قمة بريكس بالبرازيل تعيد الجدل.. هل يستطيع التكتل تحدي الهيمنة الغربية؟

منذ ١٧ ساعة

12

طباعة

مشاركة

في ظل التحولات المتسارعة بالنظام الدولي، يثير تحالف "بريكس" جدلا متزايدا حول مدى قدرته على تشكيل بديل حقيقي للهيمنة الغربية والمؤسسات التقليدية مثل الأمم المتحدة ومجموعة السبع. 

في هذا السياق، يستعرض فيكتور أنجيلو، نائب الأمين العام السابق للأمم المتحدة والمستشار الأمني الدولي، بعيون نقدية المسار السياسي لتحالف بريكس. 

توازنات جديدة

وركز، في مقال نشرته صحيفة "دياريو دي نوتيسياس" البرتغالية، على طموحات الصين بقيادة الرئيس شي جين بينغ، والانقسامات الداخلية بين أعضائه، والتحديات التي تهدد تماسكه. 

فهل يستطيع هذا التكتل المتعدد الأطراف أن يصمد في وجه التنافسات الإقليمية والطموحات المتضاربة؟ أم أن تناقضاته ستظل عائقا أمام تحوله إلى قوة دولية حقيقية؟

ويقول الكاتب: إن "قمة تحالف بريكس التي عقدت في ريو دي جانيرو بالبرازيل ( 6 و7 يوليو/تموز) عززت ما كان يعتقده منذ فترة طويلة". 

وأوضح أن "العلاقات الدولية في طور البحث عن توازنات جديدة"، مضيفا أنه "بالإمكان القول إننا نعيش المرحلة الثانية من عملية تحرر المستعمرات السابقة للدول الأوروبية والولايات المتحدة".

وذكر أن "استقلال الهند عام 1947 شكل لحظة مفصلية في تاريخ التحرر الوطني، وأن تلك المرحلة الأولى التي تلت الحرب العالمية الثانية غيرت هيئة الأمم المتحدة". 

ففي لحظة تأسيس المنظمة، وقعت الميثاق 51 دولة، لكن بحلول عام 1975 كانت المنظمة تضم 144 عضوا.

وأشار المستشار الأمني أن آخر انضمام شهدته الأمم المتحدة جرى في عام 2011، بدخول جنوب السودان.

كما أكد أن "تلك الحقبة شهدت كذلك تسارعا في عملية الانفصال بين الدول المتقدمة والمستعمرات السابقة"، وهو ما يسميه بـ "الاستعمار الثاني". 

وتابع أن "هذا الواقع أظهر بوضوح ما كان مطروحا للنقاش منذ نهاية الحرب الباردة؛ وهو أن الجانب السياسي من الأمم المتحدة، لا سيما ما يتعلق بمجلس الأمن، لم يعد يعكس الواقع الدولي". 

وأردف :"كما اتضح أنه بالإمكان بناء بديل للهيكل السياسي للأمم المتحدة".

الدور الصيني

وأشار إلى أن "الصين بقيادة شي جين بينغ، الذي وصل إلى السلطة عام 2012، ظهرت كمحور يمكن أن تُبنى حوله شبكة جديدة من العلاقات الدولية". 

فهم بينغ تلك الفرصة التي كانت تحمل ثلاث فوائد كبيرة لتوطيد سلطته الشخصية: أولا، تحويل الصين إلى قوة مركزية في الساحة العالمية.

 ثانيا، تسهيل الوصول السياسي والاقتصادي لعدد كبير من الدول؛ وثالثا، خلق ظروف تضمن الازدهار وتعزز النزعة القومية التاريخية لدى الشعب الصيني.

وأكمل: "ولذلك، بادر بينغ منذ عام 2013، بعد تثبيت سلطته الداخلية، إلى إطلاق مشروع الحزام والطريق العملاق، والذي يهدف إلى بناء بنية تحتية لوجستية واسعة تمكنه من الوصول السريع إلى مختلف الأسواق العالمية، وأيضا من تحقيق تحركات متصلة بمصالحه العسكرية".

وأضاف أن حوالي 150 دولة وعدة منظمات دولية لديها حاليا نوع من الاتفاقات مع الصين في ما يتعلق بعمل وتوسع مشروع الحزام والطريق.

