"تزوير واسع".. لهذا فتحت البحرين والكويت تحقيقا في ملفات الجنسية
عبر الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن دعمهم لهذه الخطوات
بدأت كل من البحرين والكويت في الآونة الأخيرة، إعادة النظر في ملفات الحصول على الجنسية، بعد اكتشاف العديد من الحالات "التي حصلت عليها عن طريق الاحتيال".
وبحسب موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي، يتوقع أن تؤثر الحملات على آلاف الأشخاص الذين أصبحوا مواطنين في كلا البلدين باستخدام وثائق مزورة أو طرق أخرى غير قانونية.
وفي تقرير له، قال إن "الكويت، الدولة الأولى التي أطلقت هذه الحملة، سبق أن تلقت 750 بلاغا حول قضايا الحصول على جنسيات مزورة".
ومنذ مارس/آذار 2024، شرعت السلطات الكويتية في حملة سحب جنسيات وذلك لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها "التزوير".
فيما تفيد وسائل إعلام كويتية بأن وزارة الداخلية تلقت مئات البلاغات التي تتعلق بتزوير الجنسية منذ ذلك التاريخ.
وأفاد الموقع الأميركي بأن "وزارة الداخلية البحرينية بدورها وجدت عدة حالات احتيال في الحصول على الجنسية، مما دفع الوزير راشد بن عبد الله آل خليفة، إلى فتح تحقيق في جميع الجنسيات الجديدة الممنوحة منذ عام 2010".
وقال الوزير خلال اجتماع مع لجنة مراجعة حالات اكتساب الجنسية البحرينية في 23 يونيو/حزيران 2024، إنه سيتم الإعلان عن خط ساخن يتبع إدارة مكتبه للإبلاغ عن أي معلومة أو شكوى أو ملاحظة، مع ضمان السرية التامة بهذا الشأن.
ونقل الموقع إشادة البحرينيين والكويتيين بهذه الخطوات، حيث عبر الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن دعمهم لها.
وأوضح أن معظم الذين حصلوا على جنسية كويتية مزورة يندرجون ضمن فئة "غير محددي الجنسية".
وتضم هذه المجموعة آلاف الأشخاص، معظمهم من أصول عراقية أو فلسطينية أو إيرانية، ويطالبون بالجنسية بزعم أن أصولهم كويتية، ولكنهم لا يحملون أوراقا ثبوتية.
أما معظم الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية البحرينية عن طريق الاحتيال فهم من أصول سورية أو يمنية، وفق الموقع الأميركي.
طرق الاحتيال
وقال مصدر مطلع، لـ"ذا ميديا لاين"، طلب عدم ذكر اسمه: "إن التزوير للحصول على الجنسية البحرينية يكون عبر عدة خطوات يجرى من خلالها التحايل على القانون".
وأوضح المصدر أن بعض المواطنين البحرينيين الشرعيين يقدمون أوراقا لأشخاص لا تربطهم بهم صلة قرابة، ويدّعون أن هؤلاء هم أبناؤهم من زوجات يعشن في دول أخرى، ثم يحصل هؤلاء الأشخاص على الجنسية البحرينية من خلال "والدهم".
وبين أن هذا النوع من الاحتيال يؤدي إلى تعقيدات عندما يتوفى أولئك الرجال، حيث يطالب الأبناء المزعومون بحقهم في الميراث من تركة آبائهم المفترضين.
وفي كل من البحرين والكويت، يعد الحصول على الجنسية بطريقة غير قانونية أو عن طريق التزوير جريمة يعاقب عليها بسحبها والسجن.
ووفق التقرير، لا توجد تقديرات رسمية لعدد الأشخاص الذين حصلوا على الجنسية بشكل غير قانوني في البلدين، “لكن أعدادهم تقدر بالآلاف بكل تأكيد”.
“وقد ألهمت المزايا السخية التي تقدمها الكويت والبحرين لمواطنيها، إلى جانب إمكانية التنقل والإقامة غير المقيدة في دول الخليج الأخرى، الآلاف للحصول على الجنسية في البلدين عن طريق الاحتيال”.
وتقدم كل من البحرين والكويت خدمات استثنائية للمواطنين، مثل الرعاية الصحية المجانية بالكامل، وبدل البطالة، والضمان الوظيفي.
ويتمتع المواطنون أيضا بإمكانية الحصول على أسعار مخفضة للوحدات السكنية، كما يُعفَون من العديد من الرسوم. ومن المعلوم أن البحرين والكويت كلاهما عضو في مجلس التعاون الخليجي.
