اتهامات لإريتريا بارتكاب "تطهير عرقي" على الحدود مع إثيوبيا.. ما الحقيقة؟

15331 | 6 months ago

12

طباعة

مشاركة

رغم مرور أكثر من 3 سنوات، مازالت أصابع الاتهام توجه إلى إريتريا بارتكاب "انتهاكات ومجازر" في إقليم تيغراي الإثيوبي خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أثناء دعمها القوات الفيدرالية الإثيوبية في حربها لقمع تمرد قوات "جبهة تحرير شعب تيغراي".

ورغم إعلان انسحابها آنذاك، إلا أن تقارير دولية عديدة تشير إلى أن قوات أسمرة “لم تنسحب بالكامل” من مدن وقرى الإقليم الحدودي.

عنف متزايد

وفي السياق، سلطت صحيفة "أفينير" الإيطالية الضوء على اتهامات ناشطين لإريتريا بتنفيذ "إستراتيجية الإبادة الجماعية" ضد أقلية الكوناما التي تسكن قرى تقع على المناطق الحدودية مع إثيوبيا، وسط نفي من أديس أبابا وأسمرة لاتهامات “التطهير العرقي”.

والكوناما هي العرقية النيلية التي تقطن إريتريا وإثيوبيا، ويعيش عشرات الآلاف من الكوناما في المنطقة النائية والمعزولة بين نهري الجاش وسيت قرب الحدود مع إثيوبيا.

واستنكرت الصحيفة الإيطالية تواصل "التطهير العرقي في إقليم تيغراي"، متهمة قيام من وصفتهم بـ"المحتلين الإريتريين" باستهداف أقلية شعب الكوناما العرقية بالتطهير العرقي بعد أن استهدفت أقلية شعب إيروب قبلهم. 

وقالت إن "محاولات تنفيذ اتفاق السلام المبرم بين طرفي النزاع في بريتوريا بجنوب إفريقيا خلال نوفمبر 2022، تصطدم اليوم بالعنف المتزايد في غرب تيغراي".

وأدانت الصحيفة الإيطالية ما قالت إنه "عدم توقف المذابح التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإريترية" في مخيمات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ضد اللاجئين الإريتريين من مجموعة كوناما العرقية في السنوات الأخيرة. 

وبحسب قولها، "تشن قوات أسمرة حملة إبادة للأقليات العرقية في المناطق الحدودية بشمال تيغراي والتي غزتها قبل 4 سنوات بموافقة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد نفسه". 

واتهمت الصحيفة "نظام الرئيس الإريتري" أسياس أفورقي بارتكاب سلسة من الجرائم ضد الإنسانية، مستنكرة إعلان الحكومة الإيطالية إبرام اتفاقية تعاون معه.

كما ذكرت أن وجود العساكر الإريتريين في مناطق تيغراي الحدودية تسبب في عرقلة وصول المساعدات طيلة الأربع سنوات الماضية.  

وأضافت أن "المناطق التي احتلوها تشهد عمليات ترحيل واعتقالات تعسفية لمن يرفضون الجنسية الجديدة والتجنيد القسري للأصغر سنا".

وأفادت بأن "هذه العمليات لا تستهدف فقط الإيروب وإنما الكوناما أيضا وهم شعب يضم عدة آلاف من المزارعين يعيشون بين السودان وتيغراي وإريتريا".

واتهمت من وصفته بـ"الدكتاتور الإريتري"، بوضع إستراتيجية بعد انقضاء عامين من الحرب الأهلية التي انتهت في نوفمبر 2022 باتفاق بريتوريا للسلام الذي يعارضه.

وتتمثل هذه الإستراتيجية في ضم الأراضي التي تطالب بها إريتريا بناء على اتفاق سابق، وفي نفس الوقت إضعاف تيغراي، فضلا عن زعزعة استقرار شمال إثيوبيا بشكل دائم.

