اتفاق غاز أم صفقة أمنية؟ جدل واسع بعد حديث نتنياهو عن ضمان مصالح إسرائيل

شدوى الصلاح | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في خطوة تُعدّ تفريطًا في الأمن القومي المصري، وتطبيعًا اقتصاديًا مفضوحًا مع الاحتلال الإسرائيلي، ودعمًا غير مسبوق له على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وقّع النظام الانقلابي في مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي اتفاقًا مع الكيان الإسرائيلي لاستيراد الغاز الطبيعي المستخرج من الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة 15 عامًا.

وأعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في 17 ديسمبر/كانون الأول 2025، المصادقة على اتفاق في مجال الغاز الطبيعي مع مصر، واصفًا إياه بأنه “أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل”، في حين لم يصدر أي تعليق رسمي مصري على هذا الإعلان حتى الآن.

وفي كلمة متلفزة ظهر فيها إلى جانب وزير طاقة الاحتلال إيلي كوهين، قال نتنياهو: “صدقنا مع مصر على أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل”. موضحًا أن قيمة الصفقة تبلغ 112 مليار شيكل (نحو 35 مليار دولار)، مشيرًا إلى أن نصف هذا المبلغ سيؤول إلى خزينة دولة الاحتلال.

وبموجب الصفقة، سيبيع الاحتلال الإسرائيلي 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر حتى عام 2040 مقابل 35 مليار دولار، على أن تكون شركة الطاقة المصرية “بلو أوشن إنرجي” (BOE) الجهة المشترية. وفق ما أفادت به صحيفة “يسرائيل هيوم”.

وتنضم هذه الصفقة إلى سلسلة من اتفاقيات توريد الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر خلال السنوات الخمس الماضية.

وقال نتنياهو: إن المصادقة على الصفقة تمت مع شركة “شيفرون” الأميركية بعد أن “ضُمنت المصالح الأمنية والحيوية لإسرائيل”، دون أن يقدم أي توضيحات حول طبيعة هذه المصالح.

وأضاف: “قبل كل شيء، تُلزم الصفقة الشركات ببيع الغاز بسعر مناسب للإسرائيليين”. مشيرًا إلى أن “الاتفاق سيمكن مصر من الحصول على الغاز”. على حد تعبيره.

كما زعم أن الصفقة التي تأخرت بسبب قضايا عالقة، ستسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة. مؤكدًا أن إسرائيل تعمل على استخراج الغاز من مياهها الإقليمية، وأن اقتصادها “من بين الأفضل في العالم”، بحسب وصفه. مشيرًا إلى أن استخراج الغاز حقق “أرباحًا طائلة” لدولة الاحتلال.

وتدير شركة “شيفرون” الأميركية العملاقة للطاقة حقل “ليفياثان” الذي سيضخ الغاز إلى مصر. وقد بدأ الحقل، الواقع في شرق البحر المتوسط، الإنتاج عام 2020، كما يزوّد الأردن بكميات من الغاز الطبيعي.

ويقع حقل ليفياثان في شرق البحر المتوسط، ضمن المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة لفلسطين، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي استولى عليه ويستخرج منه الغاز، في ظل نزاع قانوني حول تبعيته؛ إذ يجادل الاحتلال بأنه يقع ضمن مياهه الإقليمية.

وتنقسم حقوق التشغيل في الحقل بين شركة “نوبل إنرجي” (39.66%) التي استحوذت عليها “شيفرون” في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وشراكة “نيوميد إنرجي” (45.33%)، وشركة “ريشيو” (15%).

وفي 7 أغسطس/آب 2025 أعلنت شركة “نيوميد إنرجي”، أحد الشركاء في حقل ليفياثان، عن اتفاق لتوريد 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، غير أن نتنياهو أصدر في سبتمبر/أيلول تعليماته بعدم استكمال تنفيذ الاتفاق إلا بعد موافقته المباشرة.

وجاء قرار نتنياهو على خلفية مزاعم تل أبيب بـ”انتهاك القاهرة لمعاهدة السلام” الموقعة بين البلدين، بسبب انتشار عسكري مصري في سيناء، وهي مزاعم نفتها القاهرة رسميًا.

