صعود اليمين بأوروبا.. كيف يكون مفيدا ومضرا لإسرائيل في آن واحد؟
"المظاهرات التقدمية العنيفة ضد إسرائيل أثارت موجة غضب لدى الجمهور الأوروبي"
يمثل صعود اليمين في انتخابات البرلمان الأوروبي خلال يونيو/حزيران 2024، مصدر راحة لإسرائيل التي تشن عدوانا مدمرا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
فأخيرا هناك فرصة أن تهدأ الانتقادات العالمية المتلاحقة ضد إسرائيل، وأن يزداد الدعم المقدم لها، وفق ما ترى صحيفة "معاريف" العبرية.
وفي ذات الوقت، هناك جانب آخر سلبي بالنسبة لدولة الاحتلال، فالحكومات اليمينية قد تشكل خطرا على المجتمعات اليهودية في تلك البلدان.
ولذا ترى الصحيفة أنه "يجب على إسرائيل أن تكون يقظة لضمان سلامة ورفاهية السكان اليهود في الخارج.
وترصد مظاهر صعود تيار اليمين أوروبيا وعالميا، موصية في النهاية إسرائيل باستغلال هذه الحالة لخدمة مصالحها.
"أخبار إيجابية"
وأوضحت الصحيفة أنه: "على الرغم مما يبدو على السطح، ليست كل الأمور سيئة على الساحة الدولية، فالتحركات التكتونية السياسية في أوروبا تمزق القناع التقدمي وتؤدي إلى تغييرات قد تكون إيجابية لإسرائيل".
وأقرت بتدهور صورة تل أبيب في أنحاء العالم، واتهمت منتقديها من الشعوب وحتى بعض الحكومات بـ "معاداة السامية"، وتتساءل: "كيف سيؤثر هذا على مستقبل إسرائيل؟".
تتابع الصحيفة: "تحدث كثيرون عن التأثير السلبي المتوقع لمكانة إسرائيل دوليا مستقبليا، لكن بالرغم من ذلك، هناك أيضا أخبار قد تكون إيجابية لإسرائيل".
وأردفت: "تتمثل تلك الأخبار في الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، والانتخابات في أجزاء واسعة من العالم، والتي قد تبشر نتائجها بتغيير معين نحو الأفضل في السياسة تجاه إسرائيل".
وتشير إلى "أن الانتخابات الأوروبية لا تمثل اهتماما كبيرا بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، ويرون أنها لا تعني شيئا لهم، على الرغم من أهميتها".
وتكمن تلك الأهمية في كونها “أكبر هيئة تمثيلية في العالم بعد الهند، إذ تضم 720 عضوا في البرلمان يجري انتخابهم بشكل نسبي؛ أي كل دولة حسب تعداد سكانها، ويمثلون مواطني أوروبا في السنوات الخمس المقبلة".
صعود اليمين
وتعزو الصحيفة ميل الناخب الأوروبي لأحزاب اليمين أخيرا إلى "ظاهرة المهاجرين للقارة الذين يكون معظمهم من الشرق الأوسط وإفريقيا".
وزعمت أن "أعمال العنف والجريمة المصاحبة لوجودهم في مدن أوروبا الرائدة، تسببت لسنوات في ميل عام نحو اليمين في الخريطة السياسية".
وادعت أن "المظاهرات التقدمية العنيفة ضد إسرائيل التي شارك في معظمها مهاجرون مسلمون، أثارت موجة غضب لدى الجمهور الأوروبي".
ورصدت تعامل الحكومات الأوروبية مع تلك المظاهرات، فقالت: "في الآونة الأخيرة، بدأت الشرطة في مختلف البلدان بقمع الاحتجاجات بقوة (السويد كمثال)، وحتى حظر التصريحات التي تنكر وجود دولة إسرائيل أو التي تفوح منها رائحة معاداة السامية في ألمانيا مثلا".
وبينت أن "التقديرات أشارت إلى أن تلك الظواهر ستترجم بانتخابات البرلمان الأوروبي إلى أنماط تصويت يمينية أكثر من ذي قبل، مما قد يستدعي تغييرا في سياسة أوروبا تجاه إسرائيل".
وافترضت كذلك "أن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، الذي كان معاديا للغاية في تصريحاته وفي السياسة التي انتهجها تجاه إسرائيل، سيتم استبداله أيضا".
من جانب آخر، لا ينتاب الصحيفة قلق من الصعود المتوقع لحزب العمال البريطاني إلى سدة الحكم بعد غياب طويل، في الانتخابات المزمع إجراؤها هذا الصيف، حيث تؤكد أن "اليمين سيظل مؤثرا في المشهد السياسي".
وتدلل على ذلك "بإعلان مرشح اليمين المتطرف، نايجل فاراج، نيته الترشح للبرلمان البريطاني".
وتابعت: "تنبأت استطلاعات الرأي الأولية أن يحتل اليمين المركز الثالث بعد المحافظين، إن لم يكن ثانيا".
ولذلك ترى أن ممثلي اليمين -أنصار البريكست (الخروج من الاتحاد الأوروبي)- سيكون لهم تأثير على اتخاذ القرار البريطاني فيما يتعلق بإسرائيل.
حملة دبلوماسية
وتنتقل للحديث عن جنوب إفريقيا التي شهدت كذلك تغييرا، فتقول: "رغم أن الحزب الحاكم التقدمي (ANC) بقي في السلطة بعد الانتخابات الأخيرة هناك، إلا أنه تراجع بشكل ملحوظ مما سيجبره على البحث عن شركاء في الائتلاف وبدء الاستماع إلى آرائهم".
وعن تأثير ذلك على الاحتلال، قالت الصحيفة: "من المحتمل أن يكون لهذا تأثير على درجة التطرف في مواقف ونشاطات جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، لكن الوقت لا يزال مبكرا للتأكد من ذلك"، وفق تعبيرها.
وتنصح الصحيفة حكومة الاحتلال باستغلال صعود اليمين والسعي للتأثير عليه عبر "إطلاق حملة دبلوماسية قوية تجاه المنتخبين الجدد في كل دولة بهدف التأثير على مواقفهم بشأن الحرب وخطط "اليوم التالي" في غزة.
على الجانب الآخر، تلفت الانتباه إلى "خطر يحيط بالجاليات اليهودية الأوروبية، ينبغي لإسرائيل ألا تتجاهله وتتعامل معه".
وتحذر من أن “صعود اليمين في أوروبا جيد لإسرائيل على المدى القصير في سياق الحرب”.
لكنه على المدى الطويل قد يشكل خطرا على الجاليات اليهودية الكبيرة التي تعيش في كل من هذه الدول.
وأكدت "أنه سيكون على إسرائيل العمل على حماية المجتمعات اليهودية في الدول التي قد تتأثر بصعود اليمين".