اختيار ترامب “جي دي فانس” نائبا له.. لهذا يثير قلق الأوروبيين

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

بدت مخاوف الأوروبيين واضحة بشأن اختيار مرشح الحزب الجمهوري الأميركي دونالد ترامب للسيناتور “جي دي فانس” رفيقا له في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة. 

وفانس يعارض بشدة المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا ويدعو إلى التركيز على آسيا الشرقية، مما يثير قلقا واسعا في أوروبا من تداعيات اختيار فانس نائبا لترامب.

حالة من القلق 

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في نسختها البرتغالية إن "السياسيين والدبلوماسيين الأوروبيين كانوا يستعدون بالفعل لتغييرات في العلاقات مع الولايات المتحدة في حال فوز ترامب بالرئاسة الثانية".

وأضافت أنه “بعدما اختار المرشح الجمهوري عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، جي دي فانس، نائبا له، تبدو هذه المخاوف أكثر وضوحا فيما يتعلق بالنظرة المستقبلية للحرب في أوكرانيا وقضايا الأمن والتجارة”.

ووفق ما ذكرته الهيئة الإذاعية، صرح فانس، الذي كان من أشد منتقدي المساعدات الأميركية لأوكرانيا، في مؤتمر ميونيخ الأمني ​​لعام 2024 بأن "أوروبا يجب أن تنتبه إلى حاجة الولايات المتحدة إلى تحويل تركيزها نحو شرق آسيا".

كما قال خلال الحدث الذي أُقيم في ألمانيا إن "الغطاء الأمني ​​الأميركي تسبب في ضمور الأمن الأوروبي".

ولكن مقابل ذلك، في حديث له مع "بي بي سي"، قال نيلس شميد، النائب عن حزب المستشار الألماني أولاف شولتز، إنه "واثق من أن أي رئاسة جمهورية في الولايات المتحدة ستحافظ على قوة الناتو، حتى لو بدا جي دي فانس أكثر انعزالية وظل ترامب لا يمكن التنبؤ به"".

وفي الوقت نفسه، حذر شميد من جولة جديدة من "الحروب التجارية" مع الولايات المتحدة في ظل رئاسة ترامب الثانية.

وعلى جانب آخر، يرى دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي أنه "بعد أربع سنوات من رئاسة ترامب، لا يمكن لأحد أن يكون ساذجا".

وأوضح رأيه قائلا: "نحن نفهم ما يعنيه أن يعود ترامب كرئيس لولاية ثانية، بغض النظر عن مرشحه لمنصب نائب الرئيس".

وأضاف الدبلوماسي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، والذي يصور الاتحاد الأوروبي على أنه "سفينة شراعية تستعد للعاصفة"، أن المفاوضات والاتفاقات المستقبلية "تميل دائما إلى أن تكون أكثر صعوبة".

اختلاف التوقعات

وبالإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي أكبر حليف لأوكرانيا، تنقل هيئة الإذاعة البريطانية تصريح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي قال فيه إنه "ليس خائفا من أن يصبح ترامب رئيسا مرة أخرى، وإنه مستعد للعمل معه".

وأوضح زيلينسكي كذلك أنه "يعتقد أن غالبية الحزب الجمهوري يدعم أوكرانيا".

وفي هذا السياق، لفتت الهيئة الإذاعية الأنظار إلى الصديق المشترك لكل من الرئيس الأوكراني وترامب، بوريس جونسون، رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق.

جدير بالذكر أن جونسون كان يدعو دائما إلى استمرار المساعدات لأوكرانيا، كما أنه التقى أخيرا بترامب في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري الأميركي.

وبعد اللقاء، نشر جونسون على منصة "إكس" أنه "ليس لديه أدنى شك في أن ترامب سيكون قويا وحاسما في دعم هذا البلد -أي أوكرانيا- والدفاع عن الديمقراطية".

ولفتت "بي بي سي" إلى أن ما نشره جونسون -وإن كان صحيحا- لا ينطبق على فانس الذي قال، قبل أيام من الغزو الروسي واسع النطاق، في أحد البرامج الصوتية أنه "لا يهتم حقا بما يحدث في أوكرانيا، بطريقة أو بأخرى".

وبشكل فعلي، في مجلس الشيوخ الأميركي، لعب فانس دورا رئيسا في تأخير حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولار، بحسب ما ورد عن الهيئة.

وفي هذا الصدد، قال يفهين ماهدا، المدير التنفيذي لمعهد "السياسة العالمية"، وهو مركز أبحاث مقره كييف: "نحن بحاجة إلى محاولة إقناع فانس بخلاف ذلك".

وتابع: "إن إحدى الحقائق التي يمكننا استخدامها كورقة رابحة هي أنه حارب في العراق، لذا يجب دعوته إلى أوكرانيا حتى يتمكن من رؤية بنفسه ما يحدث وكيف تُنفق الأموال الأميركية".

والسؤال المطروح هنا -من وجهة نظر ماهدا- بالنسبة لأوكرانيا هو "إلى أي مدى يستطيع نائب الرئيس في نهاية المطاف التأثير على قرارات الرئيس الجديد؟".

ومن ناحية أخرى، وافق ماهدا على أن "عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب قد يمثل مشكلة لكييف في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية".