وحيث إن "كل دولة من دول التعاون الخليجي تمنح مواطني بلدان المجلس الأخرى نفس الحقوق التي يتمتع بها مواطنوها، فإن هذا يعني أن مشكلة الجنسيات البحرينية والكويتية المزورة لها تداعيات على منطقة الخليج بأكملها".
وأفاد التقرير بأنه "في المملكة العربية السعودية، يسيطر الآن أكثر من 5 آلاف يمني يحملون جنسية بحرينية مزورة على بعض الأسواق".
"هذا الاحتكار جعل من الصعب على المواطنين السعوديين أنفسهم اقتحام قطاعات معينة"، وفق الموقع.
وخلال زيارة إلى البحرين عام 2018، ناقش وزير الداخلية السعودي، عبد العزيز بن سعود، مسألة المنافسة غير العادلة في السوق السعودية من قِبل حاملي جوازات السفر البحرينية.
بدوره، أمر وزير الداخلية البحريني بإجراء تحقيق سريع في الأمر، بالتعاون مع السلطات السعودية.
تزوير واسع
وقال الصحفي الكويتي، راكان العبد الله، لموقع "ذا ميديا لاين"، إن الاحتيال في الجنسية تسبب في العديد من المشاكل للدولة.
وأكد أن "الأمر لا يقتصر على بضعة آلاف ممن زوروا وثائقهم الرسمية للحصول على الجنسية الكويتية".
"بل يتعدى ذلك إلى أن الكثير منهم يجلبون أطفالهم وزوجاتهم ويكثرون من التزوير لهم من أجل أن يحصلوا على الجنسية الكويتية أيضا"، بحسب العبد الله.
وأشار إلى أن الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي تعرض الجنسية الكويتية المزورة بأسعار تتراوح بين 10 إلى 25 ألف دولار.
وأضاف أن "هناك حالات أخرى لأشخاص استغلوا هويات أو جوازات سفر متوفين وحصلوا على الجنسية الكويتية".
وقال "العبد الله" إن هذا الاحتيال يشكل "مخاطر أمنية كبيرة"، لأن بعض الذين حصلوا على الجنسية المزورة قد يكونون عملاء لجهات أجنبية أو مجرمين.
والتقى موقع "ذا ميديا لاين" عددا من المواطنين اليمنيين الذين حصلوا على الجنسية البحرينية عن طريق الاحتيال ويعيشون الآن في السعودية.
وقال أحد هؤلاء اليمنيين، الذي ذكر اسمه الأول فقط، محمود: "لم أذهب إلى البحرين طوال حياتي إلا مرة واحدة عندما حصلت على الجنسية البحرينية، واسمي الموجود حاليا في جواز السفر يختلف عن اسمي الحقيقي".
ونوه الموقع إلى أن "محمود" يدير العشرات من متاجر الملابس في السعودية، مع "إخوته".
ويقصد بـ"إخوته" هنا شركاءه الذين لا تربطه صلة قرابة حقيقية بهم، لكنهم أشقاؤه وفقا لوثائقهم المزور". وذكر أنه سيعود إلى البحرين عندما يحتاج إلى تجديد جواز سفره.
ومن جانبه، قال المحلل الاقتصادي السعودي، صالح الحربي، إن "معظم المواطنين اليمنيين الذين حصلوا على الجنسية البحرينية فعلوا ذلك عن طريق الاحتيال".
وأضاف أن "هؤلاء الأشخاص شكلوا مافيات داخل السعودية، مستغلين معاملة البحريني كمواطن سعودي، وبالتالي يحصلون على أشياء ليست من حقهم".
بدوره، دعا الناشط السياسي البحريني، سيد محمد، إلى التحقيق في أسرع وقت ممكن في حالات الحصول على الجنسية عبر الاحتيال، والتي تفشت في الآونة الأخيرة.
وقال: "لا يمكن قبول مثل هذه المسألة، فهؤلاء ليسوا بحرينيين، وقد حصلوا على الجنسية عن طريق الاحتيال، وتسببوا في مشاكل كبيرة للبلاد".
وختم قائلا: "نحن لسنا شعبا كبيرا، فعدد البحرينيين حوالي 700 ألف مواطن فقط، ووجود أكثر من 5 إلى 7 آلاف شخص حصلوا على الجنسية عبر الاحتيال، يعني أنهم يمثلون 1 بالمئة في البلاد، ما يعني أنها مشكلة ضخمة".