البرهان أعلن حلها وعقوبات أميركية متزامنة.. مليشيا الدعم السريع تترنح بالسودان

12

طباعة

مشاركة

بعد ارتكابها سلسلة من الجرائم والانتهاكات الموثقة بالصوت والصورة، والتي مازال الشعب السوداني يعاني من تبعاتها، أصدر رئيس مجلس السيادة بالسودان عبد الفتاح البرهان قرارا بحل قوات الدعم السريع التي يرأسها محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي".

وفي بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة الانتقالي في 6 سبتمبر/أيلول 2023، قال البرهان: إن قرار الحل صدر استنادا لتداعيات تمرد قوات الدعم على الدولة والانتهاكات الجسيمة التي مارستها ضد المواطنين، والتخريب المتعمد للبنى التحتية بالبلاد.

و"الدعم السريع" مليشيا مقاتلة جرى تشكيلها لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود لاحقا، وحفظ النظام، تأسست في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أن المؤكد أنها تتجاوز عشرات الآلاف.

بدورها، وصفت قوات الدعم السريع قرار البرهان، بأنه "غير دستوري وغير قانوني"، وأن الأخير "لا يملك السلطة الشرعية لحل قواتنا وقراره مجرد حبر على ورق"، ولن يؤثر علينا سياسيا أو عسكريا وسنواصل معاركنا ضد الجيش.

وجاء قرار البرهان بعد ساعات من فرض الولايات المتحدة، عقوبات على شقيق حميدتي، عبد الرحيم حمدان دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع (مليشيا الجنجويد سابقا) لدوره القيادي في القوات التي شاركت في "أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان".

وتباينت ردود فعل الناشطين على تويتر بشأن قرار البرهان، إذ رآه فريق خطوة تأخرت كثيرا، بينما ذكر آخرون بخطوة مماثلة سبق واتخذها رئيس مجلس السيادة في أبريل/نيسان 2023، فيما رأى فريق ثالث أن القرار غير شرعي وصادر عن شخص فاقد للشرعية.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية على موقع إكس "تويتر سابقا" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #البرهان، #حل_الدعم_السريع، #العسكر_للثكنات_الجنجويد_يتحل، #الدعم_السريع_مليشيا_ارهابية، طالب ناشطون بعودة العسكر لثكناتهم، مذكرين بأن مطالب الثورة السودانية بحل الجنجويد ورحيل العسكر كانت واضحة منذ اللحظة الأولى.

واستنكروا حل الجنجويد بدون إعلان ملاحقة المتورطين في ارتكاب الجرائم والمتسببين في سقوط آلاف القتلى والمصابين المدنيين ونزوح الملايين، وعدوها خطوة غير كافية كما هي العقوبات الأميركية المفروضة على شقيق حميدتي.

ورأى ناشطون أن قرار البرهان حل مليشيا الدعم السريع تنسف المفاوضات الجارية في مدينة جدة وتفشل الوساطة السعودية الأميركية لوقف الحرب الدائرة في السودان بين الجيش ومليشيا الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023. 

ومنذ ذلك التاريخ يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.

ويتبادل الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.

إنهاء مفاوضات جدة

وتفاعلا مع الأحداث، قالت المغردة سلمى: "يبدو أن قرار البرهان بحل الدعم السريع له ارتباط وثيق بصدور العقوبات الأميركية على قيادة الدعم السريع وهذا القرار يعني عدم مشروعية التفاوض مع كيان لم يعد موجودا أو معترفا به ويقفل باب التفاوض في جدة".

وفي 6 مايو 2023، بدأت السعودية والولايات المتحدة برعاية محادثات بين الجيش و"الدعم السريع"، أسفرت عن اتفاق في جدة بين الجانبين لحماية المدنيين، بالإضافة إلى أكثر من هدنة جرى خرقها وتبادل الطرفان اتهامات، ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات.

وأضافت سلمى أن القرار يلغى فكرة المناداة مستقبلاً بدمج قوات الدعم السريع في الجيش، بمعنى آخر يحصر الموقف في نزع السلاح والتسريح فقط.