لكن الكاتب استدرك أن "البعد السياسي كان لا يزال مفقودا، وهو ضرورة وجود نظام يقدم بديلا لهيمنة أميركا والدول المتقدمة، ولهذا السبب استثمر بينغ في تعميق تحالف بريكس".

وأشار إلى أن "التحالف ظهر في العقد الأول من القرن الحالي، عبر مبادرة روسية بالأساس، ليكون بمثابة نقيض لمجموعة السبع". 

لكنه أوضح أن "القمم الأولى، التي جمعت البرازيل وروسيا والهند والصين، لم تحقق تقدما كبيرا في المجالات الأساسية مثل: التعاون الاقتصادي، والتأثير في المؤسسات المالية الدولية، والتخلي التدريجي عن الدولار في التبادل التجاري فيما بينها". 

كما انضمت جنوب إفريقيا إلى الدول الأربع عام 2010.  وفي يناير/ كانون الثاني 2024، أصبحت مصر وإثيوبيا وإيران والسعودية والإمارات أعضاء فيها، قبل أن تنضم إليهم إندونيسيا رسميا في يناير 2025.

وتسعى مجموعة "بريكس" التي أطلقت رسميا عام 2009، إلى تعزيز دورها كمحرك رئيس في الاقتصاد العالمي، في ظل دعوات متزايدة لإصلاح النظام المالي الدولي، وتعزيز التعددية القطبية.

ويشدد على أن "الانطلاقة الحقيقية لتحالف بريكس تعود إلى الرئيس بينغ، انطلاقا من قمة 2013". وأدركت الصين حينها الأهمية السياسية لهذا التكتل، وبدأت في منحه اهتماما خاصا.

“نصف فاشلة”

وأوضح الكاتب أن "بريكس وفر البعد المتعدد الأطراف والتغطية السياسية التي كانت تفتقر إليها مبادرة الحزام والطريق".

ورأى بينغ أن توسع بريكس يعني نهاية للمؤسسات التي يهيمن عليها الغرب، وبداية لعلاقات دولية جديدة خارج إطار منظومة الأمم المتحدة ومجموعتي السبع والعشرين.

وتابع وصف النظام الذي يراه شي جي بينغ في توسع بريكس قائلا: إنه "يعكس رقعة الشطرنج العالمية الحالية، ويرتكز على التعاون الرقمي، واستغلال أعماق البحار، وتوسيع التبادلات التجارية، وتعزيز دور المرأة في عالم الأعمال، وعملة اقتصادات الجنوب، واستكشاف الفضاء، وغير ذلك".

كما لفت إلى أن "المجموعة حاولت أيضا التوجه نحو حل النزاعات، لكنها كانت تفتقر إلى العنصر الأساسي: الحياد".

وأبرز الكاتب أن "هذا القصور تجلى بوضوح في قمة ريو دي جانيرو"، التي وصفها بأنها كانت "نصف فاشلة". 

"فالقادة لم يتمكنوا من معالجة قضية أوكرانيا بموضوعية، وهو المثال الأوضح"، حسب قوله.

وشدد على أنهم "وقعوا في نفس الفخ الذي يشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إذ لم يتحلوا بالشجاعة للاعتراف بالانتهاكات التي ارتكبها أحد أعضائهم الأساسيين؛ روسيا (بغزوها أوكرانيا)، وهو ما يُفقد المنظمة مصداقيتها".

وأشار كذلك إلى أنه "بالرغم من النوايا الصينية، فإن الأعضاء الرئيسين في التحالف لديهم أجندات مختلفة ومتنافسة". 

إذ ترى الهند والبرازيل أن عضويتها بالتحالف وسيلة ضغط للدخول بأسرع وقت ممكن كدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.

كذلك يؤكد الكاتب أن "الصين ستعترض حتما على دخول البرازيل أو إندونيسيا، كي لا تجبر على فتح الباب أمام الهند". 

وذكر أن "التنافس بين هذين الجارين العملاقين، سيكون جزءا من المشهد الجيوسياسي العالمي مستقبلا، إلى جانب الولايات المتحدة". وحسب تقييم الكاتب، فإن بريكس "تحالف مصلحي هش للغاية". 

واختتم أنه "تحالف إيجابي يسهم في توازن العلاقات الدولية، لكنه قد يصبح إشكاليا بسبب التنافسات القائمة بين بعض أعضائه. وكذلك لأنه تكتل تهيمن عليه دول لا تحترم كثيرا -أو على الإطلاق- حقوق الإنسان أو القانون الدولي".