إما "صفقة تبادل" أو "موت وفشل".. إبداعات قسامية تردع الوحشية الإسرائيلية
"ضغط عسكري يساوي الموت والفشل.. صفقة تبادل تساوي حرية وحياة"
تفاعل واسع أحدثه كَشْفُ أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام، صدور تعليمات لحراس الأسرى الإسرائيليين بشأن التعامل معهم حال اقتراب قوات جيش الاحتلال إلى مواقعهم، وذلك في أعقاب حادثة النصيرات
أبو عبيدة قال إن إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تحرير الأسرى بالضغط العسكري بدلا من إبرام صفقة سيعني عودتهم داخل توابيت، في إشارة إلى المحتجزين الـ6 الذين عثر الاحتلال على جثثهم مطلع سبتمبر في نفق برفح.
وأضاف في منشور عبر تلغرام في 2 سبتمبر/أيلول 2024، أن نتنياهو وجيش الاحتلال وحدهما من يتحملان المسؤولية الكاملة عن مقتل الأسرى بعد تعمدهم تعطيل أي صفقة لمصالح ضيقة وتعمد قتل العشرات من المحتجزين بالقصف.
وجاءت تصريحات أبو عبيدة بعد مؤتمر صحفي لنتنياهو توعد فيه حماس بدفع الثمن عما وصفه بـ"إعدام المحتجزين الستة" بينهم شخص يحمل الجنسية الأميركية، مشددا على تمسكه بالبقاء بمحور فيلادلفيا، الذي تطالب حماس الاحتلال بالانسحاب منه لإبرام صفقة.
وتداول ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي إكس وفيسبوك ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #أبو_عبيدة، #أبوعبيدة، #كتائب_القسام، #نتنياهو، وغيرها، تصريحات الناطق باسم القسام ومقطع الأسيرة الإسرائيلية.
وأشادوا بقدرة القسام على إدارة الحرب النفسية والإعلامية بذات القوة التي تدير بها الحرب ميدانيا، واستنزاف العدو معنويا وإشعال الشارع الإسرائيلي واستثارة غضب ذوي الأسرى ضد حكومة نتنياهو بفضح تعنت رئيس وزراء الكيان ورفضه إبرام صفقة تحمي الأسرى.
معادلة القسام
وتفاعلا مع إعلان القسام، كتب الناشط أدهم أبو سلمية، أن قول أبو عبيدة يعني: “لا تحاولوا تحرير الرهائن بأنفسكم ولا خيار إلا الصفقة”.
من جانبه، قال أحد المغردين، إن مُختصر تغريدة أبو عبيدة: ﴿قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَان﴾، مضيفا: "عندما يفكر جيش الاحتلال الاقتراب من الأسرى في غزة، فسيجد أن الرصاص قد سكن في رؤوس أسراه قبل أن يجدهم ".
بدوره، أكد الباحث محمد عبدالعزيز الرنتيسي، أن كتائب القسام تمسك بزمام الأمور وتعلن المعادلة: "ضغط عسكري يساوي الموت والفشل.. صفقة تبادل تساوي حرية وحياة".
وقال الصحفي فايد أبو شمالة، إن إبداعات قسامية على شكل معادلات رياضية بالعربية والعبرية، والنتيجة: “سياسة نتنياهو خطأ وتقتل الأسرى وستفشل.”
وأوضحت فتحية إبراهيم، أن أبو عبيدة يخير أهالي الأسري ما بين عودتهم احياء أو مقتولين في حالة استمرار نتنياهو في أعماله العسكرية وأصدر أمر لحراس الأسري بالتنفيذ الفوري لقتلهم حالة استمرار الأعمال العسكرية ضد الشعب الفلسطيني.
مجزرة النصيرات
تجدر الإشارة إلى أن مجزرة النصيرات التي أشار إليها أبو عبيدة وقعت في يونيو/حزيران 2024، وتمكنت فيها قوات إسرائيلية من استعادة 4 أسرى لدى المقاومة، عقب قتل مئة فلسطيني وإصابة المئات.
وقال الناشط الحقوقي بلال نزار ريان، إن من الواضح أن قواعد إطلاق النار لدى القسام قد تغيرت، حيث أصبح قرار تصفية الأسرى نافذا في حال تعرضهم لخطر الاستعادة من قبل الجيش الإسرائيلي، وهذا ما جرى في حالة الأسرى الذين قُتلوا بالرصاص خلال الـ48 ساعة الأخيرة.
وذكر الباحث سعيد زياد، أن حادثة النصيرات هي العملية الأولى والأخيرة التي نجحت فيها إسرائيل في تحرير أسرى لها أحياء، مؤكدا أن انعكاسات عملية النصيرات السلبية أكبر بكثير من أي انعكاسات إيجابية على جبهة العدو.
وقال الأكاديمي رحيل غرابية، إن تصريح أبو عبيدة خطير ولكنه سليم وصارم بخصوص إصدار تعليمات جديدة للحراس في مسألة التعامل مع الأسرى في حالة استخدام العدو للقوة في إنقاذهم، مؤكدا أنه منطق قتالي عادل.