وكانت مصر وإسرائيل قد وقعتا في 26 مارس/آذار 1979، في واشنطن، معاهدة سلام عقب اتفاقية “كامب ديفيد” عام 1978، ونصَّت على وقف حالة الحرب وتطبيع العلاقات، وانسحاب إسرائيل الكامل من شبه جزيرة سيناء، مع الإبقاء على المنطقة منزوعة السلاح.

وبدأ الحديث عن الصفقة الحالية في 7 أغسطس/آب الماضي، عندما كشفت صحيفة “معاريف” عن توقيع شركة “نيوميد إنرجي” صفقة جديدة لتصدير الغاز إلى مصر من حقل ليفياثان، توسّع بموجبها الاتفاقية القائمة منذ عام 2019، والتي كانت تنص على توريد 60 مليار متر مكعب.

ومع استمرار تعطيل التصديق على الصفقة لأكثر من أربعة أشهر، أفادت القناة “12” العبرية وموقع “القاهرة 24” بأن مصر قد تتجه إلى قطر لتعويض فجوات التوريد، في ظل تأكيد وزارة البترول المصرية اتباع سياسة تنويع الشركاء.

وعقب هذه الأنباء، عاد الإعلام العبري خلال الأيام الماضية للحديث عن تحول في موقف نتنياهو. مشيرًا إلى منحه الضوء الأخضر لاستكمال التفاهمات مع القاهرة بشأن الصفقة.

وأثار ظهور نتنياهو وهو يعلن الصفقة بلهجة احتفالية موجة استنكار واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تأكيده أن تمريرها جاء بعد ضمان المصالح الأمنية الإسرائيلية، وتشديده على الأرباح الطائلة التي حققها استخراج الغاز لدولة الاحتلال.

وعبر ناشطون على منصات “إكس” و”فيسبوك” عن غضبهم، مستخدمين وسومًا من بينها: #صفقة_العار، #صفقة_الغاز، #نتنياهو، #السيسي، متهمين رئيس النظام المصري بالتفريط في الأمن القومي وتمويل خزينة الاحتلال ودعم نتنياهو سياسيا.

وأكد ناشطون أن الصفقة تعكس ارتهان القرار المصري للإرادة الإسرائيلية، مستنكرين إصرار النظام المصري على تمريرها في وقت يواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، ويصعّد في الضفة الغربية، ويهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر.

"زبون" ذليل

وهجوما على النظام المصري، أكد الحقوقي والسياسي أسامة رشدي، أن السيسي لم يعد يملك من أمره شيئًا، وهو راضخ تماما لما يفرض عليه، وسياسات ومصالح مصر باتت ترسم وتعلن من تل أبيب.

وتهكم قائلا: "سلم لي على الإنجازات والتبعية وإهدار أمن مصر الإستراتيجي، بلاها: أمن المياه، وبلاها: أمن الطاقة، المهم: أمن الكرسي"، مستنكرا عدم تعليق نظام السيسي الذي وصفه بـ"المفعول به" على صفقة العار التي أعلنها نتنياهو لا نفيا، ولا توضيحا، ولا شرحا.

واستهجن رشدي، قول نتنياهو دون مواربة إن الصفقة جاءت بعد أن "ضمنت مصالح إسرائيل الأمنية والحيوية".

وقال محمود البنا: "السيسي تنازل عن حقول الغاز داخل المياه المصرية إلى الاحتلال الإسرائيلي، ثم عاد يتسوّل الغاز ويشتريه، مُحوّلًا مصر من دولة صاحبة حق إلى زبونٍ ذليل!".

وأكد السياسي يحيى موسى أن العلاقة بين السيسي والكيان هي علاقة عضوية وتبعية إستراتيجية "كاثوليكية" لا يمكن أن يفرط الخائن بها مهما فعل الكيان.

وقال: إن من يرهن أمن الطاقة في بلده لدولة أخرى لمدة 15 عاما يعني أنه مطمئن تماما لهذا الكيان أو أنه لا يملك خيارا إلا استرضاءه.

