بعد احتفاء إسرائيل بخذلان “صلاح”.. كيف تضامن مشاهير كرة القدم مع غزة؟

داود علي | 6 months ago

12

طباعة

مشاركة

حملة دولية تضامنية غير مسبوقة مع قطاع غزة بمشاركة أكثر من 40 مليون شخص، بمن فيهم مشاهير كرة القدم والفن حول العالم. 

الحملة بعنوان "كل العيون على رفح" وبدأت في 29 مايو/ أيار 2024، بصورة تبرز مشهدا من الأعلى لاكتظاظ المدينة بمخيمات النازحين العزل في منطقة جغرافية ضيقة، مع عبارة "ALL EYES ON RAFAH" أي "كل العيون على رفح" باستخدام خيم بيضاء وسط المشهد.

لكن ما لفت الانتباه غياب لاعب كرة القدم المصري محمد صلاح عن المشاركة في الحملة، وقبل ذلك صمته على الأحداث منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023

واكتفى ببث فيديو قصير محايد -خلال بدء العدوان- يدعو إلى السلام بين جميع الأطراف، ولم يلق بالا لمقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين على رأسهم النساء والأطفال، وهو ما عرضه لحملة انتقادات واسعة.

لكن الأصعب أن الإعلام العبري احتفى بصلاح وضرب به المثل، وهو ما تسبب  في غضب شعبي متزايد ضده، وطرح تساؤلات، حول جعله نموذجا للشباب الطموح.

وفتح هذا التجاهل الباب أمام استحضار تاريخ نجوم كرة قدم عالميين شاركوا في نصرة القضية الفلسطينية، وتصدروا مشهد الدفاع عن غزة. 

"احتفاء صهيوني"

وشارك في هذه الحملة الواسعة، لاعبو كرة قدم عالميون أبرزهم الفرنسي إبراهيم كوناتي (ليفربول الإنجليزي)، زميل صلاح الذي اكتفى بالصمت التام.

ومن المشاركين الآخرين، الجزائري رياض محرز (الأهلي السعودي)، والسنغالي نيكولاس جاكسون (تشيلسي الإنجليزي)، وزميله الفرنسي ويسلي فوفانا، والمغربي عبد الرزاق حمد الله (الاتحاد السعودي) ومواطنه حكيم زياش (غالاطة سراي التركي).

وكذلك السنغالي خاليدو كوليبالي (الهلال السعودي)، والبرتغالي جواو كانسيلو (برشلونة)، ومواطنه رافائيل لياو (ميلان).

ولا يُغفل أن نجم كرة القدم الإنجليزية العالمي المعتزل ديفيد بيكهام شارك في الحملة ونشر صورتها عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي.

وخلاف هؤلاء جميعا كان موقف صلاح "الصمت"، وهو ما أدى لاحتفاء وسائل إعلام عبرية بموقفه. 

ففي 30 مايو، استضافت الإعلامية  أيالا حاسون عبر برنامجها على قناة "كان 11" التابعة لهيئة البث الإسرائيلية، عددا من المختصين، منهم الصحفي روعي كايس، المختص في الشؤون العربية، للتعليق على عدم تفاعل اللاعب المصري مع الحملة.

وتحدث كايس في البداية عن تاريخ صلاح الاحترافي، قبل أن يتطرق للحملة الدولية الداعمة لغزة، وطرح تساؤلا بشأن لماذا لا يستغل محمد صلاح حساباته على منصات التواصل التي تضم ملايين المعجبين لإبداء موقف داعم لغزة، في إشارة واضحة إلى حفاوة الرأي العام الإسرائيلي بمواقف صلاح منذ بداية الإبادة. 

صلاح وتريكة 

يتساءل بعض المتعاطفين مع صلاح أنه مجرد لاعب كرة فقط، ومن حقه أن لا يعلن مواقف أخرى خارج إطار اللعبة، وسط تساؤل استنكاري عن أسباب الهجوم عليه.

الإجابة تكمن في أنه ليست هذه أول مرة يتعرض فيها صلاح للهجوم بسبب موقفه من غزة، فمع بداية العدوان، أطلق النشطاء هاشتاغ “فخر القطط”، في إشارة إلى تغريدة عام 2018، عبر فيها عن دعمه للقطط والكلاب، وأعرب عن انزعاجه من انتهاك حقوقها والمعاملة القاسية التي تلقاها في مصر.

ومن هنا يتم استحضار مواقف لاعبين لمقارنتها بصلاح وموقفه الأخير، وعلى رأس هؤلاء لاعب كرة القدم المصري محمد أبو تريكة، أحد أكثر اللاعبين شهرة وشعبية في الأوساط العربية.

