اتفاق القاهرة.. تفاهمات متناقضة تهدد بإعادة عقوبات الغرب على إيران

منذ ٩ أيام

12

طباعة

مشاركة

في تطور لافت على صعيد الملف النووي الإيراني، فعّلت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، المعروفة بالترويكا الأوروبية، "آلية الزناد" المنصوص عليها في اتفاق عام 2015.

وهو ما أطلق مسارا زمنيا ينتهي بحلول نهاية سبتمبر/ أيلول 2025، قد يُفضي إلى إعادة فرض العقوبات على طهران في حال عدم امتثالها لجملة من الشروط.

ووفقا لما أورده موقع "الدبلوماسية الإيرانية"، سعت طهران إلى احتواء التصعيد عبر التوصل إلى اتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بوساطة مصرية، في التاسع من سبتمبر/ أيلول 2025.

وترتبط “آلية الزناد” بالاتفاق النووي المبرم عام 2015، وتنص على أنه في حال إخلال إيران بالتزاماتها، تستطيع الدول الأعضاء تفعيلها داخل مجلس الأمن، لتُعاد تلقائيا جميع العقوبات الأممية السابقة ضد طهران.

رسالة سياسية

وفي 9 سبتمبر، استضافت القاهرة اجتماعا بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الذرية، رافاييل غروسي، جرى التوصل فيه لاتفاق يقضي بحرية عمل المفتشين الدوليين بالمنشآت النووية الإيرانية.

ووصف غروسي الاتفاق بأنه "آلية عملية لاستئناف أنشطة التفتيش" على المنشآت النووية الإيرانية، عادّا إياه "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح"، كما أعلن أن إطار التعاون الجديد يشمل "جميع المنشآت والبنى التحتية في إيران".

وفي إفادته أمام مجلس محافظي الوكالة، أوضح غروسي أن الاتفاق ينص أيضا على الإبلاغ عن جميع المواقع التي تعرضت لهجمات سابقة، بما في ذلك المواد النووية الموجودة فيها.

ويأتي هذا البند على خلفية رفض إيران السماح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى مواقع رئيسة استهدفتها ضربات إسرائيل وأميركا في يونيو/ حزيران 2025.

على الجانب الآخر، نقل التلفزيون الرسمي عن عراقجي قوله: إن "عمليات تفتيش وكالة الطاقة الذرية ستكون مقيدة ولا يزال يتعين مناقشتها في المحادثات المستقبلية"، في مخالفة لحديث غروسي.

ويرى الموقع أن اتفاق القاهرة "جاء في لحظة حرجة، وسط تصاعد المخاوف من إعادة فرض العقوبات التي أقرها مجلس الأمن سابقا ضد إيران".

وأشار إلى أن اعتقاد العديد من المحللين أن الاتفاق الجديد قد يُرضي المطالب الغربية الأساسية، ما من شأنه تقليص احتمالات تفعيل آلية الزناد خلال المهلة المحددة. 

وأضاف: "يلبي الاتفاق بشكل كبير المطلبين الرئيسين للترويكا الأوروبية خلال الأشهر الماضية، وهما، "تحديد مصير احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، وثانيا، استئناف التعاون الفني مع الوكالة على أعلى مستوى ممكن".

ويعتقد أنه "من خلال إعادة فتح باب التفتيش وتقديم إطار جديد للتعاون، أظهرت إيران استعدادها لمعالجة هذه المخاوف، بشرط أن تبتعد الأطراف الأوروبية عن التوظيف السياسي لهذا الاتفاق، وألا تستخدمه كأداة للمواجهة".

من هذا المنطلق، لفت الموقع إلى أن "القاهرة لم تكن مجرد مكان لتوقيع وثيقة فنية، بل منصة لإرسال رسالة واضحة إلى باريس وبرلين ولندن مفادها أن إيران مستعدة للتفاهم، لكن هذا التعاون يجب أن يكون متبادلا، ومتوازنا، وخاليا من الحسابات السياسية الضيقة".

