يخاطب الجانب المظلم في الوعي الأميركي.. كيف حلل موقع روسي خطاب ستولتنبرغ؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

مسلطا الضوء على اللغة والمصطلحات التي يستخدمها الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أحاديثه عن فعاليات الحلف وأنشطته، خلص موقع روسي إلى أن ينس ستولتنبرغ يستخدم "لغة اقتصادية تجارية".

ورأى موقع "روسيا اليوم" أن ذلك "ليس من باب الخطأ أو المصادفة، بل إنها إستراتيجية متعمدة"، يهدف ستولتنبرغ من خلالها إلى مخاطبة "الجوانب المظلمة من الوعي السياسي الأميركي".

لسان تجاري

وعاد الموقع إلى عام 1953، حيث تحدث الأمين العام الأول للحلف، اللورد إسماي البريطاني، عن معنى وجود منصبه بـ"عبارات سامية تكاد تكون شاعرية".

وأوضح أنه عندما يُسأل: "ما هي منظمة حلف شمال الأطلسي؟"، يميل إلى الإجابة قائلا: "إنها مغامرة عظيمة، ولعل هذه هي التجربة الأكثر تعقيدا وبناءة في العلاقات الدولية على الإطلاق، ولا شك أن هذه هي أفضل فرصة لنا لمنع وقوع كارثة لا مثيل لها تتمثل في حرب عالمية ثالثة".

ولكن، من وجهة نظر الموقع، الأمين العام الحالي لحلف شمال الأطلسي، النرويجي ينس ستولتنبرغ، "ليس لديه وقت لهذا الكلام الشاعري".

وتابع: "بدلا من قضاء الوقت في الحديث عن الأمور الروحية والعالية، فهو يفضل استخدام لغة التجارة والأعمال".

وذكر الموقع بعضا من صيغه المستخدمة، فعلى سبيل المثال يقول إن "أوكرانيا تعد صفقة جيدة للولايات المتحدة" أو "معظم الأموال التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا تُستثمر فعليا هنا في الولايات المتحدة، وتُنفق على شراء المعدات الأميركية التي نرسلها إلى أوكرانيا".

وهنا يتساءل "روسيا اليوم" متعجبا: "هل "(الصفقة الجيدة) هو المصطلح الصحيح لوصف العمليات القتالية التي تتسبب في مقتل الناس كل يوم وكل ساعة، وربما حتى كل دقيقة؟".

ومؤكدا أنه "لا يحاول فضح ستولتنبرغ"، أشار الموقع إلى "وجود بعض الأنشطة عديمة الفائدة بوضوح، لدرجة أنه من غير المجدي إضاعة الوقت عليها". 

وفي هذا السياق، تساءل: "لماذا قال الأمين العام للناتو ما قاله؟ هل ربما بيت القصيد هو أن نسي أنه لم ينتقل بعد إلى منصب آخر وما زال رئيسا للبنك المركزي النرويجي؟".

وشدد الموقع على أن "الحديث عن (الصفقات الجيدة) في فم المصرفي النرويجي أصبح هو القاعدة، حتى إنه لا يستخدم هذا المصطلح عن طريق الخطأ، ولكن بوعي تام".

وعلاوة على ذلك، من مقابلة ستولتنبرغ مع صحيفة "واشنطن إكزامينر"، ذكر الموقع الروسي أنه استخدم كذلك الصيغ التجارية التالية: "حلفاء الناتو يجعلون صناعة الدفاع الأميركية أقوى" و"الناتو يخلق سوقا كبيرا للولايات المتحدة لصناعة الدفاع الأميركية".

كما أشار إلى قوله: "في العامين الماضيين فقط، وافق حلفاء الناتو على عقود دفاعية تزيد قيمتها عن 120 مليار دولار، وهذا أمر جيد للولايات المتحدة".


 

حقيقة الحلف

وقال موقع "روسيا اليوم" إن "ستولتنبرغ يتحدث إلى الأميركيين بلغة يفهمونها جيدا، وهي لغة المال". 

ويرى أن ستولتنبرغ "يخاطب بشكل أساسي الجوانب المظلمة من الوعي السياسي الأميركي، تلك التي تحدث عنها رجل الدولة والقائد العسكري الشهير الجنرال دوايت أيزنهاور، عند تركه منصب الرئيس الأميركي في يناير/ كانون الثاني 1961".

وتحدث أيزنهاور عن أن "المزيج المكون من مؤسسة عسكرية ضخمة وصناعات دفاعية كبيرة يعد جديدا في التجربة الأميركية"، ويرى أن "التأثير الإجمالي -الاقتصادي والسياسي وحتى الروحي- لهذا المزيج محسوس في كل مدينة وكل مجلس ولاية وكل مكتب من مكاتب الحكومة الفيدرالية".

ورغم تأكيده على احتياج الولايات المتحدة لهذا التطوير العسكري، تابع القائد الشهير محذرا: "ومع ذلك، يجب ألا نغفل عن عواقبه الخطيرة".

وأوضح الجنرال: "في مجالس الحكومة، يجب علينا أن نحترس من اكتساب المجمع الصناعي العسكري لنفوذ غير ضروري، سواء كان مرغوبا فيه أو غير مرغوب فيه، إن احتمال حدوث زيادة كارثية في الطاقة في غير مكانها موجود وسيستمر، ويجب علينا ألا نسمح أبدا لثقل هذا المزيج بتهديد حرياتنا أو عملياتنا الديمقراطية".

جدير بالإشارة إلى أن سجل مناصب هذا الجنرال تضمن منصب القائد الأعلى لقوات الناتو في أوروبا، في عام 1969.

ولكن -كما ذكر الموقع- من الواضح أن الأمين العام الحالي للحلف، ستولتنبرغ، لديه رأي حول هذه القضية يتناقض تماما مع رأي أيزنهاور.

حيث يرى الأمين العام للناتو أن "حلفاءه وشركاءه الرئيسين -الأميركيين- هم أشخاص لا ينظرون إلى أي شيء إلا من منظور تحقيق الربح".

ولخص الموقع المشهد بأن "كلمات ستولتنبرغ تتحدث عن نفسها بصوت عال وواضح، والتي تفيد بأنه يجب على الأميركيين (مساعدة) الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي لأن هذه (صفقة مربحة) بالنسبة لهم". 

وفي جملة واحدة، وصف الموقع ما يحدث بأن "الناس في أوكرانيا يموتون، وأصبح رجال الأعمال الأثرياء في الولايات المتحدة أكثر ثراء".

وأشار إلى أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "واثق من أن هذه هي الحجج التي ستُقبل ويُستمع إليها في أميركا، وستؤدي إلى تحقيق النتائج التي يحتاجها ستولتنبرغ". 

وقال الموقع إن "مصطلحات (المغامرة الكبرى والمثل العليا) تُستخدم فقط للاستهلاك الخارجي والدعاية، ولكن عندما يكون الحديث عن الأسس الموضوعية، فلا يمكن لستولتنبرغ الاستغناء عن ذكر (ربحية الصفقة)".

ورأى أنه "لم يتحدث أي من الأمناء العامين لهذه المنظمة بشكل أفضل منه عن الجوهر الحقيقي لحلف شمال الأطلسي".