تحالف سياسي جديد يستهدف أصوات سنة العراق.. ما فرص نجاح "الحسم الوطني"؟

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

وسط استعدادات حثيثة لخوض الانتخابات المحلية بالعراق، أعلنت العديد من القوى السنية، تشكيل تحالف جديد باسم "الحسم الوطني"، تتزعمه قيادات تصدرت المشهد السياسي في مرحلة ما بعد عام 2003، قبل أن يتراجع تأثيرها مع اجتياح تنظيم الدولة للبلاد عام 2014.

التشكيل الجديد يرأسه وزير الدفاع الحالي، ثابت العباسي، ويتولى أمانته العامة رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، ومن أبرز أعضائه الوزراء السابقون: رافع العيساوي، وسلمان الجميلي، ونوري الدليمي، وزعيم حزب "الحل" جمال الكربولي.

ومن المقرر أن يشهد العراق في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، انتخابات مجالس المحافظات (المحلية) بعدما كانت قد ألغيت بقرار من البرلمان عام 2019، استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت البلاد في حينها، والتي وصفت وقتها بأنها "مجالس للهدر المالي"، وأنها "حلقة زائدة" في الدولة العراقية.

مهمة صعبة

خلال بيان الإعلان في 18 يوليو/تموز 2023، قال أمين عام التحالف أسامة النجيفي إن "الحسم الوطني يطمح إلى بناء دولة تستند على القانون، وحكم رشيد يحقق العدالة في صفوف الشعب، ولن نسمح بالتغول على أي مواطن أو غمط (سلب) حقوقه الدستورية".

وأوضح النجيفي أن "الحسم الوطني تأسس وانبثق ضمن رؤية جامعة تحدوها رغبة عميقة بتحقيق إنجازات تعبر عن إرادة المواطن العراقي، وأن التحالف يدرك بعمق أن أصحاب المصلحة الحقيقيين في التغيير هم المواطنون المخلصون".

ودعا أمين عام تحالف "الحسم الوطني" المواطنين إلى دعم الجهود الخيرة في مكافحة الفساد والسلاح المنفلت، وكل قوة خارجة عن القانون مهما كانت صفتها من خلال الانتخابات المحلية المقبلة.

وأضاف أن "الانتصار للوطن والمواطنة هدف أساس للتحالف الذي سيسعى بكل قوة للوقوف مع حق المواطن في العيش بكرامة والتمتع بحقوق المواطنة والثقة في مستقبل آمن كريم".

وفي هذا الصدد، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، توفيق الدوري، إن "التحالف الجديد سيواجه حملة إعلامية شرسة يمدها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورأينا ذلك في بعض القنوات الفضائية التي وصفت أغلب قيادات الحسم الوطني بأنهم فاسدون ومطلوبون للقضاء".

وأوضح الدوري لـ"الاستقلال" أن "القوى الشيعية تسعى إلى تشظية البيت السني بشكل أكبر وإدامة زخم الصراعات داخله، وذلك بتشجيع أطراف على تشكيل تحالفات وإعلان تأييدها، والتحريض على إقالة طرف آخر وإطلاق الوعود بالاصطفاف معهم".

ولفت الباحث إلى أن "الشخصيات القيادية في تحالف الحسم الوطني معروفة وعملت على الساحة السياسية سنوات طويلة، لكن مهمتها ليست بالسهلة لإعادة تصدير نفسها إلى المشهد مرة ثانية، لأن غيرها يمتلك المال السياسي والنفوذ السلطوي".

وأكد أن "الجمهور في المحافظات السنية يعاني بالفعل من فساد مالي كبير تدعمه الشخصيات السياسية المتصدرة للمشهد في الوقت الحالي، إذ لا يمكن تعيين مدير عام في هذه المدن من دون أن يكون له انتماء أو تأييد سياسي لحزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي".

نجاح مرتهن

وعن فرص نجاح التحالف الجديد في الانتخابات المحلية المقبلة، قال الباحث في الشأن العراقي، لؤي العزاوي إن "غالبية شخصيات الحسم الوطني، ليس عليهم ملفات فساد، بل كانوا يمثلون المكون السني بكل نزاهة في وقت كانت اتهامات الفساد تطال سياسيي ومسؤولي المكونات الأخرى".

وأوضح العزاوي في حديث لـ"الاستقلال" أن "المشكلة اليوم تتمثل في مزاج وثقافة الناخبين، ولا سيما شيوخ العشائر، والتي تغيرت كثيرا بعد مرحلة تنظيم الدولة، إذ باتوا يبحثون عن مقابل لقاء انتخاب الشخصية الفلانية، مثل المقاولات والمشاريع وبيع الأراضي الزراعية وخلاف ذلك".

وعلى هذا الأساس، يرى الباحث أن "مثل هذه الشخصيات في تحالف الحسم ربما لن تحقق الشيء الكثير بالانتخابات المحلية كونها لا تمتلك المال ولا السلطة، وأن القاعدة الجماهيرية إما تعزف عن المشاركة أو تبحث عن مقابل لقاء التصويت، والقليل من ينتخب النوع الجيد من السياسيين".

