بيت لاهيا وجباليا تواجهان القتل والجوع.. أين العالم مما يجرى في شمال غزة؟
القصف الإسرائيلي المستمر على الشمال "إمعان في الإبادة والتطهير العرقي"
أصبحت مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة "مدينة منكوبة" جراء حرب الإبادة الجماعية والحصار الإسرائيلي، وفق ما أعلنت بلديتها مطلقة "نداء استغاثة عاجلا" يتضمن 5 مطالب لـ"إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
وقالت بلدية بيت لاهيا في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2024، إن سكان المدينة يعانون "كارثة إنسانية"، نتيجة "حرب الإبادة المستمرة والحصار المفروض عليها".
وأوضحت أن المدينة أصبحت "بلا طعام وبلا مياه وبلا مستشفيات وبلا إسعافات وبلا دفاع مدني وبلا أطباء وبلا خدمات (صرف صحي ونفايات) وبلا اتصالات".
البلدية وجهت 5 مطالب إلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإنسانية، هي "الضغط على الاحتلال لوقف الإبادة الجماعية في مدينة بيت لاهيا، وفتح ممر آمن لإدخال جميع المستلزمات الطبية والغذائية والوقود لإنقاذ المنظومة الصحية والخدماتية".
وكذلك "إدخال معدات الدفاع المدني والإسعافات للعمل على انتشال الشهداء والمصابين من تحت الأنقاض، لا سيما بعد ارتكاب الاحتلال عددا من المجازر بحق المواطنين".
كما طالبت البلدية بـ"إدخال الوقود اللازم لتشغيل آبار المياه ومحطات التحلية ومضخات الصرف الصحي"، وكذلك "إدخال الآليات الثقيلة لفتح الطرق وإزالة الركام، لتسهيل حركة المواطنين وسيارات الإسعاف والدفاع المدني".
ولليوم السادس والعشرين، يستمر الجيش الإسرائيلي الأربعاء في الاجتياح وحرب الإبادة بمحافظة شمال قطاع غزة، وتحديدا في جباليا ومخيمها وبيت لاهيا؛ حيث يعدم كل مظاهر الحياة في المنطقة.
وشن جيش الاحتلال فجر 29 أكتوبر، غارة على منزل عائلة أبو نصر المكون من 5 طوابق والذي كان يأوي عشرات النازحين، أسفرت عن استشهاد 93 شخصا معظمهم من النساء والأطفال، وفقدان نحو 40 آخرين -بحسب ما أكده الدفاع المدني بالقطاع-. كما اعتقلت قوات الاحتلال عشرات الأفراد من كوادر الدفاع المدني والصحة.
وبدورها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين في بيت لاهيا، مشددة على أنها "لم تكن لتتم لولا العجز العربي الرسمي والصمت الدولي".
وأكدت أن القصف الإسرائيلي إمعان في الإبادة والتطهير العرقي الذي يرتكبه الكيان الصهيوني المجرم منذ أكثر من عام.
وشددت على أن المجزرة وقعت "في ظل العجز العربي الرسمي والصمت الدولي الذي يشجع مجرم الحرب (رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو على المضي في خطط الإبادة والتهجير ضد شعبنا".
أما عما يحدث في جباليا، فقد تداول ناشطون مقطع فيديو يظهر اعتقال جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي عددا من الفلسطينيين، في أحد ملاجئ مخيمها وإجبارهم على النوم على الأرض، وربطوا أيديهم خلف ظهورهم، وعصبوا أعينهم.
ويأتي ذلك في ظل تقديم الوسطاء مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار، وسط تنصّل إسرائيلي من إنهاء الحرب والحديث عن هدن مؤقتة يجرى خلالها تبادل الأسرى.
وقال القيادي في حماس سامي أبو زهري، إن الحركة منفتحة على مناقشة "أي اتفاق" يكفل وقفا نهائيا لإطلاق النار في غزة وانسحاب قوات الاحتلال منه بشكل كامل.
