ليست خيرية.. هكذا تحاول إيطاليا إعادة نفوذها في إفريقيا عبر "خطة ماتي"

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

خطة إيطالية جديدة لتعزيز مصالح روما في إفريقيا، وسط تساؤلات حول نواياها وطبيعة المنافسة أو التعاون مع الجهات الفاعلة الأخرى، فيما وصفها باحثون بأنها "خطة معيبة".

وعقدت إيطاليا أول قمة إفريقية لها، في 29 يناير/كانون الثاني 2024، أعلنت خلالها عن "خطة ماتي" لأفكار وبرامج التنمية في جميع أنحاء القارة.

وعقدت القمة بحضور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي غزالي عثماني، وعدد من المسؤولين الأوروبيين والأفارقة.

المحاولة الأولى

ونشر موقع "يوراسيا ريفيو" الأميركي مقالا للباحث في "معهد ليكسينغتون" الأميركي، ثيودور هكاراسيك، أكد فيه أن "القيادة الإيطالية تحاول وضع بصمتها على الدول الإفريقية الرئيسة".

وأشار هكاراسيك إلى أن "هذه هي المحاولة الأولى للحكومة الإيطالية الحالية لوضع برنامج استثماري لها في القارة".

وتابع: "كانت القمة الإيطالية-الإفريقية أول حدث كبير خلال رئاسة إيطاليا لمجموعة السبع".

وتضم مجموعة الدول السبع بصيغتها غير الرسمية كلا من فرنسا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وكندا والاتحاد الأوروبي.

وخلال القمة، تحدثت ميلوني في مجلس الشيوخ الإيطالي أمام أكثر من 20 من القادة الأفارقة وكبار ممثلي الاتحاد الأوروبي.

وقالت إنه "يمكن تكرار هذه المبادرات في جميع البلدان الإفريقية التي تعرب عن اهتمامها بهذا الشكل الجديد من الاستثمار".

وأفاد الكاتب بأن "خطة ماتي -التي تحمل اسم إنريكو ماتي، مؤسس شركة النفط والغاز الإيطالية إيني- تهدف إلى توفير مشاريع تجريبية للطاقة المتجددة من المغرب إلى إثيوبيا وكينيا".

ويبلغ إجمالي الموارد الأولية لخطة ماتي 5.5 مليارات يورو (5.94 مليارات دولار)، بما في ذلك القروض وصناديق التعاون.

ويرى هكاراسيك أن "هذا المبلغ زهيد إلى حد ما ولكن النوايا مهمة"، وفق قوله.

ووصفت ميلوني الخطة بأنها تستند إلى "نهج جديد، فهي ليست وحشية، وليست أبوية، ولكنها أيضا ليست خيرية".

ورأى الكاتب أن "لهجة ميلوني حول خطة ماتي تظهر هدفها المتمثل في بناء شراكات اقتصادية وإستراتيجية بين الأنداد".

اهتمام متزايد

وحول أهداف الخطة، أوضح هكاراسيك أنه "من المؤكد أن هذا المشروع الإفريقي يهدف إلى تسجيل نقاط سياسية أوروبية فيما يتعلق بسياسة الهجرة، وليس أي شيء آخر".

وأردف بأن "البعض يرى أن تحرك روما مرتبط أكثر بالحفاظ على هدوء إفريقيا حتى تنخفض تدفقات اللاجئين نحو الشمال".

وذكر هكاراسيك أن "زعماء القرن الإفريقي الذين زاروا روما، فضلا عن غيرهم من الزعماء الأفارقة الرئيسين، ضموا عددا من الوجوه المعروفة والمزعجة للغرب، وأبرزهم الرئيس الإريتري أسياس أفورقي".

وفي اجتماعاته مع رئيسة الوزراء الإيطالية ومسؤولين حكوميين آخرين، سلط أفورقي الضوء على فرص الاستثمار الواسعة المتاحة بإريتريا في مختلف القطاعات.

ويشمل ذلك الطرق، والسكك الحديدية، والموانئ، والنقل، والزراعة، والابتكار، والموارد السمكية، والطاقة.