"تريكة" الذي وصفته صحيفة "الماركا" الإسبانية في 25 أبريل/ نيسان 2018 أنه "المثل الأعلى لمحمد صلاح" أبدى دعمه الكامل لغزة منذ اليوم الأول للعدوان. 

كما أنه سخر كل حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك البرنامج الذي يحضر فيه ضيفا ثابتا علي قنوات "بي إن سبورت" الرياضية، لنصرة غزة وفلسطين والهجوم المستمر على دولة الاحتلال. 

وقد يتحجج البعض في إطار المقارنة بين أبوتريكة وصلاح، أن الأول اعتزل منذ سنوات، لكن الأخير لم يزل لاعبا عليه الكثير من الاستحقاقات والمسؤوليات. 

تاريخ محمد أبو تريكة ينفي هذا أيضا، فحينما كان لاعبا ملء السمع والبصر دعم فلسطين بقوة.

فعبارة "تعاطفا مع غزة" التي رفعها خلال بطولة أمم إفريقيا في غانا  2008، ما تزال عالقة في أذهان الجماهير العربية رغم مرور السنين وتلاحق الأحداث وبروز المستجدات وسقوط الرموز.

هذه العبارة كشف عنها أسطورة كرة القدم المصرية، حين أحرز هدفا لمنتخب بلاده في شباك نظيره السوداني، وحاول من خلالها لفت الانتباه إلى الأوضاع المأساوية لأهالي قطاع غزة، الذي كان يعاني حصارا إسرائيليا مميتا، طال مناحي الحياة كافة وأثر سلبا في حياة الغزيين.

وخلال تصريحات لبرنامج “العربي الرياضي" في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2016، قال أبو تريكة: "كنا في غانا نقيم أنا ووائل جمعة في غرفة واحدة، وكنا نشاهد إحدى القنوات الإخبارية، شاهدت موقفا جعلني أفكر بتلك الفكرة، وبالفعل نفذتها في مباراة السودان".

وأتبع: "لا أريد أجرا على هذا الموقف في الدنيا، لكن أجري في الآخرة من الله، وأرى أن ما فعلته هو الصواب".

وأوضح أن "اللاعب عليه واجب داخل الملعب وخارجه، وأعتقد أن ما فعلته كان تذكيرا بالقضية الفلسطينية التي تعد هي الأهم بالنسبة لكل شاب عربي".

وفي 24 يناير/ كانون الثاني 2016، قال النجم المصري خلال كلمته التي ألقاها في الجزائر خلال وجوده كضيف شرف في حفل الكرة الذهبية لأفضل لاعب عربي، إن "القضية الأساسية والتي توحد الأمة العربية هي القضية الفلسطينية، والعدو ظاهر للشباب العربي والمسلم ويريدنا أن ندخل في تفاصيل أخرى جانبية".

وأضاف: "الرسول عليه الصلاة والسلام علمنا أن هناك وصايا نكتبها قبل الموت، ومن ضمن الوصايا التي كتبتها أن يوضع التي شيرت (القميص) (تعاطفا مع غزة) معي في الكفن".

مواقف مشرفة

لا شك أن من المواقف المشرفة التي يمكن وضعها في مقارنة معاكسة لموقف صلاح، هو ما فعله لاعب كرة القدم الفرنسي كريم بنزيمة، الذي لا تربطه بغزة سوى رابطة العقيدة الإسلامية ثم الإنسانية. 

ففي 15 أكتوبر 2023 نشر بنزيمة، نجم نادي الاتحاد السعودي، منشورا عبر منصة "إكس" قال فيه: "كل صلواتنا من أجل سكان غزة الذين يقعون مرة أخرى ضحايا لهذا القصف الظالم الذي لا يستثني النساء والأطفال".

وبعد ساعة واحدة من نشر التغريدة، لاقت 8 ملايين مشاهدة، و200 ألف إعجاب، و80 ألف إعادة نشر و28 ألف تعليق.

الانتشار الكبير لتغريدة بنزيمة والتفاعل الذي أحدثته اصطدم بعاصفة رأي عام غربية مضادة، قامت بغض الطرف عن جرائم الاحتلال بقصف المستشفيات والمنازل في غزة.

وتسببت في إثارة غضب مسؤولين فرنسيين، لا سيما أن حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون على رأس الداعمين لإسرائيل، منذ اللحظات الأولى للعدوان، حتى إن ماكرون أعلن توفيره لدولة الاحتلال دعما استخباراتيا ولوجستيا، خلال العمليات العسكرية في غزة.