وطالب في كلمة مصورة الحكومات العربية والإسلامية باتخاذ قرار بكسر الحصار وإدخال المساعدات خصوصا إلى شمال القطاع، مؤكدا أن على هذه الدول أن تتوقف عن بيانات الشجب والإدانة التي لا يكترث لها الاحتلال وأن تُقدم على خطوات تتناسب مع عدالة القضية الفلسطينية وتضحيات الشعب الفلسطيني.
وتحدث ناشطون عن ارتكاب الاحتلال المزيد من المجازر في القطاع وتصعيده على الشمال بشتى الوسائل الإجرامية، داعين للنفير العام إسنادا ودعما لغزة.
وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية في منصتي "إكس"، و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #غزة_الفاضحة، #نحن_نباد، #شمال_غزة_يباد، وغيرها من الوسوم، شن ناشطون هجوما على الأنظمة العربية والغربية مستنكرين الصمت والخذلان والتواطؤ مع الاحتلال.
تنديد واستنكار
وتنديدا بتصعيد الاحتلال على شمال القطاع وفرضه حصارا، قال الطبيب عزالدين شاهين، إن المذبحة التي حدثت صباحا (29 أكتوبر) لعائلة أبو نصر، أكثر من 150 شخصا كلهم شهداء ومفقودون، مذبحة بكل ما تحمله كلمة مذبحة من معانٍ.
وأضاف أن "أقدام الأطفال اختلطت بالحجارة والحديد، اللحم اختلط بالركام، الوجوه القليلة التي احتفظت بملامحها اعرفها جيدا فهذا البيت مجاور لبيت أهلي، وجميع هؤلاء أعرفهم جيدا".
وتابع شاهين: "عائلة كبيرة وممتدة كانت دائما تملأ الحارة صخبا وضجيجا، جميعهم قتلتهم إسرائيل ولم يتوقف الكوكب عن الدوران ولم يقف أحد ليقرأ أسماءهم حتى، ولم يجدوا سيارة إسعاف لتنقلهم، ولم يجدوا من يصلي عليهم أو يقيم الحداد على جثامينهم، يا الله هذا آخر الزمان آمنا بك وبنبيك الكريم".
وأكد علاء شعث، أن شمال قطاع غزة (جباليا، بيت لاهيا) بلا مياه منذ مطلع شهر أكتوبر.
وعرضت المغردة ملك حمدي، صورا لما خلفته الغارة الإسرائيلية على بيت لاهيا، قائلة إن في هذه الفاجعة الصباحية، ارتفع عدد الشهداء إلى 93 شهيدا، وعشرات المفقودين تحت الأنقاض.
وأشارت إلى أنه تم نقل الجثث في مشهد مؤلم على عربات يجرّها حمار، أما الإصابات، فاستشهدت من الانتظار.
وعرض جمال عبدالشافي، مشاهد توثق تعذيب وتنكيل جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمعتقلين في مخيم جباليا داخل أحد مراكز الإيواء شمال قطاع غزة.
ونشر محمد خالد علي، مقطع فيديو لرجل مسن من جباليا تبدو عليه الصدمة النفسية جراء فقدان 70 فردا من عائلته في جباليا، وهو يناشد إيصال رسالته إلى العالم، ويصف كيف تم حرق أقاربه فيما يسميه إبادة كاملة.
وأشار إلى أن الرجل يروي بألم المشهد المروع، موضحا كيف قام بسحب جثثهم من تحت الأنقاض على مدى يومين.
خذلان وتواطؤ
واستنكارا لخذلان غزة عربيا وغربيا، قال المحلل العسكري فايز الدويري، إن العدو الصهيوني يستمر في ارتكاب مجازره في قطاع غزة وتحديدا في محافظة الشمال أمام مرأى ومسمع العالم الذي أغمض عينيه وصم أذنيه (مجزرة بيت لاهيا هذا اليوم كمثال).
