مناوشات "حزب الله" مع إسرائيل.. تقوي أم تضعف موقفه بشأن رئيس لبنان؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

عاد ملف انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان إلى صدارة الواجهة بعد أن أدخل حزب الله المدعوم من إيران، البلاد في مناوشات عسكرية محدودة مع إسرائيل بدءا من 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وبينما كان حزب الله يعطل انتخاب رئيس الجمهورية عبر تمسكه بمرشحه النائب سليمان فرنجية، ما يزال كثير من القوى اللبنانية ينظر إلى أن المخرج الوحيد لتنصيب رئيس جديد هو الخيار الثالث.

ويأتي ذلك في ظل صعوبة التوصل لتوافق بين القوى اللبنانية حول مرشح وحيد يجمع عليه الجميع لينهي حالة الشغور الرئاسي المستمرة فمنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

فشل البرلمان 12 مرة في انتخاب رئيس على وقع انقسام سياسي يزداد حدة بين حزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد والمدعوم من إيران، وخصومه.

تعطيل رئاسي

وردا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، دخل حزب الله في تبادل لإطلاق النار عند الحدود اللبنانية مع إسرائيل وردت الأخيرة بقصف وتدمير نقاط مراقبة ومستودعات ومراكز قيادة للحزب هناك.

وأسفر التصعيد في جنوب لبنان عن مقتل 109 أشخاص معظمهم مقاتلون في صفوف حزب الله و14 مدنيا على الأقل بينهم ثلاثة صحافيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس بتاريخ 25 نوفمبر 2023.

وأمام هذا التصعيد الجديد على الأراضي اللبنانية، بدأ الحديث يدور حول مدى استغلال حزب الله لمناوشاته مع إسرائيل في ملف الرئاسة.

لا سيما أن كثيرا من القوى اللبنانية المناوئة لحزب الله ترى أن ما قام به الحزب في الجنوب هو بمثابة "فوضى نارية" وفق ما وصفت ذلك صحيفة "النهار" في تقرير لها نهاية نوفمبر 2023.

ولهذا فإن الأحزاب السياسية اللبنانية التي تعارض فرض حزب الله مرشحه الرئاسي بالقوة، ما تزال تعمل على إنضاج "الخيار الثالث" للتوصل لانتخاب رئيس للبلاد، ومنع الحزب من استثمار مناوشاته الأخيرة مع إسرائيل في ملف الرئاسة.

وسبق أن دعا الموفد الفرنسي الخاص إلى لبنان، جان إيف لودريان، المسؤولين اللبنانيين إلى إيجاد "خيار ثالث كحل وسط" لأزمة انتخابات الرئاسة، والذي يعني الاتفاق على تسوية بين القوى اللبنانية حول المرشح من خارج الأسماء المطروحة وعلى رأسهم فرنجية.

وفي هذا السياق نقل موقع "نداء الوطن" اللبناني عن أوساط بارزة في المعارضة قولها إن "حزب الله يريد في هذه المرحلة أن يتمكن من تجاوز عملية طوفان الأقصى  ليبقى الوضع في لبنان على ما هو عليه". 

وقال إن "حزب الله يريد إيصال مرشحه سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، كي يعطي وعدا بتنفيذ القرار 1701، والعودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 أكتوبر 2023، بينما يذهب الواقع الدولي اليوم إلى 1701 فعليا وليس شكليا كي تعود الحدود الجنوبية لبنانية شرعية".

والقرار الدولي 1701 أنهى حرباً استمرت 33 يوما بين تل أبيب وحزب الله عام 2006، ونص على وقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان ونشر قوة إضافية للأمم المتحدة.

وجاء اشتعال جبهة الجنوب أخيرا ليطرح أكثر من علامة استفهام حول مصير هذا القرار، وما إذا كان لا يزال نافذا، أو إذا كان يفترض استصدار قرار أممي جديد بعد انتهاء القتال في غزة وتالياً جنوب لبنان.

وفي لقاء مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، جمع حزبي الكتائب واللقاء التقدمي الاشتراكي في بيروت، أشار هادي أبو الحسن النائب عن الحزب الاشتراكي، إلى مسألة أن" يُنتخب الرئيس من الخيار الثالث في ظل الاصطفافات الحالية وصعوبة التوافق على مرشح إجماع"، وفق ما نقلت صحيفة النهار.