ونوه الباحث إلى أن "القيادي بالتحالف رافع العيساوي يتمتع بشعبية كبيرة في محافظة الأنبار، سواء من قبيلته المنتشرة هناك، أو من عموم السكان، خصوصا أن لديه إنجازات كبيرة هناك عندما كان نائبا لرئيس الوزراء أو وزيرا للمالية (2006 إلى 2012)، سواء بناء مستشفيات أو جسور وغيرها من المشاريع".

وأعرب العزاوي عن اعتقاده بأن "الشخصيات الناجحة ما عادت مؤثرة في هذه المجتمعات، وأن من يؤثر الآن هو من يهب المال السياسي ويوزع الوظائف بين الناخبين في تلك المحافظات، وأن رئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي بيده هذان الشيئان".

وأشار إلى أن "حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنها رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) في يونيو/حزيران 2023 ضد مقربين من الحلبوسي، خصوصا رئيس صندوق إعمار المحافظات (محمد العاني) ورئيس دائرة التقاعد (أنس ياسين) وغيرهم قد تحد من نفوذه المالي، وبالتالي فرصه في الحصول على مقاعد مجالس المحافظات".

وأكد العزاوي أنه "إذا جرت الإطاحة بالحلبوسي من منصبه قبل انتخابات مجالس المحافظات فإن حظوظ خصومه سترتفع بالضرورة، وأن الحديث عن إقالته خلال أيام يجري تداوله من سياسيين ونواب سنة".

وفي 21 يوليو 2023، قال السياسي العراقي مشعان الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية إن التحالفين السنيين "السيادة بزعامة خميس الخنجر، والعزم بقيادة مثنى السامرائي وقعا قبل يوم واحد (20 يوليو 2023) على وثيقة بينهما لإقالة محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان".

ولفت الجبوري إلى أن "رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي هو الذي شجعنا على هذا الاتفاق، وأبلغنا بأن الكتل السنية إذا جاءت بنسبة خمسين زائد واحد من أصوات السنة في البرلمان، فإنهم سيمضون معنا لإقالة الحلبوسي من منصبه".

وأشار عضو تحالف السيادة السني إلى أن "الحلبوسي فقد أقرب الناس إليه، وربما بقي معه حاليا 16 نائبا فقط وهم من منحهم مناصب يخافون عليها"، مؤكدا أن "موقف المالكي غير المعادلة وقلب الطاولة والتزم بشرف الكلمة وسنمضي بإقالة رئيس البرلمان فورا".

وعن كيفية تخلي أقرب الناس عن الحلبوسي، أوضح الجبوري أن "الكثير من نواب حزب تقدم بزعامة الأخير والمقربين منه، هم معنا في الخفاء ويؤيدوننا في مساعي إقالته من منصب رئاسة البرلمان، لكنهم ينتظرون التوقيت المناسب لإعلان ذلك".

العامل الخارجي

وعن تولي شخصية تركمانية مثل ثابت العباسي قيادة تحالف سني عراقي في العراق، ومدى نجاح التعاطي الخارجي معه، قال الباحث الدوري إن "جمهور السنة لا يهتم لذلك، لكن الأمر قد يتعلق بالسياسيين ذاتهم ومدى تسويق أنفسهم للخارج لكسب الدعم السياسي وحتى المادي".

وكان العباسي قد رد على اتهامات وجهت له بأنه يميل إلى تركيا على حساب بلاده، بالقول خلال مقابلته التلفزيونية في 18 مايو 2023 إنه لا يساوم على العراق أبدا".

وأردف: "ربما أتمتع ببعض العلاقات مع الأتراك، ولكن لا يمكن أن أكون قريبا من الدولة التركية على حساب العراقية".

وفيما يتعلق بمدى وجود رعاية دولة خارجية لـ"الحسم الوطني"، قال القيادي في التحالف سلمان الجميلي خلال مقابلة تلفزيونية في 20 يوليو 2023 إنه "لا توجد أي مظلة دولية للتشكيل الجديد، أو أي علاقة مع الدول الأخرى".

وأضاف الجميلي أن "التحالف الجديد يعول على الرصيد الجماهيري للقيادات المنضوية فيه، وكل ما يهمنا هو أن تترسخ العملية الديمقراطية في العراق، لأن تجربة سيطرة كيان أو حزب واحد على القرار كان نتيجته احتلال البلاد عام 2003".

وشدد القيادي في "الحسم" على ضرورة أن "يكون التنافس في الانتخابات المقبلة موجودا بين القوى السياسية العاملة في الساحة، وليس أن تكون المشاركة فيها من لون واحد".

وتتنافس في الساحة السنية حتى اليوم أربع تحالفات، هي: "الحسم الوطني" بقيادة ثابت العباسي، و"العزم" برئاسة مثنى السامرائي، و"السيادة" بزعامة خميس الخنجر، وحزب "تقدم" الذي يتزعمه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.