خطأ تقني أم محاولات للعودة؟.. ما قصة فتح وإغلاق حساب القحطاني؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

بعد سنوات من تواريه عن الأنظار، عاد المستشار السابق في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، المقرب من ولي العهد محمد بن سلمان، عبر فتح حسابه على “إكس”، لكن سرعان ما قامت إدارة المنصة بتعليقه.

حساب القحطاني عاد للعمل في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بعد توقف دام نحو 5 سنوات على خلفية اتهامه بالتورط في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، لكن إدارة المنصة علقته بحجة أنه يخالف قوانينها.

خاشقجي، الذي كان يقيم في الولايات المتحدة الأميركية ويكتب في صحيفة "واشنطن بوست" منتقدا السياسات السعودية، قُتل على يد فريق مرتبط بولي العهد، وقطعت جثته ولا تزال مخفية حتى اليوم، فيما تنفي الحكومة السعودية أي تورط لولي العهد بمقتله.

وخلص تقرير للاستخبارات الأميركية، أفرج عنه في 26 فبراير/شباط 2021، إلى أن ابن سلمان "أجاز تنفيذ عملية في إسطنبول لإلقاء القبض على خاشقجي أو قتله"، وذلك اعتمادا على معلومات استخبارية سرية جمعتها وكالة المخابرات المركزية ووكالات استخبارات أخرى.

وأوضح أن فريق الاغتيال السعودي الذي وصل إسطنبول في 2 أكتوبر 2018 ضم مسؤولين عملوا أو كانوا مرتبطين بـ"المركز السعودي للدراسات والشؤون الإعلامية" (CSMARC) في الديوان الملكي. 

وأشار التقرير إلى أن مركز "CSMARC" كان في وقت حدوث عملية قتل خاشقجي، تحت قيادة القحطاني، المستشار المقرب لابن سلمان، الذي صرح علنا، منتصف 2018، بأنه لم يتخذ قرارات دون موافقة ولي العهد.

وبرأ القضاء السعودي لاحقا القحطاني، وأكد المتحدث باسم النيابة العامة السعودية، شعلان الشعلان في تصريحات له في 2019، عدم وجود أي أدلة تثبت تورطه في الحادث، في خطوة عدها مراقبون "مسيسة".

ومن غير الواضح لماذا أعيد تفعيل حساب القحطاني ثم تعليقه مرة أخرى، وتكهن الخبراء بأنه ربما كان جزءا من محاولة أوسع نطاقا من جانب مالك المنصة إيلون ماسك لإعادة المستخدمين الذين تم تعليق حساباتهم سابقا، أو كان مجرد خلل فني غير مقصود، وفق صحيفة الغارديان البريطانية.

وأوضحت في 22 أكتوبر 2024 أن السعودية مستثمر رئيس في إكس من خلال حصتها في شركة المملكة القابضة، وهي الأداة الاستثمارية التي يسيطر عليها الأمير الوليد بن طلال، الذي يعود استثماره في المنصة إلى عام 2011.

وعلقت الشركة المعروفة سابقا باسم تويتر حساب القحطاني لأول مرة في سبتمبر/أيلول 2019، بعد حوالي عام من إقالته من منصبه كمستشار لولي العهد. 

إعادة تدريجية

وعقب 3 شهور من اغتيال خاشقجي، تساءلت صحيفة واشنطن بوست عما حلَّ بالقحطاني، وقال الكاتب كريم فاهم، في مقال له بالصحيفة إن السلطات السعودية لن تكشف ما حلَّ به، ومنذ أن قالت الحكومة إنه قيد التحقيق، كان ردها على الشائعات هو الصمت.

وأشار إلى أن شهود عيان أكدوا أنه شوهد في مدينة جدة الساحلية وفي مكاتب الديوان الملكي في العاصمة الرياض، وتقول روايات أخرى إنه مستقر في زاوية نائية من المملكة.

وأضاف فاهم أن واشنطن والعواصم الأجنبية تراقب عن كثب معاملة السلطات السعودية للقحطاني، كاختبار لمعرفة ما إذا كانت مخلصة في مقاضاة كل من تورط في قتل خاشقجي بما في ذلك كبار المسؤولين.

وكان آخر تعليق حكومي مفصل عن القحطاني في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عندما قال ممثلو الادعاء إنه كان قيد التحقيق وممنوعا من مغادرة المملكة، وزعمت أنه طُرد من منصبه كمستشار بالبلاط الملكي.

وفي 17 يونيو/حزيران 2023، ظهر القحطاني بمدينة جدة غربي المملكة، وروَّجت حسابات سعودية محسوبة على الحكومة مقطعي فيديو، الأول يظهر به مستخدما عكازا في تحركاته أثناء دخوله إلى منزل خاله رجل الأعمال أحمد العبيكان.

وحدث ذلك وسط احتفاء كبير به، وتعمد تصوير استقباله، والثاني أثناء تقديم خاله له درعا تذكاريا وهدايا أخرى. وكان ذلك الظهور الأول من نوعه الموثق بالصوت والصورة للرجل الملطخة يداه وسمعته بجرائم القتل والتعذيب والانتهاكات.

