عكرمة صبري: الاحتلال يستغل الظرف الراهن لفرض التقسيم الزماني والمكاني على الأقصى (خاص)

عمرو حبيب | 3 months ago

12

طباعة

مشاركة

دق خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، ناقوس الخطر بشأن وضع مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، مؤكدا أنهما “في أسوأ الأحوال منذ نحو قرن”.

وقال صبري (85 عاما) في حوار مع "الاستقلال"، إن الاحتلال الإسرائيلي نقل أجواء العدوان على غزة إلى القدس والأقصى وفرض قوانين الطوارئ بدون مبرر، مستدركا بأن  الأمل يظل في الله قائما أن ينتصر شعبنا وينال حريته.

وعن توقيفه بعد نعيه على منبر الأقصى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، قال عكرمة: “أوضحت لهم أن النعي مسألة دينية إسلامية،" وردت شرطة الاحتلال بـ"إبعادي عن الأقصى ستة أشهر”.

وبشأن مخاطر الاقتحامات والحفريات التي تواجه الأقصى، أوضح الشيخ أن “الاقتحامات تزيد الرعب في نفوس الناس ويسقط على إثرها شهداء ومصابون، وتجعل الاحتلال يتزايد في غيِّه واعتداءاته، والحفريات تضر بالأقصى ككيان قائم على الأرض”.

واستدرك قائلا: لكن المقدسيين لن يستسلموا بإذن الله لأي من الأمرين.

وعن التهديدات الإسرائيلية العديدة التي تواجهه، قال صبري: "نحن مسلمون نؤمن بقضاء الله وقدره ونؤمن أن الأجل محتوم، والتهديدات الإسرائيلية ضدي لن تخيفنا ولن تؤثر على مواقفنا الإيمانية الثابتة".

القدس وطوفان الأقصى

  • كيف ترى انعكاسات الحرب على غزة على تعامل سلطات الاحتلال مع أهل القدس ومرتادي الأقصى؟

حينما بدأت الحرب على غزة نقلت سلطات الاحتلال أجواء الحرب إلى القدس والمسجد الأقصى المبارك ونفذت إجراءات تعسفية بحق المقدسيين ومنعت المصلين المسلمين من دخول المسجد الأقصى حيث طبقت قوانين الطوارئ والإجراءات العسكرية.

  • هل وجدتم اختلافا بين تعامل سلطات الاحتلال مع المقدسات الإسلامية قبل وبعد الحرب؟

نعم، لقد وجدنا اختلافا واضحا مع تعامل سلطات الاحتلال مع المقدسات بعد الحرب، حيث فرضت قيودا مشددة على دخول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى، بالإضافة إلى اقتحام المساجد والاعتداء على المصلين.

  • طوفان 7 أكتوبر انطلق باسم "الأقصى"، فكيف ترى وضع المسجد الأقصى في الوقت الراهن؟ وكيف تصف وضع القدس تأثرا بالحرب في غزة؟

ما نلاحظه بأن الاحتلال نقل أجواء الحرب من غزة إلى القدس والأقصى، فأخذ يقوم بإجراءات تهويدية لمدينة القدس وفرض قوانين الطوارئ على المواطنين.

أما بالنسبة إلى الأقصى فإن الجماعات اليهودية قد كثفت من اقتحاماتها لباحاته بحراسة مشددة من أجهزة الأمن الاحتلالية في الوقت نفسه منعت الآلاف من المسلمين من دخول الأقصى.

  • دعوتم بعض المقدسيين لجعل بيوتهم وقفا ذريا.. ماذا تقصدون بذلك؟

لا يخفى على أحد أن السلطات المحتلة طامعة في بيوت المقدسيين وهناك جماعات يهودية متطرفة متخصصة بدعم المشاريع الاستيطانية والسيطرة على بيوت المقدسيين.

لذا فإن الحل الأمثل لحماية بيوت المقدسيين هو أن توقف هذه البيوت وقفا ذريا؛ بحيث ينتفع الأبناء والأحفاد من هذه البيوت دون التصرف بها لا بيعا ولا شراء، وعليه فإننا نرى أن الوقف الذري بمثابة حصانة لهذه البيوت من أن تضيع أو أن تتسرب.

  • كيف تعامل الاحتلال معكم بعد أن نعيتم الشهيد إسماعيل هنية في خطبة الجمعة في المسجد الأقصى؟

لقد احتجت السلطات المحتلة بسبب هذا النعي وعدته تأييدا للإرهاب وفسرته تفسيرا سياسيا، لذلك فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية شنت حملة إعلامية شرسة ما أدى إلى استدعائي للتحقيق لمدة خمس ساعات.

وأوضحت لهم أن النعي مسألة دينية إسلامية وأن الصيغة التي أعلنت من خلالها النعي تستخدم لكل مسلم ميت وهي عبارة عن آية في القرآن الكريم، ومع ذلك فإن شرطة الاحتلال قررت إبعادي عن المسجد الأقصى المبارك مدة ستة أشهر.

  • وسائل إعلام إسرائيلية حرّضت ضدكم وقالت إن مصيرك سيكون هو نفس مصير مؤسس حركة "حماس" الشيخ أحمد ياسين.. ما تعقيبكم؟

نحن مسلمون نؤمن بقضاء الله وقدره ونؤمن أن الأجل محتوم، فإن هذه التهديدات لن تخيفنا ولن تؤثر على مواقفنا الإيمانية الثابتة.