إستراتيجية الإبادة

ونقلت الصحيفة استنكار الناشط باتسيبا سيفو على وسائل التواصل الاجتماعي، بأن الكوناما يمثلون ضحايا "إستراتيجية الإبادة الجماعية" التي ينتهجها أسياس أفورقي.

كما نقلت عن الأستاذ الجامعي المختص في علم الأنثروبولوجيا، ميتيكو جبريهيووت، قوله إن إريتريا "تستهدف المجموعة العرقية لعقود من الزمن، لأنها لم تكن تؤيد الاستقلال عن إثيوبيا قبل 30 عاما.. إنهم ضحايا الكراهية العرقية والأيديولوجية". 

وحذر من أن "كوناما التيغراي، الذين يعدون أنفسهم إثيوبيين ويعيشون بين الشمال الغربي وغرب المنطقة، يواجهون اليوم خطر الإبادة على غرار ما تعرض له الإيروب".

وكانت القوات الإريترية، التي دعاها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لمحاربة "الأعداء المشتركين" من حزب جبهة تحرير تيغراي، قد عبرت الحدود مباشرة بعد اندلاع الحرب في تيغراي عام 2020.

واستهدفت في مرات عديدة "بلا رحمة"، على حد تعبير الصحيفة الإيطالية، مخيمات هيتساتس وشيميلبا، التي يسكنها بشكل رئيس لاجئو كوناما الإريتريون، وقامت بتدميرها بالكامل، وفق ما وثقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والعديد من المنظمات الإنسانية. 

وكان مولو، وهو الآن لاجئ في جيبوتي، شاهد عيان على المجازر وعمليات الترحيل التي ارتكبت قبل عام 2022 وبعده. 

وقال إن الإريتريين "لاحقوا الهاربين في قرى كوناما في تيغراي وألقوا القبض عليهم وقتلوهم هم والسكان الذين كانوا يحمونهم".

وأضاف في شهادته "قتلوا كبار السن في مخيمات اللاجئين الذين لا يمكن ترحيلهم إلى إريتريا مثل الشباب ". 

وتابع "في يناير/كانون الثاني 2021، أخبرنا قائد عسكري إريتري أن الأرض التي نعيش فيها تابعة لإريتريا وأن علينا المغادرة وأنهم سينفذون تطهيرا عرقيا".

ومضى قائلا "بالنسبة لهم نحن مقيمون مؤقتون وعلينا العودة إلى إريتريا حيث يتم تجنيد الشباب وإرسالهم للتجسس على الإخوة الإثيوبيين من كوناما مقابل إبقائهم أحياء". 

واستنكر مولو "تعرض قرى كوناما في تيغراي للنهب والتدمير، بينما تستمر الاعتقالات وحالات الاختفاء في قرى مثل شيمبلينا، الواقعة قريبا من الحدود والتي يطالب بها الإريتريون" محذرا بالقول "الجيش الإثيوبي لا يحمينا وإذا لم يتدخل الاتحاد الإفريقي فسوف نذبح".

وفر ما لا يقل عن ألف لاجئ سوداني وستة آلاف إريتري آخرون مطلع مايو، من مخيم اللاجئين التابع للأمم المتحدة في كومر على بعد 70 كيلومترا من الحدود مع السودان في خضم الحرب الأهلية هناك.

وكانوا قد اشتكوا دون جدوى إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تعرضهم طيلة عدة أشهر لعمليات السطو والاختطاف والاعتداء والاغتصاب على أيدي عناصر أمهرة المحلية.

وحذرت الصحيفة الإيطالية من “حدوث تصعيد خطير في تيغراي بعد عامين من توقف الصراع الذي أودى بحياة 600 ألف قتيل وتسبب في نزوح مليون ونصف المليون، وذلك في حال لم ينفذ الإثيوبيون ومسؤولو تيغراي اتفاقيات السلام التي تم التوصل إليها في بريتوريا بوساطة الاتحاد الإفريقي".