رفع تسعيرة زيارته لنصف تريليون.. ترامب يعاود حلب السعودية ويبشر بالتطبيع ويطمع بغزة

منذ ١٣ ساعة

12

طباعة

مشاركة

بعدما أدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة خلفا للديمقراطي جو بايدن، واتخذ عددا من القرارات، توالت ردود فعل ناشطين على منصات التواصل الاجتماعي وقدموا القراءات والتحليلات.

ونُصِّب ترامب، في 20 يناير/كانون الثاني 2025، رئيسا للمرة الثانية، وسط إجراءات أمنية مشددة، وذلك داخل قبة الكابيتول (مقر الكونغرس) بسبب البرد القارس، بعد أن كان يقام سابقا في شارع بنسلفانيا قبالة البيت الأبيض.

وأقسم ترامب على كتاب مقدس -ورثه من والدته- على "حماية الدستور"، في المراسم التي جرت داخل قبة مقر الكونغرس، وهو الموقع نفسه الذي اجتاحه أنصاره في 6 يناير 2021 محاولين منع الكونغرس من المصادقة على فوز بايدن في انتخابات 2020.

وتعهد في ثلاثة خطابات ألقاها يوم تنصيبه باتخاذ جملة من القرارات الخارجية والمحلية التي ستعيد "العصر الذهبي لأميركا"، كما وقع فور وصوله إلى المكتب البيضاوي سلسلة من القرارات والأوامر التنفيذية بإلغاء وتجميد قوانين اتخذتها إدارة بايدن.

ونالت الأوامر التنفيذية قضايا الهجرة والاقتصاد والمساواة والعفو الجنائي، فقد ألغى 78 أمرا تنفيذيا وقعها بايدن، بما في ذلك ما لا يقل عن 12 تدبيرا تدعم المساواة العرقية وحقوق المثليين والمتحولين جنسيا وترفع العقوبات عن مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

ومن أبرز القرارات التي أصدرها ووقعها ترامب، أصدر أمرا تنفيذيا أنهى من خلاله حق الحصول على الجنسية الأميركية بالولادة من مهاجرين غير قانونيين، وهو حق يضمنه الدستور، وأكدته المحكمة العليا منذ أكثر من 125 عاما.

ووقع أمرا تنفيذيا بالانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وقرارا يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وهو القرار الذي لاقى ترحيبا حارا من الحضور. 

وأصدر ترامب قرارا تنظيميا يقضي بتجميد إنشاء اللوائح حتى يتم تشكيل الحكومة بشكل كامل، إضافة إلى تجميد التوظيف باستثناء العسكريين وبعض الفئات الأخرى التي لم يذكرها.

كما أصدر أمرا يلزم جميع الموظفين الفيدراليين بالعودة للعمل حضوريا، في خطوة تهدف إلى العودة للعمل التقليدي بعد فترات طويلة من العمل عن بُعد. 

ووجه ترامب كل إدارة ووكالة فيدرالية لمعالجة "أزمة تكاليف المعيشة" في الولايات المتحدة، كما أصدر توجيها للحكومة الفيدرالية لاستعادة "حرية التعبير" ومنع أي شكل من أشكال "الرقابة" الحكومية على هذا الحق. كما وجه أمرا بإنهاء "تسليح الحكومة".

وفي حديثه للصحفيين من المكتب البيضاوي، قال ترامب إنه ليس واثقا من استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأكد أن القطاع تعرض لدمار هائل ووصفه بأنه "صار موقع هدم ضخم"، ولم يستبعد مشاركة إدارته في إعادة إعماره.

وردا على سؤال حول وجهته الخارجية الأولى في فترته الثانية، بالإشارة إلى أن "أول رحلة خارجية عادة ما تكون إلى المملكة المتحدة"، لكنه ذكر برحلته للسعودية في فترة رئاسته الأولى، موضحا أنه أجراها "لأنهم وافقوا على شراء ما قيمته 450 مليار دولار من منتجاتنا".

وعند سؤاله مجددا “إلى أين تخطط للذهاب الآن؟” رد ترامب قائلا: "لا أعرف. إذا أرادت السعودية شراء ما قيمته 450 أو 500 أخرى، وسنرفعها بسبب التضخم، فأعتقد أنني سأذهب هناك على الأرجح".

