خافيير ميلي.. ما قصة المرشح الذي فاجأ الأرجنتينيين بالانتخابات الرئاسية التمهيدية؟

12

طباعة

مشاركة

في مفاجأة كبرى، كان الاقتصادي اليميني الراديكالي، خافيير ميلي، الأكثر تصويتا في الانتخابات الرئاسية التمهيدية بالأرجنتين، التي أجريت في 13 أغسطس/ آب 2023.

وتمثل الانتخابات التمهيدية المطلوبة قانونيا -المعروفة باسم "باسو"- في الأرجنتين توضيحا لمعرفة الأحزاب التي ستتنافس على أعلى منصب في الانتخابات الرئاسية في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2024 .

وسيختار الناخبون الأرجنتينيون بين المشرّع اليميني ميلي ومرشحة الائتلاف من يسار الوسط باتريسيا بولريخ ووزير الاقتصاد سيرخيو ماسا في الانتخابات الرئيسة المرتقبة هذا العام.

ولا يسمح إلا للأحزاب والتحالفات الانتخابية التي حصلت على 1.5 بالمئة من الأصوات بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية.

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في تقرير لها، إن "ميلي، الذي يصف نفسه بأنه مناضل من أجل الحرية، وحزبه "لا ليبرتاد أفانزا"، الذي يعني "تقدم الحرية"، قادا السباق الانتخابي بحصولهم على أكثر من 30 بالمئة من الأصوات.

وأضاف موقع "بي بي سي"، في نسخته البرتغالية، أن "ميلي خلّف وراءه القوتين اللتين حكمتا البلاد خلال العقدين الماضيين، وهما حزب "معا من أجل التغيير" (يسار الوسط)، بنسبة 28 بالمئة، و"الاتحاد من أجل الوطن"، بأكثر من 27 بالمئة من الأصوات.

وكانت معظم الاستطلاعات تُظهر أن "ميلي" سيحصل على نحو 20 بالمئة من الأصوات، متخلفا بنحو 10 نقاط عن التحالفين الآخرين، اللذين تسببا في "الانقسام" الذي شق البلاد سياسيا على مدى العشرين عاما الماضية.

وأكد الموقع أن "هذه النتيجة تضع "ميلي" -الذي يشغل عضوية البرلمان، ويتبنى خطابا مضادا للقوى السياسية التقليدية- كمرشح مفضل للانتخابات العامة المقررة في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2023".

وفي المرتبة الثانية، تأتي باتريشيا بولريتش، وزيرة الأمن الأرجنتينية السابقة، خلال فترة رئاسة ماوريسيو ماكري، ويليها وزير الاقتصاد الحالي، سيرجيو ماسا.

أما بالنسبة للرئيس الأرجنتيني الحالي، ألبرتو فرنانديز، فلا يسعى لولاية جديدة، في وقت تداعت فيه شعبيته بشكل كبير، وسط الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

خافيير ميلي

حصل "ميلي" على شهادة في الاقتصاد من جامعة "بيلغرانو" الأرجنتينية، وعلى درجة الماجستير في المجال نفسه.

كما عمل في شركات استشارات، وبنوك، ومجموعات سياسات اقتصادية، وفقا لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي.

وأشار الموقع البريطاني إلى أن "ميلي يتبنى خطابا يدافع فيه بقوة عن السوق الحرة، حيث يشبهه كثيرون بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ونظيره البرازيلي السابق جايير بولسونارو".

ويُعرف ميلي نفسه بأنه "رأسمالي أناركي"، في إشارة إلى التيار الذي يدافع عن نموذج للرأسمالية بدون تنظيم من الدولة.

وفي سبتمبر/ أيلول 2021، وخلال لقائه مع صحيفة "أُو جلوبو" البرازيلية، أشار الاقتصادي الأرجنتيني إلى أن "التوافق بينه وبين ترامب وبولسونارو "يكاد يكون أمرا فطريا".

وأخيرا، نشر بولسونارو مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يعبر فيها عن دعمه لـ"ميلي".

وأوضح الموقع أنه خلال فترة مراهقته، لعب "ميلي" كحارس مرمى لنادي "تشاكاريتا جيونيورز" الأرجنتيني، كما كانت لديه فرقة تعزف موسيقى الروك.

الحملة الانتخابية

وطوال الحملة الانتخابية الجارية، ارتبط "ميلي" بشكل خاص بالشباب، إذ تعهد بإنهاء النظام السياسي التقليدي، الذي يسخر منه بتسميته "الطبقة الاجتماعية".

