رؤية تواضروس "الانفتاحية".. لماذا تثير انقسامات بكنيسة مصر الأرثوذوكسية؟

12

طباعة

مشاركة

يوم 30 أكتوبر/تشرين أول 2024، أقال رئيس الكنيسة الأرثوذكسية المصرية البابا تواضروس الثاني، أسقف كنيسة المقطم شرق القاهرة، "الأنبا أبانوب"، وأمر بإعادته للدير، مفجرا تساؤلات عما ارتكبه من مخالفات عقائدية أو مالية أو غيرها.

نُشطاء مسيحيون قالوا إن أسقف المقطم كان يخالف تعاليم الكنيسة، وينتقد تبني قيادات فيها، منهم تواضروس، تعاليم تعود للعقيدة البروتستانتية.

كما صنفوا "الأنبا أبانوب"، بأنه أحد أعضاء مجموعة يُطلق عليها "أبناء (البابا السابق) شنودة"، المختلفين عقائديا مع البابا الحالي تواضروس، ويتهمونه بالانفتاح على تعاليم كنائس أخرى، بروتستانتية وكاثوليكية تخالف الأرثوذوكسية.

بيد أن أقباطا وأساقفة رافضين لمواقف قيادة الكنيسة (يتداولون آراءهم عبر مجموعة تضم 17 أسقفا وناشطا على تطبيق “واتس آب” تم الكشف عنها)، عدوا إقالة "أبانوب" جزءا من الصراع بين فريقين في الكنيسة.

أحدهما "محافظ تقليدي" يتبع البابا السابق شنودة، والآخر "إصلاحي" يرغب في إحداث تغييرات داخل الكنيسة، بقيادة البابا الحالي تواضروس.

وهو ما يرفضه الفريق الأول، الذي ينتقد أيضا تحويل الكنيسة إلى أداة في يد النظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي.

ما القصة؟

حاول البابا تواضروس الثاني إظهار إجباره أسقف المقطم على ترك الخدمة على أنها "استقالة"، موضحا أن "الأنبا أبانوب حدثت بينه وبين كهنة الكنيسة "خلافات كثيرة"، وحاولوا إصلاح الأمور لكنهم فشلوا.

قال في كلمة بالكنيسة: "ظهر عدد من السلبيات وتم التحقيق معه وخلال التحقيق قدم استقالته، وقال إنه يفضل أن يعيش في المغارة والرهبنة، فقدم الاستقالة بخط يده وقال إنها بسبب ظروفه الصحية ولم يكن هناك إجبار من أحد".

لكن من يسمون أنفسهم "أبناء البابا شنودة الثالث حامي الإيمان الرسولي الأرثوذكسي"، كتبوا يقولون "لا يوجد شيء اسمه استقالة للأسقف"، منتقدين قرار البابا تواضروس.

وكتب أقباط على مواقع التواصل يؤكدون أن ما يجرى هو صراع داخل الكنيسة بين تيارين أرثوذوكسي تقليدي يتبع البابا السابق شنودة والبابا الحالي تواضروس الذي يتهمونه بالسعي لتحويل الكنيسة للبروتستانتية.

وذهب الناشط القبطي "كمال الصباغ: للقول عبر فيسبوك: "احنا (نحن) في عركة مع شوية إرهابيين (يقصد أنصار شنودة) بس المرة دي أقباط، حرضوا وجهزوا واغتالوا اثنين من الرهبان ويحاولوا اختطاف الكنيسة في تيارهم الإرهابي القائم على العداء مع الآخر وتكفير المجتمع".

ووصف ضمنا أسقف المقطم الذي تمت إقالته بأنه من "مليشيات التيار التكفيري في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية"، مؤكدا أن "البابا تواضروس يحارب هذه المليشيا ويحاول إقصاءها قبل ما تستفحل".

لكن أقباطا قالوا إن القصة تعود لعام 2014 حين تم تعيين الأنبا أبانوب، ونفوا أن يكون البابا تواضروس يخالف تعاليم الأرثوذوكسية.

أوضحوا أن البابا قال للأنبا أبانوب حين عيّنه أسقفا عاما على كنائس المقطم أن مهمته "اعادة الالتزام بالطابع الارثوذكسي للخدمة"، بحسب كلمة البابا حينئذ.

