انتهاك حقوقي.. كيف دعم "تويتر" مخطط ابن سلمان في اعتقال وقمع المعارضين؟
اختراق سعودي رسمي لشركة "تويتر" عبر مجموعة من العملاء، عرض حياة كثيرين في المملكة للخطر، والذين كان بإمكانهم الفرار في حال أبلغتهم في حينه الشركة الأميركية بأن هناك خطرا على حياتهم، جراء تسريب معلوماتهم الخاصة.
لكن تقارير إعلامية دولية نقلا عن حقوقيين أكدت أن الشركة تجاهلت "عمدا" إبلاغ المستهدفين من النشطاء المعارضين، لأمور مالية وللحفاظ على علاقات وثيقة مع الحكومة السعودية.
انتهاكات إلكترونية
وذكرت صحيفة "مينا واتش" الألمانية أن دعوى قضائية أكدت أن "تويتر يكشف عن بيانات المستخدمين في السعودية، بناء على طلب من المملكة نفسها".
وأشارت إلى أن "عدد المستخدمين المسرب بياناتهم أكثر في السعودية مقارنة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا".
وأوضحت الصحيفة، حسب لائحة الاتهام، كيف كان تويتر ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي "بمثابة وسيلة للحركات الديمقراطية خلال الربيع العربي، وهو ما جعله لاحقا مصدر قلق للحكومة السعودية في وقت مبكر من عام 2013".
ووفقا للصحيفة، رُفعت هذه الدعوى في مايو/ أيار 2023، من قبل أريج السدحان، شقيقة عامل الإغاثة السعودي عبدالرحمن الذي اُختطف واختفى قبل أن يُحكم عليه لاحقا بالسجن 20 عاما.
وتركز الدعوى القضائية على اختراق الشركة الواقعة في كاليفورنيا من قبل ثلاثة عملاء سعوديين، تظاهر اثنان منهم بأنهما موظفان في تويتر خلال عامي 2014 و2015.
وأدت هذه الأحداث في النهاية إلى اعتقال عبدالرحمن السدحان والكشف عن هويات الآلاف من مستخدمي تويتر المجهولين.
وذكرت الصحيفة أن "بعضهم اعتقلوا وعُذبوا لاحقا كجزء من حملة القمع التي شنتها الحكومة السعودية على شخصيات معارضة للحكومة".
وتنقل الصحيفة عن محامي السدحان، قوله إن "تويتر تحت قيادة الرئيس التنفيذي آنذاك جاك دورسي، علم بحملة الحكومة السعودية لتحديد المنتقدين والنشطاء المعارضين في المملكة، لكنه تجاهل ذلك عمدا لأمور مالية ولمحاولة الحفاظ على علاقات وثيقة مع الحكومة السعودية، التي تُعد من كبار المستثمرين".
وقبل أيام قليلة من الإعلان عن الدعوى، وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية انتقادا لمحكمة سعودية بسبب حكمها على رجل بالإعدام بناء على نشاطه على تويتر ويوتيوب فقط، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه "تصعيد".
مصالح اقتصادية
وأرجعت "مينا واتش" حملة القمع السعودية إلى ديسمبر/كانون الأول 2014، عندما بدأ أحمد أبو عمو -الذي أُدين لاحقا في الولايات المتحدة بتهمة العمل كعميل سعودي والكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي- في الوصول إلى بيانات المستخدم الحساسة ونقلها إلى المسؤولين السعوديين للتعاطي معها.
وتنص الدعوى الجديدة على أن أبو عمو بعث برسالة إلى سعود القحطاني، المستشار المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عبر نظام الرسائل الخاص بشركة تويتر، كتب فيها: "سنمحو الشر بشكل استباقي يا أخي".
وأوضحت الصحيفة أنه "يشير بذلك إلى تحديد المعارضين السعوديين الذين استخدموا المنصة ومحاكمتهم".
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة اتهمت القحطاني لاحقا بأنه "العقل المدبر وراء مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018".
وتقول الدعوى القضائية: "إما أن تويتر كان على علم بهذه الرسالة التي تم إرسالها بوقاحة على منصته الخاصة، أو تجاهلها عمدا".
ووفقا للصحيفة، رغم استقالة أبو عمو في مايو/ أيار 2015، إلا أنه ظل على اتصال بتويتر للرد على أسئلة مستشار كبير آخر لابن سلمان حول هويات المستخدمين السريين.
ووفقا للدعوى القضائية، كان تويتر "على علم كاف" بالمخاطر الأمنية التي تتعرض لها البيانات الشخصية الداخلية، ومخاطر وصول المطلعين بشكل غير قانوني إلى تلك البيانات، كما كشفت التقارير العامة في ذلك الوقت.
وتقول الدعوى القضائية إن "تويتر لم يتجاهل فقط كل هذه العلامات التحذيرية، بل كان على علم بالحملة الخبيثة".
إضافة إلى ذلك، أكدت الصحيفة أن "تويتر تجاهل شكاوى مستخدم سعودي بشأن تعرض حسابه للاختراق، ولم يفعل شيئا لمنع الوصول إلى بيانات المستخدم السرية".
تهديد مخفي
وأوضحت الصحيفة الألمانية، نقلا عن الدعوى، أن "السلطات السعودية اتصلت رسميا بتويتر عند تلقي معلومات سرية للمستخدم من وكلائها العاملين داخل الشركة، عن طريق تقديم طلبات الإفصاح الطارئة (EDRs) للحصول على وثائق تحدد هوية المستخدم، وأكد المستخدمون أنها ستُستخدم بعد ذلك في المحكمة".
وفي الفترة بين يوليو/ تموز وديسمبر/ كانون الأول 2015، وافق تويتر على طلبات السعودية للحصول على معلومات "بشكل متكرر أكثر بكثير" من معظم الدول الأخرى، بما في ذلك كندا والمملكة المتحدة وأستراليا وإسبانيا، علما بأن الدعوى كانت لا تزال مستمرة.
وذكرت الصحيفة أنه "بعد علم تويتر بمخاوف مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن الاختراق السعودي للشركة، أُعطي أحد المشتبه بهم السعوديين، علي حمد الزبارة، إجازة، وصُودر جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به".
وتؤكد الدعوى القضائية أن تويتر "كان لديه كل الأسباب المنطقية لتوقع أن الزبارة سيفر على الفور إلى السعودية، وهو ما قام به بالفعل".
وبحسب ما ورد عن "مينا واتش"، أبلغ تويتر المستخدمين في وقت لاحق أن "بياناتهم من المحتمل أن تكون قد اُخترقت"، دون تقديم معلومات أكثر تحديدا حول مدى تأكد الشركة من حدوث الانتهاك بالفعل.
ونقلت الصحيفة ما جاء في الدعوى القضائية، بأنه "بفشله في تقديم هذه المعلومات المهمة، عرّض تويتر الآلاف من مستخدميه للخطر".
أوضحت أن "بعضهم ربما كان لا يزال لديه الوقت للفرار من المملكة لو أنهم علموا مقدار الخطر على حياتهم".
وأتبعت: "وحتى بعد أن علم تويتر بالانتهاك الأمني، استمر في الاجتماع ووضع الإستراتيجيات مع مسؤولين سعوديين في المنطقة".
وأكدت الصحيفة أنه "بعد حوالي ستة أشهر من توجيه مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) تحذيرا للشركة حول المشكلة، التقى كذلك الرئيس التنفيذي جاك دورسي مع ابن سلمان لمناقشة كيفية تدريب وتأهيل الكوادر السعودية".