من عرس إلى عزاء.. لماذا يحمل ناشطون سلطات العراق المسؤولية عن الحريق؟

a year ago

12

طباعة

مشاركة

تحول حفل زفاف في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى شمالي العراق إلى مأساة بسبب مخالفة قواعد السلامة في قاعة الأفراح التي عقد فيها.

ففي 26 سبتمبر/أيلول 2023، اندلع حريق هائل في قاعة الأفراح المذكورة أثناء حفل الزفاف مما أودى بحياة 100 شخص على الأقل، بحسب  وزارة الصحة العراقية، فيما أشارت جمعية الهلال الأحمر العراقية إلى أن إجمالي عدد الضحايا بين وفيات وإصابات بلغ نحو 450.

وقال وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، إن "الحريق كان بسبب الألعاب النارية الذي أدى لانهيار سقف المبنى على المواطنين"، مشيرا إلى "تشكيل لجنة تحقيق لتحديد ملابسات الحادث".

ولفت إلى أن "قاعة الأفراح كانت تفتقد مواصلات السلامة والأمان"، متوعدا "المقصرين بنيل الجزاء العادل".

وأثارت الواقعة غضبا واسعا بين الناشطين على موقع إكس "تويتر سابقا"، ودفعتهم لاتهام الحكومة العراقية بالتقصير، مؤكدين أن الحريق نتيجة ضعف الرقابة الحكومية على مثل هذه الأبنية التي تفتقر لشروط الأمن والسلامة ويستخدم أصحابها مواد بناء رخيصة وغير آمنة.

وذكروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #فاجعة_الحمدانية، #الحمدانية، #نينوى، #حريق_نينوى، وغيرها بفواجع مشابهة ألمت بالعراق منها عبارة الموصل وحريق مستشفى الناصرية والحسين في بغداد وغيرها من الكوارث.

وأرجعوا توالي هذه الكوارث إلى التقصير الحكومي وتفاقم الفساد، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين عن الحريق بداية من صاحب قاعة الأفراح مرورا بكل من كان له يد في التصريح لها ومن لم يؤد دوره في الرقابة على مثل هذه المنشآت. 

غياب الدولة

وتفاعلا مع الأحداث، قال رئيس الهيئة السياسية لتحالف العزم خالد العبيدي، إن المعلومات الواردة من قضاء الحمدانية تشير الى أن حريق قاعة الأعراس أكد وجود تقصير مخزٍ في الاستجابة للكوارث، وضعف في التنسيق ونقص في وسائل الإنقاذ وعجز في الموارد الطبية واللوجستية لاستيعاب الضحايا والجرحى والمصابين.

وأضاف أن حريق قضاء الحمدانية كارثة مأساوية أليمة وملف تقصير فاضح يضاف إلى ملفات فساد حكومة نينوى التي حذرنا من كذبها واعوجاجها بأعلى الأصوات وأشرناه بالأرقام.

وتابع العبيدي: "جاء الوقت لتتحمل هذه الطغمة الفاسدة -التي أعمى الفساد ضمائرها وعيونها- مسؤولية أرواح الضحايا التي سقطت بسبب عدم اتعاضها من كل الكوارث التي أصابت أهلنا في نينوى ابتداء من غرق العبارة وصولا إلى حريق الحمدانية".

وأشار الإعلامي حسين دالي، إلى أن الحادث "كارثة متكررة" وتقصير حكومي ممن يعطي الموافقات لأبنية تفتقد لشروط السلامة والإنقاذ، مؤكدا أن العراق مليء بالأبنية سريعة الاشتعال.

ورأى الصحفي والكاتب علي الطائي، أن الجشع وغياب الدولة والفوضى تسبب بمأساة حريق قاعة الأعراس في الحمدانية بنينوى، مذكرا بأن 3 مستشفيات احترقت بالمرضى قبل عامين بسبب مادة "سندويج بنل" سريعة الاشتعال.

وتساءل: "ثم ماذا هل اتعظ التجار؟ هل تحركت الحكومة؟"، متعجبا من أن القاعة بباب واحد مع غياب إجراءات السلامة والفاجعة مؤلمة والمصاب مستمر منذ 20 سنة.

وأكد المحلل السياسي شاهو القرة داغي، أن إهمال إجراءات السلامة واستخدام مواد غير مناسبة أو رديئة للبناء في ظل غياب الرقابة يؤدي دائما إلى الكوارث.