وأشار موسى إلى أن منذ سنوات وهناك بدائل أفضل أكثر أمناً وأقل تكلفة إلا أن السيسي رفض إلا الارتهان للكيان وإنعاشه بأموال مستدانة سيسددها المصريون وأبنائهم لعقود قادمة. مبشرا بالقول: "لن يستمتع السيسي طويلا بهذه الخيانة ولن يبقى الكيان حتى 2040 ليتم الصفقة".

واستنكر الصحفي جمال سلطان أن السيسي منح "إسرائيل" 35 مليار دولار، من أموال الشعب المصري الفقير، في صفقة مشبوهة لشراء غاز، بدائلها متاحة من دولتين عربيتين.

وأشار إلى أن نتنياهو احتفل مع "شعبه" بما وصفه: "أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل، وقوله إنها ستخدم إسرائيل وتغذي خزينتها وتؤمن مستقبل الأجيال الإسرائيلية المقبلة وتعزز قوتها في الإقليم.

وأوضح الصحفي عثمان مطر، أن "الشعب المصري سيدفع للاحتلال 35 مليار دولار،  الاحتلال راح يشتري فيهم أسلحة ويرجعهم للشعب المصري دم ودمار". 

وأشارت الإعلامية هدى نعيم إلى أنه تم الإعلان عن أكبر اتفاقية غاز في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي مع دولة عربية، مسلمة، مصر، في توقيت سبقته موجة تصريحات سياسية وإعلامية أوحت بأن القاهرة تضع شروطًا صارمة، وأنها تلوّح برفض أي تفاهم طالما استمر الاحتلال في السيطرة على محور فيلادلفيا وإغلاق معبر رفح. 

ولفتت إلى أن هذه اللحظة شعر فيها كثيرون أن هناك قرارا عربيا مستقلا، أو على الأقل هامش سيادة حقيقية، لكن هذا الشعور لم يصمد طويلا، فسرعان ما خرج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ليعلن المصادقة على الصفقة، متفاخرًا بها، وواعدًا جمهوره بـ"مفاجآت جميلة". 

وذكرت نعيم، بأن ذلك جاء في وقت تُرتكب فيه إبادة جماعية في غزة، ويتسارع مشروع الضم والاستيطان، وتُدفن فعليًا أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.

وأكدت أن ما جرى يعيد تثبيت مشهد بات مألوفًا في المنطقة: تصريحات عالية السقف في الإعلام ووسائل التواصل تُخدّر الرأي العام، ثم قرارات كبرى تُنفّذ على الأرض وفق ما تريده تل أبيب وواشنطن. قائلة: "حديث عن خطوط حمراء وشروط سيادية، يقابله في الواقع توقيع أكبر صفقة طاقة مع الاحتلال".

واستنكرت نعيم، أن دولة عربية مركزية، تملك ثقلا سياسيا وعسكريا، وتجاور غزة جغرافيا، تجد نفسها شريكا في صفقة إستراتيجية مع الاحتلال، بينما يُترك القطاع المحاصر للدم والبرد والجوع، من دون حتى ربط الاتفاق بأي التزام إنساني أو سياسي.

وأوضحت أن في هذه المعادلة، تبدو الولايات المتحدة الحاكم الفعلي لمسار المنطقة، بينما تتقلص أدوار الدول العربية إلى إدارة الغضب الشعبي لا أكثر.

وتساءلت نعيم: “من يملك القرار الحقيقي في هذا العالم؟ من الآمر والناهي؟ وما قيمة الدول والجيوش العربية إذا كانت تُساق في النهاية إلى التوقيع والرضوخ مهما ارتفعت نبرة التصريحات؟”

ووصف المحلل السياسي ياسر الزعاترة، نتنياهو بأنه لصٌ سرق غاز شعبنا وباعه لـ"شقيقتنا الكُبرى". 

وعد المصيبة أن نتنياهو يعد الصفقة جزءا لا يتجزّأ من مشروع "صهْينة" المنطقة، هو الذي مرّرها بدلال عجيب، وقيل بـ"ضغوط أميركية"، وطبعا كي يأخذ ثمنا آخر للموافقة، غير قيمتها (35 مليار دولار). والأرجح أن يكون الثمن متعلّقا بالملفات الكبرى في قطاع غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان، مع عموم عموم المنطقة.

