انتصار للإنسانية.. حفاوة واسعة بالحراك الطلابي الأميركي وتنديد بقمعه
اقتحمت شرطة نيويورك حرم جامعة كولومبيا ووصلت إلى مبنى "هاميلتون هول"
يواصل الحراك الطلابي الأميركي المناهض للاحتلال الإسرائيلي والرافض لعدوانه المتواصل على قطاع غزة منذ 7 اكتوبر/تشرين الأول 2023، إثارة تفاعلات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع استمرار استخدام الشرطة الأميركية العنف ضد المتظاهرين.
ومنذ 18 أبريل/نيسان 2024، بدأ طلاب رافضون للعدوان الإسرائيلي على غزة اعتصاما بحرم جامعة كولومبيا في نيويورك، مطالبين إدارتها بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية وسحب استثماراتها في شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية، لتعم المظاهرات مختلف الجامعات الأميركية.
وفي 30 أبريل، اقتحمت شرطة نيويورك حرم جامعة كولومبيا، ووصلت إلى مبنى "هاميلتون هول" التاريخي الذي يتحصّن فيه طلاب مؤيّدون لفلسطين، ومحتجون على العدوان، كانوا قد رفعوا عليه اسم الطفلة هند رجب التي حاصرتها قوات الاحتلال في سيارة عائلتها وقتلتهم جميعا.
وبدأت الشرطة الأميركية في دفع المتظاهرين إلى خارج المبنى قبل أن تقترب شاحنة منه ويتسلّق شرطيون سلّما لدخوله عبر إحدى نوافذه، واعتقلت أعدادا من المتظاهرين.
وقالت إدارة الجامعة إنها طلبت من شرطة نيويورك التدخل، متهمين أفرادا غير منتسبين لها بقيادة الحراك.
وفي محاولة لحماية الطلبة المعتصمين، شكل أساتذة جامعة كولومبيا حاجزا بشريا لمنع الشرطة من فض الاعتصام، ووقف العشرات منهم أمام طلابهم.
وعقب تدخل الشرطة، أصدرت رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق، رسالة طلبت فيها من الشرطة البقاء في الحرم الجامعي حتى 17 مايو/أيار على الأقل، أي بعد التخرج بيومين، وذلك "للحفاظ على النظام وضمان عدم إعادة نصب مخيمات" الاحتجاج.
وبذات الوتيرة تكررت مهاجمة الشرطة الأميركية للطلاب المناصرين لفلسطين في جامعة أوستن بولاية تكساس، واقتحمت الحرم الجامعي بمعدات ثقيلة واعتدت على الطلبة المعتصمين واستخدمت العنف لفض الاعتصام.
وبدورهم، أعرب ناشطون عبر تغريداتهم على منصة إكس في وسوم عدة أبرزها #جامعة_كولومبيا، #نعمت_شفيق، عن تقديرهم وامتنانهم لحراك طلبة الجامعات الأميركية، مؤكدين تأثيره على الأصعدة السياسية كافة، والإستراتيجية، والعسكرية، والأمنية.
وندد هؤلاء بإصرار الإدارة الأميركية على كبح جماح التظاهرات الطلابية، واستخدامها سبل التهديد والوعيد كافة ومن ثم اللجوء للعنف من خلال الشرطة الأميركية لقمع المناصرين لغزة، مؤكدين أن فعلتها وتصميمها على القمع يجعل المظاهرات تزداد وتتوسع بعكس ما تظن.
وصب ناشطون جام غضبهم على رئيسة جامعة كولومبيا الأميركية من أصل مصري نعمت شفيق، واتهموها بالتصهين وتأجيج الوضع وتصعيده ومحاولة إثبات ولائها للاحتلال الإسرائيلي، مستنكرين استدعاءها للشرطة الأميركية لفض اعتصام الطلاب.
إشادة بالحراك
وإشادة بالحراك الطلابي، أكد الناشط الإنساني أدهم أبو سلمية، أن الجامعات الأميركية تعيش حالة فريدة من المظاهرات والحراك الطلابي الواسع، وهو ما يتجاوز كونه حدثا عابرا أو فصلا في تاريخ الحركة الطلابية.
