توقيت حرج.. هل تنجح تركيا في تطبيع العلاقات بين شرق وغرب ليبيا؟

4 months ago

12

طباعة

مشاركة

دخلت ليبيا حقبة جديدة من الناحية السياسية والاجتماعية والعسكرية، خاصة مع خطوات التطبيع بين تركيا وشرق ليبيا.

وسعت تركيا إلى إيجاد حلول لاستعادة السلام والاستقرار في ليبيا، ضمن إطار القانون الدولي ومبادئ السياسة الخارجية. 

وأشار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مقابلة تلفزيونية في 24 يوليو إلى أن العلاقات مع شرق ليبيا "تسير بشكل جيد".

وأعلن الوزير فيدان عن إعادة فتح القنصلية التركية في بنغازي، وأكد أنهم على اتصال مع رئيس البرلمان في طبرق عقيلة صالح، وكذلك مع خليفة حفتر وأبنائه.

تسارع التطبيع 

ونشرت وكالة “الأناضول” التركية مقالا للكاتب، فؤاد أمير شيفقاتلي، قال فيه: "من المعروف أن خطوات تركيا نحو تطبيع العلاقات مع شرق ليبيا بدأت في الربع الأخير من عام 2021".

وأوضح الكاتب أن “هذه الخطوات جاءت في فترة تزامنت مع إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في ديسمبر/ كانون الأول 2021، وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة سياسية”. 

وخلال هذه الفترة قام وفد من البرلمان الليبي بزيارة رسمية إلى البرلمان التركي، تلتها زيارة سفير أنقرة في طرابلس كنان يلماز إلى عقيلة صالح. 

ولكن نقطة التحول الإيجابية في العلاقات كانت قبول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعقيلة صالح في يوليو/ تموز 2022.

وقال شيفقاتلي إنه: "منذ بداية الأزمة الليبية، اتخذت تركيا موقفا متوازنا تجاه مراكز القوى والمجتمعات المختلفة في البلاد". 

ولفت إلى أنه “في الفترة الأخيرة أولت تركيا أهمية كبيرة للتواصل الدبلوماسي مع شرق ليبيا، الذي تربطها به علاقات تاريخية وثقافية قوية”. 

ومع ذلك، تهدف تركيا إلى الحفاظ على علاقاتها مع حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة والمؤسسات الغربية في ليبيا، إلى جانب تعزيز اتصالاتها مع الشرق، يؤكد الكاتب.

وقال شيفقاتلي: "يمكن قراءة الخطاب والسياسات التوحيدية التي طورتها تركيا أخيرا على أنها جهد جاد لنقل التوتر في ليبيا إلى الساحة الدبلوماسية". 

وشدد على أن “أزمة الشرعية بين الشرق والغرب والأزمة في البيروقراطية الأمنية المجزأة وأزمات الحكم تشكل عقبات قوية أمام الحلول الشاملة”.

سياسة فعالة 

وأشار الكاتب إلى أن “قنوات التفاوض التي تحاول أنقرة إنشاءها قد تحقق مكاسب معينة على المدى المتوسط والطويل لكل من ليبيا وتركيا”. 

وأول هذه المكاسب هو الدافع والنوايا التي أشار إليها الوزير فيدان في مقابلته، حيث تسعى تركيا إلى استخدام علاقاتها المتطورة مع الشرق لتعزيز التكامل بين الشرق والغرب.

وأضاف الكاتب: "تسعى تركيا إلى تعزيز جهودها الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار والسلام في ليبيا من خلال التواصل مع العناصر المحلية وكذلك مع (نظام) مصر والإمارات وقطر". 

ولفت إلى أنه “يمكن أن تمنع هذه الجهود الدبلوماسية عودة النزاع في ليبيا وتعزز وحدة البلاد على المدى الطويل”. 

وذكر أنه “من المهم أن نلاحظ أن هذا النهج يمثل سياسة فعالة لتركيا للحفاظ على مكاسبها الحالية وتحقيق فوائد محتملة في المستقبل”.

النقطة الثانية هي أن تركيا، التي تمتلك علاقات تاريخية وثقافية واقتصادية عميقة مع كلتا المنطقتين في ليبيا، ستؤمّن مصالحها ومكاسبها التجارية في شرق البحر الأبيض المتوسط المعروف باسم "الوطن الأزرق"، وذلك من خلال نقل نفوذها الموجود في الغرب إلى الشرق. 

وفي مثل هذا السيناريو، يمكن أن يتغير المناخ السياسي في الشرق، الذي كان معارضا نسبيا لاتفاقيات تركيا لعام 2020 بشأن ترسيم الحدود البحرية واتفاقية الهيدروكربونات لعام 2022. 

ورغم أن هذه الاتفاقيات تستند إلى أسس قانونية وشرعية دولية قوية، فإن الحصول على موافقة غير مباشرة من البرلمان وجانب حفتر يمكن أن يعزز علاقة التحالف بين تركيا وليبيا في جيوسياسية شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقت مهم

من ناحية أخرى، قال شيفقاتلي “عندما تصبح عملية التطبيع بين تركيا وشرق ليبيا أكثر شمولية ومؤسسية من المحتمل أن تزيد الاتفاقيات مع الشركات التركية عبر صندوق التنمية وإعادة الإعمار الليبي التابع للبرلمان بشكل كبير”.

ولفت إلى أن “الفوائد التجارية التي يمكن أن تحققها تركيا من هذا السيناريو هي ذات أهمية حاسمة”.

أخيرا، لعب الوجود العسكري التركي في غرب ليبيا بعد عام 2020 دورا رادعا في منع تحول النزاعات الصغيرة إلى حرب أهلية واسعة النطاق. 

وتم تقديم المساعدة العسكرية من قبل تركيا لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وذلك في إطار اتفاقية تعاون عسكري بين البلدين.

وتركزت المهمة العسكرية التركية على تدريب القوات الليبية، وتزويدها بالمعدات والدعم اللوجستي. 

وأسهمت هذه المهمة في الحفاظ على توازن البيروقراطية الأمنية المجزأة في غرب ليبيا، حيث كانت هناك جماعات مسلحة متنوعة تتنافس على السلطة والنفوذ.

واستدرك الكاتب: “لكن بفضل الوجود العسكري التركي تم تعزيز قدرة حكومة الوفاق الوطني على مواجهة التحديات الأمنية والحفاظ على الاستقرار في المنطقة”. 

وأوضح أن “القوات الليبية المدعومة من تركيا قد تمكنت من تحقيق بعض الانتصارات العسكرية واستعادة السيطرة على مناطق مهمة في غرب ليبيا”.

وأشار إلى أنه “في هذه المرحلة، يمكن أن تسهم الاتصالات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع شرق ليبيا في تغيير السرد السلبي الذي كان يتم تطويره في الماضي من قبل الرأي العام ووسائل الإعلام في الشرق حول الوجود العسكري التركي”. 

وتابع: “في الوقت نفسه، يمكن أن تمنح هذه العملية المستمرة وقتا مهما لتخطيط الهيكل العسكري والارتباطات حتى يتم إنشاء هيكل ديمقراطي”.