وقال الزعاترة: “إضعاف مصر، برهنها لصفقات مع العدو الأكبر، فضلا عما هو أسوأ، لا يعني غير تسهيل المخطّط الصهيوني الأميركي، أو الأميركي الصهيوني، ما يعني أن مهمّة الأمّة في المواجهة ستكون أصعب بكثير”. متسائلا: “أي مرحلة بائسة نعيش؟!”

أسعار متدنية

وفي إيضاح ورصد للبدائل التي يمتلكها النظام المصري واستنكارا لتوقيت إعلان الصفقة، قال الكاتب السعودي نواف القديمي: إن الحكومة المصرية هنا لا تشتري من إسرائيل تقنيات متطورة مثلا - ولو فعلت ذلك فهو مُدان - بل تشتري "غازا"، وهي سلعة متوفرة حتى لدى الدول العربية المُحيطة بمصر، وصاحب المال لديه دائما خيارات في الشراء. 

ووصف قرار شراء الغاز - الفلسطيني المسروق - من الكيان المُحتل بعد كل جرائمه ومجازره - بذريعة أنه أقرب - هو قرار بالتواطؤ وليس ضرورة اقتصادية.

وأضاف القديمي: "سيكون كل الطعام المصري مطبوخ بالغاز الإسرائيلي، وجميع محطات الكهرباء في مصر ستعمل بالغاز القادم من الاحتلال. ولا حول ولا قوة إلا بالله".

وكتب المغرد رعد: "صدرت مصر بوقت سابق الغاز للاحتلال بأسعار متدنية، في وقت كان الداخل المصري يعاني نقص ذات المورد. واليوم، وبعد سيل المجازر هذا، تعقد مع الاحتلال أضخم صفقة غاز في تاريخه، بما يعزز قوته الاقتصادية والعسكرية، ويخدم مواطنيه، كدأب النظام المصري، رغم وجود بدائل متاحة أمامه، لكنها الخيانة".

واستنكرت سالي إبراهيم إبرامَ السيسي لأكبر صفقة غاز في تاريخ الكيان المحتل وعمل انتعاش اقتصادي لخزانته أن في وقت الإبادة والحصار وموت أهالي غزة من البرد والمطر الشديد والعالم كله يطالب بإدخال كرافانات لغزة. قائلة: "ما كل واحد بيدعم قرايبه".

واستهجنت قائلة: "النهاردة يخرج النتن ويقولك لقد صدقنا على الصفقة.. اشمعنا الفلوس ظهرت دلوقتي؟ يعني ملقتش غير الاحتلال وتجيب منهم الغاز اللي هو أصلا بتاعنا أمتي بقا الشعب يفوق؟.. والله البلد بتضيع يا جدعان".

وقال علي سالم: "بينما نعيش في غزة منذ سنتين على الحطب والنار وتحت ظلامٍ دامس بسبب قطع الاحتلال عنا الوقود والغاز تتسارع بعض الدول العربية لعقد صفقات مالية ضخمة ودعم الاحتلال الذي خرج من الحرب بأزمة مالية كبيرة بعد أن وضع معظم ميزانية دولته في قتل أطفال غزة". 

واستنكرت أن هذه الدول تتهافت اليوم على دعم دويلة الاحتلال بصفقات الغاز. قائلا: "لا سلّمهم الله".

تمويل الاحتلال

وتأكيدا على الصفقة تقدم دعما اقتصاديا وسياسيا وأمنيا غير مسبوق للاحتلال، أوضح المحلل السياسي ياسين عز الدين، أن "الصفقة ستبيع الغاز الفلسطيني لمصر بقيمة 35 مليار دولار على مدى 15 عاما، نصف المبلغ سيذهب لخزينة حكومة الاحتلال من أجل تمويل قتل شعبنا وإبادته".

وأشار إلى أن الصفقة جاءت وسط أزمات اقتصادية تعاني منها دولة الاحتلال ولتربط المصالح المصرية ببقاء دولة الاحتلال واستمرار تزويدها بالغاز.

وقال عزالدين: "كان بالإمكان شراء الغاز من أماكن أخرى بالعالم، وكان بالإمكان اعتبار أنه لم يتم اكتشاف الغاز في فلسطين، لكن النظام المصري مجرد أجير عند الإمارات وإسرائيل ويفعل ما يخدمهم".