ومع هذا كتب أقباط يحذرون من "صراع صريح" داخل الكنيسة الارثوذكسية قد يصل بها لتكرار حادثة قتل رهبان للكاهن "إبيفانيوس".

قساوسة قتلة

العثور على الأنبا إبيفانيوس، رئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، مقتولا، في يوليو/تموز 2018، وثبوت قيام اثنين من القساوسة بقتله أعدم أحدهما وسُجن الثاني مؤبدا.

ثم قتل عامل مسيحي بكنيسة في شبرا الخيمة، كاهن كنيسة مار مرقس الرسول، داخل حجرته بالكنيسة مايو/ أيار 2019.

وكذلك مقتل ثلاثة رهبان مصريين داخل دير قبطي في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا في مارس/ آذار 2024، على أيدي كاهن آخر.

كلها أحداث تكشف ضمنا عن احتدام الصراع بين فريقين داخل الكنيسة – لأسباب عقائدية- وصلت حد القتل، وهو أمر غير معتاد.

فقد عُثر على الأنبا إبيفانيوس، رئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، قتيلا داخل الدير في يوليو/تموز 2018، وكشفت التحقيقات تورط اثنين من القساوسة في تصفيته باستخدام قضبان حديدية.

وقضت محكمة النقض مطلع يوليو 2020 بتأييد حكم الإعدام على أحدهما، وهو القس أشعياء المقاري، وبالسجن المؤبد على الثاني، وهو القس فلتاؤوس المقاري في قضية قتل رئيس "دير الأنبا أبو مقار" (بعد إلغاء حكم سابق بإعدامه أيضا).

وفي 9 مايو 2021، نفذت مصلحة السجون حكم الإعدام على أشعياء المقاري.

وأكدت مصادر كنسية أن جريمة قتل الأنبا إبيفانيوس المحسوب علي "تيار المجددين" والقريب من البابا تواضروس، لها علاقة بالصراع مع تيار تلامذة متي المسكين (منهم تواضروس)، بدليل أن 9 من قرارات البابا الأخيرة من بين 12 تشير ضمنا لهذا الصراع.

ونشرت وثائق كتبها أحد من قتلوا الأنبا إبيفانيوس، يشكو فيها من حالة "تسيب" في الدير بعد وفاة البابا السابق شنودة، ويتهم قادة الكنيسة بالخروج من الرهبنة و"بقوا (أصبحوا) يقتنوا ويتملكوا (المال والعقارات)"، وفق تعبير الوثائق.

وعقب مقتل "إبيفانيوس"، أصدر البابا تواضروس، يوم 2 أغسطس/آب 2018، ما وصفته صحف مصرية بـ"قرارات ثورية بالأديرة بهدف "انضباط الحياة الرهبانية والديرية".

القرارات الـ 12 تضمنت: وقف تعيين رهبان لمدة عام، وحظر الظهور الإعلامي لكل الرهبان، ووقف الترقيات، والحديث عن المعاملات المالية للرهبان والراهبات، ووقف حسابات الفيس بوك للرهبان بمن فيهم البابا تواضروس.

وفسرت مصادر كنسية هذه القرارات بأنها دليل على تصاعد الصراع بين تيارين: الأول: "الحرس القديم"، تيار البابا الراحل شنودة القديم المتزمت.

والثاني: "تلامذة متّى المسكين"، الذين يتزعمهم البابا الحالي تواضروس، والذي يبدون انفتاحا على كنائس أخرى خاصة الفاتيكان، يرفضها المحافظون من التيار الأول.

وكانت قرارات البابا تواضروس عنوانها "انضباط الحياة الرهبانية والديرية"، ما أكد تصاعد الصراع بين "الحرس القديم"، تيار شنودة القديم المتزمت، و"تلامذة متى المسكين" الذين يتزعمهم البابا الحالي تواضروس، ويبدون انفتاحا على كنائس أخرى.

وضمن هذا الصراع داخل الكنيسة، جاءت جريمة قتل ثلاثة رهبان مصريين داخل دير قبطي في جوهانسبرغ بجنوب إفريقيا، 12 مارس/آذار 2024 على يد طالب رهبنة وبدعم من قس رابع، لأسباب عقائدية.

