بعد اغتيال نصر الله والتوغل البري في لبنان.. هل تخلت إيران عن "حزب الله"؟
“طهران تتطلع إلى الحفاظ على مكانتها في المنطقة لكن دون حرق كل الأوراق”
بعد اغتيال زعيم “حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله، إثر غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية ببيروت في 27 سبتمبر/ أيلول 2024، وبدء توغل بري “محدود” مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2024، طرحت تساؤلات عما إذا كانت إيران "قد تخلت" عن حزب الله في المواجهة الحالية مع إسرائيل.
وأبرزت صحيفة "زمان إسرائيل" أصواتا ناقدة تشير إلى أن "إيران، التي كانت تعد الراعي الأساسي لحزب الله لعقود، لم تتدخل بشكل مباشر لدعمه في هذه المرحلة الحرجة".
وزعمت أيضا "وجود شعور بالخيانة بين مؤيدي حزب الله في لبنان، خاصة في الجنوب والبقاع".
ورغم أن بعض التحليلات تعزو هذا السلوك إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها إيران والعقوبات الدولية المفروضة عليها، إلا أن الصحيفة حذرت من أن "حزب الله لا يزال يمتلك قدرات عسكرية قوية، وهو ما يجب على إسرائيل توخي الحذر منه".
خيبة أمل
ووصفت الصحيفة أن "الأصوات القاسية والمفاجئة التي تُسمع أخيرا من لبنان والعالم العربي في أعقاب التصعيد الأخير بين إسرائيل وحزب الله، تُنبئ عن مزاج الشارع اللبناني بشكل خاص".
وأشارت إلى أن أصحاب تلك الأصوات يرون أن "إيران، الراعي الرئيس لحزب الله منذ عقود، تتخلى عن المنظمة في الحرب الحالية ضد إسرائيل".
وبجانب هذه الادعاءات التي تحظى بتغطية واسعة في بعض وسائل الإعلام العربية، لفتت الصحيفة إلى أن "البعض الآخر يعبر عن خيبة الأمل وعدم الثقة تجاه طهران".
فيما يرى آخرون أن "موقف إيران يُعد خطوة إستراتيجية محسوبة".
وعلى جانب آخر، سلطت الصحيفة العبرية الضوء على أنه في الصحافة اللبنانية، هناك نقاش حيوي حول ادعاءات "التخلي عن بيروت من قبل طهران".
وتابعت: "الجمهور اللبناني -خاصة من بين أنصار حزب الله في الجنوب وفي البقاع- يشعر بالخيانة بسبب التكثيف العسكري الإسرائيلي على الحدود والتجنب الإيراني للتدخل المباشر".
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة عن أحد المقيمين في جنوب لبنان قوله: "لقد كانت إيران دائما مصدر قوة للمقاومة، وحاليا، عندما نكون في أمسّ الحاجة إليها، فهي غير موجودة".
ويعتقد هذا المواطن أن "حزب الله أصبح أداة في يد طهران، ولم يعد يمثل المقاومة اللبنانية، بل إنه يعبر عن السياسة الإيرانية".
وأبرزت الصحيفة أن هذه الادعاءات "لا تعكس انعدام الثقة تجاه حزب الله فحسب"، بل تعكس أيضا "القلق المستمر بشأن اعتماد لبنان على راع خارجي".
تداعيات الموقف
وفيما يتعلق بموقف طهران، نقلت "زمان إسرائيل" عن صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أن "الإيرانيين يفضلون تجنب المواجهة المباشرة مع إسرائيل خوفا من تصعيد الوضع في المنطقة برمتها".
ولفتت -وفق ما ذكرته الصحيفة السعودية- إلى أن "الوضع الاقتصادي في إيران غير مستقر والموارد محدودة بسبب العقوبات الدولية".
علاوة على ذلك، أشار أحد كتاب "الشرق الأوسط" إلى أن "إيران تراهن على عامل الوقت، وتتطلع إلى الحفاظ على مكانتها في المنطقة، لكن من دون حرق كل الأوراق".
وبالتالي، بدلا من عدّ التصرف الإيراني تخليا كاملا، هناك رأي ينظر إليه بـ "عدّه خطوة محسوبة للحفاظ على موقعها العام الشامل في الشرق الأوسط"، وفق الصحيفة.
وفي نفس الوقت، عكست صحيفة "القدس العربي"، التي تصدر في لندن، ادعاءات أكثر حدة ضد إيران.
وأهمها -كما ورد عن الصحيفة- أن "طهران تركز حاليا أكثر على تحسين موقفها تجاه الغرب"، وهو ما يعني أن "تركيزها يصبح بدرجة أقل فيما يتعلق بلبنان، مما يؤدي إلى شعور بعدم الاستقرار لدى أنصار حزب الله".
وجاء في تقرير الصحيفة أن "إيران تخوض صراعا متعدد الجبهات في المنطقة، وخيار تقليص الدعم المباشر لحزب الله يشير إلى أولويات جديدة".
وإلى جانب ذلك، بحسب تقديرات أخرى، تشير "زمان إسرائيل" إلى أن "الصعوبات الداخلية في إيران -خاصة الاحتجاجات المتزايدة ضد النظام- تدفع طهران إلى الحد من تدخلها في لبنان، خوفا من أن يكون الثمن السياسي والاقتصادي باهظا".
وبهذا الشأن، نقلت صحيفة "النهار" اللبنانية عن مسؤول كبير في الحكومة اللبنانية قوله إن "الميزانيات التي كانت متاحة سابقا لحزب الله تتضاءل أكثر فأكثر، وكذلك درجة التورط العسكري الإيراني في المنطقة".
توازن الردع
ورغم ما سبق ذكره، ذهبت الصحيفة العبرية إلى أن "إسرائيل يتعين عليها أن تتجنب الافتراض الأساسي بأن حزب الله قد ضعف بشكل كبير، مما يعني تضاؤل التهديد".
وأكدت على أنه "حتى في حالة التوتر الداخلي بين حزب الله وإيران، يمتلك التنظيم قدرات عسكرية مثيرة للإعجاب، كما أن علاقاته مع طهران عميقة بُنيت على مدى عقود".
ولذلك، دعت الصحيفة حكومة بنيامين نتنياهو إلى أن "تتصرف بحذر وأن تتجنب الأفكار المسبقة عن النصر".
وبالإشارة إلى حقيقة أن الاستقرار في المنطقة "هش للغاية وشديد التقلب"، شددت على أن "إسرائيل يجب أن تركز على هدوئها وتحافظ على توازن الردع".
وحذرت من أن أي "تدخل إسرائيلي غير محسوب في محاولة لتقويض مكانة حزب الله قد يعزز من توحيد الأطراف، يؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه".
وفي هذا الصدد، خلصت الصحيفة إلى أن "إجراء معركة متأنية أمر بالغ الأهمية، حتى لا نسمح للأعداء بالتجمع مرة أخرى في مواجهة التهديد الخارجي".
وعلى جانب آخر، دعت "إسرائيل أن تتحرك بهدوء أمام السلطات الدولية"، مؤكدة على "ضرورة إيجاد حلول سياسية وغير عسكرية لمشكلة حزب الله".
كما أكّدت على أن “التعاون مع الدول العربية المعتدلة والحوارات الهادئة مع حلفائها على الساحة الدولية قد يؤدي إلى دعم هادئ، ولكن فعال، للمصلحة الإسرائيلية”، وفق ادعائها.