وقال طاهر موسى "إنه بقرار حل الدعم السريع يكون منبر مفاوضات جدة في (الباي باي) لعدم شرعية الجنجويد"، مشيرا إلى أن الوسطاء اقتنعوا أن التفاوض لا خير فيه.

وعلق أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة، على قرار البرهان، متسائلا: "ماذا عن مسار جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة؟".

وأوضح الشريف السوداني، أن البرهان تدرج في قرارته مع الدعم السريع، وصنف الأخيرة على أنها متمردة، ولم يعف حميدتي كنائب أول مباشرة من منصبه.

العسكر للثكنات

وذكر ناشطون بأن مطالب الثورة السودانية كانت "حل الجنجويد وعودة العسكر للثكنات"، مشيرين إلى أن الأولى تحققت وبقيت الثانية.

وقال الناشط أباذر حسن، إنه بعد حل المليشيا متبقي العسكر للثكنات، مؤكدا أن الانحياز للجيش كمؤسسة من مؤسسات البلد والمحافظة عليها ليس شيكا على بياض أن يفعل قادة الجيش في البلد كما يريدون.

وأكد: "لن نألوا جهدا في مناهضة أي حكم عسكري حتى الوصول إلى الحكم الديمقراطي المدني، ويصبح هم العسكر حماية الوطن والمواطن لا الحكم".

وأشار المذيع ومقدم برامج بقناة الشرق الفضائية مناضل عبدالله، إلى أن واحدة من مطالب الثورة الظافرة المستمرة تحققت وإن كان بشكل سيئ وهي ''الجنجويد ينحل''، وتبقى المطالب الأخرى واهمها ''العسكر للثكنات''.

وأعربت وفاء تاج الدين، عن رفضها تجزئة شعارات الثورة، مذكرة بشعار "العسكر للثكنات الجنجويد يتحل".

وخاطبت رشا إبراهيم، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائلة، إن الأهم من حل الدعم السريع هو هزيمته يا برهان، ولا ننسى شعار الثورة المجيدة العسكر للثكنات والجنجويد ينحل".

وعرض أحد المغردين صورة للثوار إبان ثورتهم يحملون لافتة مكتوبا عليها "ما في مليشيا بتحكم دولة"، قائلا: "لم تكن نبوءة بقراءة المستقبل عندما هتف الآلف في شوارع مدن وقرى وفرقان السودان #العسكر_للثكنات_والجنجويد_ينحل، و #اى_كوز_ندوسو_دوسو و#مدنية_خيار_الشعب".

وأضاف: "بل هي بصيرة جاءت من شعب مصاب بحب الوطن وإدراك أن الظل لا يستقيم والعود أعوج.. تبقى الثورة مستمرة حتى الخلاص".

شرعية البرهان

وشكك ناشطون في شرعية البرهان من الأساس وصلاحيته لإصدار قرار حل مليشيا الدعم السريع، مقدمين قراءات مختلفة لما تحمله قراراته من مغزى ومحذرين من تبعاتها.

وعلقت الصحفية داليا الطاهر، على خبر حل البرهان لقوات الدعم، قائلة: "لما أولادنا هتفوا الجنجويد ينحل قتلتهم واعتقلتهم وعذبتهم ونفذت المجزرة بمعاونة الجنجويد ديل ذاتهم، وألغيت المادة 5 لتبعيتهم للقوات المسلحة، وواصلت قتل الشباب وقفلت أبواب القيادة في وشهم".

وأضافت: "عشان تحلهم الآن بعد ما دخلت البلد في أتون الحرب ودمرتها وقتلت المدنيين وشردت الآلاف؟!، لو بتقدر تحل ما كان دخلت البلد في الحرب من الأساس!!، لو بتقدر تحل قاتل أولادنا ليه؟ ورينا بعد دمرت البلد حتحلهم كيف؟!"

وعد الناشط السياسي حسين عبدالفتاح، قرارات البرهان مع خطاب حميدتي "خطى نحو التصعيد الحربي، وعدم جدية الأطراف في التوجه نحو التهدئة والحل السلمي".

وقال هيثم أسامة، إن البرهان لا يمتلك الشرعية أو المشروعية لحل الدعم السريع وأن القرار لا يعدو كونه مداعبة لمشاعر قوى الثورة كشعار الديمقراطية الذي يقاتل من أجله حميدتي.