وأكدت شرطة جنوب إفريقيا، القبض على طالب رهبنة مصري، بتهمة تورطه بحادث مقتل الرهبان الثلاثة في دير قرب مدينة بريتوريا، وفق صحيفة Times LIVE الجنوب إفريقية 13 مارس/آذار 2024، وقدم للمحاكمة.

وأكدت مصادر قبطية لـ "الاستقلال" أن حادثتي قتل الأنبا إبيفانيوس بمصر، ثم الرهبان المصريين الثلاثة بجنوب إفريقيا، وبنفس الطريقة (قضبان حديدية)، تؤكدان استمرار الصراع بين ذات التيارين داخل الكنيسة الأرثوذكسية المصرية.

وأوضحت أن عمليات القتل ثبت أنها تمت على خلفية انقسامات عقائدية قسمت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية بصورة عنيفة لدرجة استخدام رهبان وسائل عنيفة هي قضبان حديدية، لقتل رهبان آخرين.

صراع "تواضروس وشنودة"

بدأت ملامح الأزمة بين تياري "تواضروس" و"شنودة" في الوضوح عقب جريمة قتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، حين تم تسريب قرار "لجنة الرهبنة والأديرة" يوم 4 أغسطس/آب 2018، بشأن "تجريد راهبين (ثبت لاحقا قتلهم لرئيس الدير) من رتبة الرهبنة.

وتفاقمت مع تداول وسائل إعلام مذكرة قدمها أربعة أساقفة أعضاء بالمجمع المقدس، تتضمن مخالفات عقائدية وإدارية لأساقفة آخرين، خلال الاجتماع السنوي للمجمع في 14 يونيو/ حزيران 2019.

كانت ملامح أزمة اشتعال حدة الخلافات بين تيارين فكريين داخل الكنيسة، لا تخطئها عين، وهما التيار المحافظ المتشدد الذي يقوده تلاميذ البابا شنودة، وله مواقف متشددة تجاه الطوائف المسيحية غير الأرثوذكسية.

والتيار الإصلاحي الأقل تشددا، والذي يرفض معاقبة الأقباط الذين يحجون إلى القدس، وله أراء منفتحة على الكنائس العالمية والتعاون معها.

كان السبب الحقيقي لمحاولة الكنيسة التغطية على جريمة قتل الأنبا إبيفانيوس، هو الصراع داخل الكنيسة بين تياري تواضروس، والمحسوب عليه الراهب القتيل، وتيار البابا الراحل "شنودة" المتشدد، وفق "مصادر كنسية" لـ "الاستقلال".

لكن الجديد كان تحول الصراع بين تياري "تواضروس" و"شنوده"، الي "التصفية" وقتل رهبان لزملائهم بسبب هذا الخلاف العقائدي.

المصادر تحدثت عن "صراع وانقسام عنيف جداً" دفع تواضروس لغلق صفحات الكهنة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان يستهدف بقراره صفحات الكهنة المحسوبين على "تيار شنودة" الذين يعارضون قراراته وينتقدونه "أون لاين".

وتقول المصادر الكنيسة إن الصراع بدأ مع مجيء البابا تواضروس برؤية انفتاحية جديدة للكنيسة، غيرت الوضع بشكل كبير، حيث فتح الأبواب أمام أتباع الأب "متّى المسكين"، الذين يتعارض فكرهم الكنسي مع فكر البابا السابق شنودة.

وكان "المسكين" يميل إلى الانفتاح على الكنائس الأخرى، والوحدة، وهو ما كان يرفضه البابا شنودة، ويراه مخالفا لتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية، وفق موقع "فيتو" 8 أغسطس/آب 2018، الذي أرجع قتل الأسقف إيبفانيوس، لهذا الخلاف.

وكان "متى المسكين" يمثل محاولة التجديد داخل الكنيسة، بالاعتماد على الدراسة عبر كتابات آباء الكنيسة الأوائل حيث كان يعرف اللغة اليونانية ويترجم عنها مباشرة، وأصبح له تلاميذ وأتباع يتبعون نهجه. 

