متجاوزة اعتراض المجر.. هل تفرض إسبانيا عقوبات على الاستيطان الإسرائيلي؟
متجاوزة اعتراضات المجر، تسعى إسبانيا إلى فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين الذين يهاجمون الفلسطينيين المدنيين بالضفة الغربية لطردهم من أراضيهم.
وقالت صحيفة الباييس الإسبانية إن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أكّد قبل أيام من بروكسل أن "إسبانيا ستفرض عقوبات على المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية".
وتعمل حكومة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بالفعل على إعداد قائمة تتضمن "عشرات" المستوطنين، في ظل عدم إحراز تقدم بشأن الموافقة على العقوبات في الاتحاد الأوروبي.
تصدع أوروبي
وعلى الصعيد الأوروبي، عرقلت المجر هذا الإجراء، الذي يتطلب الإجماع، خلال الاجتماع الذي عقده وزراء الخارجية الأوروبيون في العاصمة البلجيكية أخيرا.
وأمام هذا الوضع، لم تتمكن دول الاتحاد الأوروبي من تمرير حزمة العقوبات، بسبب الحاجة إلى إجماع. لذلك ستعمل إسبانيا بشكل فردي فيما يتعلق بهذه المسألة.
بهذا الشكل، ستسير إسبانيا على خطى الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، التي وافقت على إجراءاتها التقييدية الخاصة بها.
وأكدت بلجيكا أيضا أنها تحقق تقدما فيما يتعلق بالعقوبات الخاصة ضد المستوطنين المتطرفين الذين يعتدون على السكان الفلسطينيين ويدمرون منازلهم ويحاولون طردهم للاستقرار في أراضيهم.
وقال وزير الخارجية الإسباني ألباريس: على مستوى الاتحاد الأوروبي، كنا نتناقش منذ فترة طويلة حول تطبيق العقوبات على هؤلاء المستوطنين الإسرائيليين الذين يمارسون العنف على الفلسطينيين في الضفة الغربية. و
بالتالي، لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك". وشدد الوزير بعد الاجتماع مع نظرائه على أن "الوضع في غزة كارثي ومأساوي، لكن الوضع في الضفة الغربية أيضا متوتر للغاية.
ونوهت الصحيفة إلى أن إسبانيا، وهي واحدة من أكثر دول الاتحاد الأوروبي انتقادا للهجوم الإسرائيلي على غزة، قد بدأت في النظر في قائمة بأسماء المستوطنين العنيفين لمعاقبتهم.
وهي القيود التي تعني في الأساس فرض حظر على الدخول إلى البلاد. وأوضح ألباريس أنه يجب أن تكون كل حالة مدعومة بالحجج القانونية وبعد ذلك ستتكفل الحكومة المركزية بالموافقة على القائمة.
وقال الوزير إن الحكومة الإسبانية ستقوم بإعداد حزمة دعم مالي جديدة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، الأونروا، بالإضافة إلى 3.5 ملايين يورو تم الإعلان عنها و10 ملايين يورو جرى تسليمها بالفعل في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
محاولات بلا جدوى
وسبق أن اقترحت دائرة العمل الخارجي، بقيادة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل، هذا الإجراء التقييدي على "المتطرفين الذين يهاجمون المدنيين"، في ديسمبر.
وفي ذلك الوقت، كانت القائمة تضم حوالي 15 اسما، ولم تحصل على إجماع دول الاتحاد الأوروبي.
ونجحت المبادرة في التغلب على تردد تشيكيا، ولكنها لم تتمكن من إقناع المجر.
في الواقع، تعارض حكومة رئيس الوزراء القومي الشعبوي فيكتور أوربان العقوبات الأوروبية التي تسعى إلى مكافحة الإفلات من العقاب بسبب أعمال العنف التي تشهدها الضفة الغربية ومحاولة منع التصعيد في المنطقة من الاستمرار.
وأضافت الصحيفة أن بودابست عارضت مطالبة الاتحاد الأوروبي إسرائيل بعدم مهاجمة رفح. في الأثناء، أطلق بوريل نداء إلى حكومة بنيامين نتنياهو، نيابة عن الدول الأعضاء الـ 26 الأخرى، مطالبا "بهدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار، والإفراج غير المشروط عن الرهائن وتوفير المساعدة الإنسانية".
واعترف بوريل بأن "الشيء الوحيد الذي في أصبح في متناول أيدي الاتحاد الأوروبي هو بذل كل الجهود السياسية والدبلوماسية للمطالبة بعدم شن هذه العملية"، محذرا من خطر وقوع "عدد كبير من القتلى المدنيين" إذا هاجمت إسرائيل رفح، حيث يوجد أكثر من مليون فلسطيني.
بالمثل، طلب رئيس الدبلوماسية الإسبانية من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية أن يقوم في أقرب وقت ممكن بتحليل ما إذا كانت انتهاكات الجيش الإسرائيلي للتشريعات الإنسانية الدولية في غزة تتعارض مع اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.
وهي معاهدة تتضمن حقوق الإنسان في جوهرها. وقد طالب ألباريس بإتاحة هذا التقرير في شهر آذار/ مارس، في الاجتماع المقبل للمجلس الأوروبي، حتى يتمكن الزعماء من تحليله.
ذريعة الحرب
وحذر وزير الخارجية الإسباني قائلا: "نأمل أن يتم حل كل شيء من خلال الحوار، ولكن هناك آليات تحت تصرفنا". ووفقا لمصادر من الاتحاد الأوروبي، يشكل طرح اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، والتي تولد تبادلات تجارية بقيمة 63 مليار يورو سنويا.
واحدة من أعظم صيغ الضغط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي، إلا أن تعليقها، أو تعليق أي من فقراتها، أمر صعب ويتطلب التعليق الكامل إجماع الدول الـ 27. في المقابل، يتطلب شل بعض نقاطها التجارية الأكثر أهمية فقط تصويت الأغلبية.
وكشفت صحيفة الباييس أنه منذ اندلاع الحرب الأخيرة، استغلّ المستوطنون الحرب لمضاعفة عمليات طرد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهو ما دفع الكثير من البدو إلى ترك قراهم للاستقرار في أماكن أكثر أمانا.
ومن بين الأمثلة الشاهدة على عنف المستوطنين، يمكن الحديث عن قرية خربة زنوتا.
وقد كان سكان القرية الواقعة على التلال الوعرة جنوب مدينة الخليل بالضفة الغربية يعانون حتى قبل الحرب من هجمات المستوطنين؛ لكن التهديد الذي شكله المستوطنون المتطرفون خلال الأسابيع الأولى من الهجوم على غزة بلغ مستويات حادة.
ووصل بهم الحد إلى الاستسلام لدرجة لتفكيك منازلهم الحجرية وإعادة تجميعها على بعد بضعة كيلومترات، على أمل أن يحميهم بعد المسافة بطريقة ما.
لكن في الحقيقة، كان الخطر موجودا قبل حرب غزة الحالية، وتزايد منذ ذلك الحين. وبين سنة 2022 والسابع أكتوبر، اضطر أكثر من 1100 شخص، معظمهم من البدو الذين يعيشون على الزراعة وتربية الماشية، إلى تفكيك تجمعاتهم والبحث عن منزل جديد بسبب عنف المستوطنين، في ظاهرة سبق أن وصفتها المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية بالمثيرة للقلق.
وبحسب بيانات شهر أيلول/ سبتمبر الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، تعرضت ستة مجتمعات للنزوح الكامل وسجّل حوالي عشرين نزوحا جزئيا.