مخاوف إسرائيلية.. صحيفة عبرية: مصر تبني قواعد عسكرية هجومية في سيناء

منذ شهرين

12

طباعة

مشاركة

تتساءل أوساط في دولة الاحتلال الإسرائيلي عن الوجود العسكري المصري المتزايد في سيناء، مشيرة إلى ما سمته الانتهاكات المحتملة لاتفاقية السلام لعام 1979.

ونشرت صحيفة “جيروزاليم بوست”، مقالا للكاتب والمحلل الإسرائيلي، هيرب كينون قال فيه: "ما إن أُطيح ببشار الأسد في سوريا حتى تركزت الأنظار فجأة على مصر".

وأضاف كينون: "نعم، مصر، الدولة التي حافظت إسرائيل معها على اتفاق سلام لأكثر من 45 عاما، وهو اتفاق صمد أمام العديد من التحديات، ليس أقلها حرب غزة المستمرة منذ 16 شهرا".

واستطرد: "فجأة، وبشكل غير متوقع، غصّت وسائل الإعلام -خاصة وسائل التواصل الاجتماعي- بتقارير عن حشود ومناورات عسكرية مصرية في سيناء".

تصعيد خطابي 

وتكتسب هذه التطورات طابعا أكثر إثارة للقلق في ظل التصعيد الخطابي المصري، الذي جاء ردا على اقتراح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بإعادة توطين الغزيين، بما في ذلك داخل مصر، بحسب كينون.

وأفاد بأن "بعض الصور المتداولة تظهر صفوفا طويلة من الدبابات المصرية ومناورات عسكرية واسعة النطاق تعود إلى سنوات مضت".

واستدرك: "مع ذلك، باتت هذه المشاهد تثير قلقا أكبر في ظل تحذير رئيس النظام عبد الفتاح السيسي من أن نقل لاجئي غزة إلى سيناء يعد خطا أحمر يهدد الأمن القومي المصري وقد يشعل حربا مع إسرائيل".

ورأى كينون أن هذا القلق ازداد حدة أخيرا بعد تسريب تصريحات للسفير الإسرائيلي الجديد لدى الولايات المتحدة، يحيئيل لايتر، خلال اجتماع مع مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى في 28 يناير/كانون الثاني 2025.

وقال لايتر في إحاطة عبر تطبيق "زووم" مع قادة يهود أميركيين، إن "مصر تنتهك بشكل خطير جدا اتفاقية السلام في سيناء، وهذه قضية ستتصدر المشهد قريبا، لأنها غير مقبولة".

وأضاف: "لدينا قواعد عسكرية تُبنى هناك ولا يمكن استخدامها إلا في عمليات هجومية، بأسلحة هجومية، وهذا انتهاك واضح، لقد جرى تجاهل هذا الأمر لفترة طويلة، لكنه مستمر، وهذه قضية سنطرحها قريبا وبشكل حازم جدا".

لاحقا، حذف مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية التسجيل من الإنترنت؛ لأن هذه المسألة “قد تتحول إلى أزمة دبلوماسية حادة”. يقول كينون.

وفي 30 يناير، أي بعد يومين من تصريحات لايتر، أعرب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عن مخاوفه بشأن نوايا مصر خلال مقابلة مع إذاعة "كول براما".

وقال دانون: “ينفقون مئات الملايين من الدولارات سنويا على معدات عسكرية حديثة، ومع ذلك، لا تواجه مصر تهديدات على حدودها، فلماذا يحتاجون إلى كل هذه الغواصات والدبابات؟”

وأضاف "بعد السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)، يجب أن يدق هذا ناقوس الخطر. لقد تعلمنا درسنا، ويجب أن نراقب مصر عن كثب ونستعد لكل السيناريوهات".

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فقد سافر رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، رون لاودر، على وجه السرعة إلى القاهرة حيث التقى بالسيسي في محاولة لاحتواء التوترات التي أثارتها تصريحات لايتر.

ضمانات أميركية

وقال كينون: "يعد نزع السلاح من سيناء مبدأ أساسيا في اتفاقيات كامب ديفيد، التي وُقِّعت بين الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل عام 1979".

وفي اليوم نفسه الذي وُقِّع فيه المعاهدة، وقّعت إسرائيل والولايات المتحدة مذكرة تفاهم تنص على أنه "في حال ثبت بما يرضي الولايات المتحدة وقوع انتهاك أو تهديد بانتهاك للاتفاق، فإن واشنطن ستتخذ التدابير التصحيحية التي تراها مناسبة، والتي قد تشمل إجراءات دبلوماسية أو اقتصادية أو عسكرية…".

وأفاد كينون بأن الاتفاقية مع مصر حدد بدقة عدد المصريين المسموح بنشرهم في سيناء، وأماكن وجودهم، والأسلحة المصرح بها، وقسَّمت سيناء إلى أربع مناطق؛ حيث كانت المنطقة "أ" الأقرب إلى مصر، والمنطقة "د" على الحدود الدولية المصرية-الإسرائيلية. 

كما حددت بالتفصيل عدد القوات التي يمكن للمصريين الاحتفاظ بها في كل منطقة.

وأنشأت الاتفاقية آلية لمراقبة تنفيذها، تمثلت في "القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء"، والتي تضم 1165 عنصرا من قوات حفظ السلام الدولية بقيادة الولايات المتحدة، وذلك للإشراف على تطبيق البنود الأمنية للاتفاقية وبذل الجهود اللازمة لمنع أي انتهاك لشروطها.

ومنذ عام 1979، منحت إسرائيل مصر الإذن عدة مرات لنشر قوات إضافية في سيناء، كانت المرة الأولى عند الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام 2005؛ حيث جرى التوصل إلى اتفاق يسمح بنشر 750 عنصرا من الحرس المصري على الحدود بين غزة ومصر لمنع عمليات التسلل.

بعد ذلك، وعلى مدى عدة مرات عقب أحداث الربيع العربي عام 2011 والإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، سمحت إسرائيل لمصر بإدخال قوات وأسلحة ثقيلة إلى سيناء لمواجهة ما وصفوه بـ"الإرهاب الذي ترسخ سريعا هناك".

وفي كل مرة كانت القاهرة تسعى لنشر قوات إضافية كان عليها الحصول على موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، وتُجدد هذه الموافقة شهريا.

وقال كينون: “مع ذلك، هناك جدل حول ما إذا كانت مصر تطلب الإذن أولًا قبل إرسال قوات إضافية إلى سيناء، أم أنها تنشر القوات أولا ثم تبلغ إسرائيل لاحقا وتسعى للحصول على الموافقة الرسمية”.

وتابع: "من المفهوم أن إسرائيل المنخرطة في اتفاق هدنة حساس في لبنان وتسعى لضمان تنفيذه، ترغب في التأكد من الالتزام التام باتفاقية كامب ديفيد، بما في ذلك بنود نزع السلاح في سيناء".

واستدرك: "لكن هناك آلية منظمة بالفعل، تحت إشراف الولايات المتحدة، لمعالجة هذه القضايا كما حدث في الماضي، دون الحاجة إلى تصعيد علني".

وختم كينون مقاله بالقول: “مع التوترات المتصاعدة بين مصر وإسرائيل، فإن هذه اللحظة تتطلب دبلوماسية هادئة لحل مثل هذه القضايا، وليس دبلوماسية التصعيد العلني، التي لن تؤدي إلا إلى تفاقم الوضع”.