رغم سلميته.. لماذا تتخوف إسرائيل من إعلان العراق نيته إقامة منشأة نووية؟
بعد 42 عاما على قصف المفاعل العراقي، ناقشت حكومة بغداد بناء منشأة نووية جديدة "للأغراض السلمية" وإنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة.
واعتبرت صحيفة "زمان إسرائيل" أن إعلان نية بناء المفاعل ليس مطمئنا على الإطلاق، مشيرة إلى أن الإشراف المتوقع من المجتمع الدولي على عملية تطويره غير كاف.
وتذكر الصحيفة العبرية أن هذه الدولة تُعد الثانية عربيا -بعد السعودية- التي تبحث بناء مفاعلات نووية بدعوى الأغراض السلمية.
مشروع سلمي
وناقش الحاضرون، في اجتماع للمجلس الوزاري للأمن الوطني، 30 أغسطس/ آب 2023، برئاسة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ضرورة بناء مفاعل نووي "لأغراض سلمية".
وعقد الاجتماع بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين، وتناول "المستجدات الأمنية وأهم التحديات، وسبل مواجهتها"، وفق بيان لمكتب السوداني.
وقال البيان، إنّ المجلس ناقش "استثمار الطاقة الكهرونووية في توليد الطاقة الكهربائية على المستوى الوطني، والشروع بإنشاء مفاعل نووي محدود للأغراض السلمية".
وأوضح أن المشروع يهدف إلى "إنتاج الطاقة الكهربائية النظيفة التي تسهم في تقليل الاعتماد على الموارد الأخرى للطاقة مثل الغاز والنفط".
كما لفت إلى أن المشروع المتوقع "سيكون له مردود إيجابي على استقرار الطاقة الكهربائية للمدى البعيد".
وعاد الحديث عن الملف النووي بعد ساعات فقط من اتصال بين السوداني والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث جرت تفاهمات أولية بين بغداد وباريس بشأن المشروع في العام 2022.
وكان وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل أعلن، في يونيو/حزيران 2023، أن "العراق ينتج 24 ألف ميغاواط من الكهرباء، وهو بحاجة ماسة إلى زيادة بنسبة 22 بالمئة مقارنة بعام 2022".
وبينت أنه تظهر من خلال تصريحاته أسباب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وهو الأمر الذي أثار موجات احتجاج شرقي العراق.
وتؤكد الصحيفة أن "العراق يعاني من نقص في توفير إمدادات الكهرباء، خاصة في شهور الصيف حيث يزيد الاستهلاك مع ارتفاع درجات الحرارة".
ولفتت إلى أن "الحكومة العراقية تسعى لزيادة الإمدادات عبر اتفاقيات ربط كهربائي مع دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى".
لماذا الآن؟
لكن من زاوية أخرى، ترى أن بناء "مفاعل للأغراض السلمية" ليست مطمئن على الإطلاق، مبينة أن "تحويله للأغراض العسكرية ليس بالأمر المعقد".
وتتساءل الصحيفة العبرية: "لماذا تحتاج دولة، وهي الثانية في الشرق الأوسط والرابعة في العالم من حيث احتياطيات النفط، إلى مصدر إضافي للطاقة؟"، حيث تجد أن الإعلان عن الطاقة النظيفة أمر محير أيضا.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه منذ سنوات عديدة، أعلنت إيران عن رغبتها في امتلاك "بوتقة نووية للأغراض السلمية"، ثم انضمت إليها المملكة العربية السعودية أيضا عام 2022.
وتلفت الصحيفة هنا إلى أن السعودية تضع إنشاء مفاعل مدني "كأحد شروط مفاوضات التطبيع مع إسرائيل".
وبينت أنه في حال رفض الولايات المتحدة لهذا الشرط، فإن الصين ستطرح بناء مفاعل للسعودية، حسبما ورد عن الصحيفة العبرية.
وبهذا الشأن، تأمل أن "يكون موقف تل أبيب من هذه المسألة واضحا، وذلك لكونها مسألة تمس وجود إسرائيل".
وفي السنوات الأخيرة، أعلنت مصر والأردن أيضا عزمهما بناء مفاعلات لإنتاج الطاقة، بالإضافة إلى امتلاك الإمارات بالفعل مفاعلا مشابها منذ عام 2020.
وتؤكد الصحيفة هنا على حقيقة أن "هذه الدول الثلاث مرتبطة باتفاقيات سلام مع إسرائيل".
أما بالنسبة للمفاعل العراقي، ترى "زمان إسرائيل" أن حكومة بغداد تتبع -في أحسن الأحوال- الطموحات السعودية.
وهذا يعني أن العراق سيتبع السعودية في خطة 2030 لتقليل الاعتماد على النفط على المدى الطويل.
تحديات عملية
وفي أسوأ الحالات، تذهب الصحيفة إلى أنها "محاولة إيرانية للتحايل على العقوبات المفروضة عليها والتهديدات الأميركية، عبر بالون تجريبي جديد، وهو بناء مفاعل في العراق المجاور".
وبحسب هذه الفرضية، تتوقع أن تشارك إيران في بناء المفاعل العراقي، كما تفعل في بقية الأمور التي تحدث في العراق.
وبعد مرور 42 عاما على قصف المفاعل العراقي، تحذر الصحيفة من أننا "قد نعود إلى كابوس الأسلحة النووية في أيدي دولة معادية".
وفي عام 1981، استهدفت ضربة جوية إسرائيلية مفاعل "تموز1" النووي في العراق ضمن ما عرف باسم "عملية أوبرا" ما أدى إلى تدميره بشكل كامل مع مقتل 10 عراقيين ومدني فرنسي.
وقد بررت إسرائيل الهجوم وقتها بإحباط محاولة العراق استغلال هذا المفاعل لإنتاج أسلحة نووية يستخدمها ضدها.
وتقول الصحيفة: "رغم أن العراق اليوم لا يحكمه ديكتاتور مجنون مثل صدام حسين، فإنه يدار من قبل حكومات موالية لإيران وخاضعة لنفوذها"، وفق تعبيرها.
وحول إمكانية تحقيق هذا المشروع، تنقل الصحيفة ما قاله رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة بغداد سابقا، صادق الزاملي.
إذ يرى أن "المشروع المطروح من قبل الحكومة العراقية ليس سهلا، لذا فإن الحديث عن مشروع كهذا لا يتجاوز حدوده الكلامية".
وبحسب الصحيفة العبرية، عزا الزاملي ذلك إلى أن إنشاء مفاعل نووي، يصطدم بكثير من العقبات، أهمها أن بعض الدول ممنوعة من امتلاك مشاريع نووية، لاسيما في الشرق الأوسط.
وصف الزاملي المشروع بأنه "حبر على ورق" وأنه "مجرد أحاديث لا يمكن أن ترى النور". كما يعتقد أن "كل التحديات والمصاعب، ستكون ماثلة أمام تحقيقه".