وجاء ذلك ضمن عملية تلميع للقحطاني جارية على قدم وساق منذ سنوات، في محاولة لإعادته تدريجيا للمشهد تارة بتسريب معلومات بأنه يمارس عمله بالديوان الملكي، وأخرى بترديد الذباب الإلكتروني وشخصيات محسوبة على النظام لاسمه على منصة إكس.

وكان أبرز عمليات تلميع القحطاني امتداح رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، له، عبر منصة إكس، ونشره في يوليو/تموز 2024، صورته معلقا عليها بوصفه بـ"الأخ الذي لم تلده أمي"، كما أعقبها بنشر صورة تجمعهما مع أغنية سعودية.

وتعد العلاقة بين آل الشيخ والقحطاني وثيقة وممتدة منذ سنوات، وأظهرت تقارير عدة تفاصيلها وعلاقة الثنائي بولي العهد ودورهما في صعوده، وكيف أصبحا من أبرز رجاله المخلصين.

وكان تقرير مفصل بصحيفة نيويورك تايمز الأميركية صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، قد كشف عن الدور الذي لعبه المستشاران القحطاني وآل الشيخ لرفع ابن سلمان إلى سدة الحكم، وعن المهام الموكلة إليهما لتكريس سلطته. 

وقالت الصحيفة تحت عنوان "خلف صعود أمير سعودي، هناك اثنان من الموالين المخلصين" إن الرجلين لعبا أدوارا محورية في العديد من المغامرات الجريئة التي ميزت سباق ابن سلمان إلى السلطة.

وذكرت من هذه الأدوار الإطاحة بولي العهد السابق محمد بن نايف، ثم احتجاز العشرات من الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون بالرياض، واختطاف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري، وفرض الحصار على قطر، والأزمة الدبلوماسية مع كندا.

وتباينت ردود فعل ناشطين على منصة إكس على إعادة حساب القحطاني بين محتفٍ ومندد بعودته للواجهة دون محاسبة على الجرائم التي ارتكبها، مذكرين بدوره في اغتيال خاشقجي وتعذيب الناشطين والناشطات في المعتقلات وإدارة الذباب الإلكتروني وغيرها.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #سعود_القحطاني، #جمال_خاشقجي، #الذباب_الإلكتروني، #بن_سلمان، وغيرها، سلطوا الضوء على أن عودة حساب القحطاني تأتي في ذكرى اغتيال خاشقجي، ما يكشف مدى غياب العدالة بالمملكة.

كما أشار ناشطون إلى أن عودة القحطاني إلى الواجهة تأتي في أعقاب امتداح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المرشح الحالي لرئاسة أميركا في الانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، لابن سلمان، والذي حماه خلال فترة رئاسته ومنع صدور التقرير الاستخباراتي.

جرائم القحطاني

وتعديدا لجرائم القحطاني وتذكيرا بها، قال خالد الجابري، إنه الاسم الذي أصبح رمزا للانحدار الأخلاقي والانتهاكات المستمرة وعراب السياسات القمعية التي تُخمد الأصوات في زمن يعاني فيه الشعب من الفقر والحرمان.

وأكد سعيد العنزي، أن العالم لن ينسى اغتيال جمال خاشقجي داخل السفارة السعودية في تركيا وتقطيعه بمنشار ابن سلمان وإحراق جثته في فرن بمنزل السفير.

وتساءل ولد يافع: "أليس غريبا، عودة سعود القحطاني للواجهة في ذكرى تقطيع جمال خاشقجي؟ ومن وراء تلك العودة والأغرب من ذلك أنه عاد واختفى؟"، مؤكدا أن هناك أسئلة كثيرة تدور في أذهان الكثيرين بعودته ولماذا في تلك الأيام؟

وقال إن الجميع يعلم أن ابن سلمان اعتمد على القحطاني في أمور عده مثل إسكات الأصوات المعارضة للديوان والحكم الملكي ولآل سعود تحديدا ولأنه يعلم أن هناك الكثيرين لا يؤيدون ولايته إلا أنهم مجبولون على هذا، لذلك كثرت الاعتقالات وإسكات الأصوات وبأشد العقاب.

وأوضح أن من أمثلة العقاب الاغتصاب لكلا الجنسين وبشهادة الكثيرين الذين نجوا بجلدهم من خلف القضبان الحديدية والذئاب البشرية وهناك نساء أجهضن من كثرة الاغتصاب وغيرها من أدوات التعذيب الوحشية، مؤكدا أن القحطاني كان اليد المتحركة والمتوغلة بين الشعب السعودي لابن سلمان لإتمام مسيرته الإجرامية.

ما علاقة ترامب؟

وربط ناشطون بين عودة حساب القحطاني وبين مغازلة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والمرشح الجمهوري لرئاسة أميركا، للسعودية، بقوله إن السلام سيعود إلى الشرق الأوسط إذا عاد رئيسا، وإنه سيعمل مع ولي العهد السعودي على ذلك.

