في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا.. ماذا يفعل جواسيس الصين؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد سويعات من عودة المستشار الألماني أولاف شولتس من الصين في زيارة لتوطيد العلاقات الاقتصادية، بدأت العلاقات السياسية في 23 أبريل/ نيسان 2024 تتوتر بعد إلقاء برلين القبض على 4 جواسيس صينيين خلال أقل من 48 ساعة.

وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية، أن انتشار الجواسيس الصينيين على التراب الأوروبي، يثير حفيظة غالبية دول القارة. 

شبكات تجسس

وقالت الصحيفة إن مهنة التجسس ثاني أقدم مهنة في العالم، لذلك، فإن الكشف عن حفاظ الصين عن نسيج من الجواسيس حول أوروبا ليس بالأمر المفاجئ. 

وتحديدا، خلال أقل من 48 ساعة فقط، جرى القبض على عدد لا يستهان به من الجواسيس الصينيين ينتمون إلى ثلاث شبكات مختلفة في ألمانيا وبريطانيا. 

وأعلن مكتب المدعي العام الألماني عن اعتقال ثلاثة مواطنين ألمان متهمين بالإدلاء بمعلومات حول تكنولوجيا عسكرية لصالح عميلة استخبارات صينية؛ كانوا على اتصال بها منذ سنة 2022 على الأقل. 

وبعد ساعات قليلة، اعتقل مواطنان من بريطانيا بنفس التهم. وعقب ذلك بساعات، ألقت الشرطة الألمانية القبض على مساعد سياسي من حزب البديل من أجل ألمانيا، صيني الجنسية ويدعى جيان غو، بتهمة التجسس.

وبحسب مصادر ألمانية، يتهم المحققون "جيان غو، بالتجسس على المعارضة الصينية المنفية في ألمانيا. وهو متهم بالعمل في مناصب مختلفة في صلب مجموعات المعارضة وجمع معلومات عن المعارضين الصينيين. ونقلها إلى النظام الصيني. 

وأوضحت الصحيفة أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، حيث اكتشف خلال الأشهر الأخيرة أن عضو البرلمان الأوروبي البلجيكي اليميني المتطرف فرانك كريلمان كان أحد الناشطين في وزارة أمن الدولة الصينية منذ سنة 2019 على الأقل.

 إضافة إلى عملية تجسس إلكتروني صينية معقدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ونيوزيلندا وجمهورية التشيك، ومؤامرة لتوريط العديد من ضباط المخابرات البريطانية في فضائح على يد أفراد مرتبطين بالمخابرات الصينية. 

"الصديق العدو"

وتقول مصادر أوروبية في مجال الأمن والاستخبارات لصحيفة الكونفدنسيال إنه "على عكس روسيا، التي تعدها تقريبا جميع الدول الأوروبية جهة معادية؛ تعد الصين شريكا تجاريا مهما للغاية في أوروبا، وهنا تكمن المشكلة الصعبة". 

وأشارت الصحيفة إلى أن تمويل رأس المال الصيني لبعض المشاريع الثقافية أو العلمية يمكن أن يكون بمثابة بوابة لأنشطة أجهزة المخابرات الصينية. 

وتبرز حالات مثل تمويل مواطنين صينيين لجامعات أوروبية تواجه صعوبات مالية، مثلما حدث أخيرا في جامعة بريست للعلوم الاقتصادية في فرنسا، الأمر الذي يثير مخاوف من الدور الذي يلعبه رأس المال الصيني في هذه المجالات. 

وبحسب أحد الخبراء المخضرمين في خدمة مكافحة التجسس الأوروبية، فإنه في حالة الصين، يكون من الصعب للغاية في بعض الأحيان التمييز بين ما هو تجسس، وما هو عملية إظهار النفوذ، وما هو تعاون دولي مشروع.

وأكدت الصحيفة أن الصين تملك بين قبضتها العديد من المؤسسات الاستخباراتية المركزية، مثل ما يسمى بوزارة الأمن العام، والتي تتكفل بمهام مكافحة التجسس. 

ولكنها في الأساس مؤسسة شرطة، أو مكتب الاستخبارات التابع لإدارة الأركان العامة، المكرس لقضايا الاستخبارات العسكرية. 

لكن، تتمثل الوكالة الرئيسة في وكالة التجسس الخارجية الصينية، التي تعرف باسم وزارة أمن الدولة، والتي تضم حوالي 110 آلاف موظف، مما يجعلها أكبر جهاز استخبارات ليس فقط في العالم، بل أيضا عبر التاريخ. 