كما ألمح الرئيس الأميركي إلى أن السعودية، ستطبع مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال الاتفاقيات الإبراهيمية، قائلا "أعتقد أن السعودية ستنضم في آخر الأمر إلى الاتفاقيات الإبراهيمية".

وكان المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي، مايك والتز، قد تحدث عشية تنصيب ترامب عن "اتفاق" مرتقب بين السعودية وإسرائيل.

وبرز بقوة حديث ناشطين عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس" و"فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #دونالد_ترامب، #ترامب، #ترامب_رئيسا، #ترامب2025، وغيرها، عن اعتزام ترامب مواصلة حلب دول الخليج وعلى رأسها السعودية.

قراءات وتحليلات

وفي قراءة لأهم ما جاء في خطاب ترامب بعد تنصيبه لولاية ثانية، قدم الباحث صريح صالح القاز، تحليلا لما قاله على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية.

وقال إن ترامب يعزز الهوية الوطنية والقومية، موضحا أن إعادة تسمية خليج المكسيك إلى "خليج أميركا" ليست مجرد مسألة جغرافية، بل إشارة واضحة إلى محاولة جادة لإعادة صياغة الهوية الوطنية وتعزيز الفخر القومي.

وأشار القاز إلى أن هذا التوجه يعكس المخاوف المتزايدة من فقدان الهوية الأميركية في ظل العولمة التي باتت أميركا تتخوف منها، لافتا إلى أن ترامب استخدم الهجرة كأداة لتعزيز القومية.

وقال إن ترامب حين يصف المهاجرين بـ"ملايين المجرمين الأجانب" و"غزو" إنما يهدف إلى خلق شعور بالخوف والقلق وسط الناخبين البيض، الذين يشعرون بالقلق من تدفق المهاجرين.

وعلى الصعيد الاقتصادي، أوضح القاز، أن ترامب سعى لفرض رسوم جمركية مرتفعة لتعزيز الإنتاج المحلي للطاقة والصناعات الثقيلة يحمل بعدا قويا، ولكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى زيادة الأسعار للمستهلكين تصل إلى 20 بالمئة في بعض القطاعات، مع توفير وظائف جديدة في الصناعات المحلية.

وأضاف أن هذه الخطوة تؤكد على سعي أميركا لتعزيز قوتها بصورة مجحفة على حساب بقيت دول العالم، مشيرا إلى أن رغبة ترامب في رفع العلم الأميركي على سطح المريخ تعكس طموحا لتعزيز الفخر الوطني والتفوق الأميركي والركض خلف أسباب الهيمنة والتسلط لتظل أميركا متفوقة في كوكب الأرض وفي كوكب المريخ. 

وأوضح القاز، أن تأكيد ترامب على استعادة أميركا لقناة بنما كممر إستراتيجي للتجارة الأميركية يعكس الرغبة في تعزيز الهيمنة الاقتصادية والعسكرية ويجسد الإمبريالية الأميركية.

ولفت إلى وعد ترامب بجعل أميركا "أعظم وأقوى" يعكس التزاما بتعزيز القوة العسكرية لمواجهة التحديات المتزايدة من الصين وروسيا. لتكون أميركا أولا. 

وأوضح أنه من المتوقع أن تزداد ميزانية الدفاع الأميركية لعام 2025 بنسبة تصل إلى 5 بالمئة لمواجهة هذه التهديدات.

ورأى القاز، أنه يمكن القول إن خطاب ترامب بعد تنصيبه لولايته الثانية يحمل رسائل قوية تتعلق بالهيمنة والقومية والنرجسية، إذ يسعى لتعزيز الأمن والهوية الوطنية واستعادة الهيمنة الأميركية، لكن سياساته هذه قد تؤدي إلى تصاعد الانقسامات الداخلية. 

وأضاف أن ترامب يحاول من خلال تركيزه على قضايا مثل خليج المكسيك وقناة بنما والمريخ، تقديم نفسه كزعيم يسعى لإعادة بناء الأمة وحماية مصالحها بأي ثمن.

واستدرك القاز: "مع ذلك، فإن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم الاحتقان الاجتماعي وزيادة العزلة الدولية لأميركا".