وأكد أن دولة الكيان إحدى أدوات المشروع الغربي في السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، لذا فجميعهم كدول تدعم دولة الكيان وهذا متوقع منهم لأنهم فقدوا الأخلاق، متسائلا: “ما عذر الدول العربية وأنظمتها؟”
واستهجن الدويري، أن 22 دولة غالبيتها العظمى أغلقت عينيها وصمت أذنيها وربطت لسانها عن الكلام والنقد، فتخلت عن أضعف الإيمان في نصرة غزة.
وتساءل الكاتب ياسر الزعاترة: “من كان يتوقّع أن يحدث ذلك في القرن الحادي والعشرين، وهو يُنقَل حيا على الهواء، لكنه يمرّ عاديا مع بضعة تعليقات خجولة من هنا أو هناك، كحال تعليق الدولة (العُظمى) التي توفّر القنابل للغزاة لأجل قتل الأطفال والنساء وعموم الأبرياء؟”
وقال: “لم يحدث أن كان الوضع العربي الرسمي بهذا المستوى من البؤس، ولم يحدث أن ابتلي شعبنا بقيادة بهذا المستوى من الجُبن والعجز، حتى لا نستخدم المصطلح الشهير إياه.”
ووصف الصحفي السوري قتيبة ياسين ما يحدث في غزة، بأنه "إبادة مكتملة الأركان تتم أمام العالم".
وعرض الإعلامي تامر المسحال، صورة لنقل الجثث في شمال القطاع على عربات يجرها حمار، قائلا: "هكذا تُنقل جثثنا في زمن تخاذل أمتنا".
وأكد الأكاديمي العماني حمود النوفلي، أنه "لولا الخيانة والتآمر لكنا هذا الصيف نصلي في القدس ونستمع للخطيب الشهيد يحيى السنوار، ولكن أراد الله أن يبتلينا، حتى يرينا من هو عدونا الحقيقي الذي حال دون انتصارنا".
ورأى أن كل ذلك ليقيض الله للأمة رجالا آخرين ينتقمون لها ممن تسبب في تأخير انتصارها، مبشرا بأن القادم أجمل.
وأشار محمد دياب، إلى أنه في ظل انعدام مقومات الحياة من ماء وغذاء وخدمات صحية، ينزح عشرات الآلاف من العائلات من مخيم جباليا إلى بيت لاهيا، وسط الجوع والعطش والمرض الذي يتهدّد الناس في هذه المنطقة مع حصار خانق وقصف وموت لا يتوقف، وصمت دولي شريك.
استنهاض للهمم
واستنهاضا للهمم وحثا على الاستجابة للمقاومة وعدم الاعتياد على المشاهد، أشار المحلل السياسي ياسين عز الدين، إلى أن حركة حماس وجهت نداء واضحا للشعوب العربية والإسلامية بزيادة الحراك الشعبي المساند لفلسطين، وحصار السفارات الإسرائيلية والأميركية والأوروبية في العواصم كافة.
وأوضح أن المطلوب الضغط على داعمي إسرائيل من أجل وقف الإبادة الجماعية في شمال غزة، متسائلا: هل أنت عاجز عن الخروج نصف ساعة استجابة لطلب المقاومة ونصرة لأطفال ونساء غزة؟"
ودعا عز الدين، الشعوب للضغط على حكوماتهم لتتحرك لدى أميركا، فهي قادرة على وقف الإبادة بحق المدنيين، قائلا: "لا نريد شيئا آخر فالمقاومة ستدبر أمرها، المهم المدنيون".
وحثت ميرا أمير، المسلمين على الاستيقاظ من غفلتهم، وألا يتركوا غزة وحدها، وأن يعودوا إلى الكتابة عنها والتذكير بها، مؤكدة أن الحرب المجنونة عادت أشد وأقسى من أيامها الأولى، وأن ما يحدث في غزة غير طبيعي والشمال وبيت لاهيا يُباد.
وعرض الصحفي فايد أبو شمالة، مقطع فيديو لنداء حماس، متسائلا: “هل ستسمع ( الأمة العربية والإسلامية) هذا النداء من حماس؟ وإذا سمعوا هل سيتحركون ؟ هل سيكسرون الحصار ؟ هل سيوقفون الإبادة ؟”