وأشار إلى أن إنقاذ الأسرى له طريقان لا ثالث لهما "إما سلميا بالصفقة عبر المفاوضات كما تم في أول الحرب، وإما باستخدام القوة وهنا لن يستطيعوا ذلك إلا بعودتهم جثثا عبر التوابيت".
وأضاف غرابية، أن على النتن -في إشارة إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي- أن يختار، مؤكدا أن هذا الوضوح الصارم في غاية الحكمة.
كلمات أسيرة
وتداول ناشطون مقطع الفيديو الذي بثته القسام لأسيرة إسرائيلية من ضمن الستة قبل مقتلها، مسلطين الضوء على وقعه في نفوس الإسرائيليين.
وأوضحت الصحفية ديما حلواني، أن الكلمات الأخيرة للأسيرة القتيلة عيدان يروشلمي وجهتها لنتنياهو وللإسرائيليين.
وأشار خالد صافي، إلى أن الأسيرة القتيلة عيدان يروشلمي تستغرب من نتنياهو الذي وافق مقابل شاليط على أكثر من ألف أسير فلسطيني والآن لا يقبل تحريرها مقابل عدد أقل من ذلك بكثير، مؤكدا أن القسام يصر على إشعال الشارع الإسرائيلي بهذه الفيديوهات التي لن تتوقف حتى تسقط نتنياهو وحكومته.
وقال الإعلامي حسام الهمادي، إن القسام تبدع في الحرب النفسية، وعد فيديو الأسيرة زلزالا بحد ذاته.
المعركة الإعلامية
ورسمت الخطابات الإعلامية للجناحين العسكري والسياسي لحركة حماس، سواء التي جاءت على لسان قادة ومسؤولي المكتب السياسي أو المتحدث العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، ملامح المعركة وأهدافها وتطوراتها، انطلاقًا من إدراكها لأهمية الخطاب الإعلامي في تشكيل الوعي العام، بحيث يُمثل عنصرا مساندا للآلة العسكرية.
وذلك بحسب دراسة للباحثة مني قشطة، في "المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية"، صدرت في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعنوان "حرب موازية.. كيف وظّفت حركة حماس الآلة الإعلامية خلال عملية "طوفان الأقصى"؟
وقالت الدراسة إن حماس ظهرت وكأن لديها إستراتيجية إعلامية مُحددة منذ اندلاع العملية، ووضعت خطة إعلامية هدفت من خلالها إلى توظيف السلاح الإعلامي في شن حرب نفسية ضد "إسرائيل"، كعامل مُساعد يمكنها من زيادة أوراقها المُربحة في الحرب الدائرة.
وأكدت أن الخطة الإعلامية لحركة حماس نجحت في استعراض ما تحققه من مكاسب ميدانية، ووضعت علامات استفهام كثيرة أمام حجم الخسائر التي تُعلن عنها إسرائيل"، فيما خسرت إسرائيل حرب الصورة وهو ما انعكس على تظاهر الملايين في العالم ضدها.
وتحت عنوان "عن فيديوهات الأسرى"، قال المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن بعد 11 شهرا من الحرب يحدث حرب بين قوة مقاومة مُحاصرة في إقليم صغير مُحاصر، وبين أقوى "كيان" في الإقليم، تدعمه أكبر قوة عسكرية وتكنولوجية في العالم، ومعها عدد من أكبر القوى.
وأضاف أن كل هذه الهجمة الوحشية وطوال 11 شهرا، ومازالت المقاومة تستنزف العدو، ومازالت تدير المعركة الإعلامية مع الغزاة على نحو رائع، وما فيديوهات الأسرى القتلى سوى مثال على ذلك.
وقالت الكاتبة آيات عرابي: "واضح جدا أن حماس تدير المعركة الإعلامية بكفاءة، فرسالة كهذه تأتي بعد يوم واحد على اكتشاف جثث القتلى الستة كفيلة بأن تصب الزيت على النار المشتعلة أصلا في الشارع الإسرائيلي ضد نتنياهو المهزوم الذي وقف اليوم أمام شعبة كالغريق الذي مازال يبحث عن قشة تخرجه من وحل غزة ولو بأي انتصار وهمي ".
وأكدت دعاء شغليل، أن محور المقاومة يبدع في جميع الميادين وأبرزها في الحرب الإعلامية حيث تظهر حكمة وذكاء لا مثيل لهما.
مشيرة إلى أن في الفيديو الذي تظهر فيه القتيلة الإسرائيلية الكثير من الفشل للعدو والكثير الكثير من التفوق للقسام اختتم بعبارة "صفقة تبادل حرية وحياة.. ضغط عسكري موت وفشل".
وأثنى المغرد أحمد، على القسام، قائلا إنها تخوض المعركة الإعلامية ببراعة منقطعة النظير بالتزامن مع المعركة الإعجازية في الميدان العسكري، اللهم تمم على مجاهدينا وأهلنا.
وقال المغرد تامر، إن المقاومة الفلسطينية تعترف رسميا، على لسان أبو عبيدة، أنه بعد حادثة النصيرات، صدرت تعليمات جديدة للمقاومين بشأن التعامل مع الأسرى حال اقتراب جيش الاحتلال من مكان احتجازهم، موضحا أن هذا يعني إعدام الأسرى في حالة الشعور بخطر إمكانية تحريرهم.