بيد أن البابا شنودة كان من التيار القديم المتزمت الرافض لأي تجديد في تعاليم الكنيسة حتى ولو أدت لخروج أقباط أرثوذوكس من الكنيسة لكنائس اخري بسبب رفضهم منع الكنيسة للطلاق وقضايا أخرى كهنوتية.

ولأن البابا الحالي من أنصار "متي المسكين"، فقد قدم العديد من التنازلات الدينية في قضايا دينية مثل الطلاق، وزار اسرائيل لأول مرة مخالفا نهج شنودة.

 وكانت وجهات نظر تواضروس حول المسكونية، والرغبة في إلغاء إعادة معمودية الكاثوليك، وتغيير تواريخ عيد الميلاد وعيد الفصح، وغيرها من الخطوات قد أغضبت "الحرس القديم" في الكنيسة، الموالي لفكر "شنودة".

وبسبب ذلك جن جنون الحرس القديم (المحافظين)، لأن ما فعله تواضروس كان بالنسبة لهم بدعة خالصة.

لذا أطلقوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجانا مثل "حماة الإيمان" لمهاجمة خصومهم، ومنهم الأسقف إيبفانيوس، والمطران أنجيلوس، والأب سيرافيم البراموسي.

ويقول الصحفي "عامر عبد المنعم"، المهتم بشؤون الكنيسة لـ "الاستقلال" إن ما عمق الأزمة بين التيارين المتصارعين لحد القتل، أن الدولة المصرية ممنوعة من دخول الأديرة ورصد هذا الصراع قبل تفاقمه للقتل، والكنيسة "دولة داخل الدولة".

وأوضح أن جانبا من الأزمة بين الرهبان، هو اتهامات تيار شنودة لكبار الكهنة بالابتعاد عن الزهد والعبادة والسهر على الفيس وصفحات التواصل الاجتماعي، والتحول لجمع أموال وشراء أراضٍ، في دير وادي النطرون.

أسباب الصراع

بحسب كتابات لشبان أقباط على مواقع التواصل، أغلبهم معارضون للبابا الحالي، هناك خلافات وصراعات بين تيار البابا السابق شنودة (المحافظين) وتيار البابا الحالي تواضروس (المجددين من أنصار الأنبا السابق متي المسكين).

يقولون إن "أنصار شنودة"، الأكثر تشددا في العقيدة، يعترضون على كثير من قرارات البابا الحالي وتساهله في العقيدة وزيارته لدولة الاحتلال عام 2015، كأول بابا مصري يفعل هذا.

رغم وجود قرار من الكنيسة خلال عهد البابا السابق شنودة، بعدم زيارة إسرائيل إلا بعد تحرير الأرض المحتلة ودخولها مع المسلمين.

ويقول الباحث القبطي إسحاق إبراهيم في مقال بموقع "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية 3 يوليو 2019، إن ما أشعل الصراع بين الحرس القديم (شنودة) وتيار تواضروس، هو سعي أنصار التيار الأول المتشدد لاحتكار ميراث البابا شنودة.

واتهام من يخالفه بأنه قد خرج عن المسيحية، مستخدمين في تحقيق ذلك قنوات ومواقع دينية مسيحية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبدعم عدد من الأساقفة، لترهيب المخالفين لهم فكريا وتشويه صورتهم لدى المجتمع المسيحي.

يتهم أنصار تيار شنودة، أيضا، البابا تواضروس، بتوقيع اتفاق يوم 28 أبريل/نيسان 2017 مع بابا الفاتيكان ينص على "عدم إعادة سر المعمودية"، بما يعني سهولة تنقل أي مسيحي بين الكنيستين، وعدوا ذلك خروجا عن تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية.

وإبان زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس لمصر عام 2017، وقع البابا تواضروس اتفاقية لقبول الكنيسة القبطية معمودية الكاثوليك (أي طقوس التبني المسيحي وبموجبها يدخل الشخص المُعمَّد في المسيحية).

وهي مسألة طالما مثلت مصدرا مستترا للتوتر في الحوار بين الأقباط والكاثوليك، بسبب إصرار الكنائس على معمودية ثانية للمسيحيين الذين يتحولون من كنيسة إلى أخرى.