اتفاق متوازن 

بالنسبة لإيران، يرى أن "الجانب المحوري في التفاهم الأخير بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يتمثل في طابعه المتوازن واستناده إلى التقديرات الأمنية".

وتابع موضحا: "فالاتفاق لا يُعد أحادي الجانب، بل إنه -ولأول مرة- يأخذ بجدية المخاوف الأمنية المشروعة التي تطرحها طهران".

وأشار إلى أن “ذلك يبرز بشكل خاص في التمييز الذي أقره الاتفاق بين المنشآت التي تعرضت لهجمات سابقة وتلك التي لم تتعرض لأي اعتداء”.

وهو "ما يمنح إيران هامشا لإدارة مستويات الوصول والمراقبة وفقا لمتطلبات الأمن القومي، وبما يتماشى مع القانون الذي أقره البرلمان الإيراني"، وفق قوله.

علاوة على ذلك، نوه إلى أن "تنفيذ كل مرحلة من مراحل الاتفاق يرتبط بموافقة المجلس الأعلى للأمن القومي، الذي يعمل كضامن قوي لحماية المصالح الوطنية".

ورغم هذا التقدم، يقدر الموقع الفارسي أنه "لا تزال هناك تحديات جدية تهدد مستقبل هذا التفاهم، أبرزها انعدام الثقة العميق بين إيران والوكالة، ما قد يُعقد تنفيذ الاتفاق بشكل كامل".

وأضاف: "كما تبقى المخاوف بشأن حماية المعلومات الحساسة في المنشآت النووية قائمة، مما يزيد من تعقيد الموقف".

المناخ النفسي

على صعيد العلاقات مع واشنطن، يعتقد أن "الاتفاق الجديد يمكن أن يمهّد الطريق للحوار مع الولايات المتحدة، إذا نفذ بنجاح قبل انتهاء مهلة الترويكا الأوروبية لتفعيل العقوبات نهاية سبتمبر 2025".

وأوضح أنه "رغم ربط واشنطن خلال الأشهر الماضية الملف النووي الإيراني بالتحولات الأمنية الإقليمية وبالضغوط الإسرائيلية، فإن استئناف التفتيش الفني ومعالجة المخاوف التقنية للوكالة يزيل الذرائع القانونية والفنية من أيدي معارضي المسار الدبلوماسي".

وبعبارة أخرى، رغم أن الاتفاق يركز على الجوانب الفنية، فإنه قد يُحدث تحولا في المناخ النفسي المحيط بأي مفاوضات محتملة مع واشنطن".

وشدد على أهمية الاتفاق مع الوكالة قائلا: "تظهر التجربة السابقة عام 2015 أن التعاون الفني بينها وبين إيران كان شرطا أساسيا لأي اتفاق سياسي أوسع".

ويتوقع أنه "إذا قررت الترويكا الأوروبية الاستفادة من هذه الفرصة دون النظر إلى تقديرات سياسية، فقد يشهد الملف الإيراني الأميركي انفتاحا جديدا".

وأردف: "ومع أن المهلة المتبقية قصيرة للغاية، فقد أظهرت إيران، من خلال هذا الاتفاق، أنها لم تغلق باب الدبلوماسية".

واختتم قائلا: "إذا لم تتعامل القوى الغربية مع هذا الإنجاز الدبلوماسي بصفته خطوة إيجابية، فإن احتمالات العودة إلى أجواء التوتر والتصعيد تبقى قائمة".

ويفاقم من هذه التوترات، تصويت مجلس الأمن، في 19 سبتمبر 2025، على رفض تمديد رفع العقوبات الدولية على إيران، مما يعني الموافقة على إعادتها بسبب برنامج طهران النووي.

وردت طهران على هذه الخطوة بـ "تعليق التعاون بشكل فعلي" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران.

واتهم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، القوى الأوروبية بإعاقة مسار التعاون بين طهران والوكالة الدولية.