ممر زنغزور الرابط بين أذربيجان وأرمينيا.. هل أفسد ود العلاقات الإيرانية الروسية؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

أزمة العلاقات المتقلبة بين أذربيجان وأرمينيا مازالت تعد إحدى أجندات السياسة الدولية المهمة، بالإضافة إلى منطقة القوقاز الجنوبية، وسط متابعة حثيثة من روسيا وإيران.

ونشر مركز "إيرام" التركي مقالا للكاتبة، أيسال ميرزاييفا، ذكرت فيه أنه "رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حرب قره باغ الثانية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، إلا أنه لم يتم تحقيق سلام نهائي بين البلدين". 

ولفتت الكاتبة التركية إلى أنه "في الفترة التالية، زادت آمال السلام بعد إعلان الرئاسة الأذربيجانية ورئاسة الوزراء الأرمينية في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2023 عن نية تنظيم العلاقات على أساس احترام مبدأ السيادة والسلام وتوقيع اتفاقية سلام، وأفرج الجانبان عن أسرى الحرب بشكل متبادل". 

ممر زنغزور

وقالت ميرزاييفا: "يمكننا أيضا أن نعد إعادة أربع قرى أرمينية إلى أذربيجان في 19 أبريل/ نيسان 2024 تقدما هاما في سياق السلام". 

وأشارت إلى أنه "خلال هذه الفترة، تم تسليط الضوء في الرأي العام الأذري على الدستور الأرميني الذي يدعي الحق في الأراضي الأذربيجانية، والذي يشكل أساس طلب باكو لتعديل الدستور في أرمينيا". 

واستطردت: "رغم أن حكومة أرمينيا قد اتخذت إجراءات فعالة في هذا الصدد، إلا أن الواقع يشير إلى أن القضية تجاوزت اختصاص الحكومة وأصبحت محل خلاف بين الحكومة والمعارضة، حيث تعتقد الأخيرة أن الحكومة لم تقدم التنازلات الكافية في سبيل تحقيق السلام، مما أدى إلى بطء العملية".

واستدركت ميرزاييفا: "في هذه الصورة حيث تسود الخطابات الإيجابية من أجل السلام في باكو ويريفان، لفت الانتباه إلى تطورين حول قضية ممر زنغزور في أغسطس/ آب 2024". 

أولهما إعلان أذربيجان الرسمي أنها توقفت عن النظر في فتح ممر زنغزور، الذي تسبب في توتر بين البلدين منذ عام 2020، كشرط مسبق للسلام.

ففي 7 أغسطس 2024 قال ممثل البعثات الخاصة لرئيس أذربيجان، إلتشين أميربيوف، في مقابلة مع إذاعة "أوروبا الحرة"، التي يدعمها الكونغرس الأميركي، إن هذه القضية أزيلت من النص من أجل عدم "تعقيد" محادثات السلام. 

وبالنظر إلى موقف روسيا في هذه المسألة، فإن موقف الجهة الإعلامية التي أدلت بالتصريح يصبح مهما.

وأضافت أن “التطور الثاني المهم هو زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى باكو في 18-19 أغسطس 2024”. 

وخلال الزيارة، قال بوتين: “سنكون سعداء للغاية إذا تمكنا من القيام بشيء لتوقيع معاهدة سلام بين أذربيجان وأرمينيا وأخذ العملية إلى ترسيم الحدود وفتح خطوط لوجستية بين البلدين”. 

وأضاف "سأتواصل مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان وأبلغه بنتائج زيارتي.. أعلم جيدا أن أذربيجان تركز على استكمال هذه العملية وتسويتها".

وبعد تصريح بوتين، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإدارة الأرمينية بتخريب اتفاقية خطوط النقل عبر منطقة سونيك. 

فيما أعرب بوتين عن سعادته بالمشاركة في المحادثات بين أذربيجان وأرمينيا في مكالمة هاتفية أجراها مع باشينيان في 23 أغسطس 2024.

ردود الفعل 

ومع ذلك، يبدو أن أرمينيا “لا تنظر بإيجابية إلى المحادثات بوساطة روسيا في الوضع الحالي”، وفق ميرزاييفا.

وبعد اقتراح رئيس الوزراء الأرميني نيكو باشينيان لعقد اجتماع ثنائي مع الرئيس الأذري إلهام علييف في 31 أغسطس، قال لافروف في خطابه في 2 سبتمبر: "يعتقد إريفان أنه يجب مناقشة هذه المسائل مباشرة مع أذربيجان، فلنرى إذا كانوا قادرين على ذلك!".

وبذلك تسببت تصريحات المسؤولين الروس خلال زيارة بوتين إلى باكو وتقديم أذربيجان طلب الانضمام إلى مجموعة بريكس في 20 أغسطس 2024 في إثارة الجدل حول مسألة قره باغ كونها "محورا جيوسياسيا". 

يجب أن يؤخذ في الحسبان أن هناك علاقات اقتصادية قوية متبادلة بين هذه الدول المذكورة وخاصة في مجال الطاقة، وبالتالي يجب تقييم التطورات والعلاقات التي تقام بين البلدين والجهات الثالثة بشكل متعدد الأبعاد.

