سبب انفصال عبدالحميد خراساني عن طالبان.. عرقي أم أيديولوجي؟

رمضان بورصا | 5 months ago

12

طباعة

مشاركة

خلافا لتوقعات الانهيار والتفكك طوال فترة المقاومة التي استمرت 20 عاما، حققت طالبان في أفغانستان وحدة كبيرة داخل الحركة حتى عودتها إلى السلطة عام 2021.

وكان طرد الولايات المتحدة وحلفائها من أفغانستان، هو الهدف الذي جمع بين مختلف الفصائل داخل طالبان ذات الهيكل اللامركزي، وحال دون حدوث المشكلات.

لكن تهدد سيطرة طالبان على البلاد والوصول إلى السلطة في أغسطس/ آب 2021، عملية الانسجام والنظام داخل الحركة.

ظهر ذلك أخيرا في إعلان القيادي البارز في طالبان عبدالحميد خراساني، المعروف باسم ناصر بدري استقالته من الحركة في 11 مايو/أيار 2024.

لماذا انفصل؟

هناك العديد من الآراء المختلفة حول رحيل زعيم جماعة نهضة المقاومة الإسلامية الطاجيكي عبدالحميد خراساني من طالبان.

لكن خراساني الذي انضم إلى طالبان بعد وقت قصير من سيطرتها على كابول، اتهم في تصريح الانفصال، البشتون داخل الحركة بأنهم "عصابة ولا يعدون أنفسهم إخوة مسلمين".

ورغم تعبيره عن "خلاف عرقي" من خلال ادعائه بوجود العديد من البشتون في حركة طالبان واتهامهم بتشكيل عصابة، إلا أن تصريح خراساني لم يلق قبولا من شرائح المجتمع كافة.

وتشير بعض المصادر إلى أن "خراساني كانت لديه خلافات أيديولوجية خطيرة مع طالبان، لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا"، لافتة إلى أن هذا هو سبب انفصاله عن الحركة.

ويذكر مصدر أفغاني آخر أنه "بالإضافة إلى المشاكل العرقية داخل طالبان، هناك أيضا مشاكل لغوية تكون فيها لغة البشتون في المركز، وهو ما يجعل أحد أسباب رحيل خراساني قائما على أساس اللغة".

وعلى جانب آخر، تشير بعض وسائل الإعلام الأفغانية إلى أن خراساني والمجموعة المسلحة التي يقودها "نهضة المقاومة الإسلامية" يمثلان آلة جريمة، وأنه ليس من الممكن له ولمجموعته البقاء في صفوف طالبان بهذه الحالة. 

وقبل إعلان انفصالهم عن طالبان، هدد مسلحون من “المقاومة الإسلامية” بقيادة خراساني، مجموعتي حقاني والملا هبة الله داخل الحركة، بأنهم سينفصلون إذا استمر تعرض عبدالحميد للإهانة والإذلال.

من الجدير بالذكر أن الشعب الأفغاني غير البشتوني، خاصة الطاجيكي الأصل، يعد خراساني محقا في موقفه. 

إذ يرى مواطنو أفغانستان من أصل طاجيكي أن انضمام خراساني لطالبان أمر غير مقبول، ويعدونه خطأ، لأن الحركة لا تقبل غير البشتونيين.

كما يعبر بعض الطاجيك عن غضبهم تجاه عبدالحميد خراساني لانضمامه إلى طالبان ومشاركته في مهامهم.

 وتقول مجموعة من الطاجيك إن خراساني قد ظلم شعبه في موطنه بنجشير من أجل طالبان، وهو الآن يدفع الثمن. 

ورغم تقديم عدة أسباب حول انفصال عبدالحميد خراساني عن طالبان، يتضح أن معظمها يتعلق بالنزاع العرقي.

فمن العوامل المهمة الأخرى التي تعزز الانقسام داخل طالبان يأتي الخلاف بين الهويات العرقية. 

إذ إن طالبان حركة تتألف إلى حد كبير من البشتون، مع أعداد أقل من الأوزبك والطاجيك والهزارة والتركمان والنورستانيين.

وتُظهر فترة ما يقرب من 3 سنوات منذ وصولها إلى السلطة أن طالبان تواجه العديد من المخاطر مثل فقدان الشرعية الأيديولوجية والانقسام الداخلي في انتقالها من حركة مقاومة إلى أخرى سياسية.

ومن الممكن القول إن "هناك توجهين رئيسين يسيطران داخل حركة طالبان"، حيث تفضل إحدى المجموعات الاعتدال وإعطاء الأولوية للحقائق الموضوعية والسعي للحصول على الاعتراف من المجتمع الدولي.

