شكوى ضد شباب ذهبوا إلى دولة الاحتلال.. هل يجرم القضاء المغربي زيارة إسرائيل؟

24 days ago

12

طباعة

مشاركة

شخصيات مغربية ونشطاء مناهضون للتطبيع مع إسرائيل وداعمون لفلسطين في المغرب قدّموا شكوى أمام النيابة العامة بمحكمة الاستئناف في العاصمة الرباط، ضد 23 شابا مغربيا زاروا إسرائيل.

وفي 18 سبتمبر/أيلول 2024، تم رفع الشكوى من قبل منسق “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، عبد القادر العلمي، ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أحمد ويحمان، والكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، عزيز هناوي.

إضافة إلى القيادي في حزب "فيدرالية اليسار" علي بوطوالة، والبرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، وينوب عنهم سبعة محامين، بينهم النقباء عبد الرحمن بنعمرو وعبد الرحيم الجامعي وعبد الرحيم بن بركة.

تواطؤ صهيوني

وتأتي هذه الشكوى القانونية، حسب بلاغ مشترك، لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين والمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، على خلفية الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها عدد من الشباب المغاربة في يوليوز/ تموز 2024 إلى إسرائيل في إطار ما يسمى "مؤسسة شراكة" التي توجد مقرها في عاصمة الكيان المحتل.

وسجل البلاغ المشترك، أنه بعد تجميع المعطيات وإجراء مشاورات قانونية واسعة، تقرر تقديم شكوى أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بالتنسيق مع مجموعة من المحامين والنقباء.

وأكد البلاغ، أن الشكوى تهدف إلى محاسبة المتورطين كافة في هذا الفعل الخطير، بوصفه يندرج ضمن جرائم التواطؤ مع الاحتلال الصهيوني، ودعم جيشه في ظل الجرائم المستمرة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

من جانبها، عرّفت جمعية "شراكة" الإسرائيلية، الرحلة بكونها زيارة لوفد شبابي مغربي إلى إسرائيل من أجل "بحث مستقبل التطبيع مع إسرائيل في ظل الحرب الدائرة في غزة وضرورة استمرارها حتى تحقيق أهدافها".

زيارة 23 شابا مغربيا إلى إسرائيل، نظمتها جمعية "مغرب التعايش" (مؤسسة مدنية) بالتعاون مع مؤسسة "شراكة" التي تتخذ من تل أبيب مقرا لها، بتمويل من الحكومة الألمانية.

وأثارت هذه الزيارة - حينها - جدلا واسعا على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل تزامنها مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي يندد بها المغاربة ويطالبون بإسقاط "التطبيع" وقطع العلاقات نهائيا مع إسرائيل.

وطبّع المغرب العلاقات مع إسرائيل في ديسمبر/كانون الأول 2020 في إطار ما يسمى باتفاقات أبراهام التي رعتها الولايات المتحدة. وفي مقابل التطبيع، حصلت الرباط على اعتراف واشنطن بسيادتها على إقليم الصحراء.

 وعُقدت على هامش زيارة 23 شابا مغربيا إلى إسرائيل لقاءات مع مسؤولين، أبرزهم رئيس الكنيست، أمير أوحانا، ومستشار الأمن القومي السابق، مائير بن شبات.

وتناقلت منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع –حينها- مقاطع فيديو للشباب المغاربة، في ضيافة المسؤولين الإسرائيليين، منهم ابن شبات وهو يحدثهم بالدارجة المغربية، وآخرون ظهروا وهم يرقصون فيها في حفلات بالأراضي المحتلة.

كما نقلت صحف إسرائيلية، منها "جيروزاليم بوست" تصريحات للشباب المغاربة، منهم طلبة جامعة الأخوين بمدينة إفران (جامعة خاصة)، يتمسكون فيها بالعلاقات المغربية مع إسرائيل، ويهاجمون مناهضي التطبيع.

مضامين الشكوى  

الواقفون وراء شكوى متابعة الوفد الشبابي المغربي الذي زار إسرائيل في أوج حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، طالبوا بفتح تحقيق معمق ودقيق بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

واتهمت الشكوى الذين زاروا إسرائيل بـ"الإخلال بالاحترام الواجب للموتى، والاحترام الواجب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والإساءة للدين الإسلامي بصفة علنية من خلال الإساءة للنبي، وكذلك إهانة علم المملكة المغربية والإشادة بأعمال إرهابية والرعاية والإشادة والترويج لكيان وجماعة إرهابية والتحريض على الكراهية".

وطالب المشتكون بمتابعة الشباب المغاربة، "بجريمة الإخلال بالاحترام الواجب لشخص الملك لكونه رئيس لجنة القدس"، كما اتهموهم بتوظيف رحلتهم التي قالوا إنها سياحية "لنشر الحقد والعداء والكراهية ضد جذورهم العربية والإسلامية والأمازيغية الحقيقية، وعبروا عن معاداة وطنهم ورموز وطنهم وقيم وهوية شعبهم".