موضع جدل

وعلى جانب آخر، سلطت هيئة الإذاعة البريطانية الضوء على أن أكبر مؤيد لبطاقة ترامب-فانس في الاتحاد الأوروبي هو المجري فيكتور أوربان.

والذي عاد أخيرا من زيارة للمرشح الجمهوري، بعد اجتماعه أيضا مع زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة معه.

وفي رسالة إلى زعماء الاتحاد الأوروبي، قال أوربان إن "ترامب المنتصر لن ينتظر حتى أداء اليمين كرئيس للمطالبة بسرعة بإجراء محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا".

وجاء في نفس الرسالة أن "أوربان لديه خطط مفصلة وراسخة لهذا الغرض".

لكنه لفت إلى أنه "لا يتعرض لضغوط غربية لتقديم هذا الاقتراح"، وفق ما ورد عن الهيئة الإذاعية.

وبالعودة إلى الدور الذي يلعبه أوربان، تشير الهيئة أن "مهمات السلام" التي قام بها أوربان أخيرا إلى موسكو وبكين أثارت اتهامات بأنه "قد يستغل رئاسة المجر الدورية للمجلس الأوروبي لمدة ستة أشهر".

ونتيجة لذلك، ذكرت الهيئة البريطانية أنه صدرت تعليمات لمسؤولي المفوضية الأوروبية بعدم حضور الاجتماعات في المجر بسبب تصرفات أوربان.

وبالإشارة إلى بعض القرارات التي اُتخذت خلال رئاسة ترامب، تقول "بي بي سي" إن الولايات المتحدة كانت قد فرضت تعريفات جمركية على الصلب والألمنيوم المنتجين في الاتحاد الأوروبي. 

ورغم تعليقها خلال إدارة جو بايدن، فقد وعد ترامب بفرض ضريبة بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات الأجنبية إذا عاد إلى البيت الأبيض.

وخلصت الهيئة إلى أن "احتمال حدوث مواجهة اقتصادية جديدة مع الولايات المتحدة سيُنظر إليه بوصفه نتيجة سيئة، بل وربما كارثية، في أغلب العواصم الأوروبية".

حروب تجارية

وفي هذا الصدد، قال زعيم السياسة الخارجية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا، نيلز شميد: "الشيء الوحيد الذي نعرفه على وجه اليقين هو أنه ستكون هناك تعريفات عقابية مفروضة على الاتحاد الأوروبي، لذا يتعين علينا الاستعداد لموجة أخرى من الحروب التجارية".

وبالحديث عن برلين، لفتت الهيئة الأنظار إلى أن جي دي فانس كان قد انتقد الحكومة الألمانية بشأن الاستعداد العسكري للبلاد في وقت سابق من عام 2024.

ورغم أنه لم يكن ينوي "ضرب" ألمانيا، إلا أن المرشح قال إن "القاعدة الصناعية التي تدعم إنتاج الأسلحة في البلاد غير كافية".

ومن وجهة نظر الهيئة الإذاعية البريطانية، كل هذه العناصر يمكن أن تزيد من الضغوط على ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، لحملها على "النهوض" بوصفها جهة فاعلة رئيسة في ضمان أمن القارة.

وفي هذا السياق، ذكرت الهيئة  أنه بعد خطابه الذي نال استحسانا كبيرا ردا على الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا عام 2022، كثيرا ما اتُهم أولاف شولتز بالتردد في إمداد كييف بالأسلحة.

ولكن بحسب الهيئة، يحرص حلفاء المستشار دائما على الإشارة إلى أن ألمانيا تأتي في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث المساعدات العسكرية لكييف، على الرغم من أنها حققت -للمرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة- هدفها المتمثل في إنفاق 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي هذه النقطة، تبرز الهيئة تصريح شميد الذي قال فيه إنه "يعتقد أن ألمانيا تسير على الطريق الصحيح"، موضحا أنها "يجب عليها إعادة بناء جيش أُهمل لمدة 15 أو 20 عاما".

ورغم ذلك، قالت الهيئة إن "المراقبين غير مقتنعين على الإطلاق بأن الاستعدادات الأوروبية وراء الكواليس جادة أو كافية".

لافتة إلى أنه "هناك عدد قليل من الزعماء الذين يتمتعون بالنفوذ السياسي أو الميل للدفاع عن بنية أمنية مستقبلية غير عملية لقارة أوروبية غير عملية".

وبشكل عام، ترى الهيئة البريطانية أن "شولتز يتمتع بأسلوب أكثر تكتما ومقاومة واضحة لأخذ زمام المبادرة في مواقف السياسة الخارجية الأكثر جرأة".

علاوة على ذلك، تنوه "بي بي سي" أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أُصيب بضعف خطير بعد الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية تركت البلاد في حالة من الشلل السياسي.

وفي النهاية، تعكس الهيئة البريطانية تحذير الرئيس البولندي، أندريه دودا، في 16 يوليو/ تموز 2024، الذي يفيد بأن "أوكرانيا إذا خسرت المعركة ضد موسكو، فإن حربا روسية محتملة ضد الغرب ستكون وشيكة".

وأكد دودا على أن "الوحش الروسي الشره سيرغب في الهجوم بشكل مستمر".