أما البند الأكثر شهرة في برنامج "ميلي" فهو تحويل عملة البلاد إلى الدولار، ووضع حد لتخفيض قيمة البيزو الأرجنتيني، كما يقترح إغلاق البنك المركزي وخصخصة الشركات المملوكة للدولة.

وخلال الحملة الانتخابية، أثار ميلي جدلا بسبب اقتراحه السماح ببيع الأسلحة النارية وحتى الأعضاء البشرية، حسب "بي بي سي".

وتابعت أنه واجه مشاكل عديدة مع وسائل الإعلام، وتعرض لانتقادات بسبب تصريحات مهينة أطلقها تجاه النساء.

أضف إلى ذلك أنه "لا يؤمن بأن هناك تغيرا مناخيا أو احتباسا حراريا، ويرفض حق الإجهاض حتى لو تعرّضت الضحية للاغتصاب، ويؤمن بوجود مؤامرة ثقافية ماركسية على مستوى العالم".

وحسب الموقع، فإن الحياة الشخصية لـ"ميلي" مثار تكهنات كثيرة، خاصة فيما يتعلق بعلاقته مع شقيقته كارينا، وكلابه، الذين يطلق عليهم "أبنائي ذوي الأربعة أرجل"، والذين شكرهم في خطاب النصر. 

والجدير بالذكر أن شقيقة ميلي تدير حملته الانتخابية بشكل شبه كامل، كما أعلن بنفسه في مايو/أيار 2023، قائلا: "لو أصبحت رئيسا، أعتقد أن أختي ستلعب دور السيدة الأولى"، علما بأنه غير متزوج.

وأضاف ميلي، في خطاب النصر، أمام جمهور يتكون معظمه من الشباب: "شكرا لجميع الذين راهنوا، منذ عام 2021، على إنشاء مشروع ليبرالي ذي طابع وطني".

وتابع: "لقد تمكنا من بناء هذا البديل التنافسي، الذي لن ينهي فقط الكيرتشنرية (النهج السياسي ليسار الوسط في الأرجنتين)، ولكن أيضا تلك الطائفة السياسية الطفيلية والفاسدة وعديمة الجدوى الموجودة في هذا البلد".

استياء شعبي

بدوره، يرى المحلل السياسي في "مركز دراسات جودة الديمقراطية"، فاكوندو كروز، أن التصويت لصالح ميلي "أدى إلى توجيه استياء المواطنين إلى الحكومتين الأخيرتين".

وقال لـ"بي بي سي نيوز موندو" إن مراكز استطلاعات الرأي قللت من أهمية ميلي"، مشيرا إلى أن الشباب "هم الأكثر تضررا من الأزمة الاقتصادية الحالية، ولا يرون أفقا لحلها".

وتعد الأرجنتين ثالث أكبر قوة اقتصادية في أميركا اللاتينية، وتتمتّع بإمكانات كبرى على صعيد الزراعة والمواد الأولية.

ورغم ذلك، فإنها تعاني من ارتفاع التضخم لأكثر من عقد من الزمان، ولديها حاليا ثالث أعلى معدل تضخم سنوي في العالم بأكثر من 115 بالمئة.

علاوة على ذلك، يُعد أربعة من كل عشرة أرجنتينيين فقراء، ومن بين الأطفال دون سن 14 عاما، يصل الفقر إلى ما يقرب من 55 بالمئة، فضلا عن أن البلاد تعاني من أزمة ديون عميقة، وفق هيئة الإذاعة البريطانية.

وأكد الموقع أن "الانتخابات التمهيدية في الأرجنتين جاءت أيضا لتحدد مَن سيقود الائتلافين، اللذين حكما البلاد خلال هذا القرن".

وأشار إلى أنه "على الرغم من المشاكل الاقتصادية الخطيرة، تمكن الحزب الحاكم من وضع نفسه بنقطة واحدة فقط خلف منافسه التاريخي".

وأردف: "إذا لم يحصل أي مرشح على 45 بالمئة من الأصوات، أو 40 بالمئة بفارق 10 نقاط على الأقل عن الوصيف، في الانتخابات الرئاسية التي ستُعقد في أكتوبر 2023، يذهب المرشحان الأكثر تصويتا إلى الجولة الثانية، في الشهر التالي".

والسؤال الكبير الآن هو: أي من الاثنين -بولريتش أم ماسا- سيكون قادرا على جذب أصوات المنافسين لمواجهة ميلي، الذي انفرد بالصدارة في الانتخابات التمهيدية؟