وأوضح المحامي أحمد بن عياش، أن مصر أدخلت على خزينة الاحتلال ١١٢ مليون ورفعت رصيد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي في الانتخابات القادمة كأحد إنجازاته السياسية والاقتصادية في المنطقة.

وتهكم قائلا: "كل ذلك دعم للقضية الفلسطينية. وحقوق الشعب الفلسطيني في موارد الطبيعية ومن ضمنها الغاز الذي سيستخرجة الاحتلال من شواطئنا المحتلة وبيعه لمصر".

وتساءل عياش: "ما هو المقابل السياسي والأمني ونحن جميعا نعلم أن خزينة مصر منهارة وغارقة في الديون الدولية؟ ثم ما هو احتياج مصر من شراء الغاز وهي التي تصدرها للأردن عبر الاحتلال؟"، مذكرا بقول السيسي: "هو انتوا مش عارفين انتوا نور عنينا ولا إيه".

وسخر نضال أبو مواس من الاتفاقية قائلا: "حرصا من مصر على استمرار إنعاش اقتصاد الاحتلال قامت اليوم بالمصادقة على التعديلات التي أرادها النتن -في إشارة إلى رئيس وزراء الاحتلال على اتفاقية الغاز".

وتهكم قائلا: "عاشت مصر داعما بكل السبل للاحتلال حتى لا يقال جاع الاحتلال ومصر موجودة".

وأوضح علاء عبود، أن الاتفاقية هي أكبر صفقة تجارية بتاريخ الكيان، لكن قيمتها الحقيقية تفوق البعد الاقتصادي وتتجاوزه للسياسي واعادة تسويق الاحتلال عالميا بمظهر المنسجم مع "جيرانه". 

وتوقع أن يدافع الإعلام المصري عن الصفقة بشراسة، بل وقد يعتبرها فتحا مظفرا، مذكرا بأن هذا الإعلام نفسه الذي ما زال منذ عامين يتهم الآخرين بالعمالة والتآمر مع الكيان على زعيمه القذر.

شراكة بالجريمة

وفي إعلان رفض للصفقة وتسليطا للضوء على تبعاتها وانعكاساتها على مصر والكيان، وصفها الباحث في الشؤون الأوروبية أحمد فراسيني، بأنها "خرق للقوانين والشق الأخلاقي وشراكة بالجريمة".

وتساءل: “هل كل الغاز المصدر من دولة الاحتلال إلى مصر (35 مليار دولار) مستخرج من حقول غاز (إسرائيلية)؟ أم أن جزءا منها من المصادر الطبيعية للمناطق المحتلة؟”

وقال مناف الياسري: "طبعا الغاز مسروق من سواحل غزة ومصر الآن ستدفع هذه المبالغ الطائلة لتشتريه والصهاينة سيتسلحون أكثر.. تفكير إستراتيجي خارق عن السيسي".

ورأى خبير إدارة الأزمات مراد علي، أن الكارثة ليست فقط في إعلان نتنياهو ضخ 35 مليار دولار داخل الاقتصاد الإسرائيلي من صفقة الغاز مع مصر، ولا في الإيحاء بأن القرار بيده وأن الحكومة المصرية تنتظر موافقته وتتودد إليها.

وأوضح أن الخطورة الأكبر تكمن في العبارة التي صرّح بها نتنياهو قائلاً: "صادقتُ على صفقة الغاز  بعد تأمين مصالحنا الأمنية الضرورية"، متسائلا: ما هي هذه "المصالح الأمنية" التي جرى تأمينها مع مصر؟ وكيف قبل المفاوض المصري ضخ هذا المبلغ الهائل دون أن يتوقف أمام دلالات هذا التصريح؟ وألم يتأثروا بمشهد احتفالات نتنياهو بهذه الصفقة؟"

وتابع علي تساؤلاته: “ما شعورهم وهو يشاهدون السعادة الغامرة على وجه هذا المجرم  -الذي قتل 70 ألف من أهلنا في غزة - وهو يعلن الصفقة وكأنها انتصار سياسي وأمني قبل أن يكون اقتصادياً؟”