جاءت تصريحات ترامب خلال حواره مع وسائل إعلام سعودية، إذ قال: "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حقا صاحب رؤية، إذ استطاع تنفيذ الكثير من الأمور التي لم يكن ليفكر بها أحد غيره، ويحظى بالاحترام في جميع أنحاء العالم".

ووصف ترامب "العلاقات الأميركية- السعودية بالجيدة في الوقت الراهن"، لافتا إلى أنها "كانت رائعة أثناء فترة رئاسته، وتعد علاقات عظيمة بكل ما تعنيه الكلمة".

وتجدر الإشارة إلى أن تقرير الاستخبارات الأميركية الذي كشف تورط ابن سلمان في اغتيال خاشقجي ظل حبيس الأدراج خلال فترة حكم ترامب (2017- 2021)، ورفعت عنه السرية بعد 6 أشهر من انتهاء ولايته.

وتحت وسم #أين_الجثة، أشار الكاتب وسام العامري، إلى عودة حساب القحطاني الذي وصفه بـ"شيخ الذباب" بعد غياب طويل جدا بسبب الفضيحة الدولية التي هزت العالم لحادثة القنصلية وتقطيع جسد الصحفي البريء الشهيد جمال خاشقجي إلى مسرح تويتر.

ولفت إلى أن عودة حساب القحطاني تأتي قبل عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المحتملة للبيت الأبيض، متسائلا: “هل هي مصادفة؟”

وقالت المغردة لولا: "يقولون سعود القحطاني رجع حسابه.. يبدو فعلا أن ترامب راح يكون رئيس أميركا القادم".

وكتب حساب البارود الإلكتروني: "من يوم شفت حساب الأخبار السعودية ينقل مدح ترامب لمحمد بن سلمان (مدح مدفوع الثمن)، عرفت أن في قذارة دروباوية سياسية جديدة جاية عبر إعادة تفعيل حساب المسردب السافل سعود القحطاني بعد مدح ترامب لابن شولوم وأذنابه".

أوامر ابن سلمان

وعرض الكاتب الصحفي تركي الشلهوب تغريدة سابقة للقحطاني أكد فيها أنه لا يقدح من رأسه دون توجيه وأنه موظف ومنفذ أمين لأوامر سيده الملك وسيده ولي العهد.

وعلق عليها قائلا: “ستظل تغريدة لا أقدح من رأسي شاهدا على جرائم سعود القحطاني وسيده ابن سلمان”.

وأكد أن كل ما ارتكبه سعود القحطاني من جرائم، من قتل واختطاف وتحرش وتعذيب وتجسس، كان بأوامر صريحة ومباشرة من ابن سلمان!.

وأكد القائم على حساب نحو الحرية، أن أرشيف سعود القحطاني مليء بالانحطاط، وسوء القول والفعل والهياط والهجوم على الدول وهتك الأعراض وقذف المحصنات، عارضا مقتطفات تدلل على ذلك.

وعلق قائلا إن هذا الأرشيف كله باعتراف سعود يمثل ابن سلمان كذلك، فهو كما يقول "لا أقدح من رأسي".

تملق القرني

واستهزأ ناشطون بالمحتفين بعودة حساب القحطاني بعد إعادة إغلاقه، وصبوا جام غضبهم على الداعية السعودي عائض القرني، الذي أعرب عن سعادته بإعادة تفعيل الحساب.

وقال القرني: "مرحبا بابن الوطن والقيادة والعلم عدّ ما قال السعودي لضيفانه هلا.. يابو خالد وش تقول المحابر والقلم؟! يا هلال العيد يابن المراجل والعُلا".

وعرضت الحقوقية حصة الماضي، صورة لحساب القحطاني بعد وقفه، ساخرة بالقول: "يا فرحة ما تمت".

وأعادت نشر تغريدة القرني قائلة: "ألا تخجل يَا عايض من سؤال المحابر والقلم التي لن تقول إلا أن سعود القحطاني هو شيخ الذباب الإلكتروني وكبير المتحرشين بالناشطات المعتقلات".

وذكرت بتحرشه بالناشطة النسوية لجين الهذلول التي هددها بالاغتصاب والقتل والرمي بالصرف الصحي، وإشرافه على اغتيال جمال خاشقجي، مؤكدة أن ما خفي أعظم.

وأعرب المحلل الأمني والضابط السعودي المنشق رابح العنزي، عن سعادته بإيقاف حساب قاتل خاشقجي المدعو سعود القحطاني مرة أخرى، متسائلا: "ما هو شعور المرتزقة والمطبلين السعوديين الذين باركوا بالأمس رجوع حسابه على منصة X (تويتر) ؟!!".

وسخر أحد المغردين من تغريدة القرني، قائلا: "يجوز أن تنافق السلطان وأن تطبل حتى للشيطان ".

وأعاد المعارض سالم القحطاني نشر تغريدة لمحمد السكران عرض فيها جائزة مالية منه قدرها 20 ألف ريال لأفضل بيتين ترحيبية في عودة حساب القحطاني، معلقا بالقول: "حتى عائض القرني كان متحمسا يفوز بالعشرين ألف".