والتمس المشتكون، متابعة الشباب المغاربة الذين زاروا إسرائيل، بإعطاء صورة غير الصورة المعروفة عن الرأي العام المغربي وعن شعب المغرب الرافض للتطبيع ولكل مساومة على كرامة حرية الشعب الفلسطيني الرافض للحروب والمقاوم من أجل التحرر، حسب نص الشكاية.

ويعد المغرب واحدا من أهم الدول العربية التي تعرف مظاهرات دائمة متضامنة مع غزة ورافضة للعدوان الذي يشنه الاحتلال منذ أكثر من عام، ومطالبة بإنهاء التطبيع.

اختراق صهيوني

وفي توضيحه لخلفيات رفع هذه الشكوى، قال محمد العربي فنيدي، المحامي بهيئة الرباط وعضو فريق المحامين الذين قدموا هذه الشكوى، إنه "تقدمنا نيابة عن موكلنا رفقة نقبائنا بشكاية ضد شباب زاروا الكيان الصهيوني".   

وأضاف فنيدي، في تصريح مصور، أن "الشكاية تم رفعها ضد شباب زاروا إسرائيل، وتجاوزا هذا الأمر بالاحتفال والاحتفاء والافتخار بالصهيونية".

وتابع أنه "تم استقبالهم من قبل مسؤولين بمخابرات الكيان الصهيوني، ما شكّل مسّا خطيرا بالوطن وبشعور المواطنين المغاربة الذين عبّروا عن دعمهم لفلسطين وتبنيهم لقضيته العادلة".

وأكد فنيدي، أن "الشكاية تمّ رفعها لتحصين الجسم المغربي من الاختراق الصهيوني، خاصة أن هؤلاء الشباب تمت استضافتهم من قبل أجهزة مخابرات إسرائيلية".

وخلص إلى أن "هذه الزيارة غير مقبولة ولذا حماية لمصالح موكلنا ولمصالح الشعور الوطني تقدمنا بهذه الشكوى حتى يقف هذا العبث والتسيب الذي يهدد على وحدة وترابط واستقلالية الشعب المغربي".

من جهته، قال منسق مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عبد القادر العلمي، إن هذه الشكوى تقدم بها مجموعة من المواطنين المغاربة ضد مجموعة من الشباب الذين قاموا بزيارة إلى الكيان الصهيوني الغاصب.

وأضاف العلمي، في كلمته بمناسبة تقديم هذه الشكوى أمام محكمة الاستئناف بالرباط، أن "هؤلاء الشباب أشادوا بما يرتكبه الجيش الصهيوني من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".

وسجل العلمي، أن "هؤلاء الشباب أشادوا بالإرهاب والإجرام الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى أنهم أهانوا نبي الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأهانوا الدولة المغربية وارتكبوا أفعالا مجرمة بالقانون المغربي".

وشدد على أنه "غيرة على بلادنا وعلى ديننا وإدانة للإشادة بالإرهاب وبالجرائم الصهيونية فإننا تقدمنا بهذه الشكوى، ونرجو أن تأخذ مجراها الطبيعي وأن ينال هؤلاء العقاب الضروري لما ارتكبوه من جرائم في حق الدين وفي حق الوطن وفي حق الشعب الفلسطيني". 

بروباغندا صهيونية

بدورها، قالت البرلمانية والقيادية بالحزب الاشتراكي الموحد (معارضة) نبيلة منيب، إنه في عز جرائم الحرب التي يمارسها الكيان الصهيوني على الأطفال والنساء والشيوخ والبنية التحتية من خلال التدمير الكامل، نشاهد شباب مغربي يزور إسرائيل ويرقص مع قيادات جيش الاحتلال. 

وأضافت منيب، في كلمة أمام محكمة الاستئناف بالرباط خلال تقديم الشكوى، "قدمنا هذه الشكوى حتى تتم معاقبة هؤلاء الشباب الذين زاروا إسرائيل، سواء قاموا بذلك عن وعي أم غير وعي"، منبهة إلى أنهم "يشتغلون في إطار البروباغندا الصهيونية ضد بلادهم وضد قيمهم ورموز بلادهم  ومقدساتهم". 

ورأت البرلمانية اليسارية، أنه "في إطار ما نناضل من أجله بأن تأخذ بلادنا اتجاه المسار الديمقراطي ودولة الحق والقانون وأن يكون القضاء مستقلا ونزيها، نتمنى أن تأخذ هذه الشكوى مجراها الطبيعي".