الاقتحامات والحفريات

  • الاقتحامات للمسجد الأقصى أمر قديم.. لكن الاقتحامات التي وقعت أخيرا قادها وزيران متطرفان من حكومة الاحتلال.. كيف ترون هذا الأمر؟

ظهور زعامات حكومية متطرفة في الاقتحامات يقدم دلالة على أن الاحتلال يطمع في المسجد الأقصى ويريد أن يغير الواقع فيه. وظهر ذلك أيضا بأداء المقتحمين صلوات تلمودية وكان عددهم كبيرا نسبيا مقارنة بذي قبل. 

وهذا يعني أن الحكومة تدعم هؤلاء المتطرفين. ونلاحظ في الاقتحامات الأخيرة طرد الشرطة المصلين المسلمين من الأقصى في وقت الاقتحام، وكان ذلك يعكس حرص شرطة الاحتلال على حماية الوزيرين المتطرفين وهو ما يدل دلالة قاطعة على تأييد ودعم الحكومة المتطرفة لهذا الاقتحام. 

  • هل ترون أن الاحتلال مازال يسعى إلى فرض التقسيم الزماني والمكاني على الأقصى ويرى أن الفرصة سانحة الآن؟

نعم، الاحتلال يسعى لفرض هذا الأمر والمتطرفون يريدون ذلك بشدة ويرون الظرف الحالي مناسبا لذلك، لكنني أتوقع فشلهم مثلما فشلوا في الأمر ذاته من قبل. 

لكن المسؤولية تجاه الأقصى التي تقع على عاتق المسلمين والعرب لم ولن تسقط بالتقادم، لأن الأقصى شأنه شأن المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة.

لذلك فنحن جميعا وكل المسلمين مسؤولون أمام الله عن حماية الأقصى وإنقاذه.

  • هناك العديد من المحاولات الإسرائيلية للسيطرة على المسجد الأقصى فوق الأرض وتحتها.. فأيهما أكثر خطورة برأيكم؟

إن كلا الأمرين خطير بحق الأقصى، سواء الاقتحامات أو الحفريات. 

الاقتحامات تزيد الرعب والخوف في نفوس الناس ويسقط على إثرها شهداء ومصابون أحيانا، وتجعل الاحتلال يتزايد في غيه واعتداءاته، والحفريات تضر بالأقصى ككيان قائم على الأرض ولكن المقدسيين لن يستسلموا بإذن الله لأي من الأمرين.

القدس بأسوأ حال

  • هل يمكن القول إن المسجد الأقصى اليوم في أسوأ أحواله منذ نحو قرن؟ وإلى أي مدى نجحت إسرائيل في تهويد القدس والمسجد الأقصى؟

نعم مع الأسف، نستطيع أن تؤكد أن القدس والأقصى في أسوأ الأحوال لأن الاحتلال كما قلنا قد نقل أجواء الحرب من غزة إلى القدس والأقصى وفرض قوانين الطوارئ بدون مبرر. 

لكن يظل الأمل في الله قائما أن ينتصر شعبنا وينال حريته وكذلك الأقصى.

  • هل يشغلكم أمر أن يأتي يوم ويهدم المسجد الأقصى كما يزعم الاحتلال؟

هذا سؤال غير وارد، ثم نؤكد أن "القدسية" هي للأرض وليست للحجر. 

وكل هذا لن يغير من الحقيقة شيئا أن قوات الاحتلال اغتصبت أرضا ومسجدا ليس لها ولا لأي محتل، فهم إن هدموا المباني والحجر فالأرض قائمة وهي للشعب الفلسطيني وحقه الذي لا يجوز لأي مسلم أن يتخلى عنه. 

  • ما تقييمكم لمجمل المواقف العربية والإسلامية من العدوان الإسرائيلي على غزة خصوصا في ظل انتفاض طلاب جامعات الغرب؟

كما هو واضح أن موقف الدول العربية والإسلامية ليس في المستوى المأمول، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 

نحن نثمن جهود الجامعات الأميركية التي انتفضت نصرة لغزة، ونتألم للصمت العربي إزاء ما يحدث في غزة، ولقد أوضح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بوجوب النصرة ومن لم يقم بالنصرة فإن الله يخذله يوم القيامة. 

ونحن في القدس لم نيأس ولن نقنط لأن المسلم يجب أن يبقى متفائلا بالخير.

  • برأيكم.. إلى أين تتجه الأوضاع في فلسطين مستقبلا؟ وما الذي سينتهي إليه "طوفان الأقصى"؟

إن أملنا بالله سبحانه وتعالى أمل عظيم ويحرم على المسلم أن يقنط أو ييأس فمن ينصر اللهَ فإن الله ينصره ولا يتخلى عنه. 

مقاومة المحتل واجبة على أي شعب حر وعلى أي مسلم انتُزعت منه أرضه واعتُدي عليه. فمن المهم أن يكون المسلم على الطريق الصحيح، أما النهايات فهي بعلم الله عز وجل.

  • تعرّضت مرارا للاعتقال والاستدعاء للتحقيق والإبعاد عن المسجد الأقصى ومحيطه والمنع من السفر.. فلماذا يخشى الاحتلال منك؟

حسب تصور الاحتلال فإنهم يلاحقون كل من له تأثير في المجتمع. ونحن أصحاب مبدأ ثابت وراسخ، ولا نحيد عنه لأننا ننفذ أوامر الله، وارتباطنا هو ارتباط مباشر بالله سبحانه وتعالى.