وكان الأنبا "إبيفانيوس" أسقف دير أبو مقار، الذي قُتل على يد راهبين من تيار شنودة عام 2018، هو أحد أساقفة التيار الإصلاحي الذين قبلوا بمعمودية البروتستانت، في مقابل التيار الذي يرفض قبول معمودية بقية الطوائف.

وضمن هذا الصراع، أُشيع في 19 مارس/آذار 2019 أن "المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية"، سعى لعزل بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، وهو ما نفته الكنيسة.

وقالت "لجنة شؤون الإيبارشيات بالمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية"، في بيان، أنه "لا أساس من الصحة للحديث عن جمع توقيعات داخل المجمع المقدس لعزل البابا تواضروس الثاني".

وكان كهنة أرثوذوكس، هاجموا بعنف تعاليم البروتستانتية، بالتزامن مع ما أشيع من "تيار شنودة" حول تساهل البابا تواضروس مع تعاليم هذا المذهب المخالف لتعاليم كنيسته، وطالب بعضهم عبر منصات التواصل الاجتماعي بعزل "تواضروس".

وظهر الكاهن "صموئيل البحيري"، وهو كاهن أرثوذكسي بكنائس محافظة الغربية، في مقطع فيديو يوليو/تموز 2022 يهاجم البروتستانتية ويصفها بأنها "هرطقة، والبروتستانت مش هيروحوا السما، والتعميد البروتستانتي باطل، والزواج البروتستانتي زنا".

وأغضب هذا البروتستانت، فصدر بيان رسمي من الأنبا "سيداروس"، المسؤول عن الإبراشية التي يخدم فيها القس البحيري، للتبرؤ من هذه التصريحات، وقال إنه "سيُعاقَب من قِبَل الكنيسة عن هذا الفكر".

لكن هذه التصريحات سلطت الضوء على الخلافات المستترة بين الكنائس في مصر، والتي كان تأسيس "مجلس كنائس مصر" في عام 2013، يستهدف التقريب بينها.

بوق سياسي للنظام

جانب آخر من الصراع بين هذين التيارين الكنسيين، هو العلاقة بين الكنيسة والنظام المصري برئاسة عبد الفتاح السيسي، وتحويلها لبوق سياسي للنظام يعمل بالسياسة بالمخالفة لتعاليم الكنيسة.

وانتقدوا قيام قادة الكنيسة بتنظيم استقبالات قبطية للسيسي في أميركا والدول الأوروبية حين يزورها، بحجة التصدي لمظاهرات الإخوان. 

وقد أشار لهذا الناشط القبطي في أميركا "كمال صباغ" الذي كتب يقول إن "الكنيسة القبطية تحولت من "كنيسة تدعم نظام السيسي" الى "كنيسة نظام السيسي".

وفي هذا الصدد، قال الباحث القبطي إسحاق إبراهيم إن "قيادات الكنيسة، لعبت خلال السنوات الأخيرة، أدوارا سياسية ما كان يجب أن تتورط فيها"، مقدرا هذا التورط في أي أدوار سياسية "يجعل رجال الدين عرضة للابتزاز السياسي والضغط عليهم، وعدم استقلال قراراتهم".

كما يحمّل الأقباط المسؤولية عن مشكلات وسياسات لم يكونوا طرفًا فيها، ولم يحصلوا على منافع منها، فاتورة يدفعونها بدون سبب.

وأوضح أنه "إذا كانت هذه القيادات قد دُفعت في لحظة تاريخية ما لأن تصبح جزءًا من دعاية النظام السياسي ومؤسسات الحكم، فكان يجب عليها أن تدرك أنه أمر مؤقت لا يمكن أن يستمر، وأن استمرار هذا الدور السياسي مؤذٍ لجميع الأطراف".

ودعا لمراجعة الخطاب الكنسي، ووضع حدود فاصلة بين ما يدعي أنه دور وطني، وبين أية أدوار سياسية، "فطالما انتقد الأقباط ورجال الدين المسيحيون وجود أية أدوار سياسية للحركات ذات التوجهات الإسلامية".