ولفت أحد المغردين، إلى أن العراق من نزيف إلى آخر، مؤكدا أن عدم وجود شروط السلامة والمواصفات في الأبنية والإهمال العام يؤدي إلى هذه الحوادث المؤلمة.

عزل ومحاسبة 

وأكد ناشطون على وجوب عزل ومحاسبة المسؤولين المقصرين في أداء واجبهم والتأكد من شروط الالتزام بمعايير وإجراءات الأمن والسلامة ومراقبة التدابير الاحترازية اللازمة، وتقديمهم للعدالة، وملاحقة صاحب القاعة.

وطالب الكاتب علي مارد الأسدي، بعزل ومحاسبة جميع المسؤولين الإداريين المقصرين في تطبيق ومتابعة إجراءات السلامة والأمان.

وتحدث محمد الحسن، عن وجوب محاسبة غير الملتزمين بالنظام، قائلا إن الاستهتار أساس الفساد الأول.

واستنكرت لينا البياتي، إعلان الحكومة الحداد على أرواح من ماتوا بسبب فسادهم دون محاسبة أي شخص، مثل حادثة العبارة، مرجعة ذلك إلى أن من يمتلك هذه الأماكن شخصيات تابعة لمليشيات الأحزاب الحاكمة.

وأشار المغرد عماد الدين، إلى أن أغلب إجراءات السلامة غير موجودة، والقاعة بمخرج واحد، ومواد البناء رخيصة قابلة للاحتراق، ولا توجد منظومة حريق.

ودعا إلى حظر استخدام واستيراد الألعاب النارية وأن تكون حصرا بيد الدولة، مطالبا بمعاقبة مسؤول السلامة في المحافظة ومن أعطى رخصة البناء والموافقات.

نتاج الفساد

وأرجع ناشطون ما يحدث في العراق إلى تفشي الفساد وخراب البنية التحتية، مؤكدين أن المواطن وحده هو من يتحمل ويتجرع نتائج ذلك.

وأكد الصحفي عثمان المختار، أن في العراق يُقتل العشرات يوميا بسبب الفساد لكنهم يلفظون أنفاسهم متفرقين بالمستشفيات المتهالكة مرضا وعلى الشوارع المحفورة داخل سيارتهم، وفي بيوتهم فقرا وكمدا.

وقال: "الفرق أننا ننتبه إلى الضحايا إذا ماتوا بشكل جماعي ونتغافل عنهم إن ماتوا متفرقين"، مضيفا: "حكم الأحزاب الطائفية الفاسدة يذبح كل يوم".

ورأت الإعلامية ريما نعيسه، أن حريق الحمدانية نينوى ملحمة عراقية جديدة توثق اغتيال الفرح والحياة من قبل الفساد والإهمال والجشع.

ورأى الصحفي علي الكرمالي، أن كل حريق يأتي باستشراء الفساد، والدم يراق والجثث تتفحم والأعراس تتحول لأحزان باستشراء الفساد، قائلا: "وجع الليلة يطال حتى الجماد، عقم الكلام يسود ليل الحدباء والبلاد".

تضامن عراقي 

وسلط ناشطون الضوء على تعاضد وتضامن العراقيين وتزاحمهم على مقار التبرع بالدم لتقديم الدعم اللازم للمصابين، فيما حول آخرين حساباتهم لمناشدة المتبرعين والإعلان عن المستلزمات الطبية الناقصة بالمستشفيات لإسعاف المصابين.

وعرض الصحفي عمر الجنابي، مقطع فيديو يوثق الزحام الكبير على التبرع بالدم لضحايا حادثة عرس الحمدانية.

وأشاد أحمد الزاوي، بتوافد المئات من أهالي الموصل، إلى مصرف الدم، للتبرع بالدم لإنقاذ مصابي وضحايا حادثة حريق قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية.

وقال: مجهودكم هذا يمكن أن يمنح الآخرين فرصة ثانية ليعيشوا الحياة، وهنا امتزجت الدماء مع بعضها البعض لتُعبر عن وحده الدم العراقي".

وتحت عنوان "من ليلة العمر لآخر ليلة بالعمر"، كتب مثني الصالح: "لا حول ولا قوة الا بالله حريق في قاعة عرس قلب حال المدينة، المستشفيات تغص بالضحايا، وأهالي الموصل بالشوارع، ناس يتبرعون بالدم، وناس يسعفون ويساعدون، وناس يدعون ولكن الفقد والمصاب كبير جدًا".