روسيا تغلق صنبور البنزين.. ما تداعيات القرار على أسعار الوقود عالميا؟
إعلان الحكومة الروسية تقييد صادراتها من الوقود، بدعوى الرغبة في الحفاظ على التوازن في السوق المحلية، يمهد إلى ارتفاع أسعار الوقود في أوروبا والعالم.
وفي 21 سبتمبر/ أيلول 2023، قالت وزارة الطاقة الروسية في بيان، إنها "فرضت قيودا مؤقتة على صادرات بنزين السيارات ووقود الديزل لتحقيق الاستقرار في السوق المحلية".
وأفادت بأن "القيود ستساعد في إشباع السوق وخفض الأسعار في محطات الوقود".
ارتفاع الأسعار
بعد الإعلان، أشارت صحيفة "تيليبوليس" الألمانية إلى ارتفاع أسعار البنزين والديزل، متوقعة زيادة أخرى قريبا في الأسعار بمحطات الوقود.
وعزت الصحيفة ذلك إلى "حظر روسيا تصدير البنزين والديزل بأثر فوري".
وبحسبها، من المرجح أن تتعرض السوق العالمية المتوترة بالفعل لمزيد من الضغوط التي ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وفي الأشهر الأخيرة، عانت دول عدة من نقص في البنزين والديزل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الجملة كذلك.
ولفتت الصحيفة إلى أن "الحكومة الروسية ترغب في تحقيق الاستقرار في السوق المحلية من خلال حظر التصدير".
وقال بيان حكومة موسكو إن "القيود المؤقتة ستساعد على تشبع سوق الوقود، وهو ما سيؤدي بدوره إلى خفض الأسعار بالنسبة للمستهلكين".
ووفقا للصحيفة، قال نائب وزير الطاقة الروسي، بافيل سوروكين: "نفترض أن السوق سيشعر بالتأثير الإيجابي بسرعة كافية".
وذكرت أنه "من غير الواضح متى سيعاد إطلاق الصادرات مرة أخرى، حيث لم يُحدد أي موعد بعد".
من ناحية أخرى، لفتت "تيليبوليس" الأنظار إلى أن الدول التي تنتمي إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي فقط هي المعفاة من الحظر.
وسيستمر إمداد بيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقيرغيزستان بالديزل والبنزين.
مشكلة إمدادات
جدير بالذكر أن روسيا تُعد واحدة من أكبر مصدري النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة في العالم.
"ورغم كل العقوبات التي فرضتها الدول الغربية، تمكنت البلاد من مواصلة تصدير البنزين والديزل"، حسب الصحيفة.
كما قامت دول مثل السعودية بزيادة وارداتها من روسيا، وبدورها صدرت المزيد من الوقود إلى أوروبا.
ووفق تقرير سوق النفط الحالي الصادر عن وكالة الطاقة الدولية "IEA"، فإن "هذه الكميات لم تعد متاحة الآن ولا يمكن تعويضها بمصادر أخرى".
وعللت الصحيفة ذلك قائلة إنه "ببساطة لا توجد طاقة تكرير كافية خارج روسيا، لذلك ارتفعت أسعار الديزل بشكل أسرع من أسعار النفط الخام".
كما أوضحت أنه "خلال الأشهر الأخيرة، شهدت روسيا مشاكل تتعلق بإمدادات الديزل، خاصة في بعض المناطق الجنوبية من البلاد، والتي تُعتبر هي مصدر الدخل الأساسي لها".
ونوهت الصحيفة الألمانية إلى أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الروسية في مارس/آذار 2024، يريد الكرملين تجنب حدوث أزمة على الأرض.
يُذكر أن "ضعف الروبل قد جعل صادرات الديزل والبنزين جذابة".
وفي الوقت نفسه، كانت هناك أعمال صيانة في مصافي النفط واختناقات في السكك الحديدية، مما شكل ضغطا على سوق الوقود.
حاجز الـ100 دولار
ومع ذلك، ذهبت صحيفة "تيليبوليس" إلى أن "حظر التصدير الروسي ليس العامل الوحيد الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار في محطات الوقود"، موضحة أن "سعر النفط الخام آخذ في الارتفاع أيضا".
وكتبت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن "صناديق التحوط تراهن منذ فترة طويلة على أن الأسعار ستتجاوز 100 دولار للبرميل".
ومن بين أمور أخرى، تحدثت "تيليبوليس" عن أن "قرار روسيا والسعودية بتمديد خفض الإنتاج الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا أدى كذلك إلى ارتفاع الأسعار".
ولفتت إلى أن "عمليات الخفض هذه دفعت الأسعار للارتفاع فوق 90 دولارا للبرميل أخيرا، ثم فوق 95 دولارا قبل عدة أيام".
وفي نفس الوقت، بدأت مؤسسات بحثية تتحدث عن مستويات 100 دولار بحلول الربع الأخير من عام 2023.
وقالت "بلومبيرغ إيكونوميكس" المتخصصة، في تقرير لها، إن "تحليلها يفترض أن معظم الارتفاع في أسعار النفط ينبع من القيود، وأضيف له ارتفاع في الطلب مع قرب موسم الشتاء".
وبالتزامن مع ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون" الأميركية للطاقة، مايك ويرث، إنه "يعتقد أن النفط سيتجاوز 100 دولار للبرميل قريبا، وسط تقلص الإمدادات وتراجع المخزونات".
من ناحية أخرى، لفتت الصحيفة الألمانية إلى أن هذا الخفض يأتي بالإضافة إلى الخفض الذي قررته دول "أوبك"، وهي منظمة الدول المصدرة للنفط.
ووفقا لتوقعات وكالة الطاقة الأميركية "EIA" لشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، سيتقلص إنتاج النفط أيضا في الولايات المتحدة.
وبحسب الصحيفة، يعني هذا أنه "سينخفض للشهر الثالث على التوالي".
وقالت إن "الخبراء قد يصنفون ذلك على أنه مثير للقلق، حيث إن الولايات المتحدة هي المحرك الرئيس لنمو الإنتاج خارج أوبك".
إضافة إلى ذلك، في 20 سبتمبر/ أيلول 2023، أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة، لكنه تمسك بموقفه بشأن تشديد السياسة النقدية وتوقع زيادة بربع نقطة مئوية قبل نهاية العام.
وبحسب الصحيفة الألمانية، أدى ذلك إلى "تزايد المخاوف من أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يؤدي إلى تثبيط النمو الاقتصادي والطلب على الوقود".
وفي الوقت نفسه، ارتفع الدولار إلى أعلى مستوياته منذ أوائل مارس/ آذار 2023.
وأوضحت الصحيفة أن "ارتفاع الدولار يترتب عليه أن يصبح النفط وغيره من السلع الأولية أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين بعملات أخرى".