ولفتت ميرزاييفا إلى أن “أحد البلدان التي تلقت اهتماما خلال هذه التطورات هي إيران، فعلى سبيل المثال، لم تخفِ استياءها من موقف روسيا وتصريحاتها في هذا الشأن”. 

فمن خلال قضية ممر زنغزور التي وصفتها بـ"الخط الأحمر"، والتي تسببت في توتر بين أذربيجان وتركيا في السنوات السابقة، كانت التصريحات الأخيرة من طهران تستهدف روسيا أيضاً.

ويقول المسؤولون في طهران، الذين يعدون منطقة القوقاز الجنوبية منطقة تأثير روسية، إنهم سيكونون ضد أي تغيير في الحدود في المنطقة، وقد أعلنوا ذلك بوضوح وبشكل مكرّر. 

وتعد بعض الأوساط في إيران  أن تصريحات المسؤولين الروس في الفترة الأخيرة “تعد رداً على محاولات الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزيشكيان لتحسين العلاقات مع الغرب”.

وقالت ميرزاييفا: “يجب ملاحظة الأفكار التي تطرحها روسيا عند التعامل مع هذه المسألة”.

 فعند النظر إلى التصريحات الأخيرة المتعلقة بخطوط النقل، فإن موقف المسؤولين الروس بشأن مفهوم "ممر زنغزور" الذي ترغب أذربيجان فيه وتعارضه إيران غامض للغاية.

وخلال تصريحها في 27 أبريل/ نيسان 2024 قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: "يرجى عدم نسيان أننا لا نستخدم مصطلح ممر زنغزور.. نتحدث عن المسار الذي يمر عبر منطقة سونيك في أرمينيا ويصل غرب جمهورية أذربيجان بجمهورية نخجوان الذاتية الحكم". وهذا يوضح غموض موقف موسكو في هذه المسألة.

وفي حين كانت قضية ممر زنغزور محل نقاش في الرأي العام الإيراني منذ نهاية أغسطس، جاء رد روسيا بعد 10 سبتمبر. 

وفي اجتماعه مع الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان بسانت بطرسبرغ في 10 سبتمبر، قال وزير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، إن بلادنا “تلتزم بالاتفاقات السابقة مع طهران بشأن مسألة زنغزور وسياستنا لم تتغير بأي شكل من الأشكال”.

"ممر الناتو"

وفي اليوم التالي، أعلنت زاخاروفا أن روسيا على علم بالانتقادات التي وجهتها طهران بشأن موقفها من "ممر زنغزور الذي تزعمه"، واتهمت الجهات التي تتبع مصالح الغرب بـ"الاستفادة من أي فرصة سخيفة للإضرار بالتعاون الإستراتيجي بين موسكو وطهران".

وأردفت الكاتبة ميرزاييفا: "هناك تطوران مهمان في المستقبل القريب يتعلقان بديناميكيات ما بعد السلام في منطقة القوقاز الجنوبية والتي تهم تركيا أيضا". 

الأول منهما، هو قمة بريكس التي ستعقد في قازان خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، حيث سيشارك في القمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالإضافة إلى بيشكيان وعلييف وباشينيان. 

بالإضافة إلى ذلك، أشار سفير إيران في أرمينيا مهدي سوبهاني في مقابلة أجراها في 6 سبتمبر 2024 إلى التوصل إلى اتفاق بشأن تاريخ اجتماع التعاون الإقليمي بتنسيق 3 + 3. 

وكان قد تم الاتفاق سابقا على إجراء الاجتماع الثالث في تركيا قبل نهاية عام 2024، بعد أن عقدت الاجتماعات الأولى في موسكو في 10 ديسمبر 2021 والثانية في طهران في 23 أكتوبر 2023. 

وشددت ميرزاييفا على أن “نتائج هذه الاجتماعات ستكون مهمة من حيث التطورات الأخيرة في المنطقة”.

وأضافت: “من غير الواقع أن نقول إن العلاقات التحالفية المتزايدة بين إيران وروسيا تأثرت بالتطورات في منطقة القوقاز الجنوبية بسبب بدء حرب أوكرانيا”. 

ومع ذلك، فإن مسألة ممر زنغزور التي تمت مناقشتها بشكل مكثف في طهران قد ذكّرت مواقف مختلفة للبلدين في منطقة القوقاز الجنوبية. 

وتابعت: “تهدف تصريحات المسؤولين الروس إلى التذكير بموقعهم السياسي القوي في ظل الظروف التي سيتم بعدها السلام في المنطقة”. 

فإيران، التي تفتقر إلى نفوذ في المنطقة بشكل كبير مقارنة بروسيا، تشعر بالاستياء من تفوق أذربيجان وأرمينيا على حسابها. 

علاوة على ذلك، فإن النظرة الإيرانية لنشاط تركيا في المنطقة أكثر سلبية بالمقارنة مع موسكو. 

 وأخيرا، فإن ادعاء إيران بأن روسيا تدعم حاليا "ممر زنغزور"، الذي تعارضه منذ عام 2020 من خلال تسميته "ممر الناتو"، هو موقف يكشف عن عدم اتساق خطاب إيران فضلا عن كونه مثيرا للسخرية، وفق ميرزاييفا.