وأشار الإعلامي أحمد عطوان، تحت عنوان "تنصيب ترامب وأهلا بالمعارك"، إلى أن ترامب قال إنه جاء لإنهاء الحروب وإشاعة السلام وفي أول ساعة من ولايته فجر 6 معارك دفعة واحدة.

وعدد المعارك التي فجرها ترامب، ومنها "معركة مع الاتحاد الأوروبي، بإعلان نيته فرض رسوم جمركية على منتجات الدول الأوربية، وأخرى مع المكسيك، بإعلان حالة الطوارئ على الحدود وتغيير خليج المكسيك إلى خليج أميركا. 

وأشار عطوان، إلى أن ترامب فجر معركة مع بنما بإعلان احتلال قناة بنما واستعادتها وهي المجرى الملاحي العالمي، وأخرى مع الصين وهي مواجهة تكسير عظام وحرب اقتصادية طاحنة بين الدولتين، بالإضافة إلى معركة مع كندا بالتلويح بصفتها ولاية أميركية ومحاصرتها اقتصاديا وتجاريا.

ولفت إلى أن ترامب فجر أيضا معركة مع الدنمارك، بإعلان عزمه احتلال "جرينلاند" وهي أكبر جزيرة في العالم لموقعها الإستراتيجي وثرواتها النفطية والمعدنية، مؤكدا أن ترامب سيعتبر الحليف العربي هو الممول لكل هذه المعارك لذلك ترقبوا الحلب الكامل خلال فترة ولايته.

وعد الباحث سليم نطور، أهم ما جاء في خطاب ترامب ويهمنا اقتصاديا هو أنه سيغرق العالم بالنفط والغاز وسيكون هدفه أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج ومصدر للطاقة الأحفورية، وسيعمل على إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا، وسيرفع كل القيود على صادرات روسيا من هذا النوع من الطاقة.

وأكد أن ترامب سيضغط لإخراج روسيا من "أوبك بلاس"، موضحا أن هذا يعنى أن أسعار النفط قد تصل إلى حدود 40 و35 دولارا للبرميل، وهذا ممتاز لاقتصاديات كل من أميركا والصين والهند وأوروبا.

وأضاف أن "ذلك سيكون خرابا على اقتصاديات كل الدول التي تعتمد على النفط والغاز بشكل كبير، بما فيها العرب وستنهار مع الوقت حتى وإن كان إنتاجها يفوق العشرة ملايين برميل يوميا".

حلب مبكر

وتعقيبا على تصريحات ترامب بشأن زيارته إلى السعودية، استنكر الصحفي المعارض تركي الشلهوب، تغني من وصفهم بـ"الوطنجية" إلى الآن بزيارة ترامب الأولى للمملكة، قائلا: "صرعوا رؤوسنا: ترامب جعل السعودية العظمى وجهته الأولى".

وأضاف: "اليوم ترامب فضح السر، قال: زرت السعودية لأنها وافقت على شراء منتجات أميركية بـ450 مليار دولار"، مشيرا إلى أن ترامب "يبدأ الحلب مبكرا".

ورأى الناشط ناصر نجل الداعية السعودي المعتقل عوض القرني، أن ترامب "بدأ الحلب"، مشيرا إلى قوله إنه في فترة ولايته الأولى وجهته الأولى كانت للسعودية لأنها دفعت 450 مليار دولار، الآن حتى تكون وجهته الأولى للسعودية لازم دفع 500 مليار دولار والارتفاع بسبب التضخم.

وأعرب عن أسفه أن "المواطن السعودي هو من سيدفع الثمن".

وتهكم الصحفي نظام المهداوي، على إعراب ترامب عن عدم ثقته من استمرار وقف إطلاق النار في غزة، قائلا: "في الحقيقة، يمكن لترامب أن يكون واثقا تماما بأن نتنياهو لن يجرؤ على استئناف الحرب، فبدون الأسلحة الأميركية التي تتدفق على دولة الاحتلال، لن يتمكن من الاستمرار، وربما حتى من البقاء".