وعرف عن بنزيمة دائما أنه مسلم متدين من أصول جزائرية يحافظ على الشعائر الإسلامية، وظهر أكثر من مرة وهو يؤدي مناسك العمرة، وكذلك ينشر عبر حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي تهنئة للمسلمين بشهر رمضان.

وقد شارك أيضا في العديد من الأعمال الخيرية خاصة تعليم الأطفال وأبحاث السرطان.

لكن المثير لحفيظة كثير من متابعي محمد صلاح، أن كثيرا من لاعبي العالم من مختلف الجنسيات واللغات والأعراق قدموا دعمهم لغزة، التي وصل عدد شهدائها أكثر من 36 ألفا.

وقد وجه لاعب نادي برشلونة الإسباني، الفرنسي جول كوندي رسالة إلى متابعيه عبر "إنستغرام" كتب فيها: "خذ الوقت الكافي لقراءة الرسائل والاستماع إلى مقاطع الفيديو بأكملها قبل الرد وإصدار أحكام متسرعة، فهذا مهم جدا.. شكرا".

ثم عقب: "ملاحظة مهمة حول سبب تغطيتي لفلسطين بالطريقة التي أقوم بها، أنا رفيق الشعب الفلسطيني، ومناضل ضد الفصل العنصري والإبادة الجماعية والاستعمار الاستيطاني".

ومن الجانب العربي، جاء لاعب المنتخب الجزائري، رياض محرز، الذي كانت دائما تتم مقارنته بصلاح في سنوات لعبهما للدوري الإنجليزي، وكان يقال كلاهما "فخر العرب".

لكن حين صمت صلاح، نشر محرز صورة له من مباراة منتخب بلاده مع الرأس الأخضر وكان حاملا علم فلسطين رفقة اثنين من زملائه وعلق عليها "نريد السلام".

كما عبر نجوم المنتخب المغربي لكرة القدم "أسود الأطلس" حكيم زياش، ونصير مزراوي وسفيان بوفال وزكريا أبو خلال وعبد الحميد الصابري، عن تضامنهم مع فلسطين وقطاع غزة.

جاء ذلك من خلال منشورات على حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي، أبدوا فيها دعمهم لغزة ورفضهم للقصف الإسرائيلي.

لاعبون مصريون 

لكن من المهم عند ذكر صلاح أن يذكر لاعبو كرة قدم مصريون دعموا غزة، بل وبعضهم كاد أن يدفع ثمن ذلك الدعم.

فمثلا كتب المصري أحمد حسن "كوكا"، لاعب نادي بينديك التركي، رسالة مطولة على منصة "إكس" باللغة الإنجليزية، جاء فيها: "انتقلت إلى أوروبا منذ 11 عاما، ولهذا السبب لديّ متابعون وأصدقاء من غير العرب.. لذا فإن هذا المنشور وقصصي التي أشاركها عن فلسطين، مخصصة لكم".

وقال: "أعتقد أنه إذا كان لديك قطعة صغيرة جدا من القلب، فستشعر بالحزن الشديد والمحطم بعد رؤية كل ما يحدث في فلسطين هذه الأيام.. لذلك، أتمنى عندما تكون في موقع اتخاذ القرار أو تجد نفسك في محادثة حول هذا الأمر، أن تعرف الحقيقة".

أما الحادثة الأصعب في ذلك السياق، كانت مع نجم كرة القدم المصرية محمد النني لاعب نادي أرسنال الإنجليزي (انتقل حاليا إلى نادي بشكتاش التركي).

ففي 11 أكتوبر 2023، وبعد أيام قليلة من العدوان، قام النني بتغيير صورته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام" ووضع صورة علم فلسطين بجانب القدس.

وهو ما جعل ناديه الإنجليزي يرسل له تحذيرا في صورة بيان عاجل، ولفت إلى أن “المجتمع اليهودي المشجع للنادي غضب كثيرا بسبب دعم النني لفلسطين وإظهاره صورة القدس كرمز للقضية الفلسطينية”. 

وفي 28 مايو 2024، تضامن النني مرة أخرى مع ما يحدث في رفح وشارك في الحملة الكبرى الداعمة لها.

وهو ما فعله أيضا نجم المنتخب المصري ونادي "نانت" الفرنسي" مصطفى محمد، الذي أعلن دعمه الكامل للشعب الفلسطيني جراء المعاناة التي يعيشها أبناء رفح، نتيجة العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال علي قطاع غزة.

ونشر مصطفى محمد صورا عبر مواقع التواصل الاجتماعي اعتراضا على محرقة الخيام وقتل الأطفال في رفح.