وحتى الـ"كيه جي بي" في ذروته لم يكن لديه هذا العدد من الموظفين.

وأشارت إلى أن جميع الجواسيس الصينيين هم ورثة قسم الخدمات الخاصة، الذي أنشأه ماو تسي تونغ في سنة 1927.

وذلك كرد فعل على ما يسمى "مذبحة أبريل"، بعد وقت قصير من إبادة الحزب الشيوعي الصيني تقريبًا بعد تعرضه للخيانة من قبل القوميين الكومينتانغ.

وظلت وزارة أمن الدولة التي تم إنشاؤها سنة 1983، مصدر إزعاج كبير لأجهزة الاستخبارات الغربية التي تطارد الجواسيس، وخاصة الأميركية والأسترالية، لعقود من الزمن. 

اختراق بفرنسا

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن فرنسا تعرضت للخيانة سنة 2017، حيث ألقي القبض على عنصرين في جهاز المخابرات الخارجية الفرنسي، بتهمة تقديم وثائق سرية إلى الصين. 

الأول، هنري ماجناك، الذي جندته الصين لخدمتها منذ 1998 على الأقل. وقد كان يتلقى ما قيمته 10 آلاف دولار في كل مرة يسلم فيها وثائق سرية. 

ومع تقدمه في السن، فقد إمكانية الوصول إلى الوثائق الحساسة، فتم تكليف ماجناك بإيجاد بديل محتمل. 

تبعا لذلك، كان بيير ماري هيفيرنات، البالغ من العمر 54 عامًا، خليفة له بعد أن أمضى عقدين من الزمن في خدمة الاستخبارات الفرنسية. 

في الحقيقة، كان هيفيرنات المرشح المثالي لخيانة من هذا النوع.

فكانت عليه ديون متراكمة، وكان يعتقد أن المديرية العامة للأمن الخارجي لم تقدر صفاته الاستثنائية، وأدت أيديولوجيته اليمينية المتطرفة إلى تقدير أن فرنسا قوة في تراجع، وتم بيعها للأميركيين.

وعلى غرار سلفه، كان يتقاضى مقابل كل وثائق يسربها ما بين 10 و20 ألف دولار، بحسب أهميتها. 

لكنه ارتكب خطأ بإيداع تلك الأموال في حساب عائلته، وهو ما اكتشفته سلطات مكافحة الاحتيال الفرنسية، مما أدى إلى سقوطه وسقوط ماجناك. 

وفي سنة 2020، حُكم على كليهما بالسجن لمدة 12 و8 سنوات على التوالي.

تحذير إسباني

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن معضلة الجواسيس الصينيين أصبحت متجذرة على جميع المستويات. 

على سبيل المثال، خلافا للسنوات السابقة، فإن أحدث تقرير سنوي صادر عن وزارة الأمن الداخلي الإسبانية يذكر الصين وروسيا بالاسم لأول مرة فيما يتعلق بهذا النوع من الأنشطة. 

وفي قسم "التجسس والتدخل الخارجي"، جاء في التقرير: “تعدّ أجهزة المخابرات الصينية نشطة للغاية في الحصول على معلومات حول قرارات الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي”.

وأضاف: “وخاصة تلك المتعلقة بموقف الاتحاد الأوروبي بشأن القضايا التي تهم الصين، والتوسع المحتمل للحلف الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”. 

وتابع: "ولتحقيق هدفها، تواصل تجنيد وتوجيه مصادر أوروبية مرتبطة بهذه المجالات". 

ويختم التقرير بالقول: من ناحية أخرى، فإن استخدام أجهزة الاستخبارات الصينية للعملاء "غير التقليديين" يتزايد.

سواء للحصول على معلومات، خاصة في المجال العلمي أو التكنولوجي، أو للتدخل في قرارات الإدارة الأوروبية التي تؤثر على مصالح الصين. 

ويشير التقرير إلى أنه "في إسبانيا، تواصل الصين تطوير القدرات المختلفة التي يمكن استخدامها لتنفيذ إستراتيجية هجينة. وتتركز الأهداف على الحصول على معلومات سياسية أو عسكرية أو علمية تكنولوجية، فضلا عن بناء شبكات نفوذ في الأوساط المهمة للسلطة السياسية والاقتصادية، مع القدرة على ممارسة الضغط على القضايا ذات الاهتمام الخاص أو الحساسة".

الكلمات المفتاحية