وتساءل جلال رمضان: "هل البرهان عنده الشرعية علشان يحل الدعم السريع ولا خلافه وهل هناك دولة في الوقت الحاضر؟".

وطرح أبو حسن تساؤلات عدة منها: "هل البرهان يملك السلطة القانونية في إصدار قراره بحل الدعم السريع؟ علما بأن مجلس الأمن والسلم الإفريقي لم يعترف به وعد ما قام به في 25 أكتوبر انقلابا على سلطة شرعية، يعني ذلك عدم الاعتراف به، ولمن وجه البرهان هذا القرار؟ غالبا وجهه للداخل السوداني وفي الداخل لمن؟".

واستنكر حسن محمد، معالجة ملف جرائم الحرب بهذه الطريقة، قائلا: "تشييل الدعم السريع الليلة واستثناء البرهان وبقية الضباط، يعني نية واشنطن إغلاق الملف نهائيا بانتهاء الدعم السريع، وإعطاء شرعية البرهان على حساب ثروات السودان.. هذه هي وطنية العسكر، يرتكبون الجرائم ويحاسب الوطن من ثرواته.. العسكر سرطان".

محاسبة الجنجويد

وأعرب ناشطون عن استيائهم من حل الدعم السريع دون محاسبتها على الانتهاكات التي ارتكبها، ما يعني التفريط في حق الشعب السوداني والسماح للمليشيا بارتكاب مزيد من الجرائم، مذكرين بأن هذا ليس الحل الأول للمليشيا.

وحذر الطبيب أسامة إسماعيل، من أن مجرد حلّ قوات الدعم السريع لا يكفي، داعيا إلى حظر أنشطتها التجارية والإعلامية كافة، وحل بقية التشكيلات المسلحة (دون استثناء) ومحاكمة كل من تثبت عليه تهمة.

وطالب باستيعاب المؤهلين منهم في الجيش بعد اجتياز شروط الالتحاق بصفة فردية كبقية المواطنين، وإعلان حالة الطوارئ وإغلاق المنافذ.

وأكد هشام عباس، أن أي عملية سياسية قادمة لن يكون لها معنى إن لم تضع كأساس اعتراف السودان بالمحكمة الجنائية الدولية ووضع الكوارث السودانية كافة بين يديها وتمكينها من ملاحقة المجرمين.

وأرجع السبب الرئيس في تكرار الجرائم والمآسي في السودان لعدم المحاسبة والإفلات من العقاب لأن غياب الإرادة الداخلية أعاقت وتعيق الوصول للعدالة والمحاسبة.

 

وكتب المغرد مكي: "مش صدر قرار سابق بحل الدعم السريع ولا أنا غلطان؟ بعدين الدعم السريع شايل سلاح وبحارب في الجيش قرار الحل هنا ح يتنفذ كيف؟!".

وتساءل إيهاب عطا، عن حل الدعم السريع الذي تم إعلانه في17 أبريل بواسطة وزارة الخارجية، "هل كان حلا إعلاميا يستهدف تفريغ مشاعر الغضب؟"، متهما البرهان بانه يدير الشأن العام بطريقة غير شفافة.وحذر من أن جعل القرار السياسي في يده يشكل خطر على البلاد.

وذكر وليد أحمد بأن وزارة الخارجية السودانية، أعلنت في 17 أبريل 2023، أن رئيس مجلس السيادة قرر حل قوات الدعم السريع وإعلانها قوة متمردة على الدولة، وفي 6 سبتمبر 2023 رئيس مجلس السيادة أصدر قرارا آخر بحلها واعتبارها قوات متمردة.

وعد أسعد علي حسن، العقوبات الأميركية على بعض قادة الجنجويد وأيضا قرار القائد العام للقوات المسلحة السودانية بحل هذه المليشيا خطوات جيدة، ولكنها ليست كافية، قائلا إن على الدولة أن تصدر قرارا يصنف هذه المليشيا منظمة إرهابية ثم تعمل الدبلوماسية السودانية بشكل حثيث لدفع المجتمع الدولي لتصنيفها بذات التصنيف.