وقال إن الحركة الطلابية في أميركا لها تأثير كبير في تاريخ البلاد، بدءا من جامعة فيسك في العشرينيات من القرن الماضي وتأثيرها في الحريات والحقوق التي وصل إليها السود في أميركا، وصولا إلى تأثيرها الكبير في السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وخاصة في فترة حرب فيتنام.
وقال الباحث سعيد زياد، إن الطوفان هو تلك اللحظة التي أدرك فيها الأميركيون أن بلادهم محتلة كما فلسطين، وأن إرادتهم مسلوبة لا حرة كما كانوا يظنون، وأن اللوبي من يحكمهم لا الكونغرس.
وتساءل الناشط الحقوقي بلال نزار ريان: "من كان يتخيل أن غزة، تلك البقعة الصغيرة المحاصرة ستكون قادرة على إحداث دويٍّ يصل صداه إلى أقاصي العالم وتهز أركان المجتمع الأميركي بتظاهرات طلابية غير مسبوقة ؟!".
وقال: "نعم، إنها غزة، بشعبها الصامد ومقاومتها الباسلة، التي أثبتت للعالم أجمع أن الإرادة أقوى من القوة الغاشمة وأن الإيمان أقوى من الطغيان، وأن التضحية في سبيل الحرية والكرامة لا تذهب سدى بإذن الله".
وأضاف ريان: "غزة يا أيقونة الصمود، يا شوكة في حلق الظالمين، يا طوفان في وجه المحتلين، ستبقى قصتك ملهمة لكل الشعوب المقهورة التي تقاوم من أجل حقها في الحياة والحرية".
وتابع: "لقد كسرتم يا أبطال الطوفان حاجز الصمت، وفضحتم زيف القوة المتغطرسة، وأيقظتم الضمائر النائمة وكشفتم زيف الحضارة الغربية وأعدتم الأمل إلى نفوس المقهورين المظلومين".
وعرض الناشط خالد صافي، مقطع فيديو لأطفال غزة يوجهون رسالة دعم لطلاب الجامعات الأميركية المتضامنين مع الفلسطينيين في غزة يقولون فيها: "نحن نسمعكم ونحبكم".
وأشار المغرد إياد إلى أن طلاب الجامعات الأميركية وتحديدا طلاب “كولومبيا” تعرضوا إلى الضرب والسحل والاعتقال والاعتداء من خلال فض الاعتصام بالقوة، وتحملوا كل هذا دون أن تربطهم لا لغة ولا دين ولا علاقة ولا جغرافيا في فلسطين؛ فقط حاولوا الدفاع عن إنسانيتهم.
واستنكر أن من تربطهم لغة وجغرافيا ودين ومقدسات بقوا خانعين صامتين خائفين مردوعين ولا يريدون أن يأمنوا أنهم يجب أن يكونوا أحرارا، موجها كل التحية لطلاب الجامعات الأميركية؛ ليس تأييدا لرجل الأبيض، لكن فقط من أجل تعزيزهم لمفهوم أنهم أحرار وليسوا عبيدا.
عنف مستنكر
وتنديدا باستخدام الشرطة الأميركية العنف ضد الطلاب المتظاهرين وإشادة بدور الأكاديميين، أشارت الكاتبة الصحفية آيات عرابي، إلى أن الكيان الصهيوني هو من يحرك الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يضغط بشدة للانتهاء من حراك الطلاب الذي تسبّب له ولرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حرج شديد.
وعرض أستاذ العلوم السياسية خليل العناني، مقطع فيديو يحمل لقطات مجنونة تماما لدخول شرطة نيويورك إلى جامعة كولومبيا، قائلا: "وكأنهم في ساحة حرب وليس ساحة جامعة عريقة مثل كولومبيا".
وعلق الباحث علي أبو رزق، على اقتحام شرطة نيويورك مبنى هند في جامعة كولومبيا ومحاولتها طرد الصحافة، قائلا: "تذكروا أن كل هذا القمع والتنكيل في حق الطلبة ليس لأن الولايات المتحدة متحالفة مع كيان مارق في منطقتنا اسمه إسرائيل، بل لأن إسرائيل هي أميركا وأميركا هي إسرائيل…!".