وقالت "النهار" إن ثمة معلومات عن أنه "بمعزل عن التباينات والخلافات السياسية ومن يريد هذا المرشح وذاك، فالخيار الثالث لدى الجميع يشق طريقه بقوة وهو ما بحثه موفد من دولة قطر في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2023 مع أكثر من فريق سياسي بعيدا عن الأضواء، وغادر إلى الدوحة قبيل وصول لودريان لبيروت بيومين (وصل لودريان في 29 نوفمبر 2023)  فيما اللجنة الخماسية ما زالت تعمل على إيجاد المخرج لهذا الجمود القائم حول رئيس لبنان الجديد".

واستقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في السرايا الحكومية ببيروت في 29 نوفمبر 2023.

وخلال الاجتماع، شدد الموفد الفرنسي بحسب بيان رئاسة الحكومة على أن زيارته إلى لبنان تهدف إلى تجديد التأكيد على موقف "اللجنة الخماسية" بدعوة اللبنانيين إلى توحيد الموقف والإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية، وإبداء الاستعداد لمساعدتهم في هذا الإطار.

وقال لودريان إنه سيجري عدة لقاءات واجتماعات تهدف إلى تأمين التوافق اللبناني حيال الاستحقاقات الراهنة.

وغادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بيروت، بتاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد جولة رابعة إلى لبنان منذ تسلمه المهمة في 8 مايو/أيار من العام ذاته.
 

"الخيار الثالث"

ضمن هذه الجزئية، رأى موقع "الأنباء" اللبناني، أن "الكثير من اللبنانيين لم يعودوا يتعاطون مع باريس على أنها وسيط في الملف الرئاسي اللبناني، نظرا لموقفها من الحرب الإسرائيلية على غزة". 

وأضاف في تقرير له بتاريخ 25 نوفمبر 2023 "من هنا، فإن الدور الأبرز الذي سيكون مؤثرا لبنانيا هو الدور القطري، انطلاقا من الدور الذي لعبته الدوحة في الوصول إلى الهدنة الإنسانية في غزة، وتنسيقها مع الولايات المتحدة، وسعيها البارز في سبيل تمديد هذه الهدنة وتوسيعها لتصبح هدنة طويلة الأجل".

وتعول اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان والتي تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، لإنهاء الشغور الرئاسي الذي سيفتح بدوره الباب أمام حكومة جديدة والبدء بمساعدة لبنان على تجاوز الأزمة الاقتصادية الطاحنة المتواصلة منذ عام 2019 وألقت بـ 80 بالمئة من السكان في براثن الفقر.

ولذلك، فإن هناك من يرى أن حالة الشغور الرئاسي في لبنان، تمنح حزب الله الانفراد بقرار السلم والحرب.

وهذا ما أشار إليه النائب اللبناني جورج عقيص في تصريح تلفزيوني مطلع ديسمبر 2023 بقوله: "لا يمكن أن يكون لبنان مغيبا رئاسيا ومقطوع الرأس على مستوى المؤسسات ولا يوجد رئيس مع مجلس الوزراء هم من يقبضون على قرار الحرب والسلم وفقا لما ينص عليه الدستور أو في حال حدوث عملية سلام في المنطقة يكونون هم من يفاوضون عليها بخصوص لبنان".

وأضاف قائلا: "هذا يؤكد على أن الخيار الثالث مطروح بقوة في هذه المرحلة، على الرغم من عدم البحث في الأسماء وحتى آلية الوصول إليها، ولكن الفريق الآخر (الثنائي الشيعي) ما يزال يصر على مرشحه ولم يتقدم أي خطوة نحو الخيار الثالث ولا يمكن القبول بأي اسم يطرح بل يجب أن يكون فيه الحد الأدنى من المواصفات وخاصة أن المرحلة القادمة كلها تحديات سواء الداخلية أو الخارجية".

وراح عقيص يقول: " الثنائي الشيعي ومحور المقاومة واضح إلى أين أوصل لبنان بخياراته السابقة منذ عام 2005، حتى إن حالة الانهيار التي تمر بها البلاد، وحالة القلق من توسع رقعة الحرب التي لا يجب أن يكون لنا فيها أكثر من باقي العرب".

ورأى عقيص: "أن استمرار المكابرة سيكون واضحا أمام اللبنانيين أن هناك فريقا لا تهمه المصلحة اللبنانية ويستعمل كورقة من قبل محور خارجي وينفذ سياسته وأجندته على حساب المصلحة الوطنية العليا".

وختم عقيص بالقول: "على إيران القابضة على قرار حزب الله أن تعي أن تسليم لبنان إلى إيران أمر ليس واردا بذهن اللبنانيين وعلينا الاعتراف بوجود رأي آخر في هذا البلد وأن لبنان ليس ساحة مستباحة لتنفيذ الأجندة الإيرانية".