وزادت أنه "لا يمكن السكوت عن هذه التصرفات وعن هذه البروباغندا الصهيونية، في وقت تستمر محاولة إبادة الشعب الفلسطيني"، مؤكدة أن "ما وقع في السابع من أكتوبر (عملية طوفان الأقصى) يدخل في إطار الدفاع عن النفس وعن الأرض المغتصبة". 

ورأت منيب، أن "هذه الشكاية تعني مجموعة من الشباب الذين يدرسون بإحدى الجامعات المغربية، إذ في عز حرب الإبادة الممارسة على إخواننا في فلسطين، التقى هؤلاء الشباب قيادات من جيش الكيان الصهيوني الغاصب". 

وسجلت أن "هؤلاء الشباب إذا كان قد غُرر بهم أو أنهم مجرد تافهين ويتم استغلالهم في هذه البروباغندا الصهيونية التي تستهدف بلادنا فينبغي أن يأخذوا العقاب الذي يستحقون، لأن الشعب المغربي كان ولا يزال مع عدالة الشعب الفلسطيني".

الإساءة للمقدسات

أما الكاتب العام لـ"مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، عزيز هناوي، فأوضح أن "هذه الشكوى، تأتي بعد تدارس المعطيات التي رشحت عن هذه الزيارة المشؤومة والخطوة التطبيعية المدانة مع العدو الصهيوني المجرم، والتي تزامنت مع سياق جد ساخن يتمثل في حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال يوميا على مرأى ومسمع العالم بحق الأطفال والنساء في غزة".

وأضاف هناوي لـ"الاستقلال"، أن هؤلاء الشباب المغاربة الذين زاروا إسرائيل في إطار مؤسسة "شراكة" لم يكتفوا بالزيارة التطبيعية التي هي مدانة في الأصل بل تجاوزوا جرم التطبيع إلى ارتكاب سلسة من الجرائم الأخرى المعاقب عليها في مواد قانونية في القانون الجنائي المغربي.

وأوضح هناوي، أن هذه الزيارة التي جاءت ضد الإرادة الشعبية كانت مسرحا لارتكاب عدد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون المغربي في مقدمتها الإشادة بالإرهاب، والإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإلى مؤسسات الدولة المغربية.

ولفت إلى أن هذا الوفد أشاد بالإرهاب حين أعلن أعضاؤه أن ذهابهم للكيان الصهيوني كان لتقديم الدعم لإسرائيل في حربها ضد الإرهاب الفلسطيني بمعنى أنهم ذهبوا لتقديم الدعم لحرب إبادة جماعية معلنة ممنهجة منقولة على الهواء مباشرة.

ورأى أن إعلان الوفد أن زيارته إلى الكيان لتقديم الدعم للجيش الصهيوني ضد فلسطين الإرهابية فيه احتقار للدولة واصطفاف ضد رئاسة لجنة القدس في شخص ملك البلاد، وتأكيد على أنهم يخالفون الموقف المغربي الرسمي حتى في حده الأدنى.

وسجل هناوي، أن الوفد رقص في بعض فقرات الزيارة بالعلمين المغربي والصهيوني مع الجنود الصهاينة ومخابرات الكيان وبحضور وزراء في الحكومة الإرهابية. 

وتابع أن "من أخطر ما رافق تلك الزيارة هو التصريح الذي أدلى به أحد قادة الوفد، حينما قال تبريرا لدعم الصهاينة بأن نكون (مغاربة) صهاينة لا يتناقض مع كوننا مسلمين على تقدير أن الرسول كان صهيونيا أيضا. وهنا أتساءل: إن لم يكن هذا التصريح إساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وجريمة يعاقب عليها القانون المغربي؟".

وذكر أنه "حينما أصدرنا بيانا بخصوص ما اقترفه رئيس الوفد ومعه رئيس الطائفة اليهودية بمراكش، جاكي كادوش، خرجا علينا في حوار مع صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية ومجلة "تيل كيل" المغربية ليدعيا بأن الزيارة وفقراتها تتم بعلم الملك ومباركته".

وأردف أن “هذه محاولة منهما للزج بالدولة في شخص الملك، ما يجعلنا أمام جريمة مركبة”، مشيرا إلى أن “الأمر لم يقف عند هذا الحد، وإنما تعداه إلى جرائم أخرى خطيرة جدا منها ارتداء أعضاء الوفد وبفخر قبعات تحمل لوغو الموساد، ما يعد تخابرا مع جهة أجنبية إرهابية وإشادة بمنظمة إرهابية”.

وخلص هناوي، إلى أن "الهدف من تقديم هذه الشكوى القانونية؛ هو التحقيق مع هؤلاء الشباب ومعاقبتهم بمرجعية القانون الجنائي المغربي بخصوص جرائم الإشادة بالإرهاب والإساءة للمقدسات وإهانة العلم الوطني والزج باسم الملك".