وأثنى الإعلامي أحمد منصور، على دور الأكاديميين، قائلا إن أعضاء من هيئة التدريس في جامعة كولومبيا يؤكدون على دورهم الإنساني والأخلاقي والمهني بحماية الطلاب وليس استدعاء الشرطة لاعتقالهم ويتشبثون بأذرع بعضهم البعض حيث يشكلون جدارا لحماية الطلاب ومنع الشرطة من فض "مخيم التضامن مع غزة".
وعقب الكاتب إبراهيم حمامي، على إعلان وسائل إعلام أميركية، اعتقال ما لا يقل عن 1000 شخص في أكثر من 25 حرما جامعيا بـ21 ولاية منذ 18 أبريل، ساخرا بالقول: "أهلا بكم في واحة الحرية والديمقراطية.. أهلا بكم في الولايات المتحدة الأميركية!".
الطفلة هند
وأشاد ناشطون بتذكير الطلاب بالطفلة هند رجب وحضورها في مظاهراتهم، حيث كتب المغرد موسى: “فاكرين الطفلة اللي قضت آخر ساعاتها بتعيط مرعوبة وتستنجد قبل ما الاحتلال يقتلها، النهاردة طلبة جامعة كولومبيا، أخدوا مبني من أكبر مباني الجامعة ضموه للاعتصام وسموه على اسمها”.
وتساءل أبو حسام: "أتتذكرون الطفلة هند رجب التي قتلت بنيران الاحتلال الإسرائيلي في السيارة مع عائلتها.. لقد خلد طلاب أميركا بجامعة كولومبيا الأميركية اسمها"، موجها التحية إلى الطلاب.
وحيا الأمين العام المساعد لحزب البعث العربي خالد السبئي، الأحرار، لافتا إلى أن طلاب جامعة كولومبيا بنيويورك يسيطرون على قاعة هاميلتون في الجامعة كما حدث في عام 1968 خلال الاحتجاج على الحرب على فيتنام، ورفعوا لافتة على المبنى وأسموه "قاعة #هند".
وعلق محمد كمال، على تغيير طلاب جامعة كولومبيا اسم مبني (هاميلتون هال) التاريخي لاسم الطفلة الفلسطينية هند التي قتلتها قوات الصهاينة، قائلا إنها الإنسانية يا سادة.
نعمت شفيق
وهجوما على نعمت شفيق، قالت الإعلامية سمر جراح: "سيخلد التاريخ الدور القذر الذي قامت به مهاجرة عربية في قمع حريات الطلبة".
وأشار رجل الأعمال مراد علي، إلى أن نعمت شفيق أصدرت أوامرها لشرطة نيويورك كي تقتحم جامعة كولومبيا لفض اعتصام الطلبة المعترضين على إبادة إسرائيل لأهل غزة، وبالفعل بدأت الشرطة الاقتحام، مؤكدا أن شفيق مثال لبعض النخبة من المصريين والعرب الذين أصبحوا أحذية في أقدام الغرب ليدوسوا بها رقاب الحرية.
وأشار الأكاديمي ظافر محمد العجمي، إلى اتهام أكاديمي آخر لنعمت شفيق الشهيرة بمينوش بالسرقة الفكرية، ووصفها بأنها "صهيونية وحرامية".
وأشارت الإعلامية حياة اليماني، إلى أن نعمت شفيق طلبت الشرطة لطلاب جامعة كولومبيا في 18 أبريل فانطلقت موجة غضب طلابية عارمة مستمرة حتى الآن وبالأمس قررت استدعاء الشرطة مرة جديدة لاقتحام مبنى " هند" واعتقال عشرات الطلاب.
وقالت إن مينوش تصر على حجز أعمق قاع في مزابل التاريخ، فلا احترمها الطلاب ولا اللوبي الصهيوني سيبقي عليها.
وتوقع أحد المغردين، أن تطالب الجامعة نعمت شفيق بالاستقالة بعد أن تنهي دورها غير الأخلاقي وغير المهني في قمع الحركة الطلابية في كولومبيا، مؤكدا أن هذا لا يعني أبدا أن الجامعة ستتطهر من هذه الخطيئة بمجرد مغادرة شفيق لموقعها.