وأكدت الكاتبة آيات عرابي، أن ترامب سيحلب العالم حلب بدءا من الدول العربية والإسلامية التي يحكمها مجموعة من العملاء الخونة ونهاية إلى كندا والمكسيك وبنما، والحبل على الجرار، قائلة إن "هؤلاء جميعا يستحقون شخصية مثل ترامب".

وأشارت إلى أن ترامب رجل أعمال لا يعرف إلا لغة الأرقام، وتوقعت أن الجزية ستفرض على الجميع، وكما حدث في فترة رئاسته الأولى حين دفع سلمان وابنه الجزية لترامب.

وذكرت عرابي، بمسارعة الديكتاتور المفضل لدى ترامب، رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بدفع أكثر من 10 ملايين دولار لدعم حملة ترامب في دورته الانتخابية الأولى، مؤكدة أن رقما خياليا ستكشفه الأيام لدعم حملته الانتخابية الأخيرة.

وتوقعت أن نرى هذا مجددا بشكل أكثر قوة وبالتهديد المباشر، مشيرة إلى أن أنظار العالم كله تتطلع لفترة ترامب لترى كيف سيعيد أميركا عظيمة مرة أخرى وكيف ستكون أدوات وطرق الحلب التي سيستخدمها مع حكام العالم.

وقالت عرابي، إن "ترامب سيحكم العالم بمنطق فتوة المنطقة الذي يفرض الإتاوة على الجميع، وسيسارع حكام دول ودويلات سايكس بيكو بدفع هذه الإتاوات من منطق ضل أميركا ولا ضل حيطة، ولذلك ستجدهم يستجيبون لترامب خبير الحلب وسيدفعون له الإتاوة (الجزية) وهم صاغرون".

ورأى محمد علي السنوسي، أن ترامب وضع ابن سلمان في وضع محرج جدا، إذ كشف سبب جعله السعودية وجهته الأولى في فترة رئاسته الأولى "لأنها دفعت له 450 مليار دولار"، وكشف تسعيرة الزيارة هذه المرة على الهواء مباشرة "500 مليار دولار".

تطبيع السعودية

أما عن ثقة ترامب بقرب تطبيع السعودية مع إسرائيل، يراه الخبير الاقتصادي مراد علي، "غريبا جدا"، متسائلا: "من أين أتى بهذه الثقة؟ وهل يتوقع أن يقبل أهلنا الكرام في السعودية أن يضعوا أيديهم في أيدي من قتل 50 ألف مدني وشرّد 2 ونصف مليون؟".

وأكد عيسى الخضري، أن ترامب يريد تسريع التطبيع بين السعودية والكيان وابن سلمان أيضا، وقبل ذلك يجب توطئة الطريق، بتجريم المقاومة وتحميلها وزر كل ما جرى في غزة، والترويج بأن السلام مع الكيان أفضل من الحرب وأن المقاومة عبث والجهاد انتحار، موضحا أن هناك من هم يخوضون حرب ترامب باسم العقيدة والتوحيد والسنة.

وتوقع أحمد أعبيدي، أن "ترامب سيفرض التطبيع على السعودية".

إعمار غزة

وتعقيبا على إعراب ترامب عن عدم ثقته في أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة سيستمر وحديثه عن أن غزة مثيرة للاهتمام وموقعه رائع، أكد الباحث في العلاقات الدولية حمزة الكناني، أن "غزة مهمة إستراتيجيا".

وأشار إلى أن "من لم يتابع تحركات أميركا وإسرائيل في شرق المتوسط وغرب آسيا السنوات الماضية، لن يفهم مغزى تصريحات ترامب هذه".

وقال الباحث لقاء مكي، إن "ما بين فكرة إرسال جزء من سكان غزة (مؤقتا) إلى إندونيسيا، وبين حديث ترامب عن طقس وساحل غزة وإعمارها بشكل (مختلف)، تظهر أسئلة عديدة عن رؤية الإدارة الجديدة في واشنطن، للتعامل مع القطاع".

ووصف المغرد عبدالعزيز، "أي حد يتخيل أن أميركا تتخلى عن إسرائيل ساذج". 

وأكد أن ترامب قادم بعقلية توسعية استعمارية، موضحا أن كلامه لا يعني إلا أنه "من الممكن استكمال إبادة غزة واستعمارها".