناك هذا القدر من الضغط المنظم على الحكومة.

السعي للوحدة

وفي صباح 7 أكتوبر، توقفت الاحتجاجات، وحضر الطيارون للخدمة كما فعل جنود الاحتياط في وحدات الاستخبارات الرائدة.

وفي حين أنهم هاجموا الحكومة في السابق، فقد حشدوا أنفسهم الآن للدفاع عن إسرائيل.

وأضاف الموقع أنه "مع ذلك، اعتقد قادة الحركة المناهضة للحكومة أنه بمجرد هزيمة إسرائيل لحماس، فإن المتظاهرين سيعودون إلى الشوارع".

لكن مرت أسابيع وبقي الإسرائيليون في منازلهم، وبينما يعترضون على نتنياهو، بدا أن معظمهم يخشى على وجود الدولة ذاتها ويسعى إلى الوحدة في مواجهة الشدائد، وفق تعبيره.

وأوضح أن "تغير المزاج يفهمه كل من زار المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل في الأشهر الأخيرة ورأى العنابر مليئة بالجنود الجرحى وجنود الاحتياط مع عائلاتهم".

واستطرد: "فاليمين واليسار، المتدين والعلماني، يريدون مستقبلا مختلفا وقيادة مختلفة، ولكن ليس من خلال تعطيل الحياة اليومية بمظاهرات غاضبة بينما تدفن الدولة قتلاها".

وتابع: "هذه المشاعر أججها السياسيون اليمينيون الذين يتهمون زعيم المعارضة، يائير لابيد، وزعيم حزب ميريتس، يائير غولان، بخدمة حماس، مما يظهر أن المجتمع الإسرائيلي لا يزال منقسما وضعيفا".

وتحدثت للموقع، هاداس راغولسكي، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "New Deal"، التي تسعى إلى إبرام ميثاق اجتماعي وسياسي جديد بين الدولة ومواطنيها على أساس قيم حماية حقوق الفرد والمساواة للجميع.

وشددت راغولسكي على أن الحركة الاحتجاجية لن تستسلم، قائلة: "ليس لدينا خيار آخر".

وأوضحت: "إذا توقفنا عن الاحتجاج، فلن يعود الرهائن إلى ديارهم، وسيُستأنف الإصلاح القضائي، وستستمر الأولويات المشوهة لهذه الحكومة، مما يغير وجه مجتمعنا للأسوأ".

وتعهدت راغولسكي بأن المظاهرات والمسيرات وأي وسيلة احتجاج قانونية أخرى ستستمر حتى يعلَن عن انتخابات جديدة.