"منصة دفع متعددة العملات".. خطة البريكس للانقلاب على دولار أميركا

"من المثير للاهتمام أن نرى كيف سترد الولايات المتحدة على هذه التحديات"
في إطار سعيها الجاد للتخلص من هيمنة الدولار العالمية والبحث عن بدائل له، يتساءل موقع ألماني عن فرص إعلان دول تكتل “بريكس” الخمسة (روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل) في قمتهم المقبلة بقازان الروسية، طرحهم بدائل فعلية للدولار الأميركي.
وطرح موقع “تيليبوليس” تساؤلات حول تأثير تلك الخطوة -حال تنفيذها- على العملة الأميركية، وعما إذا كان النظام المالي العالمي على وشك الانهيار؟
حيث رأى أن "مستقبل النظام المالي العالمي على المحك، وقد تكون قرارات قمة البريكس المقرر انعقادها في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 حاسمة في إعادة تشكيله".

بديل منتظر
يحذر الموقع في افتتاحية تقريره من أن "نمو الاقتصاد العالمي بطريقة متسارعة، يهدد بشكل متزايد سيادة الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية، الذي بات اليوم في موضع شك".
ويأتي هذا التهديد بالأساس، وفق التقرير، من دول البريكس التي "تسعى رفقة الدول الشريكة الجديدة (مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين) إلى التخلص من الدولرة في الاقتصاد العالمي".
وبحسب الموقع، "فقد أصبح هذا واضحا بشكل خاص أخيرا، في الفترة التي تسبق انعقاد قمة مجموعة البريكس السنوية، التي ستعقد في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/ تشرين الأول، في قازان بروسيا".
وما يجعل تلك التكهنات محل أنظار من القادة وخبراء الاقتصاد حول العالم، أن تلك الخطوة "يمكن أن تمثّل نقطة تحول تاريخية"، وذلك حال شرعت تلك الدول بالفعل في "إنشاء منصة دفع متعددة العملات، وتطوير نظام تداول العملات القائم على الذهب من قبل دول البريكس".
"ومع أن التفاصيل لا تزال قليلة، لكن المراقبين يتوقعون إعلانا مماثلا خلال القمة"، بحسب الموقع.

نقطة تحول
والذي يبرهن على أن تلك الخطوة قد تكون نقطة تحول تاريخية بالفعل، ما أشار إليه الموقع بشأن أن "تلك المبادرة ستكون أول محاولة ذات مصداقية للانفصال عن نظام الدولار، الذي أنشأته اتفاقية بريتون وودز في عام 1944".
ومن الجدير بالذكر أن نظام بريتون وودز هو اتفاق تُوصل إليه في مؤتمر عقد في أميركا، إبان نهاية الحرب العالمية الثانية، وكان الهدف من المؤتمر إنشاء نظام مالي عالمي جديد يتسم بالاستقرار.
ولذلك رُبطت عملات الدول الكبرى بالدولار الأميركي، الذي كان بدوره مرتبطا بالذهب (35 دولارا للأوقية)، وذلك حتى 1971 حين فك الرئيس الأميركي نيكسون ارتباط الذهب بالدولار.
وما يضفي مزيدا من الأهمية لتلك الخطوة المرتقبة، هي أنها تأتي من دول البريكس التي تحظى اليوم بأهمية متزايدة في الاقتصاد العالمي، "ففي عام 2016، تجاوز الناتج الاقتصادي المجمع لدول البريكس نظيره في مجموعة السبع".
وأضاف الموقع: "كما تسهم الصين وحدها بنسبة 30 بالمئة من الإنتاج الصناعي العالمي، وهو يعادل ضعف ما تسهم به الولايات المتحدة".
نماذج بديلة
وينتقل التقرير للحديث عن "فكرة تطوير هيكل مالي مشترك"، إذ يشير أن ذلك يعد "عملية معقدة"، ولكن هناك نماذج لذلك.
من تلك النماذج، التي عرضها الموقع، "اقتراح نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إنشاء وحدة نقدية تشبه الوحدة النقدية الأوروبية (ECU)، التي كانت تسبق اليورو".
والوحدة النقدية الأوروبية (ECU) كانت عملة غير رسمية استُخدمت كوسيلة لتحديد قيمة العملات الأوروبية قبل اعتماد اليورو، وأُسست في عام 1970 كجزء من نظام نقدي أوروبي يهدف إلى تحقيق الاستقرار النقدي والتعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ومن الأفكار الأخرى أيضا التي أشار إليها الموقع، فكرة "البانكور"، وهي وحدة نقدية عالمية اقترحها عالم الاقتصاد البريطاني الشهير جون مينارد كينز في مؤتمر بريتون وودز، تربط العملة بسلة من المواد الخام الرئيسة.
ويرجح الموقع ألا تظهر عملة البريكس المشتركة للنور في المستقبل القريب، وهو الأمر الذي "دفع الصين مع تايلاند والإمارات وهونغ كونغ، إلى العمل على تطوير مشروع “إم بريدج MBridge”.
وهي منصة تعتمد على البلوك تشين (BlockChain) تسهل إجراء معاملات مالية متعددة العملات بين الدول.
ويشير نظام البلوك تشين إلى تقنية تسجيل البيانات بشكل آمن وشفاف ولا مركزي ومستدام ومتصل، ويُستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك العملات الرقمية مثل البيتكوين والتعاقدات الذكية وإدارة سلاسل الإمداد وغير ذلك.

موعد مجهول
ومع أن موعد ظهور العملة المشتركة البديلة للدولار ما زال مجهولا، إلا أن الموقع رصد مؤشرا مهما ينذر بتهيئة الدول أوضاعها لتلك الخطوة.
إذ فسر التقرير "سعي دول البريكس أيضا إلى بناء احتياطيات من الذهب، على أنه إعداد لعملية توجيه مالية محتملة".
حيث "استُخدم المعدن الثمين في الماضي لإعادة ضبط العملات بعد حدوث أزمات مالية أو نقدية".
وعن ردود الفعل المحتملة من قبل الولايات المتحدة، ذكر الموقع أن "المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب، هدد أخيرا في تجمع انتخابي في ولاية ويسكونسن، بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 بالمئة على السلع الواردة من البلدان التي تبتعد عن الدولار".
لكن يوضح الموقع أن هذه الخطوة قد يكون لها انعكاسات ضارة على المواطنين الأميركيين أنفسهم، فقال٬ "يبدو أن ترامب يتغاضى عن العواقب المؤلمة المحتملة على الأسر الأميركية حال تنفيذ هذه الخطوة، حيث ستؤدي إلى مضاعفة الأسعار للعديد من السلع الاستهلاكية".
ودفعت كل تلك التطورات المتلاحقة التقرير إلى افتراض أن "مستقبل النظام المالي العالمي على المحك، وقد تكون قرارات دول البريكس حاسمة في إعادة تشكيله".
وأردف: "من المثير للاهتمام أن نرى كيف سترد الولايات المتحدة على هذه التحديات".
وختم الموقع بالقول: "يبدو أن عملية هيكلة تعكس الحقائق الاقتصادية والديمغرافية للقرن الحادي والعشرين، أصبحت أمرا لا مفر منه على المدى القريب أو البعيد".