توقيع تركيا اتفاق دفاع مع سوريا.. كيف سيؤثر على إيران وإسرائيل؟

منذ ٩ أيام

12

طباعة

مشاركة

 في ظل الحديث المتواصل أخيرا عن إمكانية عقد اتفاق دفاع تركي سوري، يرى معهد دراسات إيطالي أن مثل هذا الخطوة ستزيد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط كونها تعيد رسم التوازنات الإقليمية.

وتحدثت مصادر عدة في الآونة الأخيرة عن احتمال توقيع اتفاق دفاعي مشترك بين تركيا والإدارة السورية الجديدة.

وجاء ذلك بالتزامن مع زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى أنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 4 فبراير/شباط 2025.

ويتضمن الأمر إنشاء قواعد جوية تركية في منطقة البادية السورية وسط البلاد، وتدريب الجيش الجديد، فضلا عن التعاون في عدة مجالات جديدة.

وفي تطرقه الى أهمية الاتفاق وانعكاساته المحتملة على المنطقة، يرى معهد "تحليل العلاقات الدولية" أن من شأنه أن يزيد من عدم الاستقرار والتنافس مع إسرائيل وإيران مع ما يترتب على ذلك من تأثيرات جيوسياسية كبيرة.

ويرجح بأن تسمح القواعد التركية في حال إنشائها بالدفاع عن المجال الجوي السوري حال وقوع هجمات مستقبلية.

مصالح تركيا 

وأشار المعهد الإيطالي إلى أن تركيا امتلكت على الدوام مصالح في سوريا، زاعما أنها ترتبط من ناحية ببحثها عن النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وتفرضها الحاجة إلى احتواء الحركات الكردية من ناحية ثانية.

وتابع بأن هذه المصالح تجلت بوضوح تام منذ بداية الحرب السورية عام 2011 على إثر اندلاع ثورات الربيع العربي.

بعد مرحلة أولية حاولت فيها الضغط على النظام السوري، سعت تركيا لبدء عملية إصلاحات في البلاد، من أجل تحقيق هدفين رئيسين عبر الصراع.

من ناحية، الإطاحة بالنظام، ومن ناحية أخرى احتواء التطلعات الاستقلالية للسكان الأكراد السوريين في الشمال على الحدود الجنوبية لتركيا.

وبين أن المخاوف من إمكانية قيام دولة كردية مستقلة، دفعت أنقرة لإطلاق أكثر من عملية عسكرية في سوريا استهدفت المليشيات الكردية.

وعلى مدى السنوات الماضية، واصلت تركيا دعم المعارضة المسلحة والسياسية السورية ضد نظام بشار الأسد، الذي أطاح به في ديسمبر/كانون الأول 2024 هجوم خاطف قادته قوات إدارة العمليات العسكرية.

وفي المرحلة الحالية، يرى المعهد الإيطالي أن أنقرة تعد أحد الحلفاء الرئيسين للحكومة الانتقالية، ما يؤكد على الأهمية الإستراتيجية التي لا تزال تتمتع بها سوريا بالنسبة لتركيا.

وإلى جانب ما يعكسه التعاون في مجال الدفاع من إرادة الحكومتين في مواجهة التنظيمات التي تمثل تهديدا مشتركا لكل من أنقرة ودمشق، جزم المعهد الإيطالي بأن اختيار منطقة البادية لإنشاء القواعد التركية له دلالة أقوى.

ويشرح بأنه يوجه رسالة بوضوح إلى وحدات حماية الشعب، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضد الدولة التركية منذ عام 1984 في محاولة لإنشاء دولته المستقلة والتي تشمل أجزاء من الأراضي التركية.

ومن خلال هذه الإستراتيجية، يستنتج أن تركيا تسعى إلى التموضع في موقع يسمح لها بلعب دور رئيس في سوريا الجديدة وملء الفراغ الذي تركته إيران الداعم التاريخي لنظام الأسد.

 لكنه يشير إلى احتمال أن يؤدي هذا التوسع في النفوذ التركي إلى تأجيج صراعات جديدة في منطقة تشهد حالة من عدم الاستقرار.

تهديد لإسرائيل

وفي ظل هذا التوازن الإقليمي الجديد، يتوقع أن تعاني إسرائيل من العواقب المباشرة لهذا الاتفاق المحتمل.

وبيّن أن إسرائيل قد تواجه تهديدا جديدا يفرضه الوجود التركي وإعادة بناء القدرات العسكرية السورية المحتملة.

وعلى وجه الخصوص أن تواجه تهديد "وجود قوة سنية على حدودها" ما قد يعارض بعض التحركات الإسرائيلية على غرار تواصل احتلال مرتفعات الجولان.

في هذا السياق، يذكر المعهد الإيطالي عملية "سهم باشان" التي أطلقها الاحتلال بعد سقوط بشار الأسد ودمر خلالها معظم القدرات العسكرية لجيش النظام السوري السابق.

 وأيضا توغل قواته في محافظة القنيطرة وسيطرتها على المنطقة العازلة في الجولان عقب سقوط نظام حزب البعث السوري.

وفي الوقت الحالي، يفترض المعهد الإيطالي أن يسمح اتفاق الدفاع المحتمل بين سوريا وتركيا بإعادة تسليح دمشق بسرعة وزيادة قدرات جيشها الجديد. 

علاوة على ذلك، لا يستبعد أن يؤدي "وجود قوات تركية على الأراضي السورية إلى اندلاع صراع مباشر بين أنقرة وتل أبيب ما يفتح جبهة جديدة من التوتر في المنطقة".

مخاطر لإيران

وأردف المعهد الإيطالي بأن إيران تمثل جهة أخرى يمكن أن تتأثر بتعزيز العلاقات بين تركيا والحكومة الانتقالية السورية.

وقال: إن سقوط نظام الأسد شكل خسارة حليف مهم في محور المقاومة خاصة من ناحية نقل الأسلحة والمساعدات لحليف طهران، حزب الله اللبناني.

ويرى أن "دخول دمشق إلى دائرة النفوذ التركي قد يمثل الخسارة النهائية لسوريا كشريك لإيران خاصة في ظل تصميم أنقرة على زيادة نفوذها في الشرق الأوسط".

وعلى الرغم من التعاون بين البلدين في عدة مجالات، تحدث المعهد عن تنافس إيراني تركي على اكتساب النفوذ في المنطقة منذ تسعينيات القرن العشرين.

وزاد أن أنقرة وطهران تواجهتا من خلال حروب بالوكالة في عدة دول في المنطقة، من سوريا إلى العراق وليبيا، وكذلك اليمن، وأيضا في حرب إقليم قره باغ، بوقوف أحدهما دائما إلى جانب الطرف المقابل.

لذلك يتوقع أن يؤدي توسع النفوذ التركي في سوريا إلى تأجيج توترات جديدة مع إيران، التي تهدف بدورها إلى إعادة تأكيد وتوسيع وجودها في المنطقة وما حولها.

كما أكد المعهد الإيطالي أن الاتفاق المحتمل بين الحكومة السورية الانتقالية وتركيا، يشكل نقطة تحول في توازن القوى في الشرق الأوسط على ضوء تعزيز النفوذ التركي في سوريا.

وشدد بأن أنقرة تحاول التموضع كلاعب رئيس في مرحلة ما بعد الأسد، بهدف تحقيق الاستقرار في سوريا تحت دائرة نفوذها وكذلك احتواء القوات الكردية التي تعدها تهديدًا للأمن القومي.