بينما تتبنى المجموعة الأخرى سياسة محافظة تعطي الأولوية للدفاع عن أفكارها الأساسية وحمايتها.

يؤثر هذان النهجان أيضا على صياغة السياسة الخارجية والأمنية لحكومة طالبان. فعلى سبيل المثال، يؤيد المعتدلون انتهاج سياسة أكثر صرامة ضد تنظيم القاعدة، في حين يعارضها المحافظون.

ولأن المعتدلين/ البراغماتيين والمحافظين موجودون بين جميع المجموعات داخل طالبان، يجعل هذا الوضع الانقسامات الداخلية أكثر خطورة.

الاندماج القسري

ومن المعروف أن مجموعة "نهضة المقاومة الإسلامية" وزعيمها خراساني، لديهم خلافات أيديولوجية خطيرة وخلافات على الهوية العرقية مع طالبان، وأنهم كانوا في صراع معها حتى استيلائها على السلطة.

وفي تصريح أدلاه قبل 4 أشهر من سيطرتها على كابول، قال خراساني: "سأموت، لكنني لن أستسلم لطالبان. إن بنجشير هي بيتي، وكل عضو في الحركة تطأ قدمه هنا سيموت"، مما يوضح موقفه المعارض لها.

وبعد سيطرتها الكاملة على البلاد، تبنت حركة طالبان سياسة توافقية مع جميع الفئات، بما في ذلك الجماعات التي لا تتفق معها أيديولوجيا، بهدف تحقيق الأمن والسلام في البلاد.

 وفي هذا السياق، جرى التوصل إلى اتفاق مع "نهضة المقاومة الإسلامية" التي تنشط في منطقة بنجشير.

ونظرا لأن انضمام “نهضة المقاومة الإسلامية” لطالبان جاء تحت ضغط الظروف، فقد حدثت خلافات واشتباكات بعد أشهر من الاندماج. 

في ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد أشهر من انضمامه، وقعت اشتباكات بين “نهضة المقاومة الإسلامية” وقوات طالبان في بنجشير، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص.

وبعد أشهر من الاشتباكات، وتحديدا في مارس/ آذار 2022، عُزل خراساني من منصبه كرئيس للأمن في مقاطعة بنجشير بتهمة "إساءة استخدام السلطة". 

وبعد أشهر من إقالة خراساني، في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اعتقلت طالبان شقيقه قاري عبد المقيم.

وعندما تسببت هذه الأحداث في حدوث اضطرابات داخل طالبان وفي بنجشير، عينت الحركة خراساني رئيسا إداريا لمنطقة أحمد آباد في مقاطعة باكتيي في مارس/ آذار 2023.

وفي نفس العام شنت باكستان سلسلة من الضربات الجوية على الأراضي الأفغانية، ما دفع وزير الدفاع الأفغاني الملا محمد يعقوب لتعيين خراساني مسؤولا عن مشكلة الحدود. 

وصرح خراساني من الحدود الباكستانية أنهم ضربوا بعض النقاط الباكستانية بنيران المدفعية وهم مستعدون للرد على العدوان بنسبة 100 بالمئة.

وبعد تصريحه بانفصاله عن حركة طالبان، أعلن خراساني الحرب على باكستان. إذ بدأ مع مجموعة من المليشيات المسلحة تحت قيادته، صراعا مع الجيش الباكستاني على الحدود الأفغانية الباكستانية.

وكان قد هدد باكستان في شريط فيديو نشره قبل أشهر قليلة من انفصاله عن طالبان، حيث قال إنه سيغزوها إذا هاجمت أفغانستان مرة أخرى.

وفي عام 2018، نشرت وزارة الداخلية الأفغانية تقريرا عن "نهضة المقاومة الإسلامية" وورد ذكرها كـ “عصابة إجرامية”.

وأشار تقرير الوزارة إلى أن "خراساني كان مجرما محترفا، وأنه متورط في العديد من القضايا الجنائية، أبرزها الابتزاز والخطف والقتل والسرقة".

وكانت الشرطة قد اعتقلت خراساني في الجرائم المنسوبة إليه عام 2018، عندما نشرت الوزارة التقرير.

علاوة على ذلك، اتهمت السلطات الأفغانية عبدالحميد خراساني ومجموعته بتهريب المخدرات. 

ونتيجة لذلك، اعتقلت حركة طالبان خراساني، الذي اختبأ في بنجشير لفترة عندما كان أشرف غني رئيسا، عدة مرات بتهمة تهريب المخدرات.