ورجح الكاتب أن "تسعى روما إلى زيادة الوصول إلى ثروات إريتريا غير المستغلة، رغم مشكلات الجوع وحقوق الإنسان الضخمة في البلاد".

وأضاف: "بطبيعة الحال، أثار الحاكم الإريتري موضوع الاستعمار مباشرة مع ميلوني".

كما حرص أفورقي على تذكير مضيفيه بأن 150 ألف إريتري جُنّدوا قسرا من قبل إيطاليا، إذ يريد فتح الأرشيف الإيطالي من أجل "بناء جسر" مع روما.

وأكد هكاراسيك أن "إثارة أفورقي للمسألة الاستعمارية تثير الشكوك حول طبيعة استقبال الخطة الإيطالية".

علاوة على ذلك، استغل أفورقي زيارته إلى روما للاجتماع بالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، والرئيس الكيني وليام روتو.

وركزوا على تطوير العلاقات الثنائية لمواجهة التحرك الإثيوبي للتعاون مع أرض الصومال، والوصول إلى الموانئ.

وأفاد هكاراسيك بأن "الاهتمام بإريتريا يتزايد، بسبب موقعها الإستراتيجي الرئيس في البحر الأحمر".

وحضر رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أيضا القمة في روما، والتقى بميلوني لمناقشة الاستثمارات المحتملة.

مصالح الطاقة

وزارت ميلوني أديس أبابا في أبريل/نيسان 2023، وكانت أول رئيس حكومة غربية يزور إثيوبيا منذ "نهاية حرب تيغراي" (عام 2022).

وكان معها الرئيس التنفيذي لشركة إيني، كلاوديو ديسكالزي، حيث عقدا اجتماعا ثلاثيا مع كل من رئيس الوزراء الإثيوبي والرئيس الصومالي.

وناقشت الأطراف المختلفة الاستقرار وإعادة الإعمار والتنقيب عن النفط في الصومال والمشاريع الاقتصادية المشتركة في البلدين.

وبُنيت رحلة ميلوني على اجتماع سابق عقدته مع الزعيمين الإثيوبي والصومالي في فبراير/شباط 2023.

وقال الكاتب: "لذلك، منذ أكثر من عام، تسعى الحكومة الإيطالية لتحقيق مصالحها الخاصة على هذه الجبهة في محاولة للحصول على قطعة من الكعكة".

وعلى هذا، فإن "خطة ماتي تهدف إلى الحفاظ على مصالح شركات الطاقة الإيطالية الكبرى"، حسب هكاراسيك.

وأوضح أن "المصالح المحتملة لشركة إيني في شمال وجنوب الساحل الشرقي لإفريقيا هي دائما جزء من حسابات الشركة، بغض النظر عن ظروف السوق".

فعلى سبيل المثال، فإن بئر "مليما-1" من أجل التنقيب عن النفط في المياه العميقة -التابعة لشركة إيني في حوض لامو البحري- تشكل جزءا من المصالح الإيطالية في كينيا.

هذا رغم أنها كانت جزءا من حكم محكمة العدل الدولية ضد نيروبي ولصالح الصومال.

وأكد هكاراسيك أن "ظهور خطة ماتي يثير اعتراضات من قبل عدد من الأطراف، بسبب التحديات التي تفرضها على المصالح الأخرى".

وأردف أن "هناك أسئلة تُطرح حول كيفية التنافس أو التعاون بين إيطاليا والجهات الفاعلة في مجموعة السبع، فالمملكة المتحدة -مثلا- حريصة على طريق إثيوبيا-بربرة".

وشدد على أنه "مع تصاعد أعمال العنف في جميع أنحاء القارة، تظهر بشكل متسارع تحديات جديدة وصعبة".

ووفق تقييم الكاتب "فلا يبدو أن هذه الجهود الإيطالية تتفاعل بصورة جيدة مع مبادرات الاتحاد الأوروبي أو غيرها من المبادرات الجارية".

وختم بالقول إن "هذا العامل الغربي يمنح دولا أخرى مثل روسيا